الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَجَاءَ بِلَالٌ إِلَى أَبِى بَكْرٍ - رضى الله عنهما - فَقَالَ يَا أَبَا بَكْرٍ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ حُبِسَ وَقَدْ حَانَتِ الصَّلَاةُ، فَهَلْ لَكَ أَنْ تَؤُمَّ النَّاسَ قَالَ نَعَمْ إِنْ شِئْتَ. فَأَقَامَ بِلَالٌ الصَّلَاةَ، وَتَقَدَّمَ أَبُو بَكْرٍ - رضى الله عنه - فَكَبَّرَ لِلنَّاسِ، وَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَمْشِى فِي الصُّفُوفِ يَشُقُّهَا شَقًّا، حَتَّى قَامَ فِي الصَّفِّ، فَأَخَذَ النَّاسُ فِي التَّصْفِيحِ. قَالَ سَهْلٌ التَّصْفِيحُ هُوَ التَّصْفِيقُ. قَالَ وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ - رضى الله عنه - لَا يَلْتَفِتُ فِي صَلَاتِهِ، فَلَمَّا أَكْثَرَ النَّاسُ الْتَفَتَ فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَشَارَ إِلَيْهِ، يَأْمُرُهُ أَنْ يُصَلِّىَ، فَرَفَعَ أَبُو بَكْرٍ - رضى الله عنه - يَدَهُ، فَحَمِدَ اللَّهَ، ثُمَّ رَجَعَ الْقَهْقَرَى وَرَاءَهُ حَتَّى قَامَ فِي الصَّفِّ، وَتَقَدَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَصَلَّى لِلنَّاسِ، فَلَمَّا فَرَغَ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ فَقَالَ «يَا أَيُّهَا النَّاسُ مَا لَكُمْ حِينَ نَابَكُمْ شَىْءٌ فِي الصَّلَاةِ أَخَذْتُمْ بِالتَّصْفِيحِ إِنَّمَا التَّصْفِيحُ لِلنِّسَاءِ، مَنْ نَابَهُ شَىْءٌ فِي صَلَاتِهِ فَلْيَقُلْ سُبْحَانَ اللَّهِ» . ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَى أَبِى بَكْرٍ - رضى الله عنه - فَقَالَ «يَا أَبَا بَكْرٍ، مَا مَنَعَكَ أَنْ تُصَلِّىَ لِلنَّاسِ حِينَ أَشَرْتُ إِلَيْكَ» . قَالَ أَبُو بَكْرٍ مَا كَانَ يَنْبَغِى لاِبْنِ أَبِى قُحَافَةَ أَنْ يُصَلِّىَ بَيْنَ يَدَىْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. طرفه 684
17 - باب الْخَصْرِ فِي الصَّلَاةِ
ــ
قوله: (وجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم يثق الصفوف شقًّا) لئلا يمشي قدام المصلي، فمشى على الاستقامة (حتى قام في الصف) أي: في الصف الأول، اللام: للعهد بقرينة الحال (فأخذ الناس في التصفيح) هو التصفيق، ضرب الكف اليمنى على ظهر الكف اليسرى (ورجع القهقرى) أي: مشى إلى خلفه معكوسًا؛ لئلا ينصرف وجهه عن القبلة (من نابه شيءٌ) أي: عرض له وأصابه، ومنه نوائب الدهر (ما كان لابن أبي قحافة) -بضم القاف- كنية أبيه واسمه عثمان.
استدل بالحديث على أنّ رفع الأيدي في الصلاة للدعاء لا بخصوص جائز؛ لعدم إنكار رسول الله صلى الله عليه وسلم على فعل أبي بكر.
باب الخصْر في الصلاة
أي: وضع اليد على الخاصرة. وفي بعضها: الخاصرة، وروي أنه استراحة أهل
1219 -
حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ نُهِىَ عَنِ الْخَصْرِ فِي الصَّلَاةِ. وَقَالَ هِشَامٌ وَأَبُو هِلَالٍ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. طرفه 1220
1220 -
حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِىٍّ حَدَّثَنَا يَحْيَى حَدَّثَنَا هِشَامٌ حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضى الله عنه قَالَ نُهِىَ أَنْ يُصَلِّىَ الرَّجُلُ مُخْتَصِرًا. طرفه 1219
ــ
النار، قال ابن الأثير: معناه أنه فعل اليهود في صلاتهم، وهم أهل النار؛ لا أنّ في النار راحة لأحد.
1219 -
(أبو النعمان) -بضم النون- محمد بن الفضل (حَماد) بفتح الحاء وتشديد الميم.
(عن أبي هريرة قال: نُهِيَ عن الخَصْر في الصلاة) ذكرنا مرارًا أن الصحابي إذا قال: نُهي أو نهينا أو أمرنا، الآمر والناهي هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، والحديث في مثله مرفوع؛ ذكره ابن الصلاح والعراقي، فمن قال هذا الحديث موقوف على أبي هريرة فقد زلت به القدم، والعجب أنه قال: الناهي رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال: موقوف عن أبي هريرة.
1220 -
(قال: نُهِيَ الرجل أن يصليَ مختصرًا) أي: واضعًا يده على الخاصرة، وقد أشرنا إلى أنه فعل اليهود، وقيل: لأنّه فعل الكُسَالى والمتكبرين، أو لأنّ إبليس نزل من الجنة على تلك الهيئة. وقيل: أن يصلي وبيده مخصرة يتوكأ عليها، والمخصرة -بكسر الميم- العصا. وقيل: الاختصار في الركوع والسجود. وروي عن أبي هريرة: هو أن يقرأ في الصلاة أواخر السور. وقيل: أن يقرأ القرآن ويترك مواضع السجود.
(وقال هشام) هو ابن الحسن الأزدي مولاهم، قال الذهبي: يروي عن الحسن وابن سيرين (وأبو هلال) محمد بن سليم الرّاسبي. وراسب حيّ من أحياء العرب -بالراء والباء الموحدة- قاله الجوهري.
تعليق هشام تقدم في الباب موصولًا بلفظ المجهول، وتعليق أبي هلال وصله الدّارقطني.
18 -
باب تَفَكُّرِ الرَّجُلِ الشَّىْءَ فِي الصَّلَاةِ
وَقَالَ عُمَرُ - رضى الله عنه - إِنِّى لأُجَهِّزُ جَيْشِى وَأَنَا فِي الصَّلَاةِ.
1221 -
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ حَدَّثَنَا رَوْحٌ حَدَّثَنَا عُمَرُ - هُوَ ابْنُ سَعِيدٍ - قَالَ أَخْبَرَنِى ابْنُ أَبِى مُلَيْكَةَ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ الْحَارِثِ - رضى الله عنه - قَالَ صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الْعَصْرَ، فَلَمَّا سَلَّمَ قَامَ سَرِيعًا دَخَلَ عَلَى بَعْضِ نِسَائِهِ، ثُمَّ خَرَجَ وَرَأَى مَا فِي وُجُوهِ الْقَوْمِ مِنْ تَعَجُّبِهِمْ لِسُرْعَتِهِ فَقَالَ «ذَكَرْتُ وَأَنَا فِي الصَّلَاةِ تِبْرًا عِنْدَنَا، فَكَرِهْتُ أَنْ يُمْسِىَ أَوْ يَبِيتَ عِنْدَنَا فَأَمَرْتُ بِقِسْمَتِهِ» . طرفه 851
ــ
باب يُفْكِر الرجلُ الشيءَ في الصلاة
(وقال عمر: إني لأجهز جيشي وأنا في الصلاة) رواه عنه مسندًا ابن أبي شيبة، وروى هشام بن عروة عن أبيه عن عمر أنه قال: إني لأحسب جزية البحرين وأنا في الصلاة.
1221 -
(روح) بفتح الراء وسكون الواو (ابن أبي مليكة) -بضم الميم- مصغر، واسم [أبي] مليكة زهير جد عبد الله.
(ذكرت وأنا في الصلاة تبرًا عندنا فكرهت أن يمسي أو يبيت عندنا فأمرت بقسمته) التبر -بكسر التاء-: الذهب مع التراب قبل تحصيله. قوله: ذكرت؛ أي: تذكرت، والمراد به ذكر القلب.
فإن قلت: ترجم على التفكر؛ وهو: ترتيب أمور معلومة ليؤدي إلى العلم لمجهول، والتذكر والتفكر التفات النفس إلى المعنى الحاصل؟ قلت: هذا اصطلاح جديد لأهل الميزانِ، وأهلُ اللغةِ يتسامحون في أمثاله، قال الجوهري: التذكّرُ ضد النّسيان، والتفكر: التأمل، وما في الحديث ضدّ النسيان.
1222 -
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ جَعْفَرٍ عَنِ الأَعْرَجِ قَالَ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «إِذَا أُذِّنَ بِالصَّلَاةِ أَدْبَرَ الشَّيْطَانُ لَهُ ضُرَاطٌ حَتَّى لَا يَسْمَعَ التَّأْذِينَ، فَإِذَا سَكَتَ الْمُؤَذِّنُ أَقْبَلَ، فَإِذَا ثُوِّبَ أَدْبَرَ فَإِذَا سَكَتَ أَقْبَلَ، فَلَا يَزَالُ بِالْمَرْءِ يَقُولُ لَهُ اذْكُرْ مَا لَمْ يَكُنْ يَذْكُرُ حَتَّى لَا يَدْرِى كَمْ صَلَّى» . قَالَ أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ إِذَا فَعَلَ أَحَدُكُمْ ذَلِكَ فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ قَاعِدٌ. وَسَمِعَهُ أَبُو سَلَمَةَ مِنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه.
1223 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ قَالَ أَخْبَرَنِى ابْنُ أَبِى ذِئْبٍ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِىِّ قَالَ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - يَقُولُ النَّاسُ أَكْثَرَ أَبُو هُرَيْرَةَ، فَلَقِيتُ رَجُلاً فَقُلْتُ بِمَ قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْبَارِحَةَ فِي الْعَتَمَةِ فَقَالَ لَا أَدْرِى.
ــ
1222 -
(يحيى بن بكير) بضم الباء مصغر.
(إذا أُذِّنَ بالصلاة) أي للصلاة (أدبر الشيطان وله ضُراط) إما حقيقةً؛ لأنه جسم من الأجسام الخبيثة يأكل ويشرب، أو كناية عن مذمته لئلا يسمع الأذان، فشبّه بالضراط تقبيحًا وتشويهًا (فإذا ثُوِّب أدبر) أي: إذا شرع المؤذن في الإقامة؛ من ثاب إذا رجع؛ لأنه رجوع إلى الإعلام ثانيًا.
(قال أبو سلمة: إذا فعل ذلك أحدكم فليسجد سجدتين) هذا التعليق سيأتي مسندًا مرفوعًا.
(وسمعه أبو سلمة من أبي هريرة) رفع به وهم التدليس.
1223 -
(محمد بن المثنى) بضم الميم وفتح الثاء والنون المشددة (ابن أبي ذئب) -بلفظ الحيوان المعروف- محمد بن عبد الرحمن (المقبري) بضم الباء وفتحها.
(يقول الناس: [أكثر] أبو هريرة) أي: في الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم (فلقيت رجلًا، فقلت: بم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم البارحة في العتمة؟) أي: العشاء، وإطلاق العتمة عليها مكروهٌ نُهي عنه، ولعله لم يبلغ أبا هريرة، أو كان هذا قبل النهي.
فَقُلْتُ لَمْ تَشْهَدْهَا قَالَ بَلَى. قُلْتُ لَكِنْ أَنَا أَدْرِى، قَرَأَ سُورَةَ كَذَا وَكَذَا.
ــ
(فقال: لا أدري. فقلت: لكن أنا أدري قرأ سورة كذا وكذا) كانوا يتهمونه؛ لأن إسلامه متأخر، وأكثر في الرواية، ولذلك قال في بعض الروايات: يقولون: أكثر أبو هريرة والله الموعد.
فإن قلت: أي مناسبة لحديثه بالترجمة؟ قلت: قول الرجل: لا أدري ماذا قرأ مع كونه صلى وراءه دليلٌ على أنه كان فكره في شيء آخر، وما يقال هو ضبط أبي هريرة قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم فليس بشيء، لأنّ ضبط قراءة الإمام من أهم مصالح الصلاة، والشيء في الترجمة هو الذي لا تعلق له بالصلاة.
ومحصل الأحاديث أن الإنسان قلّما ينفك عن نوع فكر في الصلاة؛ لأن الشيطان بمرصد، فعلى الإنسان أن يجمع الخواطر في الصلاة، ويحذر منه غاية الحذر.