الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب ما يقع به الطلاق من الكلام وما لا يقع إلا بالكناية
مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ الطلاق بالفارسية صريح على الأصح، وبه قال أبو يوسف ومحمد، ومن الزَّيْدِيَّة المؤيَّد، وهو الظاهر من مذهب الزَّيْدِيَّة. والثاني أنه كناية، وبه قال من الزَّيْدِيَّة القاسم والنَّاصِر ويَحْيَى وأبو طالب والداعي.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يقع الطلاق بمجرد النية من غير لفظ. وعند الزُّهْرِيّ إذا عزم على ذلك طلقت لفظ به أو لم يلفظ وعند مالك في روايات أشهب عنه أنه يقع الطلاق وعند ابن سِيرِينَ أن الرجل إذا طلق امرأته في نفسه فالسر قد علمه الله.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ الصريح الذي يقع به الطلاق من غير نية ثلاثة ألفاظ: الطلاق والفراق والسراح، وبه قال من الزَّيْدِيَّة أبو طالب عن يَحْيَى واختاره منهم المؤيَّد. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَ الصريح هو لفظ الطلاق لا غير، وأما الفراق والسراح فهما كنايتان، وإلى هذا أشار الشَّافِعِيّ أيضