الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
86 - باب مَا جَاءَ فِي عَذَابِ الْقَبْرِ
وَقَوْلُهُ تَعَالَى (إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ) هُوَ الْهَوَانُ، وَالْهَوْنُ الرِّفْقُ، وَقَوْلُهُ جَلَّ ذِكْرُهُ (سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ) وَقَوْلُهُ تَعَالَى (وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ * النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ).
1369 -
حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ «إِذَا أُقْعِدَ الْمُؤْمِنُ
ــ
(وقوله تعالى: {وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ} [الأنعام: 93] جمع غمرة، والغمر: هو الستر، والمراد سكرات الموت هوّنها الله علينا برحمته الواسعة. وجواب لو في الآية محذوف؛ أي: لرأيت أمرًا عظيمًا، وموضع الدلالة قوله: {الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ} [الأنعام: 93]) فإن اليوم أريد به الوقت الممتد بعد الموت إلى آخر الأبد ({سَنُعَذِبُهُم مَّرَّتَيْنِ} [التوبة: 101]) قيل: المرة الأولى القتل؛ والأخرى عذاب القبر. وقيل: الأول أخذ الزكاة، والثاني: عذاب القبر، أو الأول: سكرات الموت التي أشير إليها في الآية الأولى بالغمرات.
فإن قلت: النفس ليس في قدرة الكفار، فما معنى قوله:{أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ} [الأنعام: 93]؟ قلت: لم يرد بالأمر معناه، بل المقصود تغليظ العذاب بإسماعه أشدّ ما يكرهه زيادة في العذاب.
{(ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ} [التوبة: 101]) لا يعلم كنهه إلا الله، وهو عذاب الآخرة. وقوله:{وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ} [غافر: 45] هو عذاب القبر؛ لقوله: {النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ} [غافر: 46] عذاب جهنم.
1369 -
(مرثد) بفتح الميم وثاء مثلثة (عبيدة) بضم العين (إذا أقعد المؤمن في قبره) أقعد على بناء المجهول، وكذا أُتي (فذلك قوله: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ
فِي قَبْرِهِ أُتِىَ، ثُمَّ شَهِدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَاّ اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ (يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ)». طرفه 4699
1369 م - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ بِهَذَا وَزَادَ (يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا) نَزَلَتْ فِي عَذَابِ الْقَبْرِ.
1370 -
حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنِى أَبِى عَنْ صَالِحٍ حَدَّثَنِى نَافِعٌ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَخْبَرَهُ قَالَ اطَّلَعَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى أَهْلِ الْقَلِيبِ فَقَالَ «وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا» . فَقِيلَ لَهُ تَدْعُو أَمْوَاتًا فَقَالَ «مَا أَنْتُمْ بِأَسْمَعَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لَا يُجِيبُونَ» . طرفاه 3980، 4026
1371 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ إِنَّمَا قَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم «إِنَّهُمْ لَيَعْلَمُونَ الآنَ أَنَّ مَا كُنْتُ أَقُولُ حَقٌّ وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى (إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى)» . طرفاه 3979، 3981
ــ
الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ} [إبراهيم: 27]) أي: يلقنه ويلهمه في الدّارين.
فإن قلت: ليس فيه ذكر عذاب القبر الذي ترجم له؟ قلت: رواه مختصرًا على دأبه من الاستدلال بالخفي، وله تتمة ذكر فيها عذاب الكافر. هذا والحق أن الآية دالة عليه؛ لقوله تعالى:{وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ} [إبراهيم: 27] فإنه في مقابلة قوله: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ} [إبراهيم: 27] ولذلك قال: الآية نزلت في عذاب القبر.
1370 -
(اطلع النبي صلى الله عليه وسلم على القليب) القليب: بئر لم توطأ، فعيل بمعنى المفعول، والمراد قليب بدر، اللام فيه للعهد، بل صار كالعلم بالغلبة حتى لا يفهم غيره عند الإطلاق. (فقال: وجدتم ما وعد ربكم حقًّا فقيل: أتدعو أمواتًا؟) أي: تخاطب، والقائل عمر، جاء في الرواية الأخرى صريحًا.
1371 -
(عن عائشة: إنما قال النبي صلى الله عليه وسلم: إنهم ليعلمون) أن الذي قلت لهم كان حقًّا (وقد قال الله تعالى: {إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى} [النمل: 80]) هذا الرّد من عائشة ليس بمسلم لأن المثبت مقدم على النافي، والآية التي استدلت بها لا دلالة فيها؛ لأن صدرها {إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَنْ يَشَاءُ} [فاطر: 22]، وأما قوله:{وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ} [فاطر: 22] كلام جار على
1372 -
حَدَّثَنَا عَبْدَانُ أَخْبَرَنِى أَبِى عَنْ شُعْبَةَ سَمِعْتُ الأَشْعَثَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ يَهُودِيَّةً دَخَلَتْ عَلَيْهَا، فَذَكَرَتْ عَذَابَ الْقَبْرِ، فَقَالَتْ لَهَا أَعَاذَكِ اللَّهُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ. فَسَأَلَتْ عَائِشَةُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ عَذَابِ الْقَبْرِ فَقَالَ «نَعَمْ عَذَابُ الْقَبْرِ» . قَالَتْ عَائِشَةُ - رضى الله عنها - فَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعْدُ صَلَّى صَلَاةً إِلَاّ تَعَوَّذَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ. زَادَ غُنْدَرٌ «عَذَابُ الْقَبْرِ حَقٌّ» . طرفه 1049
ــ
المتعارف تمثيلًا للكفار بأصحاب القبور، كيف وقد تقدم أن الميت يسمع قرع النعال.
1372 -
(عبدان) -على وزن شعبان- عبد الله المروزي (الأشعث) بالشين المعجمة آخره ثاء مثلثة (أن يهودية دخلت عليها فذكرت عذاب القبر) أي: (قالت لها: أعاذك الله من عذاب القبر) وكانت عائشة لم تعلم ذلك (فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: نعم عذاب القبر) ثم لازم على الاستعاذة من عذاب القبر، لأنه رأى أنه خفي على أقرب الناس إليه، فأراد إشهاره.
قال الطحاوي: أوحي إليه بعد كلام اليهودية: إن عذاب القبر حق. ولفظ الحديث لا يساعده؛ فإن جوابه حين سؤال عائشة على الفور من غير انتظار وحي، وأيضًا آية عذاب آل فرعون في القبر مكية، وسؤال عائشة بالمدينة بعد كلام اليهودية.
فإن قلت: في رواية مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لليهودية: "إنما تفتن اليهود" وهذا يخالف قوله: "أوحي إليّ أنكم تفتنون". قلت: أوحي إليه بعد ذلك القول أن بعض الموحدين يُعذّب.
(زاد غندر: عذاب القبر حق) أي زاد على رواية عبدان لفظ حق، وهو خبر المبتدأ، وفي رواية عبدان محذوف.
1373 -
ثم روى حديث أسماء: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلّى صلاة الكسوف ثم قام
1373 -
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِى يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَخْبَرَنِى عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّهُ سَمِعَ أَسْمَاءَ بِنْتَ أَبِى بَكْرٍ - رضى الله عنهما - تَقُولُ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَطِيبًا فَذَكَرَ فِتْنَةَ الْقَبْرِ الَّتِى يَفْتَتِنُ فِيهَا الْمَرْءُ، فَلَمَّا ذَكَرَ ذَلِكَ ضَجَّ الْمُسْلِمُونَ ضَجَّةً. طرفه 86
1374 -
حَدَّثَنَا عَيَّاشُ بْنُ الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - أَنَّهُ حَدَّثَهُمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ «إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا وُضِعَ فِي قَبْرِهِ، وَتَوَلَّى عَنْهُ أَصْحَابُهُ، وَإِنَّهُ لَيَسْمَعُ قَرْعَ نِعَالِهِمْ، أَتَاهُ مَلَكَانِ فَيُقْعِدَانِهِ فَيَقُولَانِ مَا كُنْتَ تَقُولُ فِي الرَّجُلِ لِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم. فَأَمَّا الْمُؤْمِنُ فَيَقُولُ أَشْهَدُ أَنَّهُ عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ. فَيُقَالُ لَهُ انْظُرْ إِلَى مَقْعَدِكَ مِنَ النَّارِ، قَدْ أَبْدَلَكَ اللَّهُ بِهِ مَقْعَدًا مِنَ الْجَنَّةِ، فَيَرَاهُمَا جَمِيعًا» . قَالَ قَتَادَةُ وَذُكِرَ لَنَا أَنَّهُ يُفْسَحُ فِي قَبْرِهِ. ثُمَّ رَجَعَ إِلَى حَدِيثِ أَنَسٍ قَالَ «وَأَمَّا الْمُنَافِقُ وَالْكَافِرُ فَيُقَالُ لَهُ مَا كُنْتَ تَقُولُ فِي هَذَا الرَّجُلِ فَيَقُولُ لَا أَدْرِى، كُنْتُ أَقُولُ مَا يَقُولُ النَّاسُ. فَيُقَالُ لَا دَرَيْتَ وَلَا تَلَيْتَ. وَيُضْرَبُ بِمَطَارِقَ مِنْ
ــ
خطيبًا. وموضع الدلالة قولها: (فذكر فتنة القبر) وقد تقدم الحديث بطوله في باب الفتيا بإشارة الرأس في كتاب العلم (فلما ذكر ذلك ضج المسلمون ضجة) -بفتح الضاد- مرّة من الضج. قال ابن الأثير: هو رفع الصوت عند إصابة المكروه.
1374 -
(عياش) بفتح العين والياء المثناة تحت وشين معجمة. روى عن أنس حديث المنكر والنكير، وإن الميت ليسمع قرع نعال الحاضرين حين يجيئه الملكان، والحديث بشرحه تقدم في باب الميت يسمع قرع النعال، وزاد قتادة: أن أنسًا ذكر لهم أنه يفسح في قبره. وقد جاء في رواية "مدّ بصره" وذكر أن الكافر يضرب بمطارق ولفظ الجمع باعتبار أجزاء المطرقة كأنها لعظمها كل جزء منها مطرقة [إمّا أن يكون وإما أن