الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولو كنتَ في أبعد مكانٍ، فإن الله لا يضيع أجرَ إحسانك.
وفيه أنه يحصُل ثواب الهجْرة لمن وجبَتْ عليه ولكن تعذَّرت، وكذا كلُّ طاعةٍ كالمريض يصلِّي قاعدًا، ولو كان صحيحًا يصلِّي قائمًا، وإنما له ثوابُ صلاة القائم.
قال (ش): وعند أبي الهَيْثَم: التُّجَّار، وهو وهمٌ.
(يَتِرَك) بكسر التاء: بمعنى ينقُصَك، كما قال تعالى:{وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ} [محمد: 35]، وفي بعضها:(يَتْرك) بسكون التاء من التَّرك.
(من عملك)؛ أي: من ثَواب عمَلك.
* * *
37 - بابُ مَنْ بَلَغَتْ عِنْدَهُ صَدَقَةُ بِنْتِ مَخَاضٍ وَلَيْسَتْ عِنْدَهُ
(باب مَن بلغَتْ عندَه صدَقةٌ)، بالرفع فاعل (بلَغَ)، (بنت مخاض) بالنَّصب مفعولُه، ورُوي بإضافة (صدقةٍ) إلى (بنْت)، وكذا كُلُّ ما هو مثل ذلك في هذا الباب، وأورده (ط): من بلَغت صدقتُه بنتَ مخاضٍ، وليستْ عنده، ثم قال: لم يأتِ ذكره في هذا الحديث، إنما ذكَره في (باب العُروض في الزكاة)، وهذا غَفْلةٌ من البخاري.
قلتُ: لكن وجه أخْذِه من الحديث من قوله: (ومَنْ علَيه بنْتُ لَبونٍ وليستْ عندَه، وعنده بنت مخاضٍ)؛ فإن العكس سائغٌ كما في
الذي سبق، فإنَّ فيه ذكْر كل سنٍّ يُؤخَذ عن أسفل، وعكسه.
* * *
1453 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنِي ثُمَامَةُ أَنَّ أَنَسًا رضي الله عنه حَدَّثَهُ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ رضي الله عنه كَتَبَ لَهُ فَرِيضَةَ الصَّدَقَةِ الَّتِي أَمَرَ اللهُ رَسُولَهُ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ بَلَغَتْ عِنْدَهُ مِنَ الإِبِلِ صَدَقَةُ الْجَذَعَةِ، وَلَيْسَتْ عِنْدَهُ جَذَعَةٌ وَعِنْدَهُ حِقَّةٌ، فَإِنَّهَا تُقْبَلُ مِنْهُ الْحِقَّةُ، وَيَجْعَلُ مَعَهَا شَاتَيْنِ إِنِ اسْتَيْسَرَتَا لَهُ أَوْ عِشْرِينَ دِرْهَمًا، وَمَنْ بَلَغَتْ عِنْدَهُ صَدَقَةُ الْحِقَّةِ وَلَيْسَتْ عِنْدَهُ الْحِقَّةُ، وَعِنْدَهُ الْجَذَعَةُ، فَإِنَّهَا تُقْبَلُ مِنْهُ الْجَذَعَةُ، وَيُعْطِيهِ الْمُصَدِّقُ عِشْرِينَ دِرْهَمًا أَوْ شَاتَيْنِ، وَمَنْ بَلَغَتْ عِنْدَهُ صَدَقَةُ الْحِقَّةِ، وَلَيْسَتْ عِنْدَهُ إِلَّا بِنْتُ لَبُونٍ فَإِنَّهَا تُقْبَلُ مِنْهُ بِنْتُ لَبُونٍ، وَيُعْطِي شَاتَيْنِ أَوْ عِشْرِينَ دِرْهَمًا، وَمَنْ بَلَغَتْ صَدَقَتُهُ بِنْتَ لَبُونٍ، وَعِنْدَهُ حِقَّةٌ، فَإِنَّهَا تُقْبَلُ مِنْهُ الْحِقَّةُ، وَيُعْطِيهِ الْمُصَدِّقُ عِشرِينَ دِرْهَمًا أَو شَاتَينِ، وَمَن بَلَغَتْ صَدَقَتُهُ بِنْتَ لَبُونٍ وَلَيسَتْ عِندَهُ، وَعِندَهُ بِنتُ مخَاضٍ، فَإِنَّهَا تُقْبَلُ مِنْهُ بِنْتُ مَخَاضٍ، ويُعْطِي مَعَهَا عِشْرِينَ دِرْهَمًا أَوْ شَاتَيْنِ".
(من بلغت) مبتدأٌ خبره محذوفٌ؛ أي: فيها.
(جَذَعَةٌ)؛ أي: التي لها أربع سنين؛ لأنها جَذَعَتْ، أي: سقَط مقدَّم أسنانها.
(حِقَّةٌ)؛ أي: ذاتُ ثلاث سنين؛ لأنها استحقَّت الحمْل، أو النَّزوَان.
(استيسرتا) بمعنى: تيسَّرتا.
(المصدق) بتخفيف الصاد: السَّاعي.
وفيه أنه لا يُصعد عن الجذَعة إلى سِنٍّ فوقَها مع أخْذ جُبرانٍ من الساعي؛ لأنها أعلى السِّن الواجب؛ لأنها نهاية الإبل في الحُسْن والدَّرِّ والنَّسْل والقُوَّة، وما بعدها رجوعٌ كالكِبَر والهرَم.
قلت: هذا على ما حسَّنه الرافعي، لكن الذي في "الروضة" وِفاقًا للجمهور: جَواز الصُّعود للثَّنَيَّة، أما بنتُ المخاض إذا فُقدت فلا نُزولَ منها إلى الفَصِيل اتفاقًا؛ لأن سِنَّ بنت المخاض أوَّل الانتفاع بالإبل، وما دونه لا انتفاعَ به غالبًا، ولهذا كانت أولَ الأسنان المُخرَجة في الزكاة.
وفيه أنه لا يصعد ولا ينزل عند وجود الفَريضة، وأن الخيارَ في الشاتين والعشرين للمُعطي، سواءٌ كان المالكَ أو السَّاعيَ، وأن كلًّا من الشاتين والعشرين درهمًا أصلٌ في نفسه لا بدلٌ؛ لأنه قد خُيِّر فيهما، وكان معلومًا لا يجري مجرى تعديل القيمة لاختلاف ذلك في الأزمنة، فهو تعويضٌ قَدَّرَهُ الشارع كالشاة في المُصَرَّاة، والغُرَّة في الجَنين؛ لتعذُّر الوقوف في مثل ذلك على مبلغ الاستحقاق، ولو نزلت إلى ما يَتداعاه الخصْمان لطال النِّزاع، بل والغالِب في الصدقة أن تُؤخذ على المياه، وفي البوادي، ولا سُوقَ هناك، ولا مُقوِّمَ يُرجع إليه فَقُدِّر هذا لقطْع النِّزاع، وإنما لم يُقرَّر مع ابن اللَّبون عن بنت المخاض