الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
2 - بابُ الأَمْرِ بِاتَّبَاعِ الْجَنَائِزِ
(باب الأَمْرِ باتِّباعِ الجَنائِز)
1239 -
حَدَّثَنَا أَبو الْوَلِيدِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الأَشْعَثِ، قَالَ: سَمِعْتُ مُعَاوِيَةَ بْنَ سُوَيْدِ بْنِ مُقَرِّنٍ، عَنِ الْبَرَاءِ رضي الله عنه قَالَ: أَمَرَنَا النَّبِي صلى الله عليه وسلم بِسَبْعٍ، وَنهانَا عَنْ سَبعٍ؛ أَمَرَنَا بِاتِّبَاعِ الْجَنَائِزِ، وَعِيادَةِ الْمَرِيضِ، وَإِجَابَةِ الدَّاعِي، وَنصْرِ الْمَظْلُومِ، وَإِبْرَارِ الْقَسَم، وَرَدِّ السَّلَامِ، وَتَشْمِيتِ الْعَاطِسِ، وَنهانَا عَنْ آنِيةِ الْفِضَّةِ، وَخَاتَم الذَّهَبِ، وَالْحَرِيرِ، وَالدِّيبَاج، وَالْقَسِّيِّ، وَالإِسْتَبْرَقِ.
الحديث الأول:
(إبرار) بالرَّاء المُكرَّرة: من البِرِّ ضِدُّ الحِنْث، قيل: هو تصديقُ من أَقسَم عليك، وهو أن يفعل ما شاءَ له.
(وتشميت) بالمعجَمة، والمهملة، تقول له: يَرحَمك الله، وهو سنةُ كفايةٍ.
(والديباج) فارسيٌّ معرَّبٌ.
(والقسي) بفتح القاف، وتشديد المهملة: نسبةٌ للقَسِّ بلَدٌ بناحية مصر على ساحِل البحر، وقيل: كتَّانٌ مخلوطٌ بحريرٍ، وقيل: من القَزِّ، وهو رَديء الحَرير، وأنَّ أصلها: القَزِّي، فأُبدلت الزاي سينًا، وفسَّره البخاري في (كتاب اللِّباس): بأنَّها ثيابٌ يُؤتى بها من الشَّام أو
مصْر مُضلَّعةٌ، فيها حريرٌ أمثال الأُتْرُجِّ، قال الجَوْهَرِي: أصحاب الحديث يكسِرون القاف، وأهل مصْر يَفتحونها.
فالحرير إنْ كان أكثَر، فالنَّهي للتحريم، وإلا فللكراهة.
(والإستبرق) نوعٌ من الدِّيباج، فارسيٌّ معرَّبٌ، وذكر هذه الثلاثة بعد الحَرير خاصٌّ بعد عامٍّ اهتمامًا بحُكْمها، أو دفْعًا لتوهُّم (1) أنَّ اختصاصها باسمٍ يُخرجها عن حُكم العام، أو أن العُرف فرَّق أسماءها لاختِلاف مسمَّياتها، فرُبَّما توهِّم أنها غير الحرير.
وليس في رواية أبي الوَليد هذه ذِكْر السَّابع، إما اختصارًا أو نِسيانًا، وهو: المِيثَرَة كما ذكره البخاري في (كتاب الأشربة واللِّباس) في (باب: خواتيم الذهَب)، وقال هناك: إنَّ النِّساء تضَعُها لبُعولتهنَّ مثل القَطائِف، وقيل: إنها جُلُود السِّباع.
قال (ن): بكسر الميم من الوِثَارة بالمثلَّثة، وهي: اللُّيونة، ووَثِيْرٌ، أي: لَيِّنٌ، فهي وِطاءٌ على السَّرْج يكون من حَريرٍ، أو من صُوفٍ، أو غيره.
لكنْ على هذا قد يُعمل بما لا يَحرم، فما وجْهُ النَّهي، وجوابه: أن النَّهي قد يكون للكَراهة كما أنَّ المَأمورات بعضُها للوجوب،
(1) من قوله هنا: "أو دفعًا لتوهم أن اختصاصها
…
" إلى قوله: "بل الدخ نبت موجود بين النخيلات
…
إلخ، من باب إذا أسلم الصبي فمات" ليس في "ب" وهو بمقدار (15) لوحة تقريبًا.
