الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَقَالَ مُعَلًّى حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ رَاشِدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسْلِمٍ أَخِى الزُّهْرِىِّ عَنْ حَمْزَةَ سَمِعَ ابْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الْمَسْأَلَةِ. طرفه 4718
54 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا) وَكَمِ الْغِنَى
ــ
رواه مسلم: "من سأل الناس تكثرًا" ولا حاجة إلى ذلك فإن قوله: "ما يزال الرجل يسأل" دال عليه، ولذلك لم يبق في وجهه مزعة لحم.
فإن قلت: ما الحكمة في ذلك، وهلا شفع في الموقف؟ قلت: الحكمة -والله أعلم- أنَّ الجنة دار الرحمة، فخرج من موضع الغضب، وأيضًا من يشفع لأحد عند ملك يذهب إلى بابه ليكون له حرمة الدخول في حريمه، وإليه أشار في الرواية الأخرى:"فأستاذن على ربي في داره".
(وقال: معلَّى) -بضم الميم وتشديد اللام- هو معلى بن أسد شيخ البخاري والرواية عنه بقال لأنه سمعه منه ذاكرة لا تحملًا (في المسألة) أي: متابعته لابن بكير إنما هو في المسألة، أي: في سؤال الناس لا في الزيادة بعدها، وهذا القدر هو الذي ترجم الباب عليه، واعلم أن بكون السؤال تكثرًا كثرة توعد عليها الشارع؛ وأما إذا لم يكن تكثرًا فتارة يكون واجبًا ومباحًا ومندوبًا باعتبار الأحوال والأوقات.
باب قول الله عز وجل: {لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا} [البقرة: 273] وكم الغنى
الإلحاف: المبالغة، قال ابن الأثير: منه ألحف شاربَهُ؛ أي: استأصله، وللمفسرين في معنى الآية قولان:
الأول: أن النفي متوجه نحو القيد، أي: يسألون، لكن لا على وجه الإلحاف، كقولك في ضرب الغلام: ما ضربته عبثًا.
والثاني: نفي أصل الكلام القيد مع المقيد؛ أي: يسألون رأسًا، وهذا هو الظاهر؛ لأن الآية نزلت في أصحاب الصفة، ولم ينقل عن أحد منهم السؤال.
وَقَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم «وَلَا يَجِدُ غِنًى يُغْنِيهِ» . (لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ) إِلَى قَوُلِهِ (فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ).
1476 -
حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ أَخْبَرَنِى مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ «لَيْسَ الْمِسْكِينُ الَّذِى تَرُدُّهُ الأُكْلَةُ وَالأُكْلَتَانِ، وَلَكِنِ الْمِسْكِينُ الَّذِى لَيْسَ لَهُ غِنًى وَيَسْتَحْيِى أَوْ لَا يَسْأَلُ النَّاسَ إِلْحَافًا» . طرفاه 1479، 4539
ــ
وأمَّا قوله: وكم الغنى فلم يورد له حديثًا، كأنه لم يجده بشرطه، قال ابن الأثير في "النهاية": من سأل وله أربعون درهمًا فقد سأل إلحافًا. وعن ابن مسعود: خمسون درهمًا. وروي: قدر ما يغديه ويعشيه. والغِنى -بكسر الغين مقصورًا- هو اليسار، ويكتب بالياء، وعليه اتفقت الروايات، قال بعض الشارحين: لو صحت الرواية بفتح الغين والمد كان معناه الكفاية، وهذا سهو؛ لأن الكفاية هي معنى الإغناء، وأمَّا الغناء -بالفتح والمد- هو: النفع، ولا معنى له في الحديث.
(وقول النبي صلى الله عليه وسلم: ولم يجد غنى يغنيه) هذا بعض حديث أبي هريرة في الباب: "ليس المسكين الذي يطوف على الناس؛ ولكن المسكين الذي لا يجد غنى يغنيه، ولا يُفْطَن له". (لقوله: {لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ} [البقرة: 273] دليل عليه؛ لأن الآية شرح له، ولذلك أعاد الآية بعد أن صدَّر الترجمة بآخرها، لأنه الحكم الذي استدل عليه بصدر الآية، وما يقال: إن قوله: تعالى علةٌ لقوله: وكم الغنى، فليس كذلك؛ إذ يلزم منه أن تكون الصدقة منحصرة فيمن يكون بهذه الصفة، وليس كذلك؛ بل الآية مسوقة لبيان الأولوية، وأيضًا ليس فيها ما يدل على كمية الغنى.
1476 -
(حجاج بن منهال) بفتح الحاء وتشديد الجيم وكسر الميم (محمد بن زياد) بكسر الزاي بعدها ياء (لكن المسكين الذي لا يجد غنى ويستحيي، أو لا يسأل الناس إلحافًا) يجوز أن يكون شكًّا من الراوي، أو لفظ "أو" بمعنى الواو، وهذا أظهرُ لرواية أبي هريرة "ولا يقوم فيسأل الناس" واعلم أن نفي المسكنة عن غيره نفي الكمال؛ أي: ليس كاملًا في المسكنة؛ للإجماع على جواز صرف الزكاة إليه.
