الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
45 - باب الزَّكَاةِ عَلَى الأَقَارِبِ
وَقَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم «لَهُ أَجْرَانِ أَجْرُ الْقَرَابَةِ وَالصَّدَقَةِ» .
1461 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى طَلْحَةَ أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ - رضى الله عنه - يَقُولُ كَانَ أَبُو طَلْحَةَ أَكْثَرَ الأَنْصَارِ بِالْمَدِينَةِ مَالاً مِنْ نَخْلٍ، وَكَانَ أَحَبَّ أَمْوَالِهِ إِلَيْهِ بَيْرُحَاءَ وَكَانَتْ مُسْتَقْبِلَةَ الْمَسْجِدِ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَدْخُلُهَا وَيَشْرَبُ مِنْ مَاءٍ فِيهَا طَيِّبٍ قَالَ أَنَسٌ فَلَمَّا أُنْزِلَتْ هَذِهِ الآيَةُ (لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ) قَامَ أَبُو طَلْحَةَ إِلَى رَسُولِ
ــ
فإن قلت: لم يذكر مقدار زكاة البقر ولا السوم؟ قلت: لم يقع له، وقد رواه أصحاب السنن عن معاذ:"في كل ثلاثين تبيع، وفي كل أربعين مسنة" وأما السوم حكمه فقد علم من الغنم، وقد روينا عن الدارقطني:"لا زكاة في العوامل والعلوفة".
باب الزكاة على الأقارب
(وقال النبي صلى الله عليه وسلم: له أجران؛ القرابة والصدقة) أي: أجر القرابة، وأجر الصدقة، رواه مسندًا في موضع آخر، وفي آخر الباب ما هو بمعناه.
1461 -
(كان أبو طلحة أكثر الأنصار مالًا من نخل) انتصاب مالًا على التمييز، ومن نخل: بيان له (وكان أحب أمواله إليه بيرحاء) بانتصاب أحب على أنه خبر كان، ويروى بالرفع، والنصبُ أحسن؛ لأن الغرض الإخبار عن بيرحاء بالأحبية اسم تفضيل من بناء المفعول؛ أي: أشد محبوبية. قال ابن الأثير: اختلفوا في ضبط بيرحاء رووها بفتح الباء وكسرها، وفتح الراء وضمها والمد فيها، وبفتحها والقصر؛ وهى: حديقة من حدائق المدينة (وكانت مستقبلة مسجد رسول لله صلى الله عليه وسلم، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخلها ويشرب من ماء فيها طيب) بالجر صفة ماء، وقع الفصل بينهما بالظرف، ولعلَّ النكتة في التقديم الاهتمام بوجود
اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. إِنَّ اللَّهَ تبارك وتعالى يَقُولُ (لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ) وَإِنَّ أَحَبَّ أَمْوَالِى إِلَىَّ بَيْرُحَاءَ، وَإِنَّهَا صَدَقَةٌ لِلَّهِ أَرْجُو بِرَّهَا وَذُخْرَهَا عِنْدَ اللَّهِ، فَضَعْهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ حَيْثُ أَرَاكَ اللَّهُ. قَالَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «بَخْ، ذَلِكَ مَالٌ رَابِحٌ، ذَلِكَ مَالٌ رَابِحٌ، وَقَدْ سَمِعْتُ مَا قُلْتَ وَإِنِّى أَرَى أَنْ تَجْعَلَهَا فِي الأَقْرَبِينَ» . فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ أَفْعَلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَقَسَمَهَا أَبُو طَلْحَةَ فِي أَقَارِبِهِ وَبَنِى عَمِّهِ. تَابَعَهُ رَوْحٌ. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ يَحْيَى وَإِسْمَاعِيلُ عَنْ مَالِكٍ رَايِحٌ. أطرافه 2318، 2752، 2758، 2769، 4554، 4555، 5611
ــ
الماء؛ فإنه أعزُّ شيء عندهم في الحدائق (أرجو برَّها) أي: ثوابها، من إطلاق السبب على المسبب (وذخرها) -بضم الذال المعجمة- هو مصدر ذخر، في الأصل أطلق على المال المدخر لوقت الحاجة.
(بخ) -بفتح الباء وسكون الحاء المعجمة- قال ابن الأثير: كلمة تقال عند مدح الشيء، والرضى به، مبنية على السكون، فإذا وصلت بما بعدها جرت ونونت، وربما شددت (ذلك مالٌ رابح، ذلك مال رابح) -بالباء الموحدة- أي: ذو ربح، بشره بثواب الآخرة الذي قصده، ويروى بالياء المثناة، من الرواح؛ أي: يروح عليك نفعه (فقسمها أبو طلحة في أقاربه وبني عمه).
