الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
24 - كتاب الزكاة
1 - باب وُجُوبِ الزَّكَاةِ
وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ) وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - حَدَّثَنِى أَبُو سُفْيَانَ - رضى الله عنه - فَذَكَرَ حَدِيثَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ يَأْمُرُنَا بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَالصِّلَةِ وَالْعَفَافِ.
ــ
كتاب الزكاة
بسم الله الرحمن الرحيم
باب وجوب الزكاة
(قول الله تعالى: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} [البقرة: 43] وقال ابن عباس: حدثني أبو سفيان، فذكر حديث النبي صلى الله عليه وسلم) أي: في إرساله إلى هرقل بكتابه، والحديث بطوله سلف [في] باب بدء الوحي، وموضع الدلالة هنا قوله:(يأمرنا بالصلاة والزكاة) قال ابن الأثير: الزكاة الطهارة والنماء والبركة والمدح وبكل ذلك قد جاء في القرآن والحديث.
وفي عرف الفقهاء: هو المال المخرج بشرائط معلومة في كتب الفروع، ويطلق على إخراج ذلك المال أيضًا، فعلة بمعنى التزكية، فهي طهرة للأموال وسبب نمائها، وهي أول واجب بعد التوحيد، لكن بيان المقادير كان بالمدينة، قال الله تعالى في آخر المزمل:{وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا} [الحديد: 18] وقال في [فُصِّلَت]: {وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ (6) الَّذِينَ لَا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ} [فصلت: 6، 7] وهاتان السورتان من أوائل القران نزولًا، والمقاديرُ تقررت بالمدينة، والزكاة أحد أركان الإسلام التي بني عليها الإسلام، من أنكر وجوبها كفر.
1395 -
حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ الضَّحَّاكُ بْنُ مَخْلَدٍ عَنْ زَكَرِيَّاءَ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَيْفِىٍّ عَنْ أَبِى مَعْبَدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - أَنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم بَعَثَ مُعَاذًا - رضى الله عنه - إِلَى الْيَمَنِ فَقَالَ «ادْعُهُمْ إِلَى شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَاّ اللَّهُ، وَأَنِّى رَسُولُ اللَّهِ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لِذَلِكَ فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللَّهَ قَدِ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لِذَلِكَ فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً فِي أَمْوَالِهِمْ، تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ وَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ» . أطرافه 1458، 1496، 2448، 4347، 7371، 7372
ــ
1395 -
(أبو عاصم الضحاك بن مخلد) بفتح الميم وسكون الخاء المعجمة (عن يحيى بن عبد الله بن صيفي) نسبة إلى الصيف ضد الشتاء (عن أبي معبد) بفتح الميم وسكون العين بعدها باء موحدة (أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث معاذًا إلى اليمن) قال الحاكم: كان إرساله بعد مقدمه من غزوة تبوك، بعثه وأبا موسى الأشعري كل واحد منهما على مخلاف، والمخلاف -بكسر الميم والخاء المعجمة- الرستاق في عرف أهل العراق والريف في عرف أهل مصر (فإن هم أطاعوا لذلك فأعلمهم أن الله افترض عيهم صدقة في أموالهم تؤخذ من أغنيائهم وترد في فقرائهم).
فإن قلت: الزكاة وجوبها كان مقدمًا على الصلاة، فلم أخره في هذه القصة؟ قلت: الصلاة عامة في كل مكلف، والزكاة إنما تجب على الأغنياء، وأيضًا الصلاة عماد الدين، وأظهر شعائر الاسلام.
واستدل الشافعي ومالك بالحديث على عدم جواز نقل الزكاة من بلد إلى بلد؛ اللهم إلا أن لا يوجد المستحق في ذلك البلد؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "ترد في فقرائهم".
فإن قلت: مصارف الزكاة ثمانية بنص القرآن، فكيف وقع الاقتصار على الفقراء؟ قلت: آية المصارف محكمة، والاقتصار على الفقراء في الحديث لكون الفقراء أعم وجودًا.
فإن قلت: لم يذكر في الحديث الصوم والحج مع كونهما واجبين؟ قلت: الحج في
1396 -
حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ ابْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَوْهَبٍ عَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ عَنْ أَبِى أَيُّوبَ رضى الله عنه أَنَّ رَجُلاً قَالَ لِلنَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم أَخْبِرْنِى بِعَمَلٍ يُدْخِلُنِى الْجَنَّةَ. قَالَ مَا لَهُ مَا لَهُ وَقَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم «أَرَبٌ مَا لَهُ،
ــ
العمر مرة على من استطاع سبيلًا، والصوم في السنة مرّة وأيضًا القائم بالصلاة والزكلاة الأكثر أنه لا يخل بهما، ألا ترى إلى قوله تعالى:{الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} [الأنفال: 3] كيف اقتصر عليهما.
1396 -
(عبد الله بن موهب) بفتح الميم والهاء (عن أبي أيوب الأنصاري) خالد بن زيد (أن رجلًا قال للنبي صلى الله عليه وسلم أخبرني بعمل يدخلني الجنة؟ قال: مَا لَهُ؟ وقال النبي صلى الله عليه وسلم:أرب ما له).
هذا الرجل ذكروا أنه لقيط بن صبرة العنسي، وقال ابن قتيبة: هذا القائل أبو أيوب، وقد وهم في ذلك، فإن أبا أيوب راوي الحديث، والجواب عنه بانه يجوز أن يبهم الراوي نفسه، يرده رواية مسلم عن أبي أيوب، أن أعرابيًّا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقوله:"ما له ما لهُ" من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما كرر الاستفهام تعجبًا من سؤاله، وماذا حمله على هذا السؤال، ثم أعرض عن ذلك وقال:"أرب ما له" قال ابن الأثير وغيره: هذه الكلمة تروى على ثلاثة أوجه:
الأول: أرب فعلًا ماضيًا على وزن علم؛ ومعناه: الدّعاء عليه أي: أجبت آرابهُ: أي: أعضاؤه، ولا يراد وقوع ذلك، بل هو مثل تربت يداه ونحوه، وفي تأويل هذا الدعاء قولان: الأول: التعجب من حرصه. والثاني: كراهته؛ لذلك السؤال والأول هو الملائم؛ لقوله: "ما له ما له". وقيل: هو من أرب الرجل إذا احتاج كأنه لما قال: "ما له" ثم قال: "أرب" أي: احتاج إلى السؤال "ما له"، أي: أيُّ شيء يريد، وفيه بُعْد لأنه تقدم منه قوله: أخبرني عن عمل يدخلني الجنة.
والوجه الثاني: أَرَبْ على وزن فَرَسْ وما زائدة؛ أي: له حاجة.
والوجه الثالث: أرب على وزن كَتِف -بفتح الأول وكسر الثاني- والأرب: العاقل الحاذق، أي: السائل كامل العقل، فإنه سأل عن أمر مهم له، وتعجب منه كيف اهتدى إلى
تَعْبُدُ اللَّهَ، وَلَا تُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا، وَتُقِيمُ الصَّلَاةَ، وَتُؤْتِى الزَّكَاةَ، وَتَصِلُ الرَّحِمَ». وَقَالَ بَهْزٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ وَأَبُوهُ عُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُمَا سَمِعَا مُوسَى بْنَ طَلْحَةَ عَنْ أَبِى أَيُّوبَ بِهَذَا. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ أَخْشَى أَنْ يَكُونَ مُحَمَّدٌ غَيْرَ مَحْفُوظٍ إِنَّمَا هُوَ عَمْرٌو .. طرفاه 5982، 5983
1397 -
حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ حَدَّثَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدِ بْنِ حَيَّانَ عَنْ أَبِى زُرْعَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ أَعْرَابِيًّا أَتَى النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ دُلَّنِى عَلَى عَمَلٍ إِذَا عَمِلْتُهُ
ــ
هذا المطلب العزيز مع غفلة أكثر الناس عنه، وتقديره: هذا رجل حاذق، وهذا أحسن الوجوه، قال ابن الأثير: ورواه الهروي بكسر الهمزة وسكون الراء ومعناه الخبرة والعلم، وهذا أيضًا يؤيد الوجه الأخير.
(تعبد الله ولا تشرك به شيئًا) استئناف على الجواب، واقتصر فيه على الصلاة والزكاة؛ إما لأن الصوم والحج لم يكونا واجبين حين السؤال، أو لأن الآتي بالصلاة والزكاة لا يُخل بغيرهما، فاقتصر عليهما لأنهما أُمّا العبادات كما اقتصر عليهما في مواضع من القرآن الكريم.
(وقال بهز) -بفتح الباء وسكون الهاء آخره زاي معجمة- هذا تعليق؛ لأنّ بهزًا شيخ شيوخه، وسيأتي في كتاب الأدب موصولًا عطف المعلق على المسند، وغرضه أنّ في الطريقين وهم شعبة في تسمية عمرو بن عثمان، قال الدارقطني والغساني والكلاباذي: إن شعبة وهم في قوله: محمد بن عثمان، فإن راوي الحديث إنما هو عمرو بن عثمان، وفي رواية النسائي أيضًا عن محمد بن عثمان، وروى البخاري في كتاب الأدب عن شعبة عن ابن عثمان من غير تعيين.
1397 -
(عفان بن مسلم) بفتح العين وتشديد الفاء (وهيب) بضم الواو مصغر (سعيد بن حيان) بفتح الحاء ومثناة تحت (أن أعرابيًّا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: دلني على عمل إذا عملته
دَخَلْتُ الْجَنَّةَ. قَالَ «تَعْبُدُ اللَّهَ لَا تُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا، وَتُقِيمُ الصَّلَاةَ الْمَكْتُوبَةَ، وَتُؤَدِّى الزَّكَاةَ الْمَفْرُوضَةَ، وَتَصُومُ رَمَضَانَ» . قَالَ وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لَا أَزِيدُ عَلَى هَذَا. فَلَمَّا وَلَّى قَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم «مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَلْيَنْظُرْ إِلَى هَذَا» .
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ عَنْ يَحْيَى عَنْ أَبِى حَيَّانَ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبُو زُرْعَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِهَذَا.
ــ
دخلت الجنة؟ قال: تعبد الله ولا تشرك به شيئًا، وتقيم الصلاة، وتؤدي الزكاة المفروضة وتصوم رمضان).
فإن قلت: لم يذكر في جواب السائل الأول قيد الفرض والكتابة وذكره هنا؟ قلت: هذا السائل أعرابي يحتاج إلى زيادة بيان؛ بخلاف الأوّل فإنه مخالط يعرف الفرائض وسائر الأحكام، أو ذكره ولكن لم يحفظ الراوي.
(قال: والذي نفسي بيده لا أزيد على هذا) في رواية "ولا أنقص".
فإن قلت: كيف حلف على عدم زيادة الخير؟ قلت: أجابوا بأنه كان وافد قومه، أراد أنه لا يزيد في إخبارهم به على ما سمع ولا ينقص، أو اليمين مصروفة إلى الفرض؛ أي: لا أزيد؛ أي: فرضًا آخر على ما سمعت.
(فلما ولى قال النبي صلى الله عليه وسلم: من سرَّه أن ينظر إلى رجل من أهل الجنة فلينظر إلى هذا).
فإن قلت: جاء في الرواية الأخرى أنه قال صلى الله عليه وسلم أفلح: إن صدق"؟ قلت: إما أن يكون ذلك غير هذا، أو قال في وجهه: "أفلح إن صدق" ترغيبًا له، ولئلا ينفر فلما ولّى قال في شأنه هذا، أو لا يكون علم بكونه من أهل الجنة ثم أعلم بذلك.
(عن ابن حيان) -بفتح الحاء وتشديد المثناة تحت- هو يحيى بن سعيد بن حيان الذي تقدم ذكرهُ آنفًا، ذكره هناك باسمه وهنا بكنيته (عن أبي زرعة) -بضم المعجمة وسكون المهملة- اسمه هرم، وقيل: عمرو، وقيل: عبد الله، وقيل غير هذا.
قال بعض الشارحين: الحديث في هذا الطريق مرسل؛ لأن أبا زرعة تابعي، فليس له أن يقول عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا على طريق الإرسال، والظاهر أنه وقع في نسخته سقط، وإلا في جميع النسخ عن أبي هريرة.
1398 -
حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ حَدَّثَنَا أَبُو جَمْرَةَ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - يَقُولُ قَدِمَ وَفْدُ عَبْدِ الْقَيْسِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ هَذَا الْحَىَّ مِنْ رَبِيعَةَ قَدْ حَالَتْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ كُفَّارُ مُضَرَ، وَلَسْنَا نَخْلُصُ إِلَيْكَ إِلَاّ فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ، فَمُرْنَا بِشَىْءٍ نَأْخُذُهُ عَنْكَ، وَنَدْعُو إِلَيْهِ مَنْ وَرَاءَنَا. قَالَ «آمُرُكُمْ بِأَرْبَعٍ، وَأَنْهَاكُمْ عَنْ أَرْبَعٍ الإِيمَانِ بِاللَّهِ وَشَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَاّ اللَّهُ - وَعَقَدَ بِيَدِهِ هَكَذَا - وَإِقَامِ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَأَنْ تُؤَدُّوا خُمُسَ مَا غَنِمْتُمْ، وَأَنْهَاكُمْ عَنِ الدُّبَّاءِ وَالْحَنْتَمِ وَالنَّقِيرِ وَالْمُزَفَّتِ» .
ــ
1398 -
(حجاج بن منهال) بفتح الحاء وتشديد الجيم وكسر الميم (حمّاد) بفتح الحاء وتشديد الميم (أبو جمرة) -بالجيم- نصر بن عمران الضبعي. روى في هذا السند حديث وفد عبد القيس، وقد سلف بشرحه في كتاب الإيمان، في باب أداء الخمس، ونشير هنا إلى بعض ألفاظه:
قال الجوهري: الوفد جمع وافد، والوافد من يرد إلى الملوك لِمُهِمٍّ يتعلق بمن وراءه من قومه. وعبد القيس قبيلة من أسد، أولاد عبد القيس بن أقصى بن دُعمي جديلة، وربيعة ومضر ابنا نزار بن عدنان. ونقل بعضهم عن ابن بطال أن عبد القيس قبيلة وربيعة بطن منهم ومضر وقريش. وفيه خبط؛ لأن قولهم: إن هذا الحي من ربيعة يدل على أن عبد القيس بطن من ربيعة؛ لا العكس. وقوله مضر وقريش أيضًا؛ لأن قريشًا أولاد النضر بن كنانة. قال الجوهري وغيره: وبين كنانة ومضر مسافة بعيدة.
(إنا هذا الحي) بالنصب على الاختصاص، وفي بعضها:"أنّ هذا الحي"(ولسنا نخلص إليك إلا في الشهر الحرام) أرادوا الأشهر الحرم، فاللام للجنس (فمرنا بشيء نأخذه عنك) بالرفع صفة الشيء (آمركم بأربع وأنهاكم عن أربع) والكلام على أن المأمور بها في الإجمال أربع والتفصيل خمس، تقدم في باب أداء الخمس، وملخصه أن المأمور به أصالة هي الأربع، وذكر أداء الخمس وقع استطرادًا؛ لأنهم كانوا أهل جهاد، فالمعدود أصالة هي أركان الإسلام.
فإن قلت: تقدم هناك ذكر الصوم وأنه من الأربع؟ قلت: تَرْكُهُ ذهول من بعض الرواة؛ لأن القصة متحدة.
وَقَالَ سُلَيْمَانُ وَأَبُو النُّعْمَانِ عَنْ حَمَّادٍ «الإِيمَانِ بِاللَّهِ شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَاّ اللَّهُ» . طرفه 53
1399 -
حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ أَخْبَرَنَا شُعَيْبُ بْنُ أَبِى حَمْزَةَ عَنِ الزُّهْرِىِّ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ لَمَّا تُوُفِّىَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ - رضى الله عنه - وَكَفَرَ مَنْ كَفَرَ مِنَ الْعَرَبِ فَقَالَ عُمَرُ - رضى الله عنه كَيْفَ تُقَاتِلُ النَّاسَ، وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لَا إِلَهَ إِلَاّ اللَّهُ. فَمَنْ قَالَهَا فَقَدْ عَصَمَ مِنِّى مَالَهُ وَنَفْسَهُ إِلَاّ بِحَقِّهِ، وَحِسَابُهُ عَلَى اللَّهِ» . أطرافه 1457، 6924، 7284
ــ
(قال سليمان وأبو النعمان) هو سليمان بن حرب، وأبو النعمان -بضم النون- محمد بن الفضل، كلاهما شيخ البخاري، والرواية عنهما بقال لأنه سمع منهما مذاكرة (الإيمان بالله شهادة أن لا إله إلا الله) بدون الواو، وهذه الرواية ظاهرة؛ وأما رواية الواو باعتبار المغايرة باعتبار الإجمال والتفصيل.
1399 -
(الحكم) بفتح الحاء والكاف (أبي حمزة) بالحاء المهملة (وكان أبو بكر) أي: بعده خليفة (فقال عمر: كيف تقاتل الناس؟) في الرواية اختصار؛ أي: أراد أبو بكر قتال مانعي الزكاة، فاعترض بأن قتالك لهم منافٍ لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأجاب الصديق بأن الذي أفعله مقتضى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو قوله:"إلا بحق الإسلام" والزكاة من حق الإسلام (والله لو منعوني عقالًا) وفي رواية: عناقًا -بفتح العين- ولد المعز لم يكمل له سنة.
فإن قلت: ليس في العناق ولا في العقال زكاة؟ قلت: لم يرد به ذلك حقيقة الكلام؛ أي: لو فرض أن لو فيهما زكاة ومنعوني هذا الشيء الحقير لقاتلتهم، وقد يتكلف بأن زكاة الأولاد في النتاج تابعة لأصولها في الحول، فلو ماتت الأصول يؤخذ العناق في هذه الصورة، وأما العقال: وهو الحبل، فقالوا: أراد الحبل الذي تربط به إبل الصدقة، أو الذي يساوي نصابًا، وهذا تكلف.