الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عِرَاكٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.
1464 / -م - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا وُهَيْبُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا خُثَيْمُ بْنُ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"لَيْسَ عَلَى الْمُسْلِمِ صَدَقَةٌ فِي عَبْدِهِ وَلَا فَرَسِهِ".
(باب: ليسَ على المُسلِم في عبْده (1) صدَقةٌ)
اكتفى (ك) عنه بالذي قبلَه، والإطلاق في قوله:(عبده) مقيَّدٌ بما في "مسلم": "في العبد إلا صدَقةَ الفِطْر".
قال (خ): المراد بنفْي الصَّدَقة في الفَرَس، والصَّدقة في العبد، أي: في أعيانها، أما التِّجارة فتجب في القِيْمة.
* * *
47 - بابُ الصَّدَقَةِ عَلَى الْيَتَامَى
(باب الصَّدَقة على اليَتامَى)
1465 -
حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ فَضَالَةَ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ هِلَالِ بْنِ أَبِي مَيْمُونَةَ، حَدَّثَنَا عَطَاءُ بْنُ يَسَارٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ رضي الله عنه يُحَدِّثُ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم جَلَسَ ذَاتَ يَوْمٍ عَلَى الْمِنْبَرِ،
(1)"في عبده " ليس في الأصل.
وَجَلَسْنَا حَوْلَهُ فَقَالَ: "إِنِّي مِمَّا أَخَافُ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِي مَا يُفْتَحُ عَلَيْكُمْ مِنْ زَهْرَةِ الدُّنْيَا وَزِينَتِهَا"، فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ! أَوَيَأْتِي الْخَيْرُ بِالشَّرِّ؟ فَسَكَتَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَقِيلَ لَهُ: مَا شَأْنُكَ تُكَلِّمُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَلَا يُكَلِّمُكَ؟ فَرَأَيْنَا أَنَّهُ يُنْزَلُ عَلَيْهِ، قَالَ: فَمَسَحَ عَنْهُ الرُّحَضَاءَ فَقَالَ: "أَيْنَ السَّائِلُ؟ " وَكَأَنَّهُ حَمِدَهُ، فَقَالَ:"إِنَّهُ لَا يَأْتِي الْخَيْرُ بِالشَّرِّ، وَإِنَّ مِمَّا يُنْبِتُ الرَّبِيعُ يَقْتُلُ أَوْ يُلِمُّ إِلَّا آكِلَةَ الْخَضْرَاءِ، أَكَلَتْ حَتَّى إِذَا امْتَدَّتْ خَاصِرَتَاهَا اسْتَقْبَلَتْ عَيْنَ الشَّمْسِ، فَثَلَطَتْ وَبَالَتْ وَرَتَعَتْ، وَإِنَّ هَذَا الْمَالَ خَضِرَةٌ حُلْوَةٌ، فَنِعْمَ صَاحِبُ الْمُسْلِمِ مَا أَعْطَى مِنْهُ الْمِسْكِينَ وَالْيَتِيمَ وَابْنَ السَّبِيلِ -أَوْ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَإِنَّهُ مَنْ يَأْخُذُهُ بِغَيْرِ حَقِّهِ كَالَّذِي يَأْكُلُ وَلَا يَشْبَعُ، وَيَكُونُ شَهِيدًا عَلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ".
(ما يفتح) في محلِّ نصْب خبر إِنَّ، والجار والمجرور قبله الخبر.
(أوَيأتي) الهمزة للاستفهام، والواو مفتوحةٌ للعطف، قال (ك): على مقدَّرٍ بعد الهمْزة، أي: على طريقِه، كما سبق مرارًا.
قال التَّيْمي: أي: أتَصير نِعْمة الله التي هي زَهرةُ الدُّنيا عُقوبةً ووَبالًا.
قال (ن): أي: كمال الغَنيمة المفتوح علينا خيرًا ثم يُرتَّب عليه الشرُّ، فأجاب النبي صلى الله عليه وسلم: بأن الخير الحقيقيَّ لا يأتي إلا بالخير، وهذه الزَّهرة ليس خيرًا حقيقيًّا؛ لِمَا فيها من الفِتْنة والمُنافَسة، والاشتِغال عن كمال الإقْبال على الآخِرة.
ثم ضرَب المثَلَ الآتي، وحاصله: أن مَن استكثَر منه غيرَ صارفٍ له في وُجوهه، فهو ضارٌّ له، ومَنْ لم يأْخُذْ إلا يسيرًا، أو أخذ كثيرًا ولكنْ صرَفه في مصارفه كما تَثْلِط الدَّابَّة فلا يضرُّه.
(فسكت)؛ أي: انتِظارًا للوحْي.
(فقيل له)؛ أي: للسائل، لامُوه في ذلك ظنًّا أنه أنكر مسألته.
(فرأينا)؛ أي: ظننَّا أنه يَنزل عليه الوحي.
(الرُّحَضاء) بضمِّ الراء، ومهمَلةٍ مفتوحةٍ، وضادٍ معجَمةٍ ممدودةٍ: العَرَق الكثير.
(أين السائل) علِموا بسُؤاله عنه سُؤالَ راضٍ أنه حَمِدَه.
(لا يأتي الخير بالشر)؛ أي: ما قضَى الله أنْ يكون خيرًا [يكون] خيرًا، وعكسه، وأن الذي أخافُ عليكم تضييعَكم نعمتَه، وصرفَكم إياها في غير ما أمرَكم به، ولا تعلُّق لذلك بنفْس النِّعمة، ثم ضرب المثَل.
(وإن مما ينبت الربيع) كأنَّه قال: وأضرِبُ لكم مثَلًا لذلك، فلذلك أتَى بواو العَطْف، وإسنادُ الإنْبات للرَّبيع مجازٌ، والفاعل الحقيقيُّ هو الله تعالى، والمرادُ بالرَّبيع: الجَدول الذي يُستقَى به، وجمْعُه أَربُعًا.
(يقتل) صفةٌ لمفعولٍ محذوفٍ، أي: شيئًا، أو نباتًا.
قال (خ): أو ما، أي: ما يُقتَل.
قال (ك): لا حاجةَ لذلك لصحَّة أن بعضَ ما ينبُت كما قال الزَّمَخْشَري في: {وَوَهَبْنَا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنَا} [مريم: 53]، أي: بعضَ رحمتِنا، أي: وأُعطي في مواضع كثيرةٍ للحرْف حُكمَ الاسم الذي هو متعلَّق معناه.
قلتُ: لكن الأوَّل أَوْضَح.
(أو يُلِمُّ) بضمِّ أوله، أي: يقرِّب من القَتْل، وسقَط منه شيءٌ ذكره في (كتاب الرَّقائق)، فقال:(ما يقتُل حَبَطًا أو يُلِمُّ)، والحَبَط بالمهملة: انتِفاخ البَطْن من داءٍ يُصيب الآكِلَ مما أكَلَ، يقال: أَحبَطت الدَّابَّةُ تَحبِط حبَطًا إذا أصابتْ مرعًى طيِّبًا فاطَّردتْ في الأكل حتى تَنتفخَ فتَموت، ويُروى بالخاء المعجَمة من التَّخبُّط، وهو الاضطِراب.
(إلا) بالتَّشديد: استثناءٌ عند أكثر الرُّواة، ورُوي:(أَلا) على الاستِفتاح، أي: ألا انظُروا ذلك واعتبِروا.
(الخَضِر) بفتح الخاء، وكسر الضَّاد: ضَرْبٌ من الكَلأ هو أفضَلُ المَراعي، واحدُه خَضِرَةٌ، مثْل: النَّصي والصِّلِّيان، وهما من أفضَل المَراعي، ويُروى:(الخُضَر) بضمِّ الخاء، وفتح الضَّاد: جمع خُضْرة، وروي:(الخضراء) بالمدِّ.
(خاصرتاها)؛ أي: جنْباها، أي: امتلأتْ شِبَعًا وعَظُم جَنْباها.
(فَثَلِطَتْ) بمثلَّثةٍ، ولامٍ مفتوحةٍ، أي: ألقَتْ السِّرْقِين سَهْلًا رَقِيْقًا، كذا قيَّده الجَوْهَرِي، وقال السَّفَاقُسِيُّ: بكسر اللام.
(رتعت)؛ أي: اتسعَتْ في المرعَى.
(خضرة حلوة) أُنِّثَا مع أنَّ المال يُذكَّر باعتبار أنه زَهْرة الدُّنيا، وخصَّ لَون الخُضرة؛ لأنه أحسَن الألوان، وقال (خ): باعتبار أنَّ صورةَ الدُّنيا حسَنة المنْظَر مُونَقةٌ تُعجِب النَّاظِر، والعرَب تُسمِّي المشْرق خَضِرًا تَشبيهًا له بالنَّبات الأخضَر، وقيل: وبه سُمِّي الخَضِر عليه السلام لحُسْنه وإشراق وجْهِه.
قال (ط): أو باعتبار البَقْلة شُبِّهت بالخَضِرة كما تقول للسُّجود حسَنةٌ، أي: فِعْلةٌ حسَنةٌ.
قال (ك): ووجْهٌ رابعٌ: أن التَّاء للمُبالَغة كَرَاويةٍ وعَلَّامةٍ.
قال (خ): فشُبِّه المُستكثِر من الدُّنيا الحَريص عليها بالتي استحلَتْ نبَات الرَّبيع لنُعومته، فاستكثَرتْ منه، وكان سبَبًا لهلاكها، والمُقْتصِد في الدُّنيا القانِع منها بقدْر الكفاية بآكِلَةِ الخَضِر، وهو من كَلأ الصَّيف، ولا تَستكثِرُ منه الماشية، بل تَرتعَ شيئًا فشيئًا، وجعل ما يكون من ثَلَطِها وبولها مثلًا لِمَا يصرفه من المال في الحقوق، والحاصل أن جمع المال غير محرَّمٍ، ولكن الاستكثار منه مع البُخل مذمومٌ، والاقتصاد محمودٌ، وصَرْفه في وُجوه الخير كذلك.
وقال (ط): يعني أن المال يُعجِب الناظرين إليه، ويحلُو في أعينهم فيدعُوهم حُسْنُه للاستكثار، فتضرَّروا به، كالماشية إذا استكثَرتْ من المَرْعَى ثلَطَتْ، وردَّه (ك) بأنَّه لا يبقى حينئذٍ لاستثناء