الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
51 - باب صِفَةِ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ
وَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "أَوَّلُ طَعَامٍ يَأْكلُهُ أَهْلُ الْجَنَّةِ زِيَادَةُ كَبِدِ حُوتٍ"، عَدْنٌ: خُلْدٌ، عَدَنْتُ بِأَرْضٍ: أَقَمْتُ، وَمِنْهُ الْمَعْدِنُ، فِي مَعْدِنِ صِدْقٍ، فِي مَنْبِتِ صِدْقٍ.
(باب: صفة أهل الجنة)
قوله: (وقال أبو سعيد) موصول في (التوحيد).
(زيادة) هي قطعة من اللحم متعلقة بالكبد، وهي ألذُّ الأطعمة وأهنؤها.
(المعدِن) منبت الجوهر؛ لإقامة أهله فيه دائمًا، أو لإنبات الله تعالى إياها فيه.
(منبت صدق) في بعضها: (في مقعد صدق)؛ كما في القرآن.
* * *
6546 -
حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ الْهَيْثَم، حَدَّثَنَا عَوْفٌ، عَنْ أَبِي رَجَاءٍ، عَنْ عِمْرَانَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"اطَّلَعْتُ فِي الْجَنَّةِ، فَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا الْفُقَرَاءَ، وَاطَّلَعْتُ فِي النَّارِ، فَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا النِّسَاءَ".
6547 -
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ،
عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، عَنْ أُسَامَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"قُمْتُ عَلَى باب الْجَنَّةِ، فَكَانَ عَامَّةُ مَنْ دَخَلَهَا الْمَسَاكِينَ، وَأَصْحَابُ الْجَدِّ مَحْبُوسُونَ، غَيْرَ أَنَّ أَصْحَابَ النَّارِ قَدْ أُمِرَ بِهِمْ إِلَى النَّارِ، وَقُمْتُ عَلَى باب النَّارِ، فَإِذَا عَامَّةُ مَنْ دَخَلَهَا النِّسَاءُ".
الحديث الأول، والثاني:
(الفقراء)، وفي الآخر:(المساكين)، وفيه: بأن كلًّا منهما يُطلق على الآخر.
(الجَد) بفتح الجيم: الغنى، فأصحاب الجد أصحاب الثروة، أو الحظوظ الدنيوية بمال أو جاه، ويحتمل أنه يريد الملوكَ المعظمين.
(محبوسون)؛ أي: للحساب ونحوه، وسبق الحديث.
* * *
6548 -
حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ أَسَدٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ، أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زيدٍ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ حَدَّثَهُ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إِذَا صَارَ أَهْلُ الْجَنَّةِ إِلَى الْجَنَّةِ، وَأَهْلُ النَّارِ إِلَى النَّارِ، جِيءَ بِالْمَوْتِ حَتَّى يُجْعَلَ بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ، ثُمَّ يُذْبَحُ، ثُمَّ يُنَادِي مُنَادٍ: يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ! لَا مَوْتَ، يَا أَهْلَ النَّارِ! لَا مَوْتَ، فَيَزْدَادُ أَهْلُ الْجَنَّةِ فَرَحًا إِلَى فَرَحِهِمْ، وَيَزْدَادُ أَهْلُ النَّارِ حُزْنًا إِلَى حُزْنِهِمْ".
الثالث:
(بالموت) هو وإن كان عَرَضًا، والعَرَض لا يوصف بمجيء وذبح؛ لكن الله تعالى يجسّده ويجسّمه، أو أن ذلك على سبيل التمثيل؛ للإشعار بالخلود، ثم قيل: الذابحُ له يحيى بنُ زكريا، وقيل: جبريل عليهم الصلاة والسلام.
* * *
6549 -
حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ أَسَدٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ، أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أَنسٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ اللهَ يَقُولُ لأَهْلِ الْجَنَّةِ: يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ! يَقُولُونَ: لَبَّيْكَ رَبَّنَا وَسَعْدَيْكَ، فَيَقُولُ: هَلْ رَضِيتُمْ؟ فَيَقُولُونَ: وَمَا لَنَا لَا نَرْضَى وَقَدْ أَعْطَيْتَنَا مَا لَمْ تُعْطِ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ؟ فَيَقُولُ: أَنَا أُعْطِيكُمْ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ، قَالُوا: يَا رَبِّ! وَأَيُّ شَيْءَ أَفْضَلُ مِنْ ذَلِكَ؟ فَيَقُولُ: أُحِلُّ عَلَيْكُمْ رِضْوَانِي، فَلَا أَسْخَطُ عَلَيْكُمْ بَعْدَهُ أَبَدًا".
الرابع:
(أُحل) من الإحلال بمعنى الإنزال، أو بمعنى الإيجاب؛ كحَلَّ أمرُ الله عليه؛ أي: وجب، وهذا كما قال تعالى:{رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ} [البينة: 8].
* * *
6550 -
حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ حُمَيْدٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَنسًا يَقُولُ أُصِيبَ حَارِثَةُ يَوْمَ بَدْرٍ وَهْوَ غُلَامٌ، فَجَاءَتْ أُمُّهُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ! قَدْ عَرَفْتَ مَنْزِلَةَ حَارِثَةَ مِنِّي، فَإِنْ يَكُ فِي الْجَنَّةِ أَصْبِرْ وَأَحْتَسِبْ، وَإنْ تَكُنِ الأُخْرَى تَرَى مَا أَصْنعُ، فَقَالَ:"وَيْحَكِ أَوَهَبِلْتِ؟ أَوَ جَنَّةٌ وَاحِدَةٌ هِيَ؟ إنَّها جِنَانٌ كَثِيرَةٌ، وَإِنَّهُ لَفِي جَنَّةِ الْفِرْدَوْسِ".
الخامس:
(تر) في بعضها: (ترى)، وهو مثل:{أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ} [النساء: 78] بالرفع.
(أَوَهَبِلْتِ) بفتح الهمزة والواو والهاء وكسر الموحدة، وقد استعاره هنا لفقد العقل مما أصابها من الثكل بولدها، كأنه قال: فقدتِ عقلَكِ لفقدِ ابنك، حتى جعلتِ الجنانَ جنةً واحدة، فالهمزةُ للاستفهام، والواو للعطف على مقدرٍ بعدها، وكذا (أَوَجنة) بفتح الهمزة والواو أيضًا.
(الفردوس) هو أعلى الجنة، ومر الحديث في (غزوة بدر).
* * *
6551 -
حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ أَسَدٍ، أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنَا الْفُضَيْلُ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"مَا بَيْنَ مَنْكِبَيِ الْكَافِرِ مَسِيرَةُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ لِلرَّاكِبِ الْمُسْرعِ".
السادس:
(مسيرة ثلاثة أيام) إنما وسع ذلك؛ لأنه أبلغ في الإيلام.
* * *
6552 -
وَقَالَ إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا الْمُغِيرَةُ بْنُ سَلَمَةَ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"إِنَّ فِي الْجَنَّةِ لَشَجَرَةً يَسِيرُ الرَّاكِبُ فِي ظِلِّهَا مِائَةَ عَامٍ، لَا يَقْطَعُهَا".
6553 -
قَالَ أَبُو حَازِمٍ: فَحَدَّثْتُ بِهِ النُّعْمَانَ بْنَ أَبِي عَيَّاشٍ، فَقَالَ حَدَّثَنِي أَبُو سَعِيدٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"إِنَّ فِي الْجَنَّةِ لَشَجَرَةً، يَسِيرُ الرَّاكِبُ الْجَوَادَ الْمُضَمَّرَ السَّرِيعَ مِائَةَ عَامٍ، مَا يَقْطَعُهَا".
(وقال إسحاق) وصله أبو نُعيم في "المستخرج على مسلم".
(الجوادَ) بالنصب مفعول (الراكب)، وهو الفرسُ البَيِّنُ الجودة.
(المُضمر) -بالنصب أيضًا- من ضمرتُ الخيل تضميرًا، وضبطه الأصيلي بالرفع فيهما صفة للراكب، وعلى هذا تكسر ميم المضمر الثانية. والتضميرُ: أن تُعلف الخيل حتى تسمن، ثم لا يعلفها إلا قوتًا؛ لتخفَّ، وقيل: يشد عليها سروجها، ويجللها بالأجلة حتى تعرق، فيذهب لحمها ووهلها وتشتد.
6554 -
حَدَّثَنَا قتيْبَةُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لَيَدْخُلَنَّ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِي سَبْعُونَ أَوْ سَبْعُمِائَةِ أَلْفٍ -لَا يَدْرِي أَبُو حَازِمٍ أَيُّهُمَا قَالَ- مُتَمَاسِكُونَ، آخِذٌ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، لَا يَدْخُلُ أَوَّلُهُمْ حَتَّى يَدْخُلَ آخِرُهُمْ، وُجُوهُهُمْ عَلَى صُورَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ".
السابع:
(لا يدخل أولهم) إلى آخره، لا يقال: يستلزم الدورُ لتوقف الأول على الآخر، وبالعكس، لأنا نقول: يدخلون معًا صفًّا واحدًا، وهو دور معيّ لا استحالة فيه، وفي بعضها:(يدخل)، بدون كلمة (لا)، لكنها مقدرة، يدل عليها المعنى، أو (حتى) بمعنى (حين)، أو (مع)، أو معناه: استمرارُ دخول أولهم إلى دخول من هو آخر الكل.
* * *
6555 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَهْلٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"إِنَّ أَهْلَ الْجَنَّةِ لَيَتَرَاءَوْنَ الْغُرَفَ فِي الْجَنَّةِ كمَا تَتَرَاءَوْنَ الْكَوْكَبَ فِي السَّمَاءِ".
6556 -
قَالَ أَبِي: فَحَدَّثْتُ النُّعْمَانَ بْنَ أَبِي عَيَّاشٍ، فَقَالَ: أَشْهَدُ لَسَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ يُحَدِّثُ وَيَزِيدُ فِيهِ: "كَمَا تَرَاءَوْنَ الْكَوْكَبَ الْغَارِبَ فِي الأُفُقِ الشَّرْقِيِّ وَالْغَرْبِيِّ".
الثامن:
(عن أبيه)؛ أي: أبي حازم.
(ليتراءون)؛ أي: ينظرون.
(الغابر) بالمعجمة والموحدة، أي: الذاهب، وفي بعضها: بالياء؛ أي: الغائر، وفي بعضها:(الغارب) براء ثم موحدة.
(الشرقي) الكوكب في الشرق لا يكون غاربًا، فالمراد لازمُه، وهو البعدُ ونحوُه.
* * *
6557 -
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي عِمْرَانَ قَالَ: سَمِعْتُ أَنس بْنَ مَالِكٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "يَقُولُ اللهُ تَعَالَى لأَهْوَنِ أَهْلِ النَّارِ عَذَابًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ: لَوْ أَنَّ لَكَ مَا فِي الأَرْضِ مِنْ شَيْءٍ أَكُنْتَ تَفْتَدِي بِهِ؟ فَيَقُولُ: نعمْ، فَيَقُولُ: أَرَدْتُ مِنْكَ أَهْوَنَ مِنْ هَذَا وَأَنْتَ فِي صُلْبِ آدَمَ، أَنْ لَا تُشْرِكَ بِي شَيْئًا، فَأَبَيْتَ إلَّا أَنْ تُشْرِكَ بِي".
التاسع:
(لأهونُ)؛ أي: أسهلُ، وسبق الحديث مرارًا.
* * *
6558 -
حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "يَخْرُجُ مِنَ النَّارِ بِالشَّفَاعَةِ كَأَنَّهُمُ الثَّعَارِيرُ"، قُلْتُ: مَا الثَّعَارِيرُ؟ قَالَ: الضَّغَابِيسُ، وَكَانَ قَدْ سَقَطَ فَمُهُ، فَقُلْتُ لِعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ: أَبَا مُحَمَّدٍ! سَمِعْتَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ يَقُولُ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "يَخْرُجُ بِالشَّفَاعَةِ مِنَ النَّارِ"، قَالَ نعمْ.
العاشر:
(الثَعَارِير) جمع ثُعْرُور -بالمثلثة والمهملة وضم الراء الأولى-، ويقال بالسين بدل الثاء أيضًا: القثاء الصغار، ونباتٌ كالهليون، وثمر الطراثيث.
(الضغابيس) جمع ضِغْبُوس -بمعجمتين وضم الموحدة وإهمال السين- هو أيضًا القثاءُ الصغار، والرجل الضعيف، والشوك الذي يؤكل، والغرض من التشبيه: بيان حالهم، وطراوة صورتهم، وتجرد خلقتهم.
(وكان)؛ أي: عمرو.
(قد سقط فمه)؛ أي: فلا يعطي الحروفَ حقَّها، ولهذا لُقب بالأثرم؛ إذ الثرم هو انكسار الأسنان، وهذا مقول حماد.
وفي الحديث: إبطالُ مذهب المعتزلة في نفي الشفاعة للعصاة.
* * *
6559 -
حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قتادَةَ، حَدَّثَنَا أَنسُ بْنُ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"يَخْرُجُ قَوْمٌ مِنَ النَّارِ بَعْدَ مَا مَسَّهُمْ مِنْهَا سَفْعٌ، فَيَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ، فَيُسَمِّيهِمْ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَهَنَّمِيِّينَ".
الحادي عشر:
(سفع) بمهملتين وفاء: حرارة النار، والسوافع: لوائح السموم.
* * *
6560 -
حَدَّثَنَا مُوسَى، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِذَا دَخَلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ، وَأَهْلُ النَّارِ النَّارَ، يَقُولُ اللهُ: مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ مِنْ إِيمَانٍ فَأَخْرِجُوهُ، فَيَخْرُجُونَ قَدِ امْتُحِشُوا وَعَادُوا حُمَمًا، فَيُلْقَوْنَ فِي نهرِ الْحَيَاةِ، فَينْبُتُونَ كمَا تنبُتُ الْحِبَّةُ فِي حَمِيلِ السَّيْلِ، أَوْ قَالَ: حَمِيَّةِ السَّيْلِ"، وَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"ألمْ تَرَوْا أَنَّهَا تنبُتُ صَفْرَاءَ مُلْتَوِيَةً؟ ".
الثاني عشر:
(امتحشوا) من الامتحاش -بمهملة قبل الألف، ومعجمة بعدها-، وهو الاحتراق.
(حُمَمًا) بضم المهملة وفتح الميم: الفحم.
(الحِبّة) بكسر المهملة: بزر البقل والرياحين.
(حَميل السميل) غُثاؤه، وهو محموله، والحَمْأة -بفتح الحاء وسكون الميم وبكسرها والهمز-: الطين الأسود، وسبق الحديث في (الإيمان) في (باب تفضيل أهل الإيمان).
(صفراء) قال (ن): لسرعة نباته يكون ضعيفًا، ولضعفه يكون أصفر ملتويًا، ثم بعد ذلك تشتد قوتهم.
* * *
6561 -
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا إِسْحَاقَ قَالَ: سَمِعْتُ النُّعْمَانَ، سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:"إِنَّ أَهْوَنَ أَهْلِ النَّارِ عَذَابًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَرَجُلٌ تُوضَعُ فِي أَخْمَصِ قَدَمَيْهِ جَمْرَةٌ يَغْلِي مِنْهَا دِمَاغُهُ".
6562 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ رَجَاء، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "إِنَّ أَهْوَنَ أَهْلِ النَّارِ عَذَابًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ رَجُلٌ عَلَى أَخْمَصِ قَدَمَيْهِ جَمْرتَانِ يَغْلِي مِنْهُمَا دِمَاغُهُ، كمَا يَغْلِي الْمِرْجَلُ وَالْقُمْقُمُ".
الثالث عشر، والرابع عشر:
(جمرة) وفي الحديث الذي بعده: (جمرتان) المراد بهما واحد؛ بقرينة القدمين؛ كما لو قلت: ضربت ظهر تُرْسَيْهِما، لا بد من إرادة ظهري تُرْسَيْهِما.
(المِرجل) بكسر الميم وفتح الجيم: القِدْر من الحجارة أو النحاس، وقال (ش) نقلًا عن ابن سيده في "شرح المتنبي": إنه قِدْر النحاس خاصة، وإنه مذكر من بين أسماء القِدر.
(بالقُمْقُم) بضم القافين: آنية معروفة من زجاج، والباء للتعدية، ووجه التشبيه هو: كما أن النار تغلي المرجل الذي في رأسه قمقمه؛ بحيث تسري الحرارة إليها، وتؤثر فيها، كذلك النارُ تغلي بدنَ الإنسان؛ بحيث يؤدي أثره إلى الدماغ؛ وقيل: هو الماء الكثير، والقِمْقَام هو الرجل العظيم.
قال ابن قُرْقُول في "المطالع": كذا في جميع الروايات، وذكر ابن الصابوني: والقُمْقُم، وهذا أبينُ إن ساعدته الرواية.
قال (ع): قيل: هو الصواب.
قال (ش): روي كذلك، ورواه مسلم مقتصرًا على المرجل.
قال ابن الصابوني: والقُمْقُم فارسي معرَّب، وقال ابن عديس القضاعي في "الباهر": القمقم -بالكسر في القافين-: البُسْر المطبوخ، وأهل الحديث يروونه بالضم، وكذا حكاه (ش) عن المطرز، قال: قاله ابن السِّيد، وهذا أجودُ ما قيل فيه، ولم يقع صاحب "النهاية" على ذلك.
* * *
6563 -
حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ خَيْثَمَةَ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم ذَكَرَ النَّارَ فَأَشَاحَ
بِوَجْهِهِ، فتعَوَّذَ مِنْهَا، ثُمَّ ذَكَرَ النَّارَ فَأَشَاحَ بِوَجْهِهِ، فتعَوَّذَ مِنْهَا، ثُمَّ قَالَ:"اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ، فَمَنْ لَمْ يَجدْ فَبِكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ".
الخامس عشر:
(فأشاح)؛ أي: أعرضَ وصرفَ وجهَه.
* * *
6564 -
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي حَازِمٍ، وَالدَّرَاوَرْدِيُّ، عَنْ يَزِيدَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ خَباب، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه: أَنَّهُ سَمعَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَذُكِرَ عِنْدَهُ عَمُّهُ أَبُو طَالِبٍ، فَقَالَ:"لَعَلَّهُ تنفَعُهُ شَفَاعَتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَيُجْعَلُ فِي ضَحْضَاحٍ مِنَ النَّارِ، يَبْلُغُ كَعْبَيْهِ، يَغْلِي مِنْهُ أُمُّ دِمَاغِهِ".
السادس عشر:
(ضَحْضاح) بإعجام الضادين وإهمال الحاءين: ما رقّ من الماء على وجه الأرض إلى نحو الكعبين، فاستعير في النار، وعملُ الكافر وإن كان يوم القيامة هباءً، فانتفاع أبي طالب ليس بعمله؛ بل ذلك من خصائص النبي صلى الله عليه وسلم.
(أُمّ دماغه)؛ أي: أصلُه، وما به قوامه، وقيل: الهامة، وقيل: جُليدة رقيقة تحيط بالدماغ.
* * *
6565 -
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانةَ، عَنْ قتادَةَ، عَنْ أَنسٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "يَجْمَعُ اللهُ النَّاسَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيَقُولُونَ: لَوِ اسْتَشْفَعْنَا عَلَى رَبِّنَا حَتَّى يُرِيحَنَا مِنْ مَكَانِنَا، فَيَأْتُونَ آدَمَ فَيَقُولُونَ: أَنْتَ الَّذِي خَلَقَكَ اللهُ بِيَدِهِ، وَنَفَخَ فِيكَ مِنْ رُوحِهِ، وَأَمَرَ الْمَلَائِكَةَ فَسَجَدُوا لَكَ، فَاشْفَعْ لنا عِنْدَ رَبِّنَا، فَيَقُولُ: لَسْتُ هُنَاكُمْ، وَيَذْكُرُ خَطِيئتَهُ وَيَقُولُ: ائْتُوا نُوحًا، أَوَّلَ رَسُولٍ بَعَثَهُ اللهُ، فَيَأْتُونَهُ فَيقُولُ: لَسْتُ هُنَاكُمْ، وَيَذْكُرُ خَطِيئتَهُ، ائْتُوا إِبْرَاهِيمَ الَّذِي اتَّخَذَهُ اللهُ خَلِيلًا، فَيَأْتُونَهُ، فَيَقُولُ: لَسْتُ هُنَاكُمْ، وَيَذْكُرُ خَطِيئتَهُ، ائْتُوا مُوسَى الَّذِي كَلَّمَهُ اللهُ، فَيَأْتُونَهُ فَيَقُولُ: لَسْتُ هُنَاكُمْ، فَيَذْكُرُ خَطِيئتَهُ، ائْتُوا عِيسَى، فَيَأْتُونَهُ فَيَقُولُ: لَسْتُ هُنَاكُم، ائْتُوا مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم، فَقَدْ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ، فَيَأْتُونِي، فَأَسْتَأْذِنُ عَلَى رَبِّي، فَإذَا رَأَيْتُهُ وَقَعْتُ سَاجِدًا، فَيَدَعُنِي مَا شَاءَ اللهُ، ثُمَّ يُقَالُ: ارْفَعْ رَأْسَكَ، سَلْ تُعْطَهْ، وَقُلْ يُسْمَعْ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ، فَأَرْفَعُ رَأْسِي، فَأَحْمَدُ رَبِّي بِتَحْمِيدٍ يُعَلِّمُنِي، ثُمَّ أَشْفَعُ فَيَحُدُّ لِي حَدًّا، ثُمَّ أُخْرِجُهُمْ مِنَ النَّارِ، وَأُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ، ثُمَّ أَعُودُ فَأَقَعُ سَاجِدًا مِثْلَهُ فِي الثَّالِثَةِ أَوِ الرَّابِعَةِ، حَتَّى مَا بَقِيَ فِي النَّارِ إِلَّا مَنْ حَبَسَهُ الْقُرْآنُ"، وَكَانَ قتادَةُ يَقُولُ عِنْدَ هَذَا: أَيْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْخُلُودُ.
السابع عشر:
(جمع الله)؛ أي: في العَرَصات.
(لو) جوابها محذوف، أو هي للتمني.
(يريحنا) من الإراحة؛ أي: من الموقف وأهواله، ويفصل بين العباد.
(لسْتُ هُنَاكُمْ)؛ أي: ليس لي هذه المرتبة.
(خطيئته) هي في آدم: أكلُه من الشجرة، ولنوح: دعوتُه على قومه، ولإبراهيم: معاريضُه الثلاث، ولموسى: قتلُه القبطي، وإنما قالوه تواضعًا وهضمًا للنفس، وإلا فالحقيقة هم معصومون مُطلقًا.
(أول رسول)؛ لأن آدم، وإن قلنا: إنه أول رسول، إلا أن نوحًا أولُ رسول أنذرَ قومه بالعذاب، أو أول رسول له قوم.
(غضب) نسبتُه إلى الله تعالى مجاز عن إظهار إيصال العقاب، وإلا فحقيقته فيه محال.
(فيدعني)؛ أي: يتركني في السجود.
(تُشَفَّع) من التشفيع؛ أي: تقبل شفاعتك.
(حبسه القرآنُ)؛ أي: أخبر بخلوده؛ نحو: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ} [النساء: 48]، وقد سبق الحديث في (سورة بني إسرائيل).
* * *
6566 -
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ ذَكْوَانَ، حَدَّثَنَا أَبُو رَجَاءٍ، حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ رضي الله عنهما، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:
"يَخْرُجُ قَوْمٌ مِنَ النَّارِ بِشَفَاعَةِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم فَيَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ، يُسَمَّوْنَ الْجَهَنَّمِيِّينَ".
الثامن عشر:
عُلِمَ شرحه مما سبق.
* * *
6567 -
حَدَّثَنَا قتيْبَةُ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنسٍ: أَنَّ أُمَّ حَارِثَةَ أَتَتْ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَقَدْ هَلَكَ حَارِثَةُ يَوْمَ بَدْرٍ، أَصَابَهُ غَرْبُ سَهْمٍ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ! قَدْ عَلِمْتَ مَوْقِعَ حَارِثَةَ مِنْ قَلْبِي، فَإِنْ كَانَ فِي الْجَنَّةِ لَمْ أَبْكِ عَلَيْهِ، وَإِلَّا سَوْفَ تَرَى مَا أَصْنَعُ، فَقَالَ لَهَا:"هَبِلْتِ، أَجَنَّةٌ وَاحِدَةٌ هِيَ؟ إِنَّهَا جِنَان كَثِيرَةٌ، وَإِنَّهُ فِي الْفِرْدَوْسِ الأَعْلَى".
6568 -
وَقَالَ: "غَدْوَةٌ فِي سَبِيلِ اللهِ أَوْ رَوْحَة خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا، وَلَقَابُ قَوْسِ أَحَدِكُمْ أَوْ مَوْضعُ قَدَمٍ مِنَ الْجَنَّةِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا، وَلَوْ أَنَّ امْرَأَةً مِنْ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ اطَّلَعَتْ إِلَى الأَرْضِ، لأَضَاءَتْ مَا بَيْنَهُمَا، وَلَمَلأَتْ مَا بَيْنَهُمَا رِيحًا، وَلَنَصِيفُهَا -يَعْنِي الْخِمَارَ- خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا".
التاسع عشر:
(سهم غرب) بالإضافة والوصف؛ أي: غريبٌ لا يُدرى
من الرامي به.
قال (ش): إنه روي هنا: (غرب سهم) بالتنوين على البدل من غرب، والمحفوظ:(سهمٌ غربٌ) بالتنوين على النعت، وبفتح الراء وسكونها.
قال أبو زيد: بالفتح: إذا رمى شيئًا، فأصاب غيره، وبالسكون: إذا أتى السهم من حيث لا يدري، وقال الكسائي، والأصمعي: إنما هو: (سهم غرب) بفتح الراء مضاف: الذي لا يعرف راميه.
(قِدّه) بكسر القاف وشدة المهملة: السوط؛ لأنه يُقَدّ، أي: يُقطع طولًا، وقيل: موضع قِدِّه؛ أي: شِراكه، ويروى:(قدمه) بالميم والإضافة، ويروى:(قدم) بلا إضافة.
(ولنَصِيفُها) بفتح النون وكسر المهملة، وسبق الحديث أول (الجهاد).
* * *
6569 -
حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "لَا يَدْخُلُ أَحَدٌ الْجَنَّةَ إِلَّا أُرِيَ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ، لَوْ أَسَاءَ، لِيَزْدَادَ شُكْرًا، وَلَا يَدْخُلُ النَّارَ أَحَدٌ إِلَّا أُرِيَ مَقْعَدَهُ مِنَ الْجَنَّةِ، لَوْ أَحْسَنَ، لِيَكُونَ عَلَيْهِ حَسْرَةً".
العشرون:
(لو أساء)؛ أي: لو عَمِلَ عَمَلَ السوء، وصار من أهل جهنم،
والجنةُ وإن كانت دار جزاء لا دار شكر، فالمراد هنا: تلذُّذهم، أو لازم الشكر، وهو الرضا والفرح.
* * *
6570 -
حَدَّثَنَا قُتيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللهِ! مَنْ أَسْعَدُ النَّاسِ بِشَفَاعَتِكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ فَقَالَ: "لَقَدْ ظَنَنْتُ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ أَنْ لَا يَسْأَلنِي عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ أَحَدٌ أَوَّلُ مِنْكَ، لِمَا رَأَيْتُ مِنْ حِرْصِكَ عَلَى الْحَدِيثِ، أَسْعَدُ النَّاسِ بِشَفَاعَتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ خَالِصًا مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ".
الحادي والعشرون:
(مِنْ قِبَل نَفْسِه) بكسر القاف وفتح الموحدة؛ أي: من جهتها طوعًا ورغبة، ومرّ في (العلم) في (باب الحرص على الحديث).
* * *
6571 -
حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبِيدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنه قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "إِنِّي لأَعْلَمُ آخِرَ أَهْلِ النَّارِ خُرُوجًا مِنْهَا، وَآخِرَ أَهْلِ الْجَنَّةِ دُخُولًا، رَجُلٌ يَخْرُجُ مِنَ النَّارِ كَبْوًا، فَيَقُولُ اللهُ اذْهَبْ فَادْخُلِ الْجَنَّةَ، فَيَأْتِيهَا فَيُخَيَّلُ إِلَيْهِ أنَّهَا مَلأَى، فَيَرْجِعُ فَيَقُولُ: يَا رَبِّ وَجَدْتُهَا مَلأَى، فَيَقُولُ اذْهَبْ فَادْخُلِ
الْجَنَّةَ فَيَأْتِيهَا فَيُخَيَّلُ إِلَيْهِ أنَّهَا مَلأَى، فَيَرْجِعُ فَيَقُولُ: يَا رَبِّ وَجَدْتُهَا مَلأَى، فَيَقُولُ: اذْهَبْ فَادْخُلِ الْجَنَّةَ، فَإِنَّ لَكَ مِثْلَ الدُّنْيَا وَعَشَرَةَ أَمْثَالِهَا أَوْ إِنَّ لَكَ مِثْلَ عَشَرَةِ أَمْثَالِ الدُّنْيَا، فَيَقُولُ تَسْخَرُ مِنِّي، أَوْ تَضْحَكُ مِنِّي وَأَنْتَ الْمَلِكُ"، فَلَقَدْ رَأَيتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم ضَحِكَ حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ، وَكَانَ يُقَالُ: ذَلِكَ أَدْنَى أَهْلِ الْجَنَّةِ مَنْزِلَةً.
الثاني والعشرون:
(حَبْوًا) بفتح المهملة وسكون الموحدة: المشي على اليدين، أو على الإست، ويروى:(كبوًا).
(عشرة أمثال الدنيا) وجهُ الجمع بينه وبين {عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ} [الحديد: 21]: أن ذلك مذكور تمثيلًا للسَّعَة على قدر فهمنا، وإلا فعرضُها حقيقة لا يحيط به إلا اللهُ تعالى.
(تسخر مِنِّي) إطلاق نسبة مثل هذه المعاني إلى الله تعالى المرادُ به: لوازمُها من الإهانة ونحوها.
(وكان يقال) إلى آخره، ليس من تتمة كلام النبي صلى الله عليه وسلم؛ بل من كلام الراوي نقلًا عن الصحابة أو أمثالهم من أهل العلم.
* * *
6572 -
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ نوفَلٍ، عَنِ الْعَبَّاسِ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: هَلْ