1477 -
حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ حَدَّثَنَا خَالِدٌ الْحَذَّاءُ عَنِ ابْنِ أَشْوَعَ عَنِ الشَّعْبِىِّ حَدَّثَنِى كَاتِبُ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ كَتَبَ مُعَاوِيَةُ إِلَى الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ أَنِ اكْتُبْ إِلَىَّ بِشَىْءٍ سَمِعْتَهُ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. فَكَتَبَ إِلَيْهِ سَمِعْتُ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ «إِنَّ اللَّهَ كَرِهَ لَكُمْ ثَلَاثًا قِيلَ وَقَالَ، وَإِضَاعَةَ الْمَالِ، وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ» . طرفه 844
1478 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ غُرَيْرٍ الزُّهْرِىُّ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ
ــ
1477 -
(ابن علية) -بضم العين وتشديد الياء مصغر- اسم أمه، وأبوه إبراهيم (ابن أشوع) -بفتح الهمزة وشين معجمة- نسبته إلى جده؟ وهو: سعيد بن عمرو بن أشوع قاضي الكوفة (الشعبي) -بفتح الشين- أبو عمرو، عامر الكوفي (كاتب المغيرة) اسمه ورّاد (إن الله كره لكم ثلاثًا: قيل وقال، واضاعة المال، وكثرة السؤال) قيل وقال: فعلان، الأول على بناء المفعول؟ والثاني على بناء الفاعل، والمعنى: لا يتحدث بكل ما سمع حتى يعلم صدقه، ولا يكتفي بقال فلان، ولا بقيل، كذا لما في الحديث:"كفى بالمرء كذبًا أن يحدث بكل ما سمع" وقال الجوهري: هما اسمان منونان، والمعنى: النهي عن كثرة الكلام، وهذا بين الناس متعارف، يقال: دعني من القيل والقال.
فإن قلت: لو كانا اسمين كان الظاهر تعريفهما قلت: التنوين للتقليل مبالغة في النهي عن أدنى ما يصدق عليه هذا المعنى، وأما قول صاحب المحكم: القيل يستعمل في الخير، والقال في الشر، فليس بشيء؛ لقراءة ابن مسعود: ذلك عيسى ابن مريم قال الحق.
فإن قلت: ما إضاعة المال؟ قلت: الإسراف والتبذير، وصرفه في المحرمات، وعدم رعاية العبيد والإماء وسائر الرقاب.
وكثرةُ السؤال الظاهر منه أنه النهي عن الأمور الغير المهمة، والتعمق في طلب الحلال، وأن لا يعتمد على قول الناس، ويبالغَ في الفحص؛ فإنه يوجب تضييع العمر في غير طاعة الله، والوسوسة في الدين، والبخاري حمله على سؤال الناس إلحافًا.
1478 -
(محمد بن غرير) بضم المعجمة مصغر.
صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عَامِرُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ أَعْطَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَهْطًا وَأَنَا جَالِسٌ فِيهِمْ قَالَ فَتَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْهُمْ رَجُلاً لَمْ يُعْطِهِ، وَهُوَ أَعْجَبُهُمْ إِلَىَّ، فَقُمْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَسَارَرْتُهُ فَقُلْتُ مَا لَكَ عَنْ فُلَانٍ وَاللَّهِ إِنِّى لأُرَاهُ مُؤْمِنًا. قَالَ «أَوْ مُسْلِمًا» قَالَ فَسَكَتُّ قَلِيلاً ثُمَّ غَلَبَنِى مَا أَعْلَمُ فِيهِ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ. مَا لَكَ عَنْ فُلَانٍ وَاللَّهِ إِنِّى لأُرَاهُ مُؤْمِنًا. قَالَ «أَوْ مُسْلِمًا» . قَالَ فَسَكَتُّ قَلِيلاً ثُمَّ غَلَبَنِى مَا أَعْلَمُ فِيهِ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا لَكَ عَنْ فُلَانٍ وَاللَّهِ إِنِّى لأُرَاهُ مُؤْمِنًا. قَالَ «أَوْ مُسْلِمًا - يَعْنِى فَقَالَ - إِنِّى لأُعْطِى الرَّجُلَ وَغَيْرُهُ أَحَبُّ إِلَىَّ مِنْهُ، خَشْيَةَ أَنْ يُكَبَّ فِي النَّارِ عَلَى وَجْهِهِ» . وَعَنْ أَبِيهِ عَنْ صَالِحٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ قَالَ سَمِعْتُ أَبِى يُحَدِّثُ هَذَا فَقَالَ فِي حَدِيثِهِ فَضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِيَدِهِ فَجَمَعَ بَيْنَ عُنُقِى وَكَتِفِى
ــ
روى حديث سعد بن أبي وقاص: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطى رهطًا وأنا جالس وترك رجلًا هو أعجبهم إليّ) مع شرحه سلف في كتاب الإيمان، في باب إذا لم يكن الإسلام على الحقيقة، ونشير هنا إلى بعض مواضعه:
(الرّهط) من الثلاثة إلى العشرة في الرجال خاصة (مالك عن فلان، والله إني لأراه مومنًا؟) قال النووي: بفتح الهمزة معناه العلم؛ لقوله: (ثم غلبني ما أعلم فيه)، (قال: أو مسلمًا) أو تراه مسلمًا، لقنه الصواب في الحكم عليه؛ لأن الإسلام يتعلق به ظاهرًا، وأمّا الإيمان فمحله القلب، ولا اطلاع لأحد على ذلك، ولا دلالة فيه على أن المسلم عند الله قد لا يكون مؤمنًا؛ بل كل مسلم عند الله فهو مؤمن؛ وبالعكس (إني لأعطي الرجل وغيره أحبُّ إلي خشية أن يكب في النار) أي: لضعف إيمانه إذا لم يعط ينكر ذلك الفعل، ولا شك أن الاعتراض على رسول الله صلى الله عليه وسلم في أحكام كفر، ويكب -على بناء المجهول- أي: يلقى في النار على وجهه معكوسًا.
(وعن أبيه) عطف على أبيه في قوله: حدثنا يعقوب عن أبيه (سمعت أبي يحدث) أبوه محمد بن سعد، رواه مرسلًا تقوية لما أسنده أولًا (فضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم فجمع بين عنقي وكتفي) أي: وقع ضربه على الموضعين، وفي بعضها: بجمع -بالباء الموحدة وضم الجيم
ثُمَّ قَالَ «أَقْبِلْ أَىْ سَعْدُ إِنِّى لأُعْطِى الرَّجُلَ» . قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (فَكُبْكِبُوا) قُلِبُوا (مُكِبًّا) أَكَبَّ الرَّجُلُ إِذَا كَانَ فِعْلُهُ غَيْرَ وَاقِعٍ عَلَى أَحَدٍ، فَإِذَا وَقَعَ الْفِعْلُ قُلْتَ كَبَّهُ اللَّهُ لِوَجْهِهِ، وَكَبَبْتُهُ أَنَا. طرفه 27
1479 -
حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ «لَيْسَ الْمِسْكِينُ الَّذِى يَطُوفُ عَلَى النَّاسِ تَرُدُّهُ اللُّقْمَةُ وَاللُّقْمَتَانِ وَالتَّمْرَةُ وَالتَّمْرَتَانِ، وَلَكِنِ الْمِسْكِينُ الَّذِى لَا يَجِدُ غِنًى يُغْنِيهِ، وَلَا يُفْطَنُ بِهِ فَيُتَصَدَّقُ عَلَيْهِ، وَلَا يَقُومُ فَيَسْأَلُ النَّاسَ» . طرفه 1476
ــ
وسكون الميم- أي: بمجموع يده، والمعنى على هذا أن ضربه هذا وقع بين العنق والكتف، وجعله على هذه الرواية من قبيل قوله تعالى:{لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ} [الأنعام: 94] سهو؛ لأن البينَ في قراءة الرفع: الوصلُ؛ ضد الفراق.
(ثم قال: أقبل) -بهمزة القطع- من الإقبال، ويروى بالوصل؛ من القبول، وفي رواية مسلم:"أقتالًا يا سعد" وهذه الروأية تلائم الضرب أشدّ ملائمة.
(أكب الرجل إذا كان فعله غير واقع على أحد) أي: هو فعل لازم؛ لا يتجاوز عن فاعله (فإذا وقع قلت: كبه الله على وجهه) أي: الثلاثي متعد عكس المزيد، وهذا معدود من النوادر؛ لأن القاعدة أن الثلاثي إذا كان لازمًا ونقل إلى المزيد يصير متعديًا، هذا كلام الجمهور، ولم يرتضه صاحب الكشاف، قال: الهمزة في أكب ليست للمطاوعة؛ بل مطاوع كبّه انكبَّ، ومعنى أكب صار ذا كب؛ مثل أغدّ إذا صار ذا غدّة، قال: وأمّا قوله تعالى: {فَكُبْكِبُوا} [الشعراء: 94] إنما كرر ليدل على تكرار المعنى؛ أي: كبَّا بعد كبّ في النار، أعاذنا الله منها بحرمة نبيه نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم.
1479 -
(عن أبي الزناد) -بكسر الزاي بعدها نون- عبد الله بن ذكوان (ليس المسكين الذي يطوف على الناس ترده اللقمة واللقمتان) -بضم اللام- اسم ما يلقم في الفم؛ كالأكلة لفظًا ومعنى.