الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بسم الله الرحمن الرحيم
89 -
كَتِابُ استِتَابَةِ المُرتَدِّينَ وَالمعَانِدينَ وَقتَالِهمْ وَإِثْم مَنْ أَشْرَكَ بِاللهِ، وَعُقُوَبِتِه في الدُّنَيا وَالآخِرَةِ
1 - قَالَ اللهُ تَعَالَى: {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} ، {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ}
(كتاب استتابة المرتدين)
(باب: إثم من أشرك بالله)
6918 -
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنه قَالَ: لَمَّا نزَلَتْ هَذ الآيَةُ: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} ، شَقَّ ذَلِكَ عَلَى أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَقَالُوا: أَيُّنَا لَمْ يَلْبِسْ إِيمَانَهُ بِظُلْمٍ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إنَّهُ لَيْسَ بِذَاكَ، أَلَا تَسْمَعُونَ إِلَى قَوْلِ لُقْمَانَ: {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ}؟ ".
الحديث الأول:
(ليس بذلك)، أي: بالظلم مطلقًا؛ بل المراد به: ظلمٌ عظيمٌ،
يدل عليه التنوين، وهو الشرك، ووجهُ اجتماع الإيمان والشرك: أنه كما في الذين قالوا: {هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ} [يونس: 18]، وسبق في (الإيمان) أول "الجامع".
* * *
6919 -
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، حَدَّثَنَا الْجُرَيْرِيُّ، وَحَدَّثَنِي قَيْسُ بْنُ حَفْصٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا سَعِيدٌ الْجُرَيْرِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرَةَ، عَنْ أَبِيهِ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "أَكْبَرُ الْكَبَائِرِ: الإشْرَاكُ بِاللهِ، وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ، وَشَهَادَةُ الزُّورِ، وَشَهَادَةُ الزُّورِ -ثَلَاثًا- أَوْ قَوْلُ الزُّورِ"، فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا حَتَّى قُلْنَا: لَيْتَهُ سَكَتَ.
الثاني:
(الكبائر) سبق أن من أكبر الكبائر: القتل؛ وكذا الزّنا، ولا منافاة؛ فإنه صلى الله عليه وسلم يتكلم في كل مكان بمقتضى المقام، وبما يناسب المخاطَب، فمن يجترئ على شيء، يخاطبه بأنه أكْبَرُ؛ زجرًا له.
(ليته) إنما تمنّوا سكوته، مع أن حديثه لا يمل؛ لإرادة استراحته، سبق في (الأدب).
* * *
6920 -
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ الله،
أَخْبَرَنَا شَيْبَانُ، عَنْ فِرَاسٍ، عَنِ الشَّعْبِي، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما قَالَ: جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ! مَا الْكَبَائِرُ؟ قَالَ: "الإِشْرَاكُ بِاللهِ"، قَالَ: ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ: "ثُمَّ عُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ"، قَالَ ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ:"الْيَمِينُ الْغَمُوسُ"، قُلْتُ: وَمَا الْيَمِينُ الْغَمُوسُ؟ قَالَ: "الَّذِي يَقْتَطِعُ مَالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ هُوَ فِيهَا كَاذِبٌ".
الثالث:
(الإشراك) وجهُ الجواب به، وهو مفرد عن السؤال عن الجمع: أن السائل فهم أنه يجيبه بمتعدد؛ لكن بمعرفة الترتيب فيه، فلذلك قال: ثم ماذا؟ أو يقدر في السؤال كلمة: أكبر، فيكون على حذف مضاف، وذكرُه العقوقَ بعد الإشراك، وفي أول (كتاب الديات) ذكرَ بعده قتلَ الولد؛ جوابُه: ما تقدم أنه بحسب المقام.
(الغَمُوس)، لأنها تغمس صاحبها في الإثم، أو في النار.
(يقتطع)، أي: يأخذ قطعة من ماله، وهو على سبيل المثال، وأما حقيقته، فهو اليمين الكاذبة التي يتعمدها صاحبها عالمًا.
(قلت) إما من مقول عبد الله، أو بعضِ الرواة عنه.
* * *
6921 -
حَدَّثَنَا خَلَّادُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، وَالأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَجُلٌ:
يَا رَسُولَ اللهِ! أَنُؤَاخَذُ بِمَا عَمِلْنَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ؟ قَالَ: "مَنْ أَحْسَنَ فِي الإِسْلَامِ لَمْ يُؤَاخَذْ بِمَا عَمِلَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَمَنْ أَسَاءَ فِي الإِسْلَامِ أُخِذَ بِالأَوَّلِ وَالآخِرِ".
الرابع:
(بالأول والآخر) قال (خ): ظاهره خلافُ ما اجتمع عليه الأُمة من أن الإسلام يَجُبُّ ما قبله؛ أي: كما في أول هذا الحديث، وقال تعالى:{إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} [الأنفال: 38]، فتأويلُه: أنه يُعَيّر بما كان منه في الكفر، ويبكّت به، يقال له: أليس قد فعلتَ كيتَ وكيتَ، وأنت كافر، فهلَّا منعك إسلامُك من معاودة مثله إذْ أسلمتَ؟! ثم يعاقَب على المعصية التي اكتسبها في الإسلام، لا الذي كان في الكفر.
وقيل: المراد بالإشارة في هذا الحديث: الردة.
وقال القرطبي: يعني بالإحسان: الإخلاصَ في الإسلام حين دخوله، والدوامَ على ذلك إلى حين وفاته، والإساءة فيه ضد ذلك؛ فإنه إذا لم يخلص بباطنه في إسلامه، كان منافقًا، ولا ينهدم عليه ما عمل به في الجاهلية؛ إنما ينهدم بالإسلام الخالص، فينضاف نفاقُه المتأخِّر إلى كفره المتأخر، فيكون مع المنافقين في الدَّرْكِ الأسفلِ من النار.
* * *