الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب صفة القضاء
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعلي والشعبي والنَّخَعِيّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا نكل المدَّعى عليه عن الْيَمِين لم يحكم بنكوله بحق المدَّعى به عليه بل ترد الْيَمِين على المدعي، فإذا حلف حكم له بما ادَّعاه فيه. وعند زفر ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والهادي يحكم بالنكول في كل شيء حتى القصاص. وعند مالك إن كان مما لا يقبل فيه إلا الشاهدان لم ترد الْيَمِين على المدعى بل يحبس المدَّعى عليه حتى يُقرّ أو يجلد، وبه قال من الزَّيْدِيَّة المؤيَّد. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن كانت الدعوى في المال ونكل المدَّعى عليه عن الْيَمِين كرَّر الحاكم ثلاثًا، فإن حلف وإلا حكم عليه بنكوله ولزمه المال، وإن كان في القصاص لم يحكم بالقصاص بالنكول بل يحبس حتى يُقرَّ أو يحلف. وعند أَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد يقضي عليه بالنكول بالدية. وعند أَحْمَد وكذا أَبِي حَنِيفَةَ في رِوَايَة لا ترد الْيَمِين على المدَّعي بل يقضي بنكوله على المدعى عليه. وعند أَحْمَد أيضًا وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد إذا كانت الدعوى فيما دون النفس لم يقض بالقصاص وجود النكول. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وكذا أَحْمَد في رِوَايَة يقضي به.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ ترد الْيَمِين على المدَّعي إن رام المدعى عليه ذلك، وبه قال من الزَّيْدِيَّة يَحْيَى والمؤيَّد، فإن نكل المدعى بعد ذلك. قال يَحْيَى من الزَّيْدِيَّة: يحكم بنكوله. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا ترد الْيَمِين على المدعي، لأنه متى نكل عن الْيَمِين حكم به، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد كل حق لزم المدعى عليه الإجابة فيه عن الدعوى ولا بينة فيه للمدعي فإن الْيَمِين تعرض على المدعي، وكالأموال والنكاح والطلاق والعتاق والنسب وما أشبه ذلك. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا تعرض الْيَمِين في النكاح والرجعة والعدة والطلاق والإيلاء. والعتق والاستيلاد والولاء والنسب وحد القذف، فإن كان مع المدَّعي بينة وإلا لم يحكم بحلف المدعى عليه، وعند مالك وَأَحْمَد لا يعرض الْيَمِين إلا فيما يثبت بشاهدين ذكرين، وإن كان مع المدَّعي في غير الأموال شاهد يُستحلف المدعى عليه، وإن لم يكن معه شاهد لم يستحلف. وعند أَحْمَد رِوَايَة أخرى أنه يستحلف في القصاص وحد القذف والطلاق والعتاق.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أقام المدَّعي شاهدًا واحدًا ولم يحلف حلف المدَّعى عليه، وسقط حق المدَّعي، فإن نكل المدَّعى عليه عن التهم لم يستحق المدَّعي، وعند مالك يستحق المدَّعى.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا كان للمدَّعي بينة غائبة وقال لا أتمكن من إقامتها، فهو بالخيار إن شاء استحلف خصمه، وإن شاء تركه، فإن استحلفه جاز، وإن لم يستحلفه تركه، ولم يجز له ملازمته، ولا مطالبته بالكفيل. وعند أَبِي حَنِيفَةَ له ملازمته ومطالبته بالكفيل إلا أن يقيم البينة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وشريح والشعبي وَمَالِك وأَبِي حَنِيفَةَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا حلف المدَّعى عليه للمدَّعي ثم حضرت بينة المدَّعى بالحق الذي حلف عليه المدّعى عليه حكم للمدّعي بها، وبه قال زيد بن علي، ومن الزَّيْدِيَّة المؤيَّد. وعند ابن أبي ليلى وداود وَمَالِك في رِوَايَة وإِسْحَاق وأبي عبيد وأَبِي ثَورٍ لا يجوز سماعها ولا يحكم بها بعد ذلك، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند القاسم ويَحْيَى والنَّاصِر والصادق منهم إن حلَّفه شرط البراءة لم يسمع بينته بعد ذلك فيما حلف له. وعند أبي طالب منهم إنما يكون ذلك إذا قال أبرأته من الحق الذي ادَّعيته إن حلف، كالشفيع إذا قال إن لم آتك بالثمن إلى وقت كذا فقد أبرأتك من حقي، وإن حلف بغير هذا الشرط بأن كان وعدًا سُمِعت بينته.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا سكت المدَّعى عليه، ولم يقر ولم ينكر، فقيل له إن أقررت وإلا جعلناك ناكلاً ورددنا الْيَمِين على المدّعي ويحلف وقضينا عليك. وعند ابن أبي ليلى وَمَالِك يخيَّر حتى يقر أو ينكر. وعند أَبِي يُوسُفَ تعرض الْيَمِين مرارًا، فإن حلف وإلا قُضي عليه بالنكول.
مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إذا قال المدَّعي ليس لي بينة حاضرة ولا غائبة أو كل بينة تشهد لي فهي كاذبة، وطلب يمين المدَّعى عليه فحلف، ثم أقام المدّعي بينة بالحق الذي حلف عليه المدَّعى عليه ففي سماعها والحكم بها ثلاثة أوجه: أحدها، وبه قال أبو حَنِيفَةَ وَأَحْمَد ومُحَمَّد بن الحسن لا تسمع. والثاني: إن كان المدَّعي هو الذي تولَّى الإشهاد بنفسه لم تسمع بينته بعد ذلك، وإن كان وكيله هو الذي تولَّى الإشهاد وكان الشاهدان يحملان الشهادة له ولم يشهدهما ولا علم له بهما سمعت وحكم بها. والثالث وهو الأصح وبه قال أَكْثَر الْعُلَمَاءِ أنها تسمع ويحكم بها بكل حال وبه قال أبو يوسف.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا ذكر المدّعي أن له بيَّنة وأراد تحليف المدَّعى عليه فله ذلك. وعند أَحْمَد ليس له ذلك. وعند أَبِي يُوسُفَ إن حلفه برئ، وإن نكل قضى عليه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وكافة العلماء ليس للقاضي تحليف الشهود فيما شهدوا به، وبه قال النَّاصِر والقاسم والمؤيَّد. وعند عَطَاء له تحليفهم إذا رأى فيه الاحتياط، وبه قال من الزَّيْدِيَّة الهادي.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجوز للحاكم أن يحكم بعلمه في حقوق الآدميين في أصح القولين، وبه قال أبو يوسف واختاره الْمُزَنِي، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والمؤيَّد. وعند الداعي وأبي طالب منهم أنه يحكم بعلمه في كل شيء إلا في الحدود، سوى حد القذف، وهو الصحيح من مذهب الهادي، ولا يجوز في القول الآخر، وبه قال شريح والشعبي وَمَالِك وابن أبي ليلى والْأَوْزَاعِيّ وَأَحْمَد وإِسْحَاق وأبي عبيد ومُحَمَّد بن الحسن واللَّيْث.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا جوَّزنا الحكم بالعلم ولا فرق بين أن يعلم ذلك قبل ولايته أو بعد ولايته في علمه أو غير علمه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ ومُحَمَّد إن علمه قبل ولايته أو فى علمه لم يجز أن يقضي فيه بعلمه، وإن علمه بعد ولايته في علمه جاز له أن يقضي فيه بعلمه، وما علمه من الحدود قبل القضاء وبعده لا يحكم فيها بعلمه إلا القذف خاصة. وعند أَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد وسواء يحكم فيما علمه قبل القضاء من ذلك بعلمه وعند الحسن بن حُييَّ يقضي بعلمه قبل القضاء بعد أن يستحلفه في حقوق الناس وفي الحدود، لا يقضي بعد القضاء إذا علمه. وعند الْإِمَامِيَّة وأهل الظاهر وأَبِي ثَورٍ له أن يحكم بعلمه في جميع الحقوق والحدود من غير استثناء، وسواء علم ذلك قبل الولاية أو بعدها.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يجزئ في الترجمه إلا عدلان وعند أَبِي حَنِيفَةَ يجزئ واحد ولو كانت امرأة. وعند مُحَمَّد تقبل رجل وامرأتان. وعند مالك إن كان ما يحتكمان فيه يتضمن إقرارًا بالمال قبل فيه رجل وامرأتان، وإن كان يتعلَّق بالأبدان لم يقبل إلا عدلان.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك واللَّيْث والْأَوْزَاعِيّ وابن سِيرِينَ وابن شُبْرُمَةَ وَأَحْمَد وإِسْحَاق وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يجوز القضاء على الغائب، وكذا إذا كان حاضرًا وامتنع من حضور مجلس الحكم، وبه قال سائر الزَّيْدِيَّة. وعند الثَّوْرِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه
َوَأَحْمَد في رِوَايَة لا يجوز القضاء في الغائب إلا أن يكون له خصم حاضر من وكيل أو شفيع وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر، واتفق أبو حَنِيفَةَ والزَّيْدِيَّة والشَّافِعِيّ على جواز الحكم على الغائب إذا غاب بعد إقامة البينة وقبل الحكم، وعلى جواز بيع ماله لنفقة زوجته إذا غاب الزوج عنها من غير نفقة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر أنه لا يجوز بيع مال الغائب للديون الواجبة عليه والنفقة الواجبة عليه إلا لنفقة الزوجة كما تقدم. وعند مالك في رِوَايَة أيضًا يجوز الحكم على الغائب فيما ينقل دون ما لا ينقل.