الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(من كذا)؛ أي: من الجنس الفلاني، وهذا الرجل قيل اسمه: هنّاد -بالنون والمهملة-، وقيل: جُهينة، يقول أهلُ الجنة: سلوه: هل بقي في النار من المؤمنين أحد؟ فعند جُهينة الخبر اليقين.
(وعشرة أمثاله) وجهُ الجمع بين هذا وبين رواية: (ومثله معه): أنه أخبر أولًا بالمثل، ثم أخبره بتفصيله بالعشرة.
وفيه: وقوعُ الرؤية يوم القيامة، والعبور على الصراط، وفضل السجود، وخروج العاصي من النار، وتأنيس الله ولطفُه بعبده المؤمن، حتى صدر منه هذا الإدلال، وبيانُ كرم أكرم الأكرمين، وجوازُ نقض العهد بما هو أفضلُ كأنه من باب:"مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا"، وسبق الحديث في (الصلاة) في (فضل السجود).
* * *
53 - باب فِي الْحَوْضِ
وَقَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} ، وَقَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ زيدٍ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "اصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْنِي عَلَى الْحَوْضِ".
(كتاب الحوض)
أي: الذي لنبينا صلى الله عليه وسلم على باب الجنة، يُسقى المؤمنون منه، وهو
مخلوق اليوم، وأحاديثُه متواترة في المعنى، والإيمانُ به واجبٌ، وهو الكوثر.
(وقال عبد الله) موصول في (المناقب).
* * *
6575 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ شَقِيقٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:"أَنَا فَرَطُكُمْ عَلَى الْحَوْضِ".
الحديث الأول:
(فَرَطكمْ) بفتح الراء؛ أي: سابقكم، والفَرَط: هو المتقدم على الواردين ليصلحَ لهم الحِياض والدلاءَ، وتهيئة الماء.
ففيه: بشارةٌ لهذه الأُمة، فهنيئًا لمن كان صلى الله عليه وسلم فَرَطَه.
* * *
6576 -
وَحَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الْمُغِيرَةِ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"أَنَا فَرَطُكُمْ عَلَى الْحَوْضِ، وَلَيُرْفَعَنَّ رِجَالٌ مِنْكُمْ، ثُمَّ لَيُخْتَلَجُنَّ دُونِي، فَأَقُولُ: يَا رَبِّ! أَصْحَابِي، فَيُقَالُ: إِنَّكَ لَا تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ".
تَابَعَهُ عَاصِمٌ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، وَقَالَ حُصَيْنٌ: عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.
الثاني:
(لَيُخْتَلَجُنّ) بالبناء للمفعول؛ أي: يُعْدَلُ بهم عن الحوض، ويُجْذَبون من عنده، وهم إما المرتدون، أو العصاة.
(تابعه عاصم) وصله الحارثُ بنُ أبي أُسامةَ في "مسنده".
(وقال حُصين) وصله مسلم.
* * *
6577 -
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ، حَدَّثَنِي نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"أَمَامَكُمْ حَوْضٌ كَمَا بَيْنَ جَرْبَاءَ وَأَذْرُحَ".
الثالث:
(جَرْبا) بفتح الجيم وسكون الراء وبالموحدة، مقصور عند الجمهور: البكريِّ، وغيره، وفي بعضها ممدود.
(وأَذْرُح) بهمزة مفتوحة ومعجمة ساكنة وراء مضمومة وحاء مهملة. في "مسلم": قال عُبيد الله: فسألتهُ؟ فقال: قريتان بالشام بينهما مسيرةُ ثلاثة ليال، انتهى.
واستشكل بأمرين:
أحدهما: أن هذين موضعان بقرب بيت المقدس بينهما مسيرة ساعة تقريبًا، والتشبيه في البعد بساعة مباينٌ لمقام المبالغة في البعد.
والثاني: ورد رواية: (كَمَا بَيْنَ المَدِينَةِ وَصَنْعَاءَ).
وأُجيب عن الأول: بأن فيه اختصارًا، وأصلُه: كما بين المدينة، وجربا وأذرح؛ أي: لأنهما في حكم موضع واحد، ولهذا يستعملان مقارنين كماه، وجور والقدس، والخليل، وصرح بذلك في رواية الدراقطني، وهي:(ما بين ناحيتي حوضي كما بين المدينة وجربا وأذرح).
