الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
51 - باب الاِسْتِعْفَافِ عَنِ الْمَسْأَلَةِ
1469 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِىِّ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ - رضى الله عنه - أَنَّ نَاسًا مِنَ الأَنْصَارِ سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَعْطَاهُمْ، ثُمَّ سَأَلُوهُ فَأَعْطَاهُمْ، حَتَّى نَفِدَ مَا عِنْدَهُ فَقَالَ «مَا يَكُونُ عِنْدِى مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ أَدَّخِرَهُ عَنْكُمْ، وَمَنْ يَسْتَعْفِفْ يُعِفَّهُ اللَّهُ، وَمَنْ يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ اللَّهُ، وَمَنْ يَتَصَبَّرْ يُصَبِّرْهُ اللَّهُ، وَمَا أُعْطِىَ أَحَدٌ عَطَاءً خَيْرًا وَأَوْسَعَ مِنَ الصَّبْرِ» . طرفه 6470
ــ
قال: "أمّا قولك: كنت مكرهًا فلا يجديك، فإنك كنت علينا ظاهرًا؛ وأمَّا قولك ليس لي مال، فأين المال الذي قلت لأم الفضل ليلة سافرتم أنا ذاهب في هذا الوجه، فإن أصابني شيء فاعلمي أني قد وضعت في الموضع الفلاني كذا مالًا". قال: والله إن هذا لخبر السماء، فإنِّي قلت لها هذا الكلام وليس هناك مخبر.
باب الاستعفاف عن المسألة
المسألة هنا من سألته الشيء؛ لا من سألته عن الشيء فلا حاجة إلى تقييدها بغير أمور الدين، الاستعفاف: طلب العفاف، والعفاف كف النفس عن السؤال.
1469 -
(أنَّ [ناسًا من الأنصار] سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم) أي: سألوه العطاء (حتى نفد ما عنده) -بفتح النون وسكون الفاء- أي: فرغ ولم يبق منه شيء (فقال: ما يكون عندي من الخير فلن أدَّخره) ما: موصولة؛ أي: الشيء الذي يكون عندي فلن أمنعه عنكم، ومن الناس من توهم أنها شرطية، فقال: كان الظاهر يكن بدل يكون (ومن يستعفف يعفه الله) أي: يجعله سببًا من عنده يغنيه عن السؤال (ومن استغنى يغنه الله) أي: بالمال، أو يغني القلب (وما أُعطي أحد عطاء خيرًا وأوسعَ من الصبر).
فإن قلت: الصبرُ: حبسُ النفس على المكروه؛ ولذلك يؤجر الصابر عليه، فكيف يكون عطاء خير عطاء وأوسع؟ قلت: سماه عطاء بالنظر إلى الأجر؛ ولذلك سمَّاه خيرًا؛ فإنَّ المال
1470 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ «وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لأَنْ يَأْخُذَ أَحَدُكُمْ حَبْلَهُ فَيَحْتَطِبَ عَلَى ظَهْرِهِ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَأْتِىَ رَجُلاً، فَيَسْأَلَهُ، أَعْطَاهُ أَوْ مَنَعَهُ» . أطرافه 1480، 2074، 2374
1471 -
حَدَّثَنَا مُوسَى حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ أَبِيهِ عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ «لأَنْ يَأْخُذَ أَحَدُكُمْ حَبْلَهُ فَيَأْتِىَ بِحُزْمَةِ الْحَطَبِ عَلَى ظَهْرِهِ فَيَبِيعَهَا فَيَكُفَّ اللَّهُ بِهَا وَجْهَهُ، خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَسْأَلَ النَّاسَ أَعْطَوْهُ أَوْ مَنَعُوهُ» . طرفاه 2075، 2373
1472 -
وَحَدَّثَنَا عَبْدَانُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّ حَكِيمَ بْنَ حِزَامٍ - رضى الله عنه - قَالَ سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَعْطَانِى، ثُمَّ سَأَلْتُهُ فَأَعْطَانِى، ثُمَّ سَأَلْتُهُ فَأَعْطَانِى ثُمَّ قَالَ «يَا حَكِيمُ إِنَّ هَذَا الْمَالَ خَضِرَةٌ حُلْوَةٌ،
ــ
يفنى، وأجر الصبر باق، وأما كونه أوسع فإنه يدوم دوام العمر، والمال يفنى سريعًا، والجار في "من الصبر" يتعلق بأحد الفعلين على طريق التنازع.
1470 -
(لأن يأخذ أحدكم حبله فيحتطب على ظهره، خير له من أن يأتي رجلًا فيسأله منعه أو أعطاه) لأنه إن منعه فقد أراق ماء وجهه بلا فائدة؛ وإن أعطاه فكان وسخًا من الأوساخ، واحتطابه حفظٌ عن ذلك كله، وكسب للحلال الذي هو دأب الأنبياء والأولياء.
1471 -
(وهيب) بضم الواو مصغر (بحزمة حطب) -بضم الحاء وسكون الزاي- مقدار ما يربط بالحبل.
1472 -
(أنَّ حكيم بن حزام) بكسر الحاء وزاي معجمة (قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعطاني، ثم سألته، فأعطاني، ثم سألته، فأعطاني، ثم قال: يا حكيم إنَّ هذا المال حلوة خضرة) الإشارة إلى الجنس، وذكر أحسن الطعوم والألوان؛ اللذان هما يجذبان النفس،
فَمَنْ أَخَذَهُ بِسَخَاوَةِ نَفْسٍ بُورِكَ لَهُ فِيهِ، وَمَنْ أَخَذَهُ بِإِشْرَافِ نَفْسٍ لَمْ يُبَارَكْ لَهُ فِيهِ كَالَّذِى يَأْكُلُ وَلَا يَشْبَعُ، الْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَى». قَالَ حَكِيمٌ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَالَّذِى بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَا أَرْزَأُ أَحَدًا بَعْدَكَ شَيْئًا حَتَّى أُفَارِقَ الدُّنْيَا، فَكَانَ أَبُو بَكْرٍ - رضى الله عنه - يَدْعُو حَكِيمًا إِلَى الْعَطَاءِ فَيَأْبَى أَنْ يَقْبَلَهُ مِنْهُ، ثُمَّ إِنَّ عُمَرَ - رضى الله عنه - دَعَاهُ لِيُعْطِيَهُ فَأَبَى أَنْ يَقْبَلَ مِنْهُ شَيْئًا. فَقَالَ عُمَرُ إِنِّى أُشْهِدُكُمْ يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ عَلَى حَكِيمٍ، أَنِّى أَعْرِضُ عَلَيْهِ حَقَّهُ مِنْ هَذَا الْفَىْءِ فَيَأْبَى أَنْ يَأْخُذَهُ. فَلَمْ يَرْزَأْ حَكِيمٌ أَحَدًا مِنَ النَّاسِ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى تُوُفِّىَ. أطرافه 2750، 3143، 6441
ــ
ويحثانه على الطلب، والثانية باعتبار الأنواع، وذكَّر الضمير في قوله:(فمن أخذه) باعتبار اللفظ (بسخاوة نفس بورك له فيه) أي: بسهولة وعدم تكلف؛ من السخو؛ وهو: السهولة، قاله الجوهري.
(ومن أخذه بإشراف نفس) الإشراف: الاطلاع على الشيء طمعًا وحرصًا؛ من الشرف، وهو المكان العالي، ونفس السائل أشرنا إليه، وقد صرح بذلك في الرواية الأخرى:"وأنت غير مشرف" فقول القاضي: يجوز أن يكون نفس المعطي، في غاية السقوط.
(وكان كالذي يأكل ولا يشبع) تشبيه المعقول بالمحسوس، والذي يأكل ولا يشبع من به جوع الكلب؛ مرض معروف، قيل: يشبه الحطب مع النار، كلما كثر الحطب ازدادت النار اشتعالًا (اليد العليا خير من اليد السفلى) صريح في أنَّ اليد العليا هي المعطية والأوفق للمقام أن يراد بها المتعفف؛ لأنه بصدد المنع عن السؤال، والحث على الكسب.
(فقلت: يا رسول الله! والذي بعثك بالحق لا أزرأ بعدك شيئًا) بتقديم الزاي المعجمة [أعلى] المهملة، أي: لا أسأل ولا أقبل من أحدٍ، وأصل الرزء: النقص، كما في حديث صاحب المزادتين، قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم:"اعلمي أنَّا ما رزئنا من مائك شيئًا".