الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يَكْرَهُ، فَإِنَّمَا هِيَ مِنَ الشَّيْطَانِ، فَلْيَسْتَعِذْ مِنْ شَرِّهَا، وَلَا يَذْكُرْهَا لأَحَدٍ، فإنَّهَا لَنْ تَضُرَّهُ".
الثاني:
(وليحدِّثْ بها)؛ أي: من يُحِبُّ، وإلَّا، فربما حملها المبغِض على مكروه، فيحصل له في الحال حُزن، وإن لم يقع ما قال.
(من الشيطان) سبق بيانه قريبًا.
* * *
47 - باب مَنْ لَمْ يَرَ الرُّؤْيَا لأوَّلِ عَابِرِ إِذَا لَمْ يُصِبْ
(باب: من لم ير الرؤيا لأول عابر)
وذلك؛ لأن المعتبر في أقوال العابرين قولُ العابر الأولِ؛ أي: إذا كان مُصيبًا في وجه العبارة، أما إذا لم يُصب، فلا؛ إذ المدارُ على إصابة الصواب، فمعنى الترجمة: باب: من لم يعتقد أن تفسير الرؤيا هو للعابر الأول إذا كان مخطئًا، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم للصديق رضي الله عنه:"أَخْطَأْتَ بَعْضًا".
7046 -
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ يُونس، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما كَانَ يُحَدِّثُ: أَنَّ رَجُلًا أتى رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: إِنِّي رَأَيْتُ اللَّيْلَةَ فِي
الْمَنَامِ ظُلَّةً تَنْطُفُ السَّمْنَ وَالْعَسَلَ، فَأَرَى النَّاسَ يَتَكَفَّفُونَ مِنْهَا، فَالْمُسْتكْثِرُ وَالْمُسْتَقِلُّ، وَإِذَا سَبَبٌ وَاصِلٌ مِنَ الأَرْضِ إِلَى السَّمَاءِ، فَأَرَاكَ أَخَذْتَ بِهِ فَعَلَوْتَ، ثُمِّ أَخَذَ بِهِ رَجُلٌ آخَرُ فَعَلَا بِهِ، ثُمَّ أَخَذَ بِهِ رَجُلٌ آخَرُ فَعَلَا بِهِ، ثُمَّ أَخَذ بِهِ رَجُلٌ آخَرُ فَانْقَطَعَ ثُمَّ وُصِلَ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَا رَسُولَ اللهِ! بابِي أَنْتَ، وَاللهِ لتدَعَنِّني فَأَعْبُرَهَا، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"اعْبُرْ"، قَالَ: أَمَّا الظُّلَّةُ فَالإسْلَامُ، وَأَمَّا الَّذِي يَنْطُفُ مِنَ الْعَسَلِ وَالسَّمْنِ فَالْقُرْآنُ حَلَاوَتُهُ تنطُفُ، فَالْمُسْتكْثِرُ مِنَ الْقُرْآنِ وَالْمُسْتَقِلُّ، وَأَمَّا السَّبَبُ الْوَاصِلُ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الأَرْضِ فَالْحَقُّ الَّذِي أَنْتَ عَلَيْهِ، تأْخُذُ بِهِ فَيُعْلِيكَ اللهُ، ثُمَّ يَأْخُذُ بِهِ رَجُلٌ مِنْ بَعْدِكَ فَيَعْلُو بِهِ، ثُمَّ يَأْخُذ رَجُلٌ آخَرُ فَيَعْلُو بِهِ، ثُمَّ يَأْخُذُهُ رَجُلٌ آخَرُ فَيَنْقَطِعُ بِهِ، ثُمَّ يُوَصَّلُ لَهُ فَيَعْلُو بِهِ، فَأَخْبِرْنِي، يَا رَسُولَ اللهِ! بابِي أَنْتَ، أَصَبْتُ أَمْ أَخْطَأْتُ؟ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"أَصَبْتَ بَعْضًا، وَأَخْطَأْتَ بَعْضًا"، قَالَ: فَوَاللهِ لتُحَدِّثَنِّي بِالَّذِي أَخْطَأْتُ، قَالَ:"لَا تُقْسِمْ".
(ظُلَّة) بالضم؛ أي: السحابة.
(تَنطف) بالضم والكسر: تقطر.
(يتكففون) يأخذون بالأَكُفِّ، ويبسطونها للأخذ.
(فالمستكثر)؛ أي: فمنهم المستكثرُ في الأخذ، ومنهم المستقلُّ.
(سبب)؛ أي: حبل.
(واصل) من الوصول، قيل: إنه بمعنى موصول؛ كـ:
{فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ} [الحاقة: 21].
(بأبي)؛ أي: مُفَدًّى بأبي أنت.
(لتدعني)؛ أي: تتركني.
(فينقطع) مبني للفاعل، وفي بعضها للمفعول، يقال: انقطع به -بالبناء للمجهول-: إذا عجز عن سفره، والذي انقطع به، ووصل له هو عُمر؛ لأنه لما قتل، وصل له بأهل الشورى، وبعثمان.
(وأخطأت بعضًا) قيل: فيه تعيين الخطأ في تعبيره عن الشيئين -السمن والعسل- بالشيء الواحد وهو القرآن، وكان حقُّهُ أن يعبرهما بالكتاب والسُّنَّة؛ لأنها بيانُ الكتاب الذي أُنزل عليه، وبهما تتم الأحكام كتمام اللذة بهما، وقيل: الخطأ هو التعبير بحضرته صلى الله عليه وسلم، وقيل: هو ذكر ثم يوصل له؛ إذ ليس في الرؤيا إلا الوصل، وقد يكون لغيره، فكان ينبغي أن يقف حيث وقفت الرؤيا، ويقول: ثم يوصل، ولا يقول له (1). وقيل: الخطأ سؤالُه لتعبيرها، وإنما ساغ التبيينُ لهذه الأقوال، وهو صلى الله عليه وسلم لم يبين جهة الخطأ؛ لأنها احتمالات لا جزمَ فيها، أو لو بين، لكان يلزم مفاسد للناس.
(لا تُقْسِمْ) إن قيل: قد أمر صلى الله عليه وسلم بإبرار القسم! قيل: مخصوص بما إذا لم يكن ثَمَّ مفسدةٌ، وهنا لو أبَرَّهُ، لزم مفاسد، منها: بيانُ مقتل عُثمان ونحوه، أو بما يجوز الاطلاع عليه؛ بأن لا يكون من أمر الغيب
(1)"له" ليس في الأصل.