قال (ك): أو أن المبالغة حاصلةٌ في مسير ساعة؛ لأن السَّعة أمرٌ إضافي يختلف باختلاف المقامات، أو كان في الأول هذا المقدار، ثم زاد الله من فضله عليه. ويحتمل أن لا يكون وجه التشبيه بيانَ طولِ الحوض، وعرضِه؛ بل المشابهةُ في الأمامية؛ أي: كما أن ما بينهما يعني المسجد الأقصى أمامي مقارنًا لما بينهما، وفي بعض النسخ لفظة:(بين) مفقودة.
وعن الثاني: أن هذا التشبيه في البعد لمَّا كان على جهة التمثيل، وبعد أقطار الحوض، خاطب صلى الله عليه وسلم أهلَ كلِّ جهة بما يعرفون من المواضع، وما يعدُّونه بعيدًا.
* * *
6578 -
حَدَّثَنِي عَمْرُو بن محَمَّدٍ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، أَخْبَرَنَا أَبُو بِشْرٍ، وَعَطَاءُ بن السَّائِبِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَال: الْكَوْثَرُ الْخَيْرُ الْكَثِيرُ الَّذِي أَعْطَاهُ الله إِيَّاهُ، قَالَ أَبُو بِشْرٍ: قُلْتُ لِسَعِيدٍ: إِنَّ أُنَاَسًا يَزْعُمُونَ أنَّه نهرٌ فِي الْجَنَّةِ، فَقَالَ سَعِيدٌ: النَّهَرُ الَّذِي فِي الْجَنَّةِ مِنَ الْخَيْرِ الَّذِي أَعْطَاهُ الله إِيَّاهُ.
الرابع:
عرف مما سبق.
* * *
6579 -
حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، حَدَّثَنَا نَافِعُ بْنُ عُمَرَ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرٍو: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "حَوْضِي مَسِيرَةُ شَهْرٍ، مَاؤُهُ أَبْيَضُ مِنَ اللَّبَنِ، وَرِيحُهُ أَطْيَبُ مِنَ الْمِسْكِ، وَكِيزَانُهُ كنُجُومِ السَّمَاءِ، مَنْ شَرِبَ مِنْهَا فَلَا يَظْمَأُ أَبَدًا".
الخامس:
(أبيض)؛ أي: أشد بياضًا، ففيه: مجيء أَفْعَلِ التفضيلِ من اللون، وهو قولُ الكوفيين، وربما نُقل عنهم تخصيصُه بالسواد؛ لأنهما الأصل، وسائرُ الألوان مركبةٌ منهما، والبصريون يوجبون التوصل بأشدّ ونحوه، فيقولون: أشدّ بياضًا من كذا، ويشهد للكوفيين قوله:
جارية في دِرْعِهَا الفَضْفَاضِ
…
أَبْيَضُ مِنْ أُخْتِ بَنِي أَبَاضِ
وجعله ابنُ مالك من المحكوم بشذوذه، وقال غيره: ليس من التفضيل؛ بل بمعنى: مبيضّ.
* * *
6580 -
حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ يُونُسَ قَالَ: ابْنُ شِهَابٍ: حَدَّثَنِي أَنسُ بْنُ مَالِكٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم -
قَالَ: "إِنَّ قَدْرَ حَوْضِي كَمَا بَيْنَ أَيْلَةَ وَصَنْعَاءَ مِنَ الْيَمَنِ، وَإِنَّ فِيهِ مِنَ الأَبَارِيقِ كَعَدَدِ نُجُومِ السَّمَاءِ".
السادس:
(أَيْلَة) بفتح الهمزة وسكون الياء وفتح اللام: مدينة آخر الحجاز وأول الشام.
(وَصنْعَاء) بفتح المهملة الأولى: بلدة باليمن.
والجمعُ بين هذه الأحاديث ما سبق قريبًا، وقيل: ليس في القليل منعه للكثير، فلا تعارض.
* * *
6581 -
حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.
وَحَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثنا هَمَّامٌ، حَدَّثَنَا قتَادَةُ، حَدَّثَنَا أَنسُ ابْنُ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"بَينَمَا أَنَا أَسِيرُ فِي الْجَنَّةِ إِذَا أَنَا بِنَهَرٍ حَافَتَاهُ قِباب الدُّرِّ الْمُجَوَّفِ، قُلْتُ: مَا هَذَا يَا جِبْرِيلُ؟ قَالَ: هَذَا الْكَوْثَرُ الَّذِي أَعْطَاكَ رَبُّكَ، فَإِذَا طِينُهُ، أَوْ طِيبُهُ مِسْكٌ أَذْفَرُ"، شَكَّ هُدْبَةُ.
السابع:
(شهر) لا ينافي كونَهُ حوضًا؛ لإمكان اجتماعهما.
(حافتاه) بتخفيف الفاء: جانباه.
(أذفر) بمعجمة وفاء وراء: الشديد الرائحة، الجيد في الغاية.
(شكَّ هُدْبة)؛ أي: في أنه بموحدة، أو بنون.
* * *
6582 -
حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا وُهيْبٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ، عَنْ أَنسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"لَيَرِدَنَّ عَلَيَّ ناَسٌ مِنْ أَصحَابِي الْحَوْضَ، حَتَّى عَرَفْتُهُمُ اخْتُلِجُوا دُوني، فَأقولُ: أَصحَابِي، فَيقولُ: لَا تَدرِي مَا أَحْدَثُوا بَعدَكَ".
الثامن:
سبق شرحه.
6583 -
حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُطَرِّفٍ، حَدَّثَنِي أَبُو حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعدٍ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "إِنِّي فَرَطُكُم عَلَى الْحَوْضِ، مَنْ مَرَّ عَلَيَّ شَرِبَ، وَمَنْ شَرِبَ لَمْ يَظْمَأ أَبَدًا، لَيَرِدَنَّ عَلَيَّ أَقْوَامٌ أَعْرِفُهمْ ويعرِفُوني، ثُمَّ يُحَالُ بَيني وَبَيْنَهُم".
6584 -
قَالَ أَبُو حَازِمٍ: فَسَمِعَنِي النُّعمَانُ بْنُ أَبِي عَيَّاشٍ، فَقَالَ: هكَذَا سَمِعتَ مِنْ سَهْلٍ؟ فَقُلْتُ: نعم، فَقَالَ: أَشْهدُ عَلَى أَبِي سَعِيدٍ الْخُدرِيِّ لَسَمِعتُهُ وَهْوَ يَزِيدُ فِيها: "فَأقولُ إِنَّهم مِنِّي، فَيُقَالُ:
إِنَّكَ لَا تدرِي مَا أَحدَثُوا بَعْدَكَ، فَأقولُ: سُحْقًا سُحقًا لِمَنْ غَيَّرَ بَعدِي"، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: سُحقًا بُعدًا، يُقَالُ: سَحِيقٌ بَعِيدٌ، وَأَسْحَقَهُ أَبْعَدَهُ.
التاسع:
(لم يظمأ)؛ أي: لم يعطش.
وفيه: أن الشرب منه يكون بعد الحساب والنجاة من النار، وأن المارين عليه كلهم يشربون، وإنما يمنع من يذاد عنه، فلا يصر عليه.
(سحقًا)؛ أي: بعدًا، وكرر للتأكد، وهو نصب على المصدر، وهذا مشعر بأنهم مرتدون عن الدّين؛ لأنه يشفع للعصاة، ويهتم بأمرهم، ولا يقول لهم مثل ذلك.
* * *
6585 -
وَقَالَ أَحمَدُ بْنُ شَبِيبِ بْنِ سَعِيدٍ الْحَبَطِيُّ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ يُونس، عَنِ ابْنِ شِهابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أنَّهُ كَانَ يُحَدِّثُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "يَرِدُ عَلَيَّ يَومَ الْقِيَامَةِ رَهْطٌ مِنْ أَصحَابِي، فَيُحَلَّؤُنَ عَنِ الْحَوْضِ، فَالولُ: يَا رَبِّ! أَصحَابِي، فَيقُولُ: إِنَّكَ لَا عِلْمَ لَكَ بِمَا أَحدَثُوا بَعدَكَ، إِنَّهُمُ ارتَدُّوا عَلَى أَدبَارِهِمُ الْقَهْقَرَى".
(وقال أحمد بن شبيب) بفتح المعجمة وبموحدة مكررة، وصله
أبو عَوانة في "صحيحه"، والإسماعيلي.
(فَيُحَلَّؤُون) بمهملة وهمز: من التَّحْلِئَة، وهو المنع، يقال: حَلَّأهَ عن الماء: طرده.
قال (ك): وفي بعضها بالمعجمة.
* * *
6586 -
حَدَّثَنَا أَحمَدُ بْنُ صَالحٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَني يُونس، عَنِ ابْنِ شِهابٍ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ: أَنَّهُ كَانَ يُحَدِّثُ عَنْ أَصحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "يَرِدُ عَلَى الْحَوْضِ رِجَالٌ مِنْ أَصحَابِي، فَيُحَلَّؤُنَ عَنْهُ، فَأقُولُ: يَا رَبِّ! أصحَابِي، فيقُولُ: إِنَّكَ لَا عِلْمَ لَكَ بِمَا أَحدَثُوا بَعدَكَ، إِنَّهُمُ ارتَدُّوا عَلَى أَدبَارِهِمُ الْقَهْقَرَى"، وَقَالَ شُعَيْبٌ: عَنِ الزُّهْرِيِّ: كَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يُحَدِّثُ عَنِ النَّبِي صلى الله عليه وسلم: فَيُجْلَونَ، وَقَالَ عُقَيلٌ: فَيُحَلَّؤُنَ، وَقَالَ الزُّبَيدِيُّ: عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ أَبِي رَافع، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.
(وقال شعيب) وصله الذُّهْلِي في "الزُّهْرِيات".
(عن الزهريّ: كان أبو هريرة) سيأتي أنه روى ذلك عنه بواسطتين؛ فالظاهر أن هذا فيه انقطاع؛ لأن الزُّهْري عند وفاة أبي هريرة كان عمره ست سنين، أو سبع.
(فيجْلون)؛ أي -بالجيم الساكنة- من جلا القومُ عن منازلهم؛ أي: خرجوا، وأجلَى لغةٌ.
(وقال عُقَيل) وصله الذُّهْلي أيضًا في "الزُّهْريات".
(فيحلؤون)؛ أي: -بحاء مهملة-.
(وقال الزُّبَيدي) وصله الذُّهْلِي أيضًا، والدارقطني في "الأفراد".
(عن عبيد بن أبي رافع) هذا هو الصواب كما قال الغساني، وما في بعض النسخ من كونه مُكبرًا وَهْمٌ.
العاشر:
(عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم) لا يضر إبهامُهم؛ لأن الكلَّ عدول.
* * *
6587 -
حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْح، حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ: حَدَّثَنِي هِلَالٌ، عَنْ عَطَاء بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"بَيْنَا أَنَا قَائِمٌ إِذَا زُمْرَةٌ، حَتَّى إِذَا عَرَفْتُهُم خَرَجَ رَجُلٌ مِنْ بَيْني وَبَينهِم، فَقَالَ: هلُمَّ، فَقُلْتُ: أَيْنَ؟ قَالَ: إِلَى النَّارِ وَاللهِ، قُلْتُ: وَمَا شَأنهم؟ قَالَ: إِنَّهُمُ ارتَدُّوا بعدَكَ عَلَى أَدبَارِهِمُ الْقَهْقَرَى، ثُمَّ إِذَا زُمرَةٌ حَتَّى إِذَا عَرَفْتُهم خَرَجَ رَجُلٌ مِنْ بَيْني وَبَيْنهم، فَقَالَ: هلُمَّ، قُلْتُ: أَيْنَ؟ قَالَ: إِلَى النَّارِ وَاللهِ، قُلْتُ: مَا شَأْنهم؟ قَالَ: إِنَّهُمُ ارتَدُّوا بَعدَكَ عَلَى أَدبَارِهِمُ الْقَهْقَرَى، فَلَا أُرَاهُ يَخْلُصُ مِنْهُم إِلَّا مِثْلُ همَلِ النَّعَم".
الحادي عشر:
(هَلُمَّ)؛ أي: تعالَوْا، وهو خطاب للزمرة، وهو على لغة من لا يقول: هلمَّا، وهلمُّوا، والظاهر أن هذا الرجل مَلَكٌ على صورة إنسان.
(هَمَل) بفتحتين؛ أي: لا يزال هملًا، لا يتعهد، ولا يرعى حتى يضيع ويهلك؛ أي: لا يخلص منهم من النار إلا قليلًا، وهو مشعر بأنهم صنفان: كفار، وعصاة، وواحدُ الهملِ هاملٌ.
* * *
6588 -
حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ، حَدَّثَنَا أَنسُ بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ خُبَيْبٍ، عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "مَا بَيْنَ بَيْتِي وَمِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ، وَمِنْبَرِي عَلَى حَوْضِي".
الثاني عشر:
(روضة)؛ أي: ذلك الموضع بعينه ينقل إلى الجنة، فهو حقيقة، أو أن العبادة [فيه] تؤدي إلى روضة الجنة، فهو مجاز باعتبار المآل، أو تشبيه؛ أي: هو كروضة، وسميت تلك البقعة المباركة روضة؛ لأن زوار قبره صلى الله عليه وسلم من الملائكة، والجن، والإنس لا يزالون مُكِبِّين فيها على ذكر الله عز وجل.
(ومنبري) قيل: منبره الذي كان في الدنيا بعينه، وقيل: له منبر
هناك على حوضه يدعو الناس عليه إلى الحوض.
قال (خ): فيه: تفضيل المدينة، والترغيبُ في المقام فيها، والاستكثار من ذكر الله تعالى في مسجدها، وأن من لزم الطاعة فيه، آلت به إلى روضة الجنة، ومن لزم الطاعة عند المنبر، سُقي في القيامة من الحوض.
* * *
6589 -
حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، أَخْبَرَني أَبِي، عَنْ شُعبةَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكَ قَالَ: سَمعتُ جُنْدَبًا قَالَ: سَمِعتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "أَنَا فَرَطُكم عَلَى الْحَوْضِ".
6590 -
حَدَّثَنَا عمرُو بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي الْخَيْرِ، عَنْ عُقبةَ رضي الله عنه: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم خَرَجَ يَوْمًا، فَصَلَّى عَلَى أَهْلِ أُحُدٍ صَلَاتَهُ عَلَى الْمَيِّتِ، ثُمَّ انْصَرَفَ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَقَالَ:"إِنِّي فَرَطٌ لَكُم، وَأَنَا شَهِيدٌ عَلَيْكم، وَإنِّي وَاللهِ لأَنْظُرُ إِلَى حَوْضِي الآنَ، وإنِّي أُعطِيتُ مَفَاتِيحَ خَزَائِنِ الأَزضِ، أَوْ مَفَاتِيحَ الأرضِ، وَإنِّي وَاللهِ مَا أَخَافُ عَلَيْكم أَنْ تُشْرِكُوا بعدِي، وَلَكِنْ أَخَافُ عَلَيْكم أَنْ تنافَسُوا فِيها".
الثالث عشر، والرابع عشر:
(فصلى)؛ أي: دعا لهم بدعاء صلاة الميت.
(أن تشركوا بعدي) لا يعارض ذلك بمن ارتد بعد موته صلى الله عليه وسلم؛ لأن
ذلك وقع لبعض الأعراب، أو يقال: المراد: عدمُ ارتداد الكل، فلا ينافيه ردةُ البعض.
(تنافسوا) من التنافس، وهو التراغب والتنازع.
وفيه: معجزة الإخبار بأن أُمته تملك خزائن الأرض، وأنها لا ترتد جملة، وأنها تتنافس في الدنيا، ووقع ذلك كله.
* * *
6591 -
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ، حَدَّثَنَا حَرَميُّ بْنُ عُمَارَةَ، حَدَّثَنَا شعبةُ، عَنْ معبَدِ بْنِ خَالِدٍ: أَنَّهُ سَمعَ حَارِثَةَ بْنَ وَهْبٍ يَقُولُ: سَمِعتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَذَكَرَ الْحَوْضَ، فَقَالَ:"كمَا بَيْنَ الْمَدِينَةِ وَصَنْعَاءَ".
6592 -
وَزَادَ ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ شُعبةَ، عَنْ معبَدِ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ حَارِثَةَ، سَمعَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَولَهُ: حَوضُهُ مَا بَيْنَ صَنْعَاءَ وَالْمَدِينَةِ، فَقَالَ لَهُ الْمُسْتَوْرِدُ: ألم تَسْمعهُ قَالَ: الأَوَانِي؟ قَالَ: لَا قَالَ الْمُسْتَوْرِدُ: تُرَى فِيهِ الآنيةُ مِثْلَ الْكَوَاكِبِ.
الخامس عشر:
(مثل الكواكب)؛ أي: في الكثرة، والضياء، وهذا، وإن كان ظاهره أنه موقوف؛ لأنه لم يرفعه للنبي صلى الله عليه وسلم صريحًا؛ لكنه مرفوعٌ بدلالة السياق.
* * *
6593 -
حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مريَمَ، عَنْ ناَفِعِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنهما قَالَتْ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "إِنِّي عَلَى الْحَوْضِ، حَتَّى أَنْظُرُ مَنْ يَرِدُ عَلَيَّ مِنْكُم، وَسَيُؤْخَذُ نَاسٌ دُوني، فَأقولُ: يَا رَبِّ! مِني وَمِنْ أُمَّتِي، فَيُقَالُ: هلْ شَعَرتَ مَا عَمِلُوا بَعدَك؟ وَاللهِ مَا بَرِحُوا يَرجِعُونَ عَلَى أَعقَابِهم"، فَكَانَ ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ يَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنَّا نعوذُ بِكَ أَنْ نرجِعَ عَلَى أعقَابِنَا أَوْ نُفْتَنَ عَنْ دِيننَا، {أَعْقَابِكُمْ تَنْكِصُونَ}: تَرجِعُونَ عَلَى الْعَقِبِ.
السادس عشر:
(وسيؤخذ أُناس) بالخاء المعجمة؛ من الأخذ.
(ما برحوا)؛ أي: ما زالوا.