الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب حد قاطع الطريق
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن عَبَّاسٍ وَمَالِك وأَبِي حَنِيفَةَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ أن قوله تعالى: (إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ) الآية نزلت في حد قاطع الطريق. وعند بعض الناس والحسن نزلت في أهل الذمة إذا نقضوا الذمة ولحقوا بدار الحرب وأخافوا السبيل، وبه قال ابن عَبَّاسٍ في رِوَايَة عنه. وعند ابن عمر وأنس نزلت في المرتدين من العرنيين حين ارتدوا وقتلوا الرعاء واستاقوا إبل المسلمين فأنفذ الرسول صلى الله عليه وسلم من جاء بهم وقطع أيديهم، وأرجلهم وسمل أعينهم وألقاهم في الحرة حتى ماتوا.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن عَبَّاسٍ وقتادة وأبي مجلز وحماد واللَّيْث وَأَحْمَد وإِسْحَاق وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ الحدود المذكورة في الآية في قطاع الطريق على الترتيب، إن قتلوا ولم يأخذوا المال قتلوا وتحتم قتلهم ولا يدخله العفو. وإن قتلوا وأخذوا المال قتلوا وصلبوا. وإن أخذوا المال ولم يقتلوا قطعت أيديهم وأرجلهم من خلاف. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن قتلوا ولم يأخذوا المال وجب عليهم القتل كقول الشَّافِعِيّ ومن وافقه، وإن أخذوا المال ولم يقتلوا قطعوا كقول الشَّافِعِيّ ومن وافقه. وإن قتلوا وأخذوا المال فاختلف النقل عنه، فنقل عنه صاحب البيان والشاشي أن الإمام فيهم بالخيار بين أن يقتلهم ويصلبهم، أو يصلبهم ويقطعهم، أو يقطعهم ويقتلهم ويصلبهم. والنفي عنده الحبس. ونقل عنه الفوراني وابن الصباغ، والشيخ أبو حامد. وصاحب الدر الشفاف أن الإمام فيهم بالخيار بين القتل والقطع دون الصلب، وبين القتل والصلب دون القطع، وبين الجمع بين الثلاثة. ونقل عنه صاحب المعتمد أن الإمام فيهم بالخيار بين القتل والصلب وبين القتل والقطع أو الاقتصار على القتل. وعند أَحْمَد إذا أخذوا المال وقتلوا فإنهم يقتلون ويصلبون ولا يقطعون. وعنده رِوَايَة أخرى أنهم يقطعون ويقتلون. وعند مالك أن هذه الأحكام المذكورة في الآية على التخيير دون الترتيب، وهي موكولة إلى اجتهاد الإمام، وله أن يقتلهم إذا رآه ونظر، وإن لم يكن قتلوا حبسهم.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا شهروا السلاح وأخافوا السبيل ولم يأخذوا المال ولم يقتلوا عُزّروا وإن رأى الإمام أن يحبسهم حبسهم، والأولى غير بلدهم. وعند مالك ينظر الإمام فيهم فمن كان منهم ذا رأى قتله، ومن كان جلدًا ولا رأى له قطعه، ومن لم يكن ذا رأي ولا جلد حبسه. وعند سعيد بن المسيب والحسن ومجاهد وعَطَاء والنَّخَعِيّ
والضحاك وداود إذا شهروا السلاح وأخافوا السبيل فالإمام فيهم بالخيار بين أربعة أشياء: بين القتل أو القطع للأيدي والأرجل أو الحبس.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا أخذ المحارب دون النصاب لم يقطع. وعند بعض أصحابه يقطع. وعند مالك إن رأى الإمام قطعه في ذلك قطعه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والْأَوْزَاعِيّ واللَّيْث وأَبِي ثَورٍ وأَبِي يُوسُفَ وَأَحْمَد، واختاره أبو بكر من أصحابه حكم قطَّاع الطريق إذا أخذوا المال وقتلوا، أو أخذوا المال ولم يقتلوا، أو قتلوا ولم يأخذوا المال من المصر أو من البلد حكمهم إذا فعلوا ذلك في الصحراء، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند مالك قطاع الطريق الذين تتعلق بهم هذه الأحكام هو إن فعلوا ذلك على ثلاثة أميال من المصر فصاعدًا، فإن فعلوا ذلك على أقل من ثلاثة أميال، أو كانوا في المصر لم تتعلَّق بهم هذه الأحكام. وعند أَبِي حَنِيفَةَ والثَّوْرِيّ وإِسْحَاق واختاره من الحنابلة الخرقي، وأبو حفص، وبه قال من الزَّيْدِيَّة الهادي لا تتعلَّق بهم هذه الأحكام إلا إذا كانوا في البرية، فأمَّا إذا كانوا في مصر أو قرية أو بين قريتين متقاربتين فلا تتعلق بهم هذه الأحكام وتوقف أَحْمَد في هذه المسألة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا لم يكن مع قطَّاع الطريق سلاح لكن خرجوا بالعصا والحجارة فهم محاربون. وعند أَبِي حَنِيفَةَ ليسوا محاربين.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ حد قاطع الطريق يختص بالمباشر دون المُعين والمكثر والمهيب، وإنما يجب على المُعين والمكثر والمهيب التعزير والحبس. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وأكثر العلماء يجب على المكثر والمهيب والمعين ما يجب على الذي أعانه من القطع أو القتل.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ يتحتم الصلب في حق المحارب. وعند أَبِي حَنِيفَةَ هو إلى رأي الإمام إن شاء فعله وإن شاء تركه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا كان في قطَّاع الطريق امرأة فأخذت المال وقتلت وجب عليها حد قاطع الطريق. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يجب عليها ولا على من كان ردءًا لها، إلا أنه يوجب عليها القتل قصاصًا وهكذا ضمان المال.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قتل المحارب ولم يأخذ المال وجب قتله قودًا لولي المقتول، ويتحتم قتله بحق اللَّه تعالى فلا يجوز للإمام تركه، فوجوب القتل حق للآدمي وانحتامه حق للَّهِ تعالى. وعند بعض الناس يتحتم القتل بل إن شاء الولي قتل وإن شاء عفا عنه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ المحارب إذا قطع يد رجل وقتل آخر قطعت يده ثم قتل. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يدخل الجرح في القتل، وكذا عنده إذا قطع يسار رجل وأخذ المال قطعت يده اليمنى ورجله اليسرى ولا تقطع يساره.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ الصلب المذكور في الآية يفعل بعد القتل، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر، وعند الهادي وهو الأصح من مذهب النَّاصِر. وعند بعض أصحابه يصلب حيًا ويترك حتى يموت. وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند مالك يصلب حيًا ثم يقتل. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يصلب حيًا ثلاثًا ثم تبقج بطنه بالرمح حتى يموت. وعند أبي حَنِيفَةَ أيضًا إن شاء فعله قبل القتل، وإن شاء بعده.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ في رِوَايَة النفي المذكور في القرآن هو أن يطلب ليقام عليه الحد. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وزيد بن علي هو الحبس حتى يتوب إذا أخاف السبيل ولم يقتل، ولم يأخذ المال. وعند أَحْمَد النفي إذا قتلوا ولم يأخذوا المال أن يسروا في البلاد فلا يتركوا يقيموا في بلدة. وعند النَّاصِر من الزَّيْدِيَّة النفي الطرد والحبس سنة. وعند الهادي منهم أنه الطرد من بلده سنة. وعند مالك ينفى من بلد إلى بلد ويحبس في السجن ولا ينفى إلى بلد الكفر. وعند الشعبي ينفيه عن عمله. وعند الحسن يُنفى حيث لا يقدر عليه. وعند بعض الناس ينفى من بلد إلى بلد كالزاني.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا استحق القتل أو القطع على المحارب قتل ولم يقطع، وبه قال أبو يوسف ومحمد، ومن الزَّيْدِيَّة أبو طالب عن الهادي. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يقطع ثم يقتل، وبه قال من الزَّيْدِيَّة المؤيَّد عن الهادي.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كان في قطَّاع الطريق أب أو ابن للمقطوع عليه لم يسقط الحد عن الباقي. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يسقط الحد عن الباقي.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قتل الأب ابنه في المحاربة قتل في أحد القولين، وبه قال مالك، ولا يقتل في القول الآخر، وبه قال أبو حَنِيفَةَ وَأَحْمَد.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حبس المحدود في المحاربة مع القتل لم يسقط وعند أبي حَنِيفَةَ يسقط.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ الحدود المتعلقة بغير المحاربة مع القتل إذا فعلها المحارب وتاب قبل أن يصير في قبضة الإمام سقطت في أحد القولين، وبه قال أحمد، ولا تسقط في
القول الآخر، وبه قال أبو حَنِيفَةَ ومالك.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا فعلها في غير المحاربة وتاب وأصلح فإنها تسقط في أحد القولين ولا تسقط في الآخر، وبه قال أبو حَنِيفَةَ.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَبِي حَنِيفَةَ ومُحَمَّد وأَبِي يُوسُفَ الحدود المختصة بالمحاربة إذا تاب عنها قبل القدرة عليه سقطت، وبه قال زيد بن علي، ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر، واختاره المؤيَّد منهم.
مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إذا اجتمع حد القذف وحد الزنا والسرقة قُدِّم حد القذف على الزنا والسرقة. وفي حد الشرب وجهان: أحدهما يُقدم حد الشرب على حد القذف، والثاني يقدم حد القذف عليه، وبه قال أحمد. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يُقَدَّم حد القذف ويؤخر حد الشرب ويتخير في حد الزنا والشرب.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا اجتمع حد القذف وحد الرب لم يتداخلا. وعند مالك يتداخلا.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا اجتمعت عليه حدود قَتل، مثل أن قذف وزنى وسرق في غير المحاربة وأخذ المال في المحاربة وقتل في غير المحاربة، فإنه تُستوفى عليه الحدود كلها ولا تسقط بالقتل، فيبدأ بحد القذف ثم بحد الزنا، ثم تقطع يده اليمنى ورجله اليسرى ثم القتل. وعند عَطَاء والشعبي والنَّخَعِيّ وحماد تسقط الحدود كلها ويكتفى بالقتل، وبه قال مالك إلا في حد القذف. وعند الثَّوْرِيّ وَأَحْمَد وإِسْحَاق تسقط حقوق الله تعالى مع القتل ولا تسقط حقوق الآدمي.
* * *