الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَلَمْ تَجِدْ عِنْدَهُ بَوَّابِينَ فَقَالَتْ لَمْ أَعْرِفْكَ. فَقَالَ «إِنَّمَا الصَّبْرُ عِنْدَ الصَّدْمَةِ الأُولَى» . أطرافه 1252، 1302، 7154
32 - باب قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم «يُعَذَّبُ الْمَيِّتُ بِبَعْضِ بُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ» إِذَا كَانَ النَّوْحُ مِنْ سُنَّتِهِ
لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا). وَقَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم «كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ» . فَإِذَا لَمْ يَكُنْ مِنْ سُنَّتِهِ، فَهُوَ كَمَا قَالَتْ عَائِشَةُ - رضى الله عنها - (لَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى). وَهُوَ كَقَوْلِهِ (وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ) ذُنُوبًا (إِلَى حِمْلِهَا لَا يُحْمَلْ مِنْهُ شَىْءٌ) وَمَا يُرَخَّصُ مِنَ الْبُكَاءِ فِي غَيْرِ نَوْحٍ. وَقَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم «لَا تُقْتَلُ نَفْسٌ ظُلْمًا إِلَاّ كَانَ عَلَى ابْنِ آدَمَ الأَوَّلِ كِفْلٌ مِنْ دَمِهَا» . وَذَلِكَ لأَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ سَنَّ الْقَتْلَ.
ــ
بالرجال، لما روى الترمذي وصححه "لعن الله زائرات القبور".
باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: "يعذب الميت ببعض بكاء أهله عليه"
هذه الترجمة بعض حديث سيأتي مسندًا.
قال البخاري: إنما يعذب إذا كان البكاء من سنّته أي: أوصى به، كما كان يفعله أهل الجاهلية، ذكر أهل التواريخ أن عبد المطلب حين حضره الموت دعا بناته، وقال اعرضن عليَّ كيف نوحكنَّ علي، فعرضت كل واحدة ما نظمته في ذلك، نقل ابن هشام تلك الأشعار في السيرة. وذكر صاحب "الكشاف" في "الفائق" أن معاوية لما احتضر قال لزوجته بنت قرظة: اندبيني، فقالت:
ألا أبكيه ألا أبكيه
…
ألا كل الفتى فيه
فإن قلت: ما وجه دلالة قتل ابن آدم الأول على الترجمة؟ قلت: صرّح بأنّه أول من
1284 -
حَدَّثَنَا عَبْدَانُ وَمُحَمَّدٌ قَالَا أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا عَاصِمُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِى عُثْمَانَ قَالَ حَدَّثَنِى أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ - رضى الله عنهما - قَالَ أَرْسَلَتِ ابْنَةُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِلَيْهِ إِنَّ ابْنًا لِى قُبِضَ فَائْتِنَا. فَأَرْسَلَ يُقْرِئُ السَّلَامَ وَيَقُولُ «إِنَّ لِلَّهِ مَا أَخَذَ وَلَهُ مَا أَعْطَى وَكُلٌّ عِنْدَهُ بِأَجَلٍ مُسَمًّى، فَلْتَصْبِرْ وَلْتَحْتَسِبْ» . فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِ تُقْسِمُ عَلَيْهِ لَيَأْتِيَنَّهَا، فَقَامَ وَمَعَهُ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ وَمُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ وَأُبَىُّ بْنُ كَعْبٍ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَرِجَالٌ، فَرُفِعَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الصَّبِىُّ وَنَفْسُهُ تَتَقَعْقَعُ - قَالَ حَسِبْتُهُ أَنَّهُ قَالَ - كَأَنَّهَا
ــ
سنّ أصل لكل من سن [.....................] واستدل البخاري على ذلك بالآية والحديث والأثر، والأمر كما ذكره.
1284 -
(عبدان) -على وزن شعبان- لقب عبد الله المروزي (عن أبي عثمان) هو عبد الرحمن النهدي.
(أرسلت بنت النبي صلى الله عليه وسلم: أن ابنًا لي قُبض فائننا) أي: هو بصدد القبض؛ لقوله في آخر الحديث: (رفع إليه الصبي ونفسه تقعقع) التقعقع: صوت الجلد اليابس، وبنته هذه هي زينب.
فإن قلت: في رواية الإمام أحمد: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتي بأمامة أو بأُميمة بنت زينب ونفسها تقعقع؟ قلت: يحمل على تعدد الواقعة، إلا أنّ فيه إشكالًا، وذلك أن أمامة عاشت وتزوجها علي بن أبي طالب، اللهم إلا إن لم تكن ماتت في ذلك المرض، وقال شيخنا أبو الفضل بن حجر: الصواب قول من قال: ابنتي لا ابني.
قلت: كيف يكون صوابًا وقد اتفق البخاري ومسلم على لفظ الابن تارة، وعلى لفظ الصبي أخرى؟
(فلتصبر ولتحتسب) الاحتساب: الإتيان بالعمل لوجه الله تعالى، من الحساب، كأنه
شَنٌّ. فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ. فَقَالَ سَعْدٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا هَذَا فَقَالَ «هَذِهِ رَحْمَةٌ جَعَلَهَا اللَّهُ فِي قُلُوبِ عِبَادِهِ، وَإِنَّمَا يَرْحَمُ اللَّهُ مِنْ عِبَادِهِ الرُّحَمَاءَ» . أطرافه 5655، 6602، 6655، 7377، 7448
1285 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ حَدَّثَنَا فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ هِلَالِ بْنِ عَلِىٍّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ شَهِدْنَا بِنْتًا لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جَالِسٌ عَلَى الْقَبْرِ - قَالَ فَرَأَيْتُ عَيْنَيْهِ تَدْمَعَانِ قَالَ - فَقَالَ «هَلْ مِنْكُمْ رَجُلٌ لَمْ يُقَارِفِ اللَّيْلَةَ» . فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ أَنَا. قَالَ «فَانْزِلْ» . قَالَ فَنَزَلَ فِي قَبْرِهَا. طرفه 1342
ــ
يعد ثوابه على الله تعالى (ففاضت عيناه) أي: فاض دمع عينيه أي: سال بكثرة، وإسناده إلى العين مجاز من قبيل: سال الوادي، وجرى النهر.
1285 -
(أبو عامر العقدي) -بفتح العين والقاف- قبيلة من يمن، وقال ابن عبد البر: بطن من قيس. واسم أبي عامر عبد الملك (فليح) بضم الفاء على وزن المصغر.
(شهدنا بنتًا للنبي صلى الله عليه وسلم) هي رقية، كذا قاله البخاري في "تاريخه"، وقيل: أم كلثوم قاله الطبري وابن الأثير والسهيلي، قالوا: ورقية ماتت ورسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة بدر وهذا هو الصواب؛ لأن ابن عبد البر قال: لم يختلفوا في أن عثمان إنما تزوج أمّ كلثوم بعد رقيةَ، قال: وكان وفاتها سنة تسع من الهجرة.
(قال: هل منكم أحدٌ لم يقارف الليلة) أي: لم يجامع، من القراف، وهو: الجماع. قال الجوهري وابن الأثير: ومنه حديث عائشة: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصبح جنبًا من القراف.
والحكمة في هذا أنّ من يكون قريب العهد بالمباشرة فكرته مشغولة بذلك، وهذا أمر وجداني، قد يلائم إدخال المرأة في القبر، وقيل: لم يقارف الذنب، وليس بشيء؛ لأنّ أحدًا لا يقدر على نفي الذنب عن نفسه ولا يتفاوت في ذلك أيضًا دفن الرجل والمرأة، وأبعد من هذا ما قاله الطحاوي إن القراف هو المقاولة، لأنه كان يكره الحديث بعد العشاء، ودلالة الحديثين على الترجمة من حيث إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بكى، فعُلم أن البكاء المذموم إنما هو إذا كان من سنته.
1286 -
حَدَّثَنَا عَبْدَانُ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى مُلَيْكَةَ قَالَ تُوُفِّيَتِ ابْنَةٌ لِعُثْمَانَ - رضى الله عنه - بِمَكَّةَ وَجِئْنَا لِنَشْهَدَهَا، وَحَضَرَهَا ابْنُ عُمَرَ وَابْنُ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهم - وَإِنِّى لَجَالِسٌ بَيْنَهُمَا - أَوْ قَالَ جَلَسْتُ إِلَى أَحَدِهِمَا. ثُمَّ جَاءَ الآخَرُ، فَجَلَسَ إِلَى جَنْبِى فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمَرَ - رضى الله عنهما - لِعَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ أَلَا تَنْهَى عَنِ الْبُكَاءِ، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ «إِنَّ الْمَيِّتَ لَيُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ» .
ــ
1286 -
(ابن جريج) -بضم الجيم- مصغر، اسمه عبد الملك ([عبد الله بن] عبيد الله بن أبي مليكة) الأول مكبر، والثاني مصغر، وكذا مليكة. واسم أبي مليكة زهير (توفيت بنتٌ لعثمان بمكة) أي: بعد موت عثمان. واسم هذه البنت أم أبان (فقال عبد الله بن عمر لعمرو بن عثمان: ألا تنهى عن البكاء) ألا: حرف تحضيض معناه الحث على النهي (فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الميت ليعذب ببكاء أهله عليه) فقال ابن عباس: قد كان يقول عمر بعض ذلك في كلام ابن عباس إشارةٌ إلى أن ذلك ليس بمرضى، ثم ذكر مقالة عمر في ذلك لما بكى عليه صهيب، ثم ذكر لعائشة مقالة عمر. وإنكار عائشة عليه في ذلك، وحلفتْ أنَّه لم يقل ذلك. وإنما قال: إن الله ليزيد الكافر عذابًا ببكاء أهله عليه؛ ولما كان لقائل أن يقول: ربما سمع عمر ما لم تسمع عائشة. استدلتْ بالآية وهي قوله تعالى: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام: 164].
فإن قلت: إذا لم يؤاخذ أحدٌ بذنب الآخر، فكيف قال:"إن الكافر ليعذب ببكاء أهله"؟ قلت: ذكرنا أنَّه كان من دأبهم الوصية بذلك. وإليه أشار في الترجمة بقوله: إذا كان من سنته.
واستدل ابنُ عباس أيضًا على ذلك بقوله: والله أضحك وأبكى. فليس للإنسان فيهما اختيار إلا ما كان من أمر الجاهلية. قال بعض الشارحين في توجيه كلام ابن عباس: فإن قلت: ما غرضُ ابن عباس من قوله: والله أضحك وأبكى في هذا المقام؟ قلتُ: لعل غرضه أن الكل بخلق الله. فله أن يعذبه من غير ذنب، ويكون البكاء عليه علامةً لذلك، أو له أن
1287 -
فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَدْ كَانَ عُمَرُ - رضى الله عنه - يَقُولُ بَعْضَ ذَلِكَ، ثُمَّ حَدَّثَ قَالَ صَدَرْتُ مَعَ عُمَرَ - رضى الله عنه - مِنْ مَكَّةَ حَتَّى إِذَا كُنَّا بِالْبَيْدَاءِ، إِذَا هُوَ بِرَكْبٍ تَحْتَ ظِلِّ سَمُرَةٍ فَقَالَ اذْهَبْ، فَانْظُرْ مَنْ هَؤُلَاءِ الرَّكْبُ قَالَ فَنَظَرْتُ فَإِذَا صُهَيْبٌ، فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ ادْعُهُ لِى. فَرَجَعْتُ إِلَى صُهَيْبٍ فَقُلْتُ ارْتَحِلْ فَالْحَقْ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ. فَلَمَّا أُصِيبَ عُمَرُ دَخَلَ صُهَيْبٌ يَبْكِى يَقُولُ وَاأَخَاهُ، وَاصَاحِبَاهُ. فَقَالَ عُمَرُ - رضى الله عنه - يَا صُهَيْبُ أَتَبْكِى عَلَىَّ وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «إِنَّ الْمَيِّتَ يُعَذَّبُ بِبَعْضِ بُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ» . طرفاه 1290، 1292
1288 -
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما فَلَمَّا مَاتَ عُمَرُ - رضى الله عنه - ذَكَرْتُ ذَلِكَ لِعَائِشَةَ - رضى الله عنها - فَقَالَتْ رَحِمَ اللَّهُ عُمَرَ، وَاللَّهِ مَا حَدَّثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِنَّ اللَّهَ لَيُعَذِّبُ الْمُؤْمِنَ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ. وَلَكِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ «إِنَّ اللَّهَ لَيَزِيدُ الْكَافِرَ عَذَابًا بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ» . وَقَالَتْ حَسْبُكُمُ الْقُرْآنُ (وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى). قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - عِنْدَ ذَلِكَ وَاللَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى. قَالَ ابْنُ أَبِى مُلَيْكَةَ وَاللَّهِ مَا قَالَ ابْنُ عُمَرَ - رضى الله عنهما - شَيْئًا. طرفاه 1289، 3978
ــ
يعذبه بذنب غيره. وأما قوله تعالى: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام: 164] يكون يوم القيامة. هذا كلامه. وفسادُهُ وخروجه عن قانون الشرع بحيث لا يخفى على أحد كيف وهو ينكر على عمر وابنه مقالتهما في ذلك؟ واللهُ الموفق.
1287 -
(إذا هو بركب) اسم جمع للراكب، ويطلق على ما فوق عشرة (من الإبل تحت ظل السمُرة) -بفتح السين وضم الميم- شجر الطلح (فنظرتُ فإذا صُهيب) -بضم المهملة مصغر- هو ابن سنان الرومي، أصله من أرض الموصل، سَبَاه الرومُ ثم اشتراه عبد الله بن جَدْعَان فأعتقه، وكان مؤاخيًا لعمر.