الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَنَزَلَتْ (وَالضُّحَى * وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى * مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى). طرفه 1124
5 - باب تَحْرِيضِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَلَى صَلَاةِ اللَّيْلِ وَالنَّوَافِلِ مِنْ غَيْرِ إِيجَابٍ
وَطَرَقَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم فَاطِمَةَ وَعَلِيًّا عليهما السلام لَيْلَةً لِلصَّلَاةِ.
1126 -
حَدَّثَنَا ابْنُ مُقَاتِلٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ هِنْدٍ بِنْتِ الْحَارِثِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ - رضى الله عنها -:
ــ
وملائكته والناس أجمعين، وقيل: إحدى عمَّاته، ولا منافاة؛ لأنّ حمالة الحطب أختُ أبي سفيان بن حرب من عماته؛ لاجتماع النسب في عبد مناف، ونقل عن ابن بطال أنّ هذه القائلة هي خديجة، ونقل ابن ملقن عن بعضهم أنها عائشة، وأنا أتعجب من هؤلاء كيف يسطرون مثل هذه المهملات التي لا يجوز ذكرها، وهل يقول عاقل إن خديجة وعائشة تقول لجبريل شيطان؟!
فإن قلت: ما وجه مناسبة هذا الحديث للترجمة؟ قلت: أشار إلى أن احتباس جبريل كان مقارنًا لمرضه، هذا وقول تلك المشركة: أبطأ عليه شيطانه؛ إنما كانت استدلت على ذلك بعدم قيامه وتلاوته؛ لأنها علمت احتباس جبريل.
(فنزلت {وَالضُّحَى وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى} [الضحى: 1، 2]): الضحى من أسماء الشَّمس، وسجى الليل؛ أي: أظلم، قال الجوهري: سجو يسجو، أي: دام وسكن ({مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى} [الضحى: 3]) أي: ما تركك وما أبغضك من القلى؛ وهو: البغض -بكسر القاف والفتح-، قال الجوهري: وإذا فتحته مددته.
باب تحريض النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم على صلاة الليل من غير إيجاب (وطرق النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فاطمةَ وعليًّا ليلةً للصلاة) هذا التعليق سيأتي مسندًا.
والطارق: الآتي بالليل، قال ابن الأثير: إنما سمي بذلك لأنه يحتاج إلى طرق الباب.
1126 -
(ابن مقاتل) -بكسر التاء- محمَّد بن مقاتل المروزي (معمر) بفتح الميمين وعين ساكنة (عن أم سلمة) -بفتح اللام- حرم رسول الله- صلى الله عليه وسلم.
أَنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم اسْتَيْقَظَ لَيْلَةً فَقَالَ «سُبْحَانَ اللَّهِ مَاذَا أُنْزِلَ اللَّيْلَةَ مِنَ الْفِتْنَةِ، مَاذَا أُنْزِلَ مِنَ الْخَزَائِنِ مَنْ يُوقِظُ صَوَاحِبَ الْحُجُرَاتِ، يَا رُبَّ كَاسِيَةٍ فِي الدُّنْيَا عَارِيَةٍ فِي الآخِرَةِ» . طرفه 115
1127 -
حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى عَلِىُّ بْنُ حُسَيْنٍ أَنَّ حُسَيْنَ بْنَ عَلِىٍّ أَخْبَرَهُ أَنَّ عَلِىَّ بْنَ أَبِى طَالِبٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم طَرَقَهُ وَفَاطِمَةَ بِنْتَ النَّبِيِّ عليه السلام لَيْلَةً فَقَالَ «أَلَا تُصَلِّيَانِ» . فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنْفُسُنَا بِيَدِ اللَّهِ، فَإِذَا شَاءَ أَنْ يَبْعَثَنَا بَعَثَنَا. فَانْصَرَفَ حِينَ قُلْنَا ذَلِكَ وَلَمْ يَرْجِعْ إِلَىَّ شَيْئًا.
ــ
(استيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة، فقال: سبحان الله) قاله تعجبًا، أو تنزيهًا له عن عدم القدرة على ما يشاء (ماذا أنزلت الليلة من الفتنة، ماذا أنزل من الخزائن) هي الفتن التي وقعت بعده في أمته، والخزائن التي فتحت لهم أطلعه الله على ذلك، وفيه إشارة إلى أن الفتن مقرونة بمتاع الدنيا، فمن أراد النجاة عليه بالاقتصار على قدر الضرورة.
(من يوقظ صواحب الحجرات؟) يريد: أزواجه الطاهرات.
(يَا رب كاسية في الدّنيا عارية في الآخرة) لعدم تحصيلها لباس التقوى؛ الذي هو لباس الآخرة، وإنما خصّ أزواجه لقوله تعالى:{قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا} [التحريم: 6]. قال بعضهم: الحديث وإن صدر في حق أزواجه لكن العبرة بعموم اللفظ، فالتقدير: رب نفس كاسية. هذا كلامه، وليس بشيء؛ إذ قوله:"من يوقظ صواحب الحجرات؟ " لا يتناول غير أزواجه قطعًا، وقوله:"يَا رب كاسية" كلام مستأنف لم يرد به أزواجه؛ بل ضرب المثل مطلقًا، فأي لفظ عام صار في حق أزواجه.
1127 -
(علي بن حسين) هو الإِمام زين العابدين (عن علي بن أبي طالب) هذا من أصح الإسناد، وأشرف التراجم الواردة فيمن روى عن أَبيه عن جده.
(أنّ رسول الله-صلى الله عليه وسلم طرقه وفاطمة ليلةً) تقدم أن الطروق لا يكون إلَّا ليلًا، فذكر الليلة معه؛ إما تأكيد أو بيان أن ذلك كان ليلة من الليالي لا أكثر.
(فقال ألا تصليان؟ فقلت: يَا رسول الله إن نفوسنا بيد الله) أخذه من قوله تعالى: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا} [الزمر: 42].
ثُمَّ سَمِعْتُهُ وَهْوَ مُوَلٍّ يَضْرِبُ فَخِذَهُ وَهْوَ يَقُولُ «(وَكَانَ الإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَىْءٍ جَدَلاً)» . أطرافه 4724، 7347، 7465
1128 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ إِنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَيَدَعُ الْعَمَلَ وَهْوَ يُحِبُّ أَنْ يَعْمَلَ بِهِ خَشْيَةَ أَنْ يَعْمَلَ بِهِ النَّاسُ فَيُفْرَضَ عَلَيْهِمْ، وَمَا سَبَّحَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سُبْحَةَ
ــ
(ثُمَّ سمعته وهو مولٍّ يضرب فخذه وهو يقول: {وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا} [الكهف: 54]) إذ لم يكن لعلي أن يناظر رسول الله صلى الله عليه وسلم في شيء هو معلوم له، بل كان عليه السعي والمبادرة إلى ما أشار إليه، ولم يكن ما ذكره علي صوابًا؛ لأن أفعال العباد وإن كانت مخلوقة لله إلَّا أن على الإنسان الإتيان بالطاعات، والعدول عن المعاصي؛ ولذلك سمى مقالته جدلًا.
قال ابن بطال: وفي الحديث دلالة على أن ليس للإمام أن يشدد في النوافل؛ ولذلك قنع رسول الله صلى الله عليه وسلم بقول علي: أنفسنا بيد الله، من العذر ولا يقنع بمثله في الفرض. هذا كلامه، وأنا أقول: لو كان قنع بقوله لم يولّ معرضًا وهو يتلو: {وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا} [الكهف: 54] وهل يكون توبيخ أشدّ منه.
وقوله: إنما ضرب يده على فخذه موليًا، ندمًا على ما فعله من إيقاظ علي وفاطمة؛ فمما لا يلتفت إليه.
1128 -
(إن رسول الله صلى الله عليه وسلم ليدع العمل وهو يحب أن يعمل به خشية أن يعمل به النَّاس فيفرض عليهم) هذا كناية عن رأفته؛ ولذلك ترك التراويح، وإلا فهو يعلم أن المقدر كائن.
وقولهم: كيف يمكن الوجوب مع قوله ليلة الإسراء: "هن خمس وهن خمسون"{مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ} [ق: 29] ليس بشيء؛ إذ لا دلالة فيه على عدم جواز الزيادة، ألا ترى أن
الضُّحَى قَطُّ، وَإِنِّى لأُسَبِّحُهَا. طرفه 1177
1129 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ - رضى الله عنها أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَلَّى ذَاتَ لَيْلَةٍ فِي الْمَسْجِدِ فَصَلَّى بِصَلَاتِهِ نَاسٌ، ثُمَّ صَلَّى مِنَ الْقَابِلَةِ فَكَثُرَ النَّاسُ، ثُمَّ اجْتَمَعُوا مِنَ اللَّيْلَةِ الثَّالِثَةِ أَوِ الرَّابِعَةِ، فَلَمْ يَخْرُجْ إِلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَلَمَّا أَصْبَحَ قَالَ «قَدْ رَأَيْتُ الَّذِى صَنَعْتُمْ وَلَمْ يَمْنَعْنِى مِنَ الْخُرُوجِ إِلَيْكُمْ إِلَاّ أَنِّى خَشِيتُ أَنْ تُفْرَضَ عَلَيْكُمْ» ، وَذَلِكَ فِي رَمَضَانَ. طرفه 729
ــ
علماء الأصول اتفقوا على جواز زيادة صلاة سادسة، وإنما اختلافهم في أن ذلك هل يكون نسخًا أم لا؟
(وإني لأسَبّحها) أي: صلاة الضحى، وفي رواية الموطأ:"وإني لأستحبها" من الاستحباب، وقد قدمنا أن صلاة الضحى مروية عن عدة من الصَّحَابَة، فلا يلزم من عَدمِ رؤية عائشة العدم.
1129 -
(أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى ذات ليلة، فصلى ناس بصلاته) أي: اقتدوا به، وكان هذا في رمضان، وكانت الصلاةُ التراويح (ثم اجتمعوا في الليلة الثالثة والرابعة فلم يخرج إليهم) الشك من الراوي، وقد علّل عدم خروجه في الحديث.
فإن قلت: ترجمة الباب الحث على صلاة الليل، والحديث دلّ على المنع؟ قلت: لم يمنعهم من القيام؛ بل على وجه آخر؛ ولهذا قال: "صلوا في بيوتكم، فإن أفضل صلاة المرء في بيته" ما عدا الفرض.