الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عَلَيَّ الْكَافِرَ، فَغُطَّ حَتَّى رَكَضَ بِرِجْلِهِ".
(هاجر)؛ أي: من العراق إلى الشام.
(بشارة) بالمهملة، وتخفيف الراء.
(قرية) هي حَرَّان بفتح المهملة وشدة الراء وبالنون.
(فأرسل بها)؛ لأنه أكرهه عليه.
(إن كنت آمنت) ليس شكًّا منها أنها مؤمنة؛ بل المراد: إن كنت مقبولة الإيمان.
(فغُطَّ) بمعجمة ثم مهملة مبنيًّا للمفعول؛ أي: خُنق وصرع.
(ركض)؛ أي: حرك ونقض، سبق الحديث آخر (البيوع)، ومناسبةُ ذكره في هذا الباب، مع عصمتها من كل سوء: الإشارةُ إلى أنه لا ملامة عليها في الخلوة معه إكراهًا، فكذا المستكره على الزّنا لا حَدَّ عليه.
* * *
7 - باب يَمِينِ الرَّجُلِ لِصَاحِبِهِ: إِنَّهُ أَخُوهُ، إِذَا خَافَ عَلَيْهِ الْقَتلَ أَوْ نَحْوَهُ
وَكَذَلِكَ كُلُّ مُكْرَهٍ يَخَافُ، فَإِنَّهُ يَذُبُّ عَنْهُ الْمَظَالِمَ وَيُقَاتِلُ دُونَهُ وَلَا يَخْذُلُهُ، فَإِنْ قَاتَلَ دُونَ الْمَظْلُومِ فَلَا قَوَدَ عَلَيْهِ وَلَا قِصَاصَ، وَإِنْ
قِيلَ لَهُ: لتشْرَبَنَّ الْخَمْرَ، أَوْ لَتَأْكُلَنَّ الْمَيْتَةَ، أَوْ لَتَبِيعَنَّ عَبْدَكَ، أَوْ تُقِرُّ بِدَيْنٍ، أَوْ تَهَبُ هِبَةً وَتَحُلُّ عُقْدَةً، أَوْ لَنَقْتُلَنَّ أَبَاكَ أَوْ أَخَاكَ فِي الإِسْلَامِ، وَسِعَهُ ذَلِكَ؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:"الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ".
وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ: لَوْ قِيلَ لَهُ: لتشْرَبَنَّ الْخَمْرَ، أَوْ لَتَأْكُلَنَّ الْمَيْتَةَ، أَوْ لَنَقْتُلَنَّ ابْنَكَ أَوْ أَبَاكَ أَوْ ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ، لَمْ يَسَعْهُ؛ لأَنَّ هَذَا لَيْسَ بِمُضْطَرٍّ.
ثُمَّ نَاقَضَ، فَقَالَ: إِنْ قِيلَ لَهُ: لَنَقْتُلَنَّ أَبَاكَ أَوِ ابْنَكَ، أَوْ لَتَبِيعَنَّ هَذَا الْعَبْدَ، أَوْ تُقِرُّ بِدَيْنٍ أَوْ تَهَبُ، يَلْزَمُهُ فِي الْقِيَاسِ، وَلَكِنَّا نستَحْسِنُ وَنقُولُ: الْبَيْعُ وَالْهِبَةُ وَكُلُّ عُقْدَةٍ فِي ذَلِكَ بَاطِلٌ، فَرَّقُوا بَيْنَ كُلِّ ذِي رَحِمٍ مُحَرَّمٍ وَغَيْرِهِ بِغَيْرِ كِتَابٍ وَلَا سُنَّةٍ.
وَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "قَالَ إِبْرَاهِيمُ لاِمْرَأَتِهِ: هَذِهِ أُخْتِي، وَذَلِكَ فِي اللهِ".
وَقَالَ النَّخَعِيُّ: إِذَا كَانَ الْمُسْتَحْلِفُ ظَالِمًا، فَنِيَّةُ الْحَالِفِ، وَإِنْ كَانَ مَظْلُومًا، فَنِيَّةُ الْمُسْتَحْلِفِ.
(باب: يمين الرجل لصاحبه أنه أخوه)
قوله: (يَذُبُّ)؛ أي: يدفع، وفي بعضها:(يدرأ).
(دونه)؛ أي: عنده.
(ولا يخذله)؛ أي: لا يهمله.
(فلا قَوَدَ عليه ولا قصاصَ) هو تأكيد؛ لأنهما بمعنى، أو القصاصُ أعمُّ من النفس، ودونها، والقودُ في النفس غالبًا.
(وكل) مبتدأ وخبره محذوف؛ أي: كذا؛ لكن بأن يقول: لتقرضن، أو لتؤجرن، ونحوهما، وفي بعضها:(أو تحل عقده)؛ أي: تفسخينها.
(في الإسلام)، أي: فهو أعمُّ من الأخ النسبي.
(وسعه ذلك)، أي: جاز له ذلك كله؛ لقوله صلى الله عليه وسلم.
(المسلم أخو المسلم) وهو موصول في الباب.
(محرم) من لا يحل نكاحُها أبدًا لحرمتها.
قال المهلب: موضعُ التناقض الذي ألزمَ به أبا حنيفة هو: أن ظالمًا لو أراد قتلَ رجل، وقال لابنه: لتشربنَّ الخمر، أو لتأكلنَّ الميتة، أو لأقتلنَّ أباك أو ابنَك، أو ذا رحم، لم يَسَعْه؛ لأنه ليس بمضطر عند أبي حنيفة؛ لأن الإكراه عنده إنما يكون فيما يتوجه للإنسان في خاصة نفسه، لا في غيره، وليس له أن يدفع بها معاصي غيره، وليصبر على قتل أبيه، فإنه لا إثم عليه؛ لأنه لم يقدر على رفعه إلا بمعصية يرتكبها، ولا يحل له ذلك، ألا ترى إلى قوله: إن قيل له: لأقتلنَّ أباك، أو نَحوه من المحارم، أو لتبيعنَّ هذا العبد، أو تقرّ، أو تهب: أن البيعَ والإقرارَ والهبَة يلزمه في القياس؛ لما تقدم أنه يصبر على قتل أبيه، وعلى هذا ينبغي أن يلزمه كلّ ما عقد على نفسه في عقد، ثم ناقض هذا المعنى بقوله: ولكنا نستحسن ونقول: البيع وكل
ما عقد في ذلك باطل، فاستحسن بطلان البيع ونحوه بعد أن قال: يلزمه في القياس، ولا يجوز له القياس فيها.
قال: وقول البخاري: (فرقوا)؛ يريد: أن مذهب أبا حنيفة في ذي الرحم يخالف مذهبه في الأجنبي، فلو قيل لرجل: لتقتلنَّ هذا الرجلَ الأجنبيَّ، أو لتبيعنَّ، أو تقر، أو تهب، ففعل ذلك لينجيه من القتل، لزمه جميعُ ما عقد على نفسه من ذلك، ولو قيل له في المحارم: لم يلزمه ما عقده في استحسانه، وعند البخاري: ذو المحرم والأجنبي سواء في أنه لا يلزمه ما عقده على نفسه لتخليص الأجنبي؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "المُسْلِمُ أَخُو المُسْلِمِ"، والمراد: أخوّةُ الإسلام، لا أخوةُ النسب؛ وكذا قولُ إبراهيم عليه الصلاة والسلام:(هي أختي)، فهذه الأخوة توجب أن يحمي أخاه المسلم، ويدفع عنه، فلا يلزمه ما عقده من البيع ونحوه، ووسعه الشربُ والأكلُ، فلا إثمَ عليه في ذلك؛ كما لو قيل له: لتفعلنّ هذه الأشياء، أو لنقتلنك، وسعه في نفسه إتيانُها، ولا يلزمه حكمُها.
قال (ك): في تقريره بحثان:
الأول: أنه إنما يستقيم لو كانت الرواية: لأقتُلنّ؛ لكن جميع النسخ والروايات: (لتقتلن) بالخطاب على طريقة أخواته؛ اللهم إلا أن يقرأ لنَقْتلَنّ بصيغة المتكلم.
الثاني: أنه مشعِرٌ بعدم لزومه في القياس، لا بلزومه فيه؛ لأنه علل الصبر على قتل أبيه بأنه لا يقدر على دفعه إلا بمعصية يرتكبها،
وليس كذلك في صورة البيع؛ لكن يحتمل أن يقرر على وفق ما في النسخ بأن يقال: إنه ليس مضطرًا؛ لأنه مخيرٌ في أمور متعددة، والتخييرُ ينافي الإكراه، فكما لا إكراه في الصورة الأولى؛ أي: الأكل، والشرب، والقتل؛ كذلك لا إكراه في الثانية؛ أي: البيع، والهبة، والقتل، فحيث قالوا ببطلان البيع استحسانًا، فقد ناقضوا؛ إذ يلزم القول بالإكراه، وقد قالوا بعدم الإكراه، ثم فرقُهم بين ذي المحرم وغيره ليس له دليلٌ من كتاب ولا سنَّة، وليس فيهما ما يدل على الفرق في باب الإكراه، وهذا أيضًا كلام استحساني، وما ذكره البخاري من أمثال هذه المباحث غيرُ مناسب لوضع هذا الكتاب؛ إذ هو خارج عن فنّه.
(وقال النبي صلى الله عليه وسلم: وقال إبراهيم عليه السلام) موصول في (المظالم) وغيرها.
(وذلك في الله) قد يخالف هذا ما في (كتاب الأنبياء)؛ حيث قال: (ثِنْتَانِ مِنْهُمَا في ذَاتِ اللهِ، وَهُمَا:{إِنِّي سَقِيمٌ} [الصافات: 89]، {بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ} فاقتضى أن هذه الثالثة ليست في ذات الله، ولكن جوابه: أن المراد: إنها أختي في دين الله، فصدق أن قوله ذلك في الله، أو أن الإشارة بالأولتين إلى أنهما لمحض الأمر الإلهي بخلاف الثالثة؛ فإن فيها شائبةَ نفعٍ، وحَظٍّ لهُ.
(وإن كان مظلومًا) يتصور أن يكون المستحلَف مظلومًا بأن لا يكون للمدعي بينةٌ، ويستحلفه المدعى عليه، وعند المالكية: النيةُ
نيةُ المظلوم أبدًا، وعند الكوفيين: نية الحالف أبدًا، وعند الشافعي: نية القاضي، وهو راجع إلى نية المستحلف.
* * *
6951 -
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرِ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ: أَنَّ سَالِمًا أَخْبَرَهُ: أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما أَخْبَرَهُ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِم، لَا يَظْلِمُهُ، وَلَا يُسْلِمُهُ، وَمَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ، كَانَ اللهُ فِي حَاجَتِهِ".
الحديث الأول:
(ولا يُسْلِمه) من الإسلام، وهو الخذلان.
(في حاجته)، أي: في قضاء حاجته.
* * *
6952 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيم، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَنسٍ، عَنْ أَنسٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "انْصُرْ أَخَاكَ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا"، فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ! أَنْصُرُهُ إِذَا كَانَ مَظْلُومًا، أَفَرَأَيْتَ إِذَا كَانَ ظَالِمًا، كَيْفَ أَنْصُرُهُ؟ قَالَ:"تَحْجُزُهُ -أَوْ- تَمْنَعُهُ مِنَ الظُّلْم، فَإِنَّ ذَلِكَ نَصْرُهُ".
الثاني:
(أفرأيت)، أي: أخبرني، والفاء عاطفة على مقدر بعد الهمزة،
وفيه نوعان من المجاز: إطلاقُ الرؤية وإرادةُ الإخبار؛ وإطلاقُ الاستفهام وإرادةُ الأمر، والعلاقتان ظاهرتان؛ وكذا القرينة.
(تحجزه) بالزاي: تمنعه، والشكُّ من الراوي، ومر في (المظالم) بلفظ:(أَنْ تَأْخُذَ فَوْقَ يَدَيْهِ).
* * *