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك إذا قامت البينة على غائب أو صبي أو مجنون استحلف الحاكم المدَّعى مع بينته. وعند أَحْمَد لا يستحلف في أشهر الروايتين.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كتب قاض إلى قاض بما يثبت عنده لم يحكم به في مسافة قريبة، مثل أن يكون من جانب البلد إلى جانب، أو من محلة إلى محلة لم يجز للمكتوب إليه قبوله. وعند أَبِي حَنِيفَةَ في رِوَايَة الطحاوي أنه يجوز له، وحكى المتأخرون من أصحابه أن ذلك مذهب أَبِي يُوسُفَ ومحمد. وأما مذهب أَبِي حَنِيفَةَ فلا يجوز له قبوله.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والْأَوْزَاعِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه أنه لا يجوز قبول الكتاب ولا العمل بموجبه إلا أن يشهد به شاهدان، ولا يكتفى بمعرفة الخط والختم. وعند أَبِي ثَورٍ يجوز قبوله والعمل بموجبه من غير شهادة عليه. وعند مالك والحسن البصري وسوار القاضي وعبيد اللَّه بن الحسن العنبري وأَبِي يُوسُفَ وَمَالِك في إحدى الروايتين إذا عرف المكتوب إليه خط الكاتب وختمه جاز له قبوله والعمل به، وبه قال أبو سعيد الإصطخري من الشَّافِعِيَّة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كتب القاضي الكتاب وأشهد عليه شاهدين بعد أن قرأه عليهما، أو قرأه غيره وهو يسمع بأن قال لهما أشهدكما أن هذا كتابي إلى فلان ابن فلان بما سمعتماه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يصح العمل بما في الكتاب إلا إن كتب هذا كتابي إلى فلان ابن فلان القاضي وإلى كل قاض من قضاة المسلمين بلغه هذا الكتاب.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يقبل كتاب القاضي إلى قاض إلا إذا شهد به نفسان أنه كتاب القاضي قرأه علينا، أو قُرئ عليه بحضرتنا. وعند أَبِي يُوسُفَ يجزئ أن يقولا: هذا كتاب القاضي فلان. وعند مالك كالمذهبين.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كتب قاضٍ إلى قاضٍ وأشهد على نفسه به ونسي أن يكتب
اسم المكتوب إليه في العنوان وباطن الكتاب.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كتب الكتاب بما ثبت عنده بإقرار أو بينة في عين لا تتميز بالوصف جاز قبول الكتاب في أحد القولين ولا نقبله في القول الآخر، وبه قال أبو حَنِيفَةَ وأصحابه، واختاره الْمُزَنِي، إلا أن أبا يوسف أجاز ذلك في العبد دون الأمة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا كتب القاضي كتابًا إلى قاضٍ وأدرجه وختمه واستدعى بشاهدين وقال لهما اشهدا عليَّ بما فيه لم يصح هذا التحمل، وعند أبي يوسف إذا ختم الكتاب بختمه جاز أن يتحمل الشهادة عليه مدرجًا فإذا وصل الكتاب شهدا عنده أنه كتاب فلان إليه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد إذا مات القاضي الكاتب أو عزل بعد ما كتب الكتاب وأشهد عليه فإن المكتوب إليه إذا شهد به عنده عمل به. وعند أَحْمَد في رِوَايَة لا يعمل به. وعند أَبِي يُوسُفَ إن مات قبل خروجه من بلده لم يعمل به، وإن مات بعد خروجه من يده عمل به المكتوب إليه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ في رِوَايَة لا يعمل به.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ والحسن البصري إذا مات المكتوب إليه أو عزل أو فسق ووصل الكتاب إلى من أقيم مقامه عمل به. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يعمل به، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا لم يعيّن في كتابه أحدًا من القضاة بل قال: هذا كتابي إلى من بلغه من قضاة المسلمين جاز ذلك، ومن بلغه من قضاه المسلمين جاز له العمل به. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يجوز ذلك. وعند أَبِي يُوسُفَ يجوز استحسانًا.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجوز كتاب القاضي إلى القاضي في الحدود في أحد القولين، وبه قال أبو ثور وابن القاسم والمالكية واختاره ابن المنذر، ولا يجوز في القول الآخر، وبه قال مالك. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا تثبت العقوبات بكتاب القاضي إلى القاضي وإن كانت لآدمي.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا لم يختم القاضي الكتاب جاز للمكتوب إليه سماعه والعمل به. وعند الحسن بن زياد عن أَبِي حَنِيفَةَ أنه إذا انكسر الختم لا يقبل الكتاب. وقال الرازي عن أَبِي حَنِيفَةَ إنه أراد إذا لم يعرف الشهود ما في باطن الكتاب.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ ومُحَمَّد وَأَحْمَد في إحدى الروايتين وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ
إذا ادَّعى حقًا عند القاضي، وادَّعى له حجة في ديوانه فوجدها الحاكم في ديوانه بخطه تحت ختمه، فإن ذكر الحاكم حكمه حكم به، وإن لم يذكر ذلك لم يحكم به ويتوقف حتى يتذكر. وعند ابن أبي ليلى وأَبِي يُوسُفَ وَأَحْمَد في إحدى الروايتين يجوز له أن يحكم بذلك.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا ادَّعى حقًّا عند الحاكم وذكر أن الحاكم حكم له به، فإن ذكره الحاكم أنفذه وألزمه إيَّاه، وإن لم يذكر فشهد شاهدان على حكمه لم يقبل الشهادة على فعل نفسه. وعند ابن أبي ليلى وأَبِي يُوسُفَ وَمَالِك وَأَحْمَد ومُحَمَّد تقبل الشهادة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أنكر الحاكم ولم يكذب الشهود الذين شهدوا على حكمه لم يجز لغيره أن يسمع الشهادة على حكمه مع إنكاره. وعند مالك يجوز أن يسمعها ويحكم بها.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجوز للحاكم أن يصلح بين الخصمين سواء اتَّضح له الحق أو لم يتضح له الحق. وعند عَطَاء وأبي عبيد لا يحل له الصلح بينهما إذا اتَّضح له الحق.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَ وَأَحْمَد إذا قال القاضي في حال ولايته: قضيت على فلان بشهادة شاهدين عدلين قبل منه ذلك، وكذا إذا قال سمعت بينة فلان وهي عندي عادلة، أو قال: حلفت المدَّعي مع نكول المدَّعَى عليه، أو قال: أمر فلان لفلان بكذا فحكمت به فإنه يقبل ذلك كله منه. وعند مالك ومُحَمَّد بن الحسن لا يقبل حتى يشهد معه رجلان أو رجل عدل.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا عُزل القاضي وقال بعد العزل قد كنت حكمت لفلان بكذا، فإنه لا يقبل قوله. وعند إِسْحَاق وَأَحْمَد يقبل قوله.
مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ هل يكون الحاكم بعد عزله شاهدًا على حكمه؟ وجهان: أحدهما: لا يكون، والثاني: يكون، وبه قال ابن أبه ليلى والْأَوْزَاعِيّ.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي يُوسُفَ إذا استعدَى شخص الحاكم على خصم له وتوارى الخصم وقامت البينة أنه في منزله بعث الحاكم من ينادي على بابه بحضرة شاهدين إن لم يحضر مع خصمه فلان، وإلَاّ وكَّل الحاكم من يناظر عنه وسمع الدعوى عليه، وإن ثبت عليه حق ووجد له مالاً قضاه منه، وإن كان الحق على بدنه وعلم القاضي له مكانًا
أمر القاضي بالاقتحام عليه، فينفذ الخصيان والغلمان الذين لم يبلغوا والنفاث من النساء ويبعث معهم ذوي عدل من الرجال ليدخل النساء والغلمان، فإذا حضروا في صحن الدار ودخل الرجال ويؤمر الغلمان بالتفتش عنه والنساء يتفقدن النساء فإذا وُجد أخرج وحكم عليه بما وجب عليه. وعند أَحْمَد يختم على بابه ويشدّد عليه حتى يظهر. وعند بعض أصحاب الحديث يبعث الحاكم رجلين ومعهما جماعة من الخدم والنساء يأتون منزل الخصم ويقف الأعوان بالباب، ثم يدخل النساء ثم الخدم فيفتشون البيت، فإن وجد أخرج وحكم عليه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ ليس للقاضي أن ينقض حكم الحاكم قبله، إذا كان قد حكم بخلاف ما عنده إذا رفع إليه، إلا أن يكون قد حكم بما لا يسوغ فيه الاجتهاد. وعند أَبِي ثَورٍ وداود له أن ينقض ما ليس عنده حق.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا حكم باجتهاده، ثم غير اجتهاده وحكم باجتهاده الثاني فلا ينقض ما حكمه باجتهاده الأول. وعند مالك وأَبِي ثَورٍ وداود ينقض ما حكم به اجتهاده الأول.
* * *