الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
96 - باب مَا جَاءَ فِي قَبْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَأَبِى بَكْرٍ وَعُمَرَ - رضى الله عنهما
(فَأَقْبَرَهُ) أَقْبَرْتُ الرَّجُلَ إِذَا جَعَلْتَ لَهُ قَبْرًا، وَقَبَرْتُهُ دَفَنْتُهُ. (كِفَاتًا) يَكُونُونَ فِيهَا أَحْيَاءً، وَيُدْفَنُونَ فِيهَا أَمْوَاتًا.
1389 -
حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنِى سُلَيْمَانُ عَنْ هِشَامٍ وَحَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا أَبُو مَرْوَانَ يَحْيَى بْنُ أَبِى زَكَرِيَّاءَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ إِنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَيَتَعَذَّرُ فِي مَرَضِهِ «أَيْنَ أَنَا الْيَوْمَ أَيْنَ أَنَا غَدًا» اسْتِبْطَاءً لِيَوْمِ عَائِشَةَ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمِى قَبَضَهُ اللَّهُ بَيْنَ سَحْرِى وَنَحْرِى، وَدُفِنَ فِي بَيْتِى. أطرافه 890
ــ
باب ما جاء في قبر رسول الله وأبي بكر وعمر
({فَأَقْبَرَهُ} [عبس: 21]: جعل له قبرًا) أشار إلى تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ (21)} [عبس:21] ذكره من النعم التي أنعم بها على الإنسان بأن أكرمه بعد الموت؛ بخلاف سائر الحيوانات، فإنها تلقى على المزابل للكلاب ({كِفَاتًا}) -بكسر الكاف- أشار إلى قوله تعالى:{أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفَاتًا (25) أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا} [المرسلات: 25، 26] قال الجوهري: الكفات: الموضع الذي يكفت فيه الشيء؛ أي: يضم من الكفت؛ وهو: الضم.
1389 -
(عن عائشة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يتعذر في مرضه) قال ابن الأثير: أي يمتنع ويتعسّر عليه، من تعذر عليه الأمر إذا صعب. وفي بعضها "يقدر" بالقاف أي: يحسب قدر الأيام التي يدور فيها على نسائه.
(أين أنا اليوم، أين أنا غدًا) يقول ذلك لعل أن يفطن نساؤه أنه يريد يوم عائشة ففطِن له فأذنّ له، فلما كان اليوم الذي هو دور نوبتها انتقل إلى جوار الله (فلما كان يومي) كان تامة (قبضه الله بين سحري ونحري) -بفتح السين والنون وسكون الحاء فيهما- والسّحر: الرئة، والنحر: الصدر (ودفن في بيتي) هذه فضيلة فوق كل فضيلة، وسيأتي في البخاري أن ابتداء مرضه أيضًا كان في بيتها، إلا أن ظهوره كان في بيت ميمونة.
1390 -
حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ هِلَالٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي مَرَضِهِ الَّذِى لَمْ يَقُمْ مِنْهُ «لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى، اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ» . لَوْلَا ذَلِكَ أُبْرِزَ قَبْرُهُ، غَيْرَ أَنَّهُ خَشِىَ أَوْ خُشِىَ أَنَّ يُتَّخَذَ مَسْجِدًا. وَعَنْ هِلَالٍ قَالَ كَنَّانِى عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ وَلَمْ يُولَدْ لِى.
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ سُفْيَانَ التَّمَّارِ أَنَّهُ حَدَّثَهُ أَنَّهُ رَأَى قَبْرَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مُسَنَّمًا.
ــ
1390 -
(أبو عوانة) -بفتح العين-: الوضاح الواسطي (قال في مرضه الذي لم يقم منه: لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد لولا ذلك أبرز قبره).
فإن قلت: قد أُبرز أعظم ما يكون؟ قلت: ليس إبرازه على وجه يمكن أن يكون مسجدًا؛ بل بني على وجه لا يصلي إليه أحد.