وبعضُها للنَّدْب، وإطلاقُ الأَمْر فيها أو النهي استعمالٌ للَّفظ في حقيقته ومجازه، وهو جائزٌ عند الشافعي، ومَن منعَ ذلك يجعلُه لقَدْرٍ مشتركٍ بينهما مجازًا، ويُسمَّى بعُموم المجاز.
فإن قيل: فقَول الشَّافعي ذلك مع أنَّ شَرْط المجاز أن يكون معَه قَرينةٌ تَصرِف عن الحقيقة؟، قيل: المُراد قَرينةٌ تقتضي إرادةَ المجاز، أو أنْ يُصرَف عن الحقيقة أولًا، وقد جوَّزوا في الكناية -نحو: كَثِيْر الرَّماد- إرادةَ المعنى الأَصلي مع إرادة لازِمه، فكذا المجاز.
واعلم أن إطلاق النَّهي مع كون النِّساء يُباح لهنَّ بعضُها كخاتم الذَّهب دَخَلَهُ التخصيصُ بدليلٍ آخر، كحديث:"هذَانِ -أي: الذَّهب والحَرير- حرامٌ على ذُكور أُمتي حِلٌّ لإناثها".
قال (خ): هذه الأُمور لها مَراتبُ مختلفةٌ، فاتباع الجنائز فرْضُ كفايةٍ، وإذا سقَط بفعْل البعض، فما يُفعل بعد ذلك فضيلةٌ وعبادةٌ.
قلتُ: فيه نظَرٌ؛ فإن المرجَّح في الأُصول أن الكُلَّ يقَع فَرْضًا.
وعِيادة المريض فضيلةٌ لها ثَوابٌ إلا أن لا يكون له متعهِّدٌ، فتعهُّده لازِمٌ، وإجابة الدَّاعي في دَعوة النِّكاح لازمٌ بشروطه، ونصْر المظلوم كذلك، وإبرار القَسَم خاصٌّ بما يَحِلُّ من الأُمور ويتيسَّر، ولا يَحْرَج المُقسَم عليه، ولهذا قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم لأبي بكرٍ في قصَّة تعبير الرُّؤيا:"لا تُقْسِم"، حين قال: أقسَمتُ عليكَ لتُخبِرَنِّي بالذي أَصبْتُ، وردُّ السلام فرضُ كفايةٍ، فإن انفَرد المسلَّم عليه تعيَّن عليه،
وتشميت العاطِس إنما يجب إذا حَمِدَ الله.
قال (ك): ذلك سنةٌ حينئذٍ لا واجبٌ، ونقل (ط) عن الكوفيِّين أنَّ ردَّ السلام فرضُ عينٍ على كلٍّ من الجماعة.
* * *
1240 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ أَبِي سَلَمَةَ، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ شِهَابٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "حَقُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ خَمْسٌ: رَدُّ السَّلَامِ، وَعِيَادَةُ الْمَرِيضِ، وَاتِّبَاعُ الْجَنَائِزِ، وَإِجَابَةُ الدَّعْوَةِ، وَتَشْمِيتُ الْعَاطِسِ".
تَابَعَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَناَ مَعْمَرٌ.
وَرَوَاهُ سَلَامَةُ عَنْ عُقَيْلٍ.
الحديث الثاني:
(محمد) قال الكَلابَاذِي: رَوى البخاريُّ عن محمَّد بن أبي سَلَمَة غيرَ منسوبٍ في (كتاب الجنائز)، ويقال: إنه محمَّد بن يحيى الذُّهْلِيُّ.
(حق) يعمُّ وجوب العين والكفاية، والنَّدب، قال (ط): أي: حقُّ الحُرمة والصُّحبة.
(تابعه)؛ أي: عَمْرو بن أبي سلَمَة.
(عبد الرزاق)؛ أي: ابن هَمَّام، وصلَه "مسلم".