الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فِي بُرْدَةٍ، إِنْ غُطِّيَ رَأْسُهُ بَدَتْ رِجْلَاهُ، وَإِنْ غُطِّيَ رِجْلَاهُ بَدَا رَأْسُهُ، وَأُرَاهُ قَالَ: وَقُتِلَ حَمْزَةُ وَهُوَ خَيْرٌ مِنِّي، ثُمَّ بُسِطَ لَنَا مِنَ الدُّنْيَا مَا بُسِطَ -أَوْ قَالَ: أُعْطِينَا مِنَ الدُّنْيَا مَا أُعْطِينَا- وَقَدْ خَشِينَا أَنْ تَكُونَ حَسَنَاتُنَا عُجِّلَتْ لَنَا، ثُمَّ جَعَلَ يَبْكِي حَتَّى تَرَكَ الطَّعَامَ.
(أُراه)؛ أي: أَظنُّه.
(ترك الطعام)؛ أي: وقْتَ الإفطار.
قال (ط): إنما استُحبَّ أن يُكفَّن في تلْك البُردة؛ لأنه قُتل فيها، وفيها يُبعث.
وفيه أن العالم يَنبغي له أن يذكُر سِيَر الصَّالحين في تقلُّلهم من الدُّنيا لتَقِلَّ رغبتُه فيها، وإنما بكَى شفَقًا أن لا يلحَق بمن تقدَّمه، وحُزْنًا على تأْخيره عنهم، وأنه يَنبغي للمَرء أن يتذكَّر نِعَمَ الله، ويعترف بالتَّقصير عن أداء شُكرها، ويتخوَّف أن يُقاصَّ بها في الآخرة.
* * *
27 - بابٌ إِذَا لَمْ يَجِدْ كَفَنًا إِلَّا مَا يُوَارِي رَأْسَهُ أَوْ قَدَمَيْهِ غَطَّى رَأْسَهُ
(باب: إذا لَم يَجدْ كفَنًا إلا ما يُواري رأْسَه)
1276 -
حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا
الأَعْمَشُ، حَدَّثَنَا شَقِيقٌ، حَدَّثَنَا خَبَّابٌ رضي الله عنه قَالَ: هَاجَرْناَ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم نَلْتَمِسُ وَجْهَ اللهِ، فَوَقَعَ أَجْرُناَ عَلَى اللهِ، فَمِنَّا مَنْ مَاتَ لَمْ يَأْكُلْ مِنْ أَجْرِهِ شَيْئًا؛ مِنْهُمْ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ، وَمِنَّا مَنْ أَيْنَعَتْ لَهُ ثَمَرَتُهُ فَهُوَ يَهْدِبُهَا، قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ، فَلَمْ نَجِدْ مَا نُكَفِّنُهُ إِلَّا بُرْدَةً إِذَا غَطَّيْنَا بِهَا رَأْسَهُ خَرَجَتْ رِجْلَاهُ، وَإِذَا غَطَّيْنَا رِجْلَيهِ خَرَجَ رَأْسُهُ، فَأَمَرَناَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ نُغَطِّيَ رَأْسَهُ، وَأَنْ نَجْعَلَ عَلَى رِجْلَيْهِ مِنَ الإِذْخِرِ.
(خَبَّاب) بفتح المعجمة، وتشديد الموحَّدة: ابن الأَرَتِّ، بالمثنَّاة.
(أيْنَعَتْ) بمثنَّاةٍ تحت، ثم نونٍ، أي: أدركتْ ونضَجتْ، ومثله أيضًا يَنِعَ، قال تعالى:{وَيَنْعِهِ} [الأنعام: 99].
(يَهْدِبها) بفتح أوَّله، وبدالٍ مهملةٍ مكسورةٍ، أي: يجتنيها ويقْطِفها، كذا قال (ع)، وأبو الفرَج، وغيرهما، قال (ك): بضمِّ الدال وكسرها، قال (ش): وحكَى السَّفَاقسيُّ: تَثليثها.
وقال القُرطُبي: معناه يأكلُها، وأصْلُه من هدَبَ الثَّوب، وهو طرَفه المُتدَلِّي، وكأن الآكِل يأْكُله هُدْبًا هُدْبًا.
(قُتل)؛ أي: مُصْعَب، وهو استئنافٌ.
قال (ط): فيه أن الثَّوب إذا ضاق، فتَغطية الرأْس أَولى من الرِّجلين؛ لأنه أفضل، وما كان عليه صدْرُ الأُمة من الزُّهد.
(لم يأكل)؛ أي: لم يكَتسِب من الدُّنيا شيئًا ولا اقتَناه؛ لينالها في الآخرة موفرةً.