الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بسم الله الرحمن الرحيم
20 -
أبواب فَضْلِ الصَّلَاةِ في مَسْجِدِ مَكَّة وَالْمَدِينَة
1 - بابُ فضْل الصَّلاةِ في مَسجد مكَّةَ والمَدينة
(فضْل الصَّلاةِ في مَسجد مكَّةَ والمَدينة)
1188 -
حَدَّثنا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا شُعْبَة، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ، عَنْ قَزَعَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبا سَعِيدٍ رضي الله عنه أَرْبَعًا قَالَ: سَمِعْتُ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَكَانَ غَزَا مَعَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم ثِنتيْ عَشْرَةَ غَزْوَةً (خ).
1189 -
حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ:"لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلَّا إِلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ؟ الْمَسْجدِ الْحَرَامِ، وَمَسْجدِ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم، وَمَسْجدِ الأَقْصَى".
الحديث الأول:
(أربعًا)؛ أي: أربعَ كلماتٍ، أو أحاديثَ، أي: سمعتُ منه، أو سمعتُه يحدِّث أربعًا، وستأتي هذه الأربعة مفصَّلةً في (باب مَسجِد بيت المَقدِس).
(لا تشد) نفيٌ بمعنى النَّهي؛ لكونه أبلَغُ من صَريح النَّهي، أي: كأَنَّه واقعٌ بالامتثال له.
(الرحال) جمع رَحْلٍ، وهو للبَعير أصغَرُ من القَتَب، كنَّى بذلك عن السفَر؛ لأنه لازِمُه.
(إلا إلى ثلاثة) الاستِثناء مُفرَّغٌ، والمراد: لا تُشَدُّ لمسجدٍ إلا لهذه الثلاثة، لا أن المُراد: لا سفَر إلا لها، ولا زيارة لإبراهيم عليه السلام ولا لغيره من الأنبياء، ولا لغير ذلك من الأَسفار، ويَدلُّ على ذلك السِّياق؛ لأنَّ المقدَّر في المُفرَّغ يقدَّر مُناسِبًا للمستثنى معنى ووصفًا، نحو: ما رأيتُ إلا زيدًا، يقدَّر: ما رأيتُ رجلًا أو إنسانًا، ولا يقدَّر حيوانًا أو نحوه، وقد وقَع في هذه المسألة مُناظراتٌ في البلاد الشاميَّة، وصُنِّف فيها رسائل من الطرَفين.
(المسجد الحرام) بدَلٌ من ثلاثة، وفي بعضها بالرفْع خبر مبتدأ محذوفٍ، وهو يُطلَق إما على الكعبة نحو:{فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [البقرة: 144]، أو مكة نحو:{أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [الإسراء:1]، أو الحرَم نحو:{فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ} [التوبة: 28]، أو نفْس المَسجِد، وهو المراد في الحديث.
(الرسول)؛ أي: سيدنا محمدٌ صلى الله عليه وسلم، فاللام للعَهْد، ولم يَقُل: مسجدي؛ لقصْد تعظيمه، وتعليل التَّعظيم، كقول الخليفة: أميرُ المُؤمنين يَرسُم لك بكذا، مكان: أنا أَرسمُ.
(المسجد الأقصى) بيت المَقدِس، وُصِفَ بذلك لبُعد ما بينه وبين المسجد الحرام، وقيل: لأنَّه أقصَى موضعٍ من الأرض ارتقاعًا، وقُربًا إلى السَّماء، وقال الزَّمَخْشَرِي: لأنه لم يكنْ حينئذٍ وراءَه مسجدٌ.
قال (خ): معنى (لا تُشَدُّ): الإيجاب فيما نذَره الإنسان من صلاةٍ في البِقاع التي يُتبَرَّكُ بها، فلا يَلزم الوَفاءُ حتى يُشدَّ الرَّحْل إليه، ويُقطِع المسافة إلا لهذه الثلاثة التي هي مساجد الأنبياء عليهم السلام، فمَن نذر الصلاة في غيرها من البِقاع، فهو مخيَّرٌ بين إتيانها والصلاةِ في موضعه، فالشَّدُّ للمسجد الحرام فرْضُ الحج والعُمرة، ولمسجدِه صلى الله عليه وسلم في حياته للهِجْرة فرضٌ أيضًا كفايةً، وللبيت المُقدَّس فضيلةٌ واستحبابٌ.
وقد يُؤوَّل الحديث أيضًا على أنَّه لا يُدخَل في الاعتكاف إلا للثَّلاثة، حتى ذهَب بعض السلَف أنَّه لا يصحُّ الاعتكاف إلا فيها.
قال (ن): ذهَب الشيخ أبو محمَّد إلى تَحريم الشَّدِّ لغيرها كقُبور الصَّالحين ونحوهم، والصَّحيح لا يَحرُم، ولا يَلزَم، وأن الفَضيلة التامَّةَ إنما هي في شدِّ الرحال إلى الثلاثة خاصةً.
* * *
1190 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ زيدِ بْنِ رَبَاحٍ وَعُبَيْدِ اللهِ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللهِ الأَغَرِّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ الأَغَرِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "صَلَاةٌ في مَسْجدِي هَذَا خَيْرٌ مِنْ
ألْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ إلا الْمَسْجدَ الْحَرَامَ".
الحديث الثاني:
(ابن أبي عبد الله) اسمه: سُلَيمان.
(الأغر) بفتح الهمزة، والمُعجَمة، وبراءٍ مشدَّدةٍ، أي: رَوى مالكٌ عن الاثنين، عن أبي عبد الله مَقرونيَن، كما قاله الكَلابَاذِي.
(إلا المسجد الحرام) يحتمل أمورًا ثلاثةً: المساواة لمَسجِده صلى الله عليه وسلم، وأنه أَفضَل، وأنه أَدْوَن باعتبار أنْ تكون الصَّلاة فيه خيرٌ مِن دُون ألف صلاةٍ كتسع مئةٍ مثلًا.
قال الجُمهور: مكَّةُ أفضَل من المدينة، ومَسجدُها أفضل من مَسجِدها، وعَكَسَ ذلك مالكٌ، وأوَّلَ الحديث بأن معناه: إلا المَسجِد الحرام، فإنَّ الصلاةَ في مَسجدي هذا تَفضُله بدون الألف.
قال (ن): مذهبُنا أن هذا التَّفضيل في الفَرْض والنَّفْل؛ لإطلاق الحديث، وقال الطَّحَاوِي: يختصُّ بالفرْض، والاتفاق على أنَّه فيما رجَع للثواب، فثواب صلاةٍ فيه تَزيد على ثَواب ألفٍ فيما سِواه لا الإِجْزاء عن الفَوائِت، وأن ذلك مُختصٌّ بمسجده الذي كان في زمانه صلى الله عليه وسلم دُون ما زِيْدَ فيه.
قال القَرَافِيُّ في "الفُرُوق": أنكَر بعض الشافعية على (ع): في قوله: البُقعة التي ضمَّتْ أعضاءَه صلى الله عليه وسلم أفضَلُ البِقاع بالإجماع من حيث إنَّ الأَفضليَّة كَثْرة ثواب العمَل، والعمَل هنا متعذِّرٌ، والجواب: أنَّ