الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
غير الزكاة كان كذلك على زَوْجها.
قلتُ: قد سبق أن إضافة الأيتام لها إضافةَ تربيةٍ لا ولادةٍ؛ فاستَووا مع الزوج.
(بني)؛ أي: من أبي سلَمة زَوجها قبْل النبي صلى الله عليه وسلم.
قال (ك): ووجه أخْذ التَّرجمة من ذلك: قياسُ الأيْتام من ولَد غير المزكِّي على الذين هو ولَد المزكِّي.
قلت: وفسَاد هذا الجَواب ظاهرٌ.
قال: أو أن هذا الحديث ذكر في الباب لمُناسبة الحديث الأوَّل في الإنفاق على اليَتيم فقط، والبخاري كثيرًا يعمَل مثلَه.
* * *
49 - بابُ قَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ}
وَيُذْكَرُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: يُعْتِقُ مِنْ زَكَاةِ مَالِهِ وَيُعْطِي فِي الْحَجِّ، وَقَالَ الْحَسَنُ: إِنِ اشْتَرَى أَبَاهُ مِنَ الزَّكَاةِ جَازَ، وَيُعْطِي فِي الْمُجَاهِدِينَ، وَالَّذِي لَمْ يَحُجَّ، ثُمَّ تَلَا:{إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ} الآيَةَ فِي أَيِّهَا أَعْطَيْتَ أَجْزَأَتْ، وَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"إِنَّ خَالِدًا احْتبَسَ أَدْرَاعَهُ فِي سَبِيلِ اللهِ"، وَيُذْكَرُ عَنْ أَبِي لاسٍ: حَمَلَنَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى إِبِلِ الصَّدَقَةِ لِلْحَجِّ.
(باب قَولِ الله تعالى: {وَفِي الرِّقَابِ} [التوبة: 60])
(تعتق)؛ أي: لقَوله تعالى: {وَفِي الرِّقَابِ} .
(ويعطي)؛ أي: لقَوله: {وَفِي سَبِيلِ اللَّه} .
(في أيها)؛ أي: إلى مَصرِفٍ من المَصارف الثَّمانية.
(أعطيت) مبنيٌّ للفاعل، أو المفعول، وكذا:(أجزأت).
وقوله: (إن خالدًا) سيأْتي موصولًا قريبًا.
(ويذكر عن أبي لاسٍ) بسينٍ مهملةٍ منوَّنةٍ، قال ابن عبد البَرِّ: اسمه: عبد الله، وقيل: زياد، انتهى. قال (ك): وقيل محمد الخُزاعي المدَني.
ووصَلَ حديثَ أبي لاسٍ أحمد، وإسحاق في "مُسنَديهما"، وصحَّحه ابن خُزَيمة، والحاكم.
(للحج)؛ أي: قِسْم سَبيل الله يُصرف في الجهاد، والوقْف، والحجِّ.
* * *
1468 -
حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، أَخْبَرَناَ شُعَيْبٌ، حَدَّثَنَا أَبُو الزِّناَدِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: أَمَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِالصَّدَقَةِ، فَقِيلَ مَنَعَ ابْنُ جَمِيلٍ، وَخَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ، وَعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "مَا يَنْقِمُ ابْنُ جَمِيلٍ إِلَّا أنَّهُ كَانَ فَقِيرًا فَأَغْنَاهُ اللهُ وَرَسُولُهُ، وَأَمَّا خَالِدٌ فَإِنَّكُمْ تَظْلِمُونَ خَالِدًا، قَدِ احْتَبَسَ أَدْرَاعَهُ وَأَعْتُدَهُ
فِي سَبِيلِ اللهِ، وَأَمَّا الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَعَمُّ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَهْيَ عَلَيْهِ صَدَقَةٌ وَمِثْلُهَا مَعَهَا".
تَابَعَهُ ابْنُ أَبِي الزِّناَدِ، عَنْ أَبِيهِ، وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي الزِّناَدِ: هِيَ عَلَيْهِ وَمِثْلُهَا مَعَهَا، وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: حُدِّثْتُ عَنِ الأَعْرَجِ بِمِثْلِهِ.
(ابن جميل) هو رجلٌ من الأنصار.
قلتُ: قال في "جامع الأُصول" تبَعًا لابن مَنْدَه: لا يُعرف اسمه.
ونقَل ابن الجَوزي أنه قيل: إن اسمه: حُمَيد، ونقَل غيره أنه أبو جَهْم، أو أبو جُهَيم.
قال المُهلَّب: كان منافقًا، فقال الله تعالى:{وَمَا نَقَمُوا} الآية إلى: {فَإِن يَتُوبُوا يَكُ خَيْرًا لَهُمْ} [التوبة: 74]، فقال: استَتابني الله، فتابَ وصلَحتْ حالُه.
(ينقم) بكسر القاف، ونقَم بالفتح، ويقال: نَقِم بالكسر، ينقَم بالفتح.
(إلا أنه كان فقيرًا)؛ أي: لا ينبغي له أن يمنع الزكاة؛ لأنه كان فقيرًا فأغناه الله، فليس هذا جزاءَ النعمة، أي: فلا ينقِم شيئًا من أمر الزكاة إلا أن يَكفُر النِّعمة، فكأنَّ غِنَاهُ أدَّاه لذلك.
(وأعْبُدَهُ) بالموحَّدة، أو بالمثنَّاة فوق، سبَق قريبًا.
(تابعه ابن أبي الزِّنَاد)؛ أي: عبد الرَّحمن بن عبد الله، وقد وصلَه
أحمد، وأبو عُبَيد في "كتاب الأموال".
(وابن إسحاق) قال (ك): والظَّاهر أنه محمد صاحب "المغازي"، وقال غيره: وصلَه الدَّارَقُطْني.
(وقال ابن جريج)؛ أي: عبد الملِك.
قال (خ): قِصَّةُ خالد تُؤوَّل على وُجوهٍ: أنه إذا احتَبس أدراعه في سبيل الله تقرُّبًا، وليس بواجبٍ، فكيف يمنع الزكاة؟! أو أنه طُولب بزكاةِ أثمانِ الأدراع بناءً على أنها للتجارة، فأجاب عنه: بأنه احتبسَها، فلا زكاةَ فيها، وحينئذٍ فيدلُّ على الزكاة في مال التجارة، وجواز احتباس آلات الحرب، ويُقاس به الثِّياب، أو أنَّ ما احتبسَه يُحسب له من الزكاة؛ لأن أحَدَ الأصناف سَبيل الله، وهم المجاهدون، فَصَرْفُها في الحال كصرفها في المآل.
وفيه دليلٌ على جواز أخْذ القيمة عن أعيان الأموال، ووضْع الصدقة في صنفٍ واحدٍ.
وأما قصة العبَّاس فلفظة: (صدَقة) قلَّ المُتابعون فيها لشُعَيب، ورواية ابن إسحاق أَولى؛ لأن العبَّاس لا تحلُّ له الصدقة، وقال أبو عُبيد: أرى -والله أعلم- أنه كان قد أخَّر عنه الصدقة عامين لحاجة العبَّاس إليها، وفي رواية:(فهيَ عليَّ، ومثلُها)، ويُتأوَّل بأنه كان تسلَّف منه صدَقة عامين: العام الذي شكاه العامل فيها، والذي قبْلَه، ففيه دليلٌ على جواز التَّعجيل، وقال المُهَلَّب: المراد أنه يُعطيها عنه، أي: فللإمام أن يضمن الزكاة، وأما رواية:(فهي عليَّ)، فمعناه: