الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَفَتَجْزِى عَنِّى قَالَ «نَعَمْ، وَلَنْ تَجْزِىَ عَنْ أَحَدٍ بَعْدَكَ» . طرفه 951
6 - باب الْخُرُوجِ إِلَى الْمُصَلَّى بِغَيْرِ مِنْبَرٍ
956 -
حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِى مَرْيَمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ أَخْبَرَنِى زَيْدٌ عَنْ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى سَرْحٍ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَخْرُجُ يَوْمَ الْفِطْرِ وَالأَضْحَى إِلَى الْمُصَلَّى، فَأَوَّلُ شَىْءٍ يَبْدَأُ بِهِ الصَّلَاةُ ثُمَّ يَنْصَرِفُ، فَيَقُومُ مُقَابِلَ النَّاسِ، وَالنَّاسُ جُلُوسٌ عَلَى صُفُوفِهِمْ، فَيَعِظُهُمْ وَيُوصِيهِمْ وَيَأْمُرُهُمْ، فَإِنْ كَانَ يُرِيدُ أَنْ يَقْطَعَ بَعْثًا قَطَعَهُ، أَوْ يَأْمُرَ بِشَىْءٍ أَمَرَ بِهِ، ثُمَّ يَنْصَرِفُ. قَالَ أَبُو سَعِيدٍ فَلَمْ يَزَلِ النَّاسُ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى خَرَجْتُ مَعَ مَرْوَانَ وَهْوَ أَمِيرُ الْمَدِينَةِ فِي أَضْحًى أَوْ فِطْرٍ، فَلَمَّا أَتَيْنَا الْمُصَلَّى إِذَا مِنْبَرٌ بَنَاهُ كَثِيرُ بْنُ الصَّلْتِ،
ــ
الأيام (أفتجزي عني؟ قال: نعم؛ ولن تجزي عن أحد بعدك) -بفتح التاء آخره ياء- من جزى يجزي، يقال: جزى عنه؛ أي: قضى، قال تعالى:{لَا يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلَا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَنْ وَالِدِهِ شَيْئًا} [لقمان: 33] ويروى بضم التاء مهموزًا من أجزأ بمعناه؛ إلا أن الأول أفصحُ، وأصحُ روايةً، قال الجوهري: والهمز لغة بني تميم. واستدل به مالك وأبو حنيفة على الوجوب لأنه أمره بالإعادة.
باب الخروج إلى المصلى بغير منبر
956 -
(زيد بن عياض) بكسر المهملة وضاد معجمة (أبي سَرْح) بسين مفتوحة مهملة وحاءٍ كذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يخرج يوم الفطر والأضحى إلى المصلى) إنما كان يخرج لئلا يزدحم الناس، لصغر المسجد (فأول شيء يبدأ به الصلاة) لأنها أهم، ولا يرد الجمعة؛ لأن الخطبتين بدل الركعتين (والناس جلوس على صفوفهم فيعظهم) فيما يتعلق بأمر الآخرة (ويوصيهم) يعهد إليهم (ويأمرهم) أي: بالمعروف (فإن كان يريد أن يقطع بعثًا) أي: جيشًا أو سرية -مصدر بمعنى المفعول- (أو يأمر الشيء) مما يتعلق به، والأمر الأول كان فيما يتعلق بالناس (حتى خرجت مع مروان) وهو: أمير المدينة من قبل معاوية (إذا منبرٌ بناه كَثيرُ بن الصَلْت) -بالصاد المهملة- قيل: ولد كثير في زمن النبي صلى الله عليه وسلم؛ فسماه أبوه قليلًا، فغيّره رسول الله صلى الله عليه وسلم فسماه كثيرًا.
فإن قلت: هذا صريح في أن المقاولة جرت بين أبي سعيد وبين مروان، ورواية مسلم: أنه قال رجل، ولما سمع أبو سعيد مقالة مروان ولم يرضه قال: أما هذا فقد قضى ما
فَإِذَا مَرْوَانُ يُرِيدُ أَنْ يَرْتَقِيَهُ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّىَ، فَجَبَذْتُ بِثَوْبِهِ فَجَبَذَنِى فَارْتَفَعَ، فَخَطَبَ قَبْلَ الصَّلَاةِ، فَقُلْتُ لَهُ غَيَّرْتُمْ وَاللَّهِ. فَقَالَ أَبَا سَعِيدٍ، قَدْ ذَهَبَ مَا تَعْلَمُ. فَقُلْتُ مَا أَعْلَمُ وَاللَّهِ خَيْرٌ مِمَّا لَا أَعْلَمُ. فَقَالَ إِنَّ النَّاسَ لَمْ يَكُونُوا يَجْلِسُونَ لَنَا بَعْدَ الصَّلَاةِ فَجَعَلْتُهَا قَبْلَ الصَّلَاةِ.
ــ
عليه. يريد: الأمر بالمعروف. قلت: لم يَبْعُدْ أن يكون قد وقع من رجل آخر ما وقع من أبي سعيد، فاستحسنه أبو سعيد.
وهذا موضع الدلالة على الترجمة؛ فإنه دلّ على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم من بعده كانوا يخرجون من غير منبر، قيل: بناه بأمر عثمان لما زاد في المسجد (فخطب قبل الصلاة فقلت: غَيَّرتم والله) أي: سنةَ رسول الله صلى الله عليه وسلم والخلفاءَ الراشدين، يريدُ: مروان (فقال: إن الناس لم يكونوا يجلسون لنا، فجعلتها قبل الصلاة) قيل: إنما تركوا الجلوس لهم لأنهم كانوا يذكرون عليًّا بما لا يليق به، ويعرضون ببعض الحاضرين.
فإن قلت: جعلتها قبل الصلاة، يدل على أنه هو الذي بدأ بذلك، وقد روى الشافعي بسنده: أن أول من قدم الخطبة على الصلاة معاوية؟ قلت: معناه جعلتها في المدينة؛ إذ لو لم يفعل معاوية لم يقدر على ذلك مروان.
هذا وقول ابن بطال: أول من قدمها عثمان [بن] عفان. باطل؛ لما روى البخاري عن ابن عباس في باب الخطبة بعد العيد: أنه شاهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر وعثمان كلهم يصلون قبل الخطبة.
وفي الحديث دلالة على أن للرعية الأمر بالمعروف إذا رأوا منكرًا من الأمراء بما قدروا عليه، وفيه فضل التمسك بالسنة، وجواز الخطبة بدون المنبر، واستحباب الخروج إلى المصلى. والحديث حجة على الشافعي في قوله: المسجد أولى. وعند الإمام أحمد يُكره في المساجد إلا لعذر.