الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
93 - بابٌ
(بابٌ) هو ساقِطٌ في بعض النُّسخ.
1386 -
حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، حَدَّثَنَا أَبُو رَجَاءٍ، عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا صَلَّى صَلَاةً أَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ فَقَالَ: "مَنْ رَأَى مِنْكُمُ اللَّيْلَةَ رُؤْيَا؟ "، قَالَ: فَإِنْ رَأَى أَحَدٌ قَصَّهَا، فَيقُولُ مَا شَاءَ اللهُ، فَسَأَلَنَا يَوْمًا، فَقَالَ:"هَلْ رَأَى أَحَدٌ مِنْكُمْ رُؤْيَا؟ "، قُلْنَا: لَا، قَالَ:"لَكِنِّي رَأَيْتُ اللَّيْلَةَ رَجُلَيْنِ أَتيَانِي فَأَخَذَا بِيَدِي، فَأَخْرَجَانِي إِلَى الأَرْضِ الْمُقَدَّسَةِ، فَإِذَا رَجُلٌ جَالِسٌ، وَرَجُلٌ قَائِمٌ بِيَدِهِ كَلُّوبٌ مِنْ حَدِيدٍ" قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا، عَنْ مُوسَى إِنَّهُ "يُدْخِلُ ذَلِكَ الْكَلُّوبَ فِي شِدْقِهِ، حَتَّى يَبْلُغَ قَفَاهُ، ثُمَّ يَفْعَلُ بِشِدْقِهِ الآخَرِ مِثْلَ ذَلِكَ، وَيَلْتَئِمُ شِدْقُهُ هَذَا، فَيَعُودُ فَيَصْنَعُ مِثْلَهُ، قُلْتُ: مَا هَذَا؟ قَالَا: انْطَلِقْ، فَانْطَلَقْنَا حَتَّى أَتَيْنَا عَلَى رَجُلٍ مُضْطَجعٍ عَلَى قَفَاهُ، وَرَجُلٌ قَائِمٌ عَلَى رَأْسِهِ بِفِهْرٍ أَوْ صَخْرَةٍ، فَيَشْدَخُ بِهِ رَأْسَهُ، فَإِذَا ضَرَبَهُ تَدَهْدَهَ الْحَجَرُ، فَانْطَلَقَ إِلَيْهِ لِيَاْخُذَهُ، فَلَا يَرْجِعُ إِلَى هَذَا حَتَّى يَلْتَئِمَ رَأْسُهُ، وَعَادَ رَأْسُهُ كَمَا هُوَ، فَعَادَ إِلَيْهِ فَضَرَبَهُ، قُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قَالَا: انْطَلِقْ، فَانْطَلَقْنَا إِلَى ثَقْبٍ مِثْلِ التَّنُّورِ، أَعْلَاهُ ضَيِّقٌ وَأَسْفَلُهُ وَاسِعٌ، يَتَوَقَّدُ تَحْتَهُ ناَرًا، فَإِذَا اقْتَرَبَ ارْتَفَعُوا حَتَّى كَادَ أَنْ يَخْرُجُوا، فَإِذَا خَمَدَتْ رَجَعُوا فِيهَا، وَفِيهَا رِجَالٌ وَنِسَاءٌ عُرَاةٌ، فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قَالَا: انْطَلِقْ، فَانْطَلَقْنَا حَتَّى أَتَيْنَا عَلَى نَهَرٍ مِنْ دَمٍ، فِيهِ رَجُلٌ قَائِمٌ،
عَلَى وَسَطِ النَّهَرِ رَجُلٌ بَيْنَ يَدَيْهِ حِجَارَةٌ، فَأَقْبَلَ الرَّجُلُ الَّذِي فِي النَّهَرِ، فَإذَا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ رَمَى الرَّجُلُ بِحَجَرٍ فِي فِيهِ، فَرَدَّهُ حَيْثُ كَانَ، فَجَعَلَ كُلَّمَا جَاءَ لِيَخْرُجَ رَمَى فِي فِيهِ بِحَجَرٍ، فَيَرْجِعُ كَمَا كَانَ، فَقُلْتُ: مَا هَذَا؟ قَالَا: انْطَلِقْ، فَانْطَلَقْنَا حَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَى رَوضَةٍ خَضْرَاءَ، فِيهَا شَجَرَةٌ عَظِيمَةٌ، وَفِي أَصْلِهَا شَيْخٌ وَصِبْيَانٌ، وَإِذَا رَجُلٌ قَرِيبٌ مِنَ الشَّجَرَةِ بَيْنَ يَدَيْهِ ناَرٌ يُوقِدُهَا، فَصَعِدَا بِي فِي الشَّجَرَةِ، وَأَدْخَلَانِي دَارًا لَمْ أَرَ قَطُّ أَحْسَنَ مِنْهَا، فِيهَا رِجَالٌ شُيُوخٌ وَشَبَابٌ، وَنِسَاءٌ وَصِبْيَانٌ، ثُمَّ أَخْرَجَانِي مِنْهَا فَصَعِدَا بِي الشَّجَرَةَ، فَأَدْخَلَانِي دَارًا هِيَ أَحْسَنُ وَأَفْضَلُ، فِيهَا شُيُوخٌ وَشَبَابٌ، قُلْتُ: طَوَّفْتُمَانِي اللَّيْلَةَ، فَأَخْبِرَانِي عَمَّا رَأَيْتُ، قَالَا: نَعَمْ، أَمَّا الَّذِي رَأَيْتَهُ يُشَقُّ شِدْقُهُ فَكَذَّابٌ يُحَدِّثُ بِالْكَذْبَةِ، فَتُحْمَلُ عَنْهُ حَتَّى تَبْلُغَ الآفَاقَ، فَيُصْنَعُ بِهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَالَّذِي رَأَيْتَهُ يُشْدَخُ رَأْسُهُ فَرَجُلٌ عَلَّمَهُ اللهُ الْقُرْآنَ، فَنَامَ عَنْهُ بِاللَّيْلِ، وَلَمْ يَعْمَلْ فِيهِ بِالنَّهَارِ، يُفْعَلُ بِهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَالَّذِي رَأَيْتَهُ فِي الثَّقْبِ فَهُمُ الزُّناَةُ، وَالَّذِي رَأَيْتَهُ فِي النَّهَرِ آكِلُو الرِّبَا، وَالشَّيْخُ فِي أَصْلِ الشَّجَرَةِ إِبْرَاهِيمُ عليه السلام، وَالصِّبْيَانُ حَوْلَهُ فَأَوْلَادُ النَّاسِ، وَالَّذِي يُوقِدُ النَّارَ مَالِكٌ خَازِنُ النَّارِ، وَالدَّارُ الأُولَى الَّتِي دَخَلْتَ دَارُ عَامَّةِ الْمُؤْمِنِينَ، وَأَمَّا هَذِهِ الدَّارُ فَدَارُ الشُّهَدَاءِ، وَأَناَ جِبْرِيلُ، وَهَذَا مِيكَائِيلُ، فَارْفَعْ رَأْسَكَ، فَرَفَعْتُ رَأْسِي فَإِذَا فَوْقِي مِثْلُ السَّحَابِ، قَالَا: ذَاكَ مَنْزِلُكَ، قُلْتُ دَعَانِي أَدْخُلْ مَنْزِلِي، قَالَا: إِنَّهُ بَقِيَ لَكَ عُمْرٌ لَمْ تَسْتكْمِلْهُ، فَلَوِ اسْتكْمَلْتَ أَتَيْتَ مَنْزِلَكَ".
(رؤيا) مقصورٌ غير منصرفٍ.
(فسألنا) بفتح اللام.
(رجلين) هما جِبْريل ومِيْكائيل، سيأتي في الحديث.
(جالس) بالرفْع والنَّصب.
(وبيده)؛ أي: شيءٌ، ثم ذكر في الرِّواية الآتية تفسيرَه بـ (كَلُّوب).
(قال بعض أصحابنا) لا يضُرُّ إبهامه؛ لأنه قد عُلِمَ أنه لا يَروي إلا عن ثقةٍ بشَرطه، فيُحتمل عدَم تعيينه لتَشابهه أو نحو ذلك، وقد وصلَه الطبراني في "الكبير" عن العبَّاس بن الفَضْل، عن موسى.
(كلوب)؛ أي: قال في هذه الرِّواية: بيَده كَلُّوب، وهو بفتح أوله: حَديدةٌ لها شعْبٌ يُعلَّق بها اللَّحْم، ومثله كُلَّاب -بضمِّ الكاف-.
(شدقه) بكسر الشين: جانب الفَمِ.
(بفهر) بكسر الفاء: حَجَرٌ يَملأُ الكَفَّ.
(فيشدخ) بفتح أوله، وبمعجمتَين، والشَّدْخ: كسر الشَّيء الأَجوف.
(تدهده)؛ أي: تَدحرج وتَدوَّر.
(ثقب) بمثلثةٍ، أو بنونٍ.
(التنور) بتشديد النون، وهذه اللَّفظة في جميع اللُّغات، وهو من الغرائب.
(نارًا) نصبٌ على التَّمييز.
(اقترب)؛ أي: الوقود والحَرُّ.
(قال يزيد)؛ أي: ابن هارُون، وقد وصلَه أحمد في "مسنده".
(ووهب) وصلَه مسلم، والترمذيُّ مختصَرًا، وهو في "صحيح أبي عَوَانة" بهذا اللَّفظ.
(عن جرير) بالجيم: هو أبو وَهْب الرَّاوي عنه ذلك.
(رمى الرجل) برفع (الرَّجل) ونصبه.
(ما هذا) قال في الكل: (ما)، إلا المَشدُوخَ فقال فيه:(مَنْ)، إما لأنَّ (من) سُؤالٌ عن الشَّخص، و (ما) عن حالِه، وهما متلازِمان، فلا تَفاوُت في الحاصل منهما، أو عبَّر في القارئ بـ (مَن)؛ لأنه كالعالم وإنْ لم يعمل، وفي الباقي بـ (ما)؛ كأنَّهم لا عَقْل لهم ولا عِلْم.
(طوفتماني) بطاءٍ مفتوحةٍ، وواوٍ مشدَّدةٍ، وآخره نونٌ، ويُروى بباءٍ موحَّدةٍ بدلًا من النُّون، يُقال: طاف الرَّجلُ، وطَوَّفته، وطوَّفْتُ به.
(فكذاب) قال ابن مالك: دَخَلَتِ الفاء لتضمُّن الموصول العموم؛ إذْ ليس المراد به مُعيَّن بل هو وأمثالُه، وكذا الباقي.
(بالكذبة) بكسر الكاف.
(فتحُملُ) بتخفيف الميم، وقيل مشدَّدةٌ.
(فأولاد الناس) عامٌّ للمشركين وغيرهم، وهو محلُّ ترجمة البخاري، وفي بعضها:(فأَولاد) الفاء فيه لتضمُّن أمَّا أي، وأمَّا الصِّبيان،
وحذْفها على حدِّ قوله تعالى: {وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ} [آل عمران: 7]، إذا قُدِّر الوقْف على:{إلا اللَّهُ} .
(دار الشهداء) قال (ك): لم يَذكُر النِّساءَ والصِّبيان؛ لأنَّ الغالِب أنَّ الشَّهيد إما شيخٌ، أو شابٌّ.
واعلم أن المُناسَبة في الرِّوايات كلِّها ظاهرةٌ إلا الزُّناة، فوجْهُه: أن العُرْي فضيحةٌ كالزِّنا، ثم إنَّ الزَّاني يطلُب الخَلْوة كالتَّنُّور، ولا شكَّ أنه خائفٌ حَذِرٌ وقْتَ الزِّنا كأن تحته النَّار.
وفي الحديث الاهتِمام بأمر الرُّؤيا، واستِحبابُ السُّؤال عنه، وذكرها بعد الصَّلاة، والتَّحذير عن الكَذِب والرِّوايةِ بغير الحَقِّ، وعن تَرْك قِراءة القرآن والعمَل به، والتَّغليظُ على الزُّناة، والرِّبا، وسعادةُ صِبْيان الخلائق كلِّهم، وتَفضيلُ الشُّهداء.
قال (ط): فيه وعيدٌ شديدٌ لمن حَفِظ القُرآن، فلم يقْرأه باللَّيل، ولمن لا يَتثبَّت في الرِّواية، وأن مَن قدَّم خيرًا وجدَه يوم القيامة؛ لقوله:(أتَيتَ مَنْزلَك)، وهذه الرُّؤيا مشتملةٌ على حِكَمٍ عظيمةٍ.
ووجه الضَّبْطِ في هذه الأمور: أن الحال إمَّا أن يقتضيَ ثَوابًا أو عِقابًا، والثَّواب إما لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ودرجتُه فوق الكلِّ مثل السَّحابة، وإما للأمة، وهي ثلاث درجاتٍ: الدُّنيا للصِّبيان، والوسطى للعامة، والعُليا للشُّهداء، وإبراهيم عليه السلام وإنْ كان رفيعَ الدَّرَجة على الشُّهداء؛ فوجْهُ كونه تحت الشَّجَرة وهو خليل الله وأبو الأنبياء الإشارةُ