فإن قلت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اجعلها في الأقربين) فكيف صرفها إلى بني عمه؟ قلت: الأقربية أمر نسبي كان بنو عمه الذين أعطاهم أقرب ممن بعدهم، وسيأتي عن أنس: لم يعطني منه شيئًا؛ مع أنه من بني عمه، أويجعل عطف بني عمه تفسيريًّا.
فإن قلت: سيأتي في البخاري: أن أبا طلحة أعطاها ذوي رحمه، وبنو عمه ليسوا ذوي المحارم؟ قلت: سيأتي أيضًا أنه قسمها في أبي بن كعب، وحسان، وهما من بني عمه، والتحقيق في هذا المقام أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، ذكر الأقربين أولًا، ثم عمم، ولذلك جاء في رواية أنه قال:"اجعلها في فقراء قرابتك".
(روح) بفتح الراء وسكون الواو.
1462 -
حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى مَرْيَمَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ أَخْبَرَنِى زَيْدٌ عَنْ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ - رضى الله عنه - خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي أَضْحًى أَوْ فِطْرٍ إِلَى الْمُصَلَّى ثُمَّ انْصَرَفَ فَوَعَظَ النَّاسَ وَأَمَرَهُمْ بِالصَّدَقَةِ فَقَالَ «أَيُّهَا النَّاسُ تَصَدَّقُوا» . فَمَرَّ عَلَى النِّسَاءِ فَقَالَ «يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ تَصَدَّقْنَ، فَإِنِّى رَأَيْتُكُنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ النَّارِ» . فَقُلْنَ وَبِمَ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ «تُكْثِرْنَ اللَّعْنَ وَتَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ، مَا رَأَيْتُ مِنْ نَاقِصَاتِ عَقْلٍ وَدِينٍ أَذْهَبَ لِلُبِّ الرَّجُلِ الْحَازِمِ مِنْ إِحْدَاكُنَّ يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ» . ثُمَّ انْصَرَفَ فَلَمَّا صَارَ إِلَى مَنْزِلِهِ جَاءَتْ زَيْنَبُ امْرَأَةُ ابْنِ مَسْعُودٍ تَسْتَأْذِنُ عَلَيْهِ فَقِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذِهِ زَيْنَبُ فَقَالَ «أَىُّ الزَّيَانِبِ» . فَقِيلَ امْرَأَةُ ابْنِ مَسْعُودٍ. قَالَ «نَعَمِ ائْذَنُوا لَهَا» . فَأُذِنَ لَهَا قَالَتْ يَا نَبِىَّ اللَّهِ إِنَّكَ أَمَرْتَ الْيَوْمَ بِالصَّدَقَةِ، وَكَانَ عِنْدِى حُلِىٌّ لِى، فَأَرَدْتُ أَنْ أَتَصَدَّقَ بِهِ، فَزَعَمَ ابْنُ مَسْعُودٍ أَنَّهُ وَوَلَدَهُ أَحَقُّ مَنْ تَصَدَّقْتُ بِهِ عَلَيْهِمْ. فَقَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم «صَدَقَ ابْنُ مَسْعُودٍ، زَوْجُكِ وَوَلَدُكِ أَحَقُّ مَنْ تَصَدَّقْتِ بِهِ عَلَيْهِمْ» . طرفه 304
ــ
1462 -
(ابن أبي مريم) اسمه سعيد (عياض) بكسر العين وضاد معجمة (عن أبي سعيد الخدري: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج إلى المصلى في فطر أو أضحى بعدما انصرف من الصلاة، وعظ النساء، وأمرهن بالصدقة) وقد سلف الحديث في أبواب العيدين مع شرحه مستوفى (وتكفرن العشير) أي: إحسانه؛ هو: الزوج، فعيل بمعنى المفاعل؛ كالجليس بمعنى المجالس (أذْهَبُ للبِّ الرجل الحازم) أي: أشدُّ ذهابًا، اسم تفضيل من المزيد، وهو قياس عند سيبويه، شاذ عند غيره، واللبُّ: العقل، ولبُّ كل شيء: خلاصته.
فإن قلت: ليس في الباب ذكر الزكاة، ولا يمكن حمل أحاديث الباب عليه، أمَّا الحديقة فظاهر؛ وأما صدقة النساء بالحلي فكذلك؛ لأن الصدقة به غير مقدر؛ بل تصدق بعينه؟ قلت: الوجه حمل الزكاة في الترجمة على الصدقة تطوعًا، أو على أعم من الفرض والتطوع، علته أنه لم يصح عنده في صرف الزكاة على الأقارب، والأحسن أنه على دأبه من الاستدلال بالخفي، وهو أن صدقة التطوع على الأقارب إذا كانت أفضل؛ فالواجبة من باب الأولى، وأما الأقارب الذين يجب على الإنسان نفقتهم فهم خارجون؛ لأن العلَّة في إعطاء الزكاة إغناء المحتاج.