(وعن هلال قال: كَنَّانِي عروة ابن الزبير ولم يولد لي) قيل: كناه أبا أمية، وقيل: أبا عمرو، وقيل: أبا الجهم.
وغرض البخاري أن هلالًا لقي عروة؛ فإن روايته في السند معنعن، واتفق العلماء على سماعه من عروة.
(محمد قال: أخبرنا عبد الله) كذا وقع غير منسوب، قال الغساني: نسبه ابن السكن في بعض المواضع محمد بن مقاتل، وعبد الله الذي يروي عنه هو ابن المبارك، قال الغساني: وكذا نسبه البخاري في مواضع (أبو بكر بن عياش) بفتح العين وتشديد المثناة تحت (عن سفيان التمّار) -بفتح المثناة- الذي يبيع التمر (رأي قبر النبي صلى الله عليه وسلم مُسنمًّا) -بضم الميم وتشديد النون- أي: مرفوعًا كسنام الإبل، وأخذ بذلك أبو حنيفة ومالك وأحمد وكثير من الشافعية لقبور المسلمين؛ وقال الشافعي: يسطح؛ لما روى أبو داود عن القاسم بن محمد: رأيت قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبيه لا مشرفة ولا لاطئة مبطوحة ببطحاء الحمراء.
قال الشافعي: وبلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سطح قبر ابنه إبراهيم. وفي رواية مسلم: أن
حَدَّثَنَا فَرْوَةُ حَدَّثَنَا عَلِىٌّ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ لَمَّا سَقَطَ عَلَيْهِمُ الْحَائِطُ فِي زَمَانِ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ أَخَذُوا فِي بِنَائِهِ، فَبَدَتْ لَهُمْ قَدَمٌ فَفَزِعُوا، وَظَنُّوا أَنَّهَا قَدَمُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَمَا وَجَدُوا أَحَدًا يَعْلَمُ ذَلِكَ حَتَّى قَالَ لَهُمْ عُرْوَةُ لَا وَاللَّهِ مَا هِىَ قَدَمُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مَا هِىَ إِلَاّ قَدَمُ عُمَرَ - رضى الله عنه -. طرفه 436
1391 -
وَعَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّهَا أَوْصَتْ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ - رضى الله عنهما - لَا تَدْفِنِّى مَعَهُمْ وَادْفِنِّى مَعَ صَوَاحِبِى بِالْبَقِيعِ، لَا أُزَكَّى بِهِ أَبَدًا. طرفه 7327
1392 -
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ حَدَّثَنَا حُصَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ الأَوْدِىِّ قَالَ رَأَيْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رضى الله عنه -
ــ
علي بن أبي طالب قال: أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا أدع قبرًا مشرفًا إلا سويته. وقبور الأنصار والمهاجرين كانت مسطحة. وأجاب عن رواية سفيان التمّار بأنه إنما رآه مسنمًا بعدما سقط الحائط في إمارة الوليد بن عبد الملك، وكان الأمير على المدينة عمر بن عبد العزيز فأمر بأن يحفر موضع الحائط إلى أساس، وهذه الحجرة من سقف المسجد إلى الأرض هو الذي بناها.
(فروة بن أبي المغراء) بفتح الميم والغين المعجمة والمد (علي بن مسهر) بفتح الميم وكسر الهاء.
1391 -
(عن عائشة: أنها أوصت عبد الله بن الزبير لا تدفني معهم) أي: مع النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبيه (وادفني مع صواحبي بالبقيع) بين مقابر المسلمين (لا أزكى به أبدًا) -بضم الهمزة وفتح الكاف على بناء المجهول- أي: لأن لا أزكى بالدفن معهم أن يذكر الناس أن عائشة مدفونة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا نهاية التقوى. ويروي "لا أزكي" -بكسر الكاف- أي: لا أزكي بذلك نفسي أبدًا على أنه قيد للنفي.
1392 -
(قتيبة) أيضًا بضم القاف مصغر، وكذا (حصين)، (عن عمرو بن عوف بن ميمون الأودي) -بفتح الهمزة ودال مهملة- نسبة إلى جدّه، قال الأفوه الأودي:
ملكنا مُلكٌ لَقاحٌ أوَّلٌ
…
وأبونا من بني أَوْدٍ خيارُ
قَالَ يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، اذْهَبْ إِلَى أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - فَقُلْ يَقْرَأُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ عَلَيْكِ السَّلَامَ، ثُمَّ سَلْهَا أَنْ أُدْفَنَ مَعَ صَاحِبَىَّ. قَالَتْ كُنْتُ أُرِيدُهُ لِنَفْسِى، فَلأُوثِرَنَّهُ الْيَوْمَ عَلَى نَفْسِى. فَلَمَّا أَقْبَلَ قَالَ لَهُ مَا لَدَيْكَ قَالَ أَذِنَتْ لَكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ. قَالَ مَا كَانَ شَىْءٌ أَهَمَّ إِلَىَّ مِنْ ذَلِكَ الْمَضْجَعِ، فَإِذَا قُبِضْتُ فَاحْمِلُونِى ثُمَّ سَلِّمُوا ثُمَّ قُلْ يَسْتَأْذِنُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ. فَإِنْ أَذِنَتْ لِى فَادْفِنُونِى، وَإِلَاّ فَرُدُّونِى إِلَى مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ، إِنِّى لَا أَعْلَمُ أَحَدًا أَحَقَّ بِهَذَا الأَمْرِ مِنْ هَؤُلَاءِ النَّفَرِ الَّذِينَ تُوُفِّىَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ عَنْهُمْ رَاضٍ، فَمَنِ اسْتَخْلَفُوا بَعْدِى فَهُوَ الْخَلِيفَةُ، فَاسْمَعُوا لَهُ وَأَطِيعُوا. فَسَمَّى عُثْمَانَ وَعَلِيًّا وَطَلْحَةَ وَالزُّبَيْرَ وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ وَسَعْدَ بْنَ أَبِى وَقَّاصٍ، وَوَلَجَ عَلَيْهِ شَابٌّ مِنَ الأَنْصَارِ فَقَالَ أَبْشِرْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ بِبُشْرَى اللَّهِ، كَانَ لَكَ مِنَ الْقَدَمِ فِي الإِسْلَامِ مَا قَدْ عَلِمْتَ، ثُمَّ اسْتُخْلِفْتَ فَعَدَلْتَ، ثُمَّ الشَّهَادَةُ بَعْدَ
ــ
(يا عبد الله اذهب إلى عائشة أم المؤمنين وقل: إن عمر يقرأ عليك السلام ثم سلها أدفن مع صاحبي) هما رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر (فإذا قُبضت) على بناء المجهول (فاحملوني ثم سلموا، ثم قل: يستأذن عمر بن الخطاب، فإن أذنت فادفنوني، وإلا ردوني إلى مقابر المسلمين).
فإن قلت: فأي حاجة إلى هذا الإذن بعد أن أذنت في حياته؟ قلت: من غاية تقواه خاف أن يكون ذلك الإذن حياءً منه؛ إذ كان حيًّا، أو يكون بدا لها بعد ذلك الإذن.
(إني لا أعلم أحدًا أحق بهذا الأمر) يريد الإمارة على المؤمنين والخليفة بعده (وولج عليه شاب من الأنصار، فقال: أبشر يا أمير المؤمنين ببشرى من الله) سيأتي في المناقب أن قائل هذا الكلام هو ابن عباس، ويجوز الجمع بين القولين بصدوره من كل واحد منهما (ثم الشهادة بعد هذا كله) لأنه قتل ظلمًا؛ فهو شهيد عند الله ثوابًا وإن كان في أحكام الدنيا يغسل ويصلى عليه، وسيأتي بيان قاتله، وكيفية القتل في البخاري إن شاء الله (وقدم في الإسلام) -بفتح القاف والدال- قال ابن الأثير: يقال: لفلان قدم في الخير والشر؛ أي: