الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
2 - باب حُكْمِ الْمُرْتَدِّ وَالْمُرْتَدَّةِ وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ وَالزُّهْرِيُّ وَإِبْرَاهِيمُ: تُقْتَلُ الْمُرْتَدَّةُ، وَاسْتِتَابَتِهِمْ
وَقَالَ اللهُ تَعَالَى: {كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْمًا كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ وَشَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وَجَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (86) أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (87) خَالِدِينَ فِيهَا لَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ (88) إلا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (89) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الضَّالُّونَ} ، وَقَالَ:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ} ، وَقَالَ:{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلًا} ، وَقَالَ:{مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ} ، {وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (106) ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّوا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَةِ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ (107) أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ (108) لَا جَرَمَ}: يَقُولُ: حَقًّا {أَنَّهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْخَاسِرُونَ} إِلَى قَوْلِهِ: {إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ} ، {وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ
عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}.
(باب: حكم المرتدِّ والمرتدَّة)
قوله: (واستتابتهم) عطف على حكم؛ والآيات تشمل المرتد والمرتدة؛ لعموم (مَن) لهما.
* * *
6922 -
حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ: أُتِيَ عَلِيُّ رضي الله عنه بِزَنَادِقَةٍ فَأَحْرَقَهُمْ، فَبَلَغَ ذَلِكَ ابْنَ عَبَّاسٍ فَقَالَ: لَوْ كُنْتُ أَنَا لَمْ أُحْرِقْهُمْ؛ لِنَهْيِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَلَقتَلْتُهُمْ لِقَوْلِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم:"مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوه".
الحديث الأول:
(بزنادقة) جمع زنديق، قيل: هو من يُبطِن الكفر ويُظهر الإسلام؛ كالمنافق، وقيل: هم قوم من الثنوية القائلين بالخالِقَيْن، وقيل: مَنْ لا دينَ له، وقيل: يتبع كتاب زَرَادَشْت المسمى بالزَنْد، وقيل: الذين أحرقهم علي رضي الله عنه، كانوا عبدة الأوثان.
وقال أبو المظفر الإسفراييني في كتاب "التبصرة": هم طائفة من الروافض تُدْعَى السَّبَئِيّة، ادعوا أن عليًّا إلهٌ، وكان رئيسهم عبد الله بن سَبَأ -بالمهملة والموحدة الخفيفة-، وكان أصلُه يهوديًّا.
ثم ظاهرُ الحديث: أن المرتد والمرتدة لا يجب استتابتهما، فقيل: تجِبُ، وقيل: لا تجب، وقيل: تُستحب، وفي قدرها خلاف؛ وكذا في المرأة هل هي كالرجل؟ وفي أنه إذا تاب، هل تُسقِط توبته القتلَ، أو لا؛ بل تنفعه عند الله تعالى فقط؟
مرّ الحديث في (الجهاد).
* * *
6923 -
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ قُرَّةَ بْنِ خَالِدٍ، حَدَّثَنِي حُمَيْدُ بْنُ هِلَالٍ، حَدَّثَنَا أَبُو بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ: أَقْبَلْتُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَمَعِي رَجُلَانِ مِنَ الأَشْعَرِيِّينَ، أَحَدُهُمَا عَنْ يَمِينِي، وَالآخَرُ عَنْ يَسَارِي، وَرَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَسْتَاكُ، فَكِلَاهُمَا سَأَلَ، فَقَالَ:"يَا أَبَا مُوسَى! "، أَوْ:"يَا عَبْدَ اللهِ بْنَ قَيْسٍ! "، قَالَ: قُلْتُ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ، مَا أَطْلَعَانِي عَلَى مَا فِي أَنْفُسِهِمَا، وَمَا شَعَرْتُ أَنَّهُمَا يَطْلُبَانِ الْعَمَلَ، فَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى سِوَاكِهِ تَحْتِ شَفَتِهِ قَلَصَتْ، فَقَالَ:"لَنْ"، أَوْ:"لَا نَسْتَعْمِلُ عَلَى عَمَلِنَا مَنْ أَرَادَهُ، وَلَكِنِ اذْهَبْ أَنْتَ، يَا أَبَا مُوسَى! "، أَوْ:"يَا عَبْدَ اللهِ بْنَ قَيْسٍ! إِلَى الْيَمَنِ"، ثُمَّ أَتْبَعَهُ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، فَلَمَّا قَدِمَ عَلَيْهِ ألقَى لَهُ وِسَادَةً، قَالَ: انْزِلْ، وَإِذَا رَجُلٌ عِنْدَهُ مُوثَقٌ، قَالَ: مَا هَذَا؟ قَالَ: كَانَ يَهُودِيًّا فَأَسْلَمَ، ثُمَّ تَهَوَّدَ، قَالَ: اجْلِسْ، قَالَ: لَا أَجْلِسُ حَتَّى يُقْتَلَ، قَضَاءُ اللهِ وَرَسُولِهِ، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، فَأَمَرَ بِهِ فَقُتِلَ، ثُمَّ تَذَاكَرْناَ قِيَامَ اللَّيْلِ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا: أَمَّا أَنَا
فَأَقُومُ وَأَنَامُ، وَأَرْجُو فِي نَوْمَتِي مَا أَرْجُو فِي قَوْمَتِي.
الثاني:
(سأل)، أي: في العمل والولاية.
(ما في أنفسهما)، أي: داعية الاستعمال.
(قَلَصَتْ)، أي: انزوت، ويقال أيضًا: قلص: ارتفع.
(لن أو لا) هو شَكٌّ من الراوي.
(قدم)، أي: مُعاذٌ على أبي موسى.
(قضاء الله) خبر مبتدأ؛ أي: هذا حكم الله، قالها (ثلاث مرات)، أي: تأكيدًا أو تقريرًا.
(أحدهما) هو مُعاذ كما سبق في (باب بعث مُعاذ، وأبي موسى إلى اليمن)، وغير ذلك من المباحث.
(وأَرجو) إلى آخره؛ أي: أرجو أنّ في نومي نيةَ إجمامِ النفسِ للعبادة، وتنشيطها للطاعة الأجرَ.
(قومتي) بالقاف؛ أي: صلاتي.
وفيه: إكرامُ الضيف، وتركُ سؤال الولاية؛ لأن فيه تهمة، وحرصًا، ويوكَل إليها، ولا يُعان عليها، فينجرُّ إلى تضييع الحقوق؛ لعجزه عنها.
* * *