الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
85 - بابُ ثَنَاءِ النَّاسِ عَلَى الْمَيِّتِ
(باب ثَناء النَّاس على الميِّت)
1367 -
حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ صُهَيْبٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَنس بْنَ مَالِكٍ رضي الله عنه يَقُولُ: مَرُّوا بِجَنَازَةٍ فَأَثْنَوْا عَلَيْهَا خَيْرًا، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"وَجَبَتْ"، ثُمَّ مَرُّوا بِأُخْرَى فَأَثْنَوْا عَلَيْهَا شَرًّا فَقَالَ:"وَجَبَتْ"، فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه: ما وَجَبَتْ؟ قَالَ: "هَذَا أَثْنَيْتُمْ عَلَيْهِ خَيْرًا فَوَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ، وَهَذَا أَثْنَيْتُمْ عَلَيْهِ شَرًّا فَوَجَبَتْ لَهُ النَّارُ، أَنْتُمْ شُهَدَاءُ اللهِ فِي الأَرْضِ".
الحديث الأول:
(مر) في بعضها: (مرُّوا)، قال (ك): بضمِّ الميم، وفتحها. وفيه نظَرٌ.
(فأثنوا) بتقديم المثلَّثة أكثَر ما يُستعمل في الخَيْر، وقد يُستعمل في الشَّرِّ، كما في هذا الحديث من ذلك، إنما هو للمُقابَلة والتَّشاكُل، مثل:{وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ} [الشورى: 40]، أما النَّثا بتقديم النُون، والقَصْر ففي الشَّرِّ خاصةً.
* * *
1368 -
حَدَّثَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا داوُدُ بْنُ أَبِي الْفُرَاتِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِي الأَسْوَدِ قَالَ: قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ وَقَدْ وَقَعَ بِهَا مَرَضٌ، فَجَلَسْتُ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه، فَمَرَّتْ بِهِمْ جَنَازَةٌ، فَأُثْنِيَ عَلَى صَاحِبِهَا خَيْرًا، فَقَالَ عُمَرُ رضي الله عنه: وَجَبَتْ، ثُمَّ مُرَّ بِأُخْرَى فَأُثْنِيَ عَلَى صَاحِبِهَا خَيْرًا، فَقَالَ عُمَرُ رضي الله عنه: وَجَبَتْ، ثُمَّ مُرَّ بِالثَّالِثَةِ، فَأُثْنِيَ عَلَى صَاحِبِهَا شَرًّا، فَقَالَ: وَجَبَتْ، فَقَالَ أَبُو الأَسْوَدِ: فَقُلْتُ: وَمَا وَجَبَتْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟ قَالَ: قُلْتُ: كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "أَيُّمَا مُسْلِمٍ شَهِدَ لَهُ أَرْبَعَةٌ بِخَيْرٍ أَدْخَلَهُ اللهُ الْجَنَّةَ"، فَقُلْنَا: وَثَلَاثةٌ؟ قَالَ: "وَثَلَاثةٌ"، فَقُلْنَا: وَاثْنَانِ؟ قَالَ: "وَاثْنَانِ"، ثُمَّ لَمْ نَسْأَلْهُ عَنِ الْوَاحِدِ.
الحديث الثاني:
(حدثنا عفان) قلتُ: في بعض الرِّوايات: (وقال عَفَّان) ولا يكون بذلك تعليقًا.
(أُثني)؛ أي: بالبناء للمفعول.
(على صاحبها خيرًا) برفع (خيْر) نائبًا عن الفاعل، وفي بعضها:(خيرًا) بالنَّصب.
قال (ط): أقام الجارَّ والمجرور مُقام المفعول الأوَّل، وخيْرًا: مقام الثَّاني، والاختيار عكسه، ولعلَّه لغة قَومٍ، وقال ابن مالك:(خيرًا) صفةٌ لمصدرٍ محذوفٍ، وأُقيمت مقامه، فنُصبت؛ لأن (أثنى) مستندٌ إلى الجارِّ والمجرور، والتَّفاوت بين الإسناد إلى المصْدر، والإسناد إلى الجارِّ
والمجرور قليلٌ، وقال (ن): نُصِبَ (خيرًا) بإسقاط الجارِّ، أي: بخيرٍ.
قال: ويقَع في بعض أصول "مسلم": (خيرٌ) بالرفع، وقال غيره: هو على قراءة: {لِيَجْزِيَ قَوْمًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [الجاثية: 14]، أي: حتى يكون النَّائب عن الفاعل ضميرَ المصدر، أو غير ذلك.
(وجبت) قال (ن): كذا رواه البخاري مرَّةً، ورواه مسلم عن ابن عُلَيَّة، عن عبد العَزيز ثلاث مرَّاتٍ.
قال (ط): في تأويل الحديث قَولان للعلماء:
أحدهما: أن هذا الثَّناء لمن أثْنى عليه أهل الفَضْل، فكان ثَناؤُهم مطابِقًا لأفعاله من أهل الجنة، وإلا فلا.
والثاني: وهو المُختار: أنه على عُمومه: أنَّ كلَّ مسلمٍ ماتَ وألْهَم الله النَّاسَ الثناءَ عليه كان ذلك دَليلًا على أنه مِن أهل الجنَّةِ سَواءٌ كانتْ أفعالُه تَقتضي ذلك أو لا؛ لأن الله يَفعلُ ما يشاء، فيُستَدلُّ على مَغفرة الله له بالثَّناء من عِباده.
(ما وجبت)، (ما) استفهاميةٌ، والمراد بالوُجوب هنا الثُّبوت؛ لأن الله -تعالى- لا يجب عليه شيءٌ.
(كما قال)؛ أي: قوله صلى الله عليه وسلم: (أيُّما مُسلِمٍ)، فيكون مرفوعًا، أو ما ذكَره أنَس في الحديث السَّابق، فيكون موقوفًا على عُمر، ويحتمل إرادتَهما معًا، ولكن الظاهر الأوَّل، نعَمْ، ترك الشِّق الثاني، وهو الثَّناء بالشر، إما قياسًا على الخير، أو اختصارًا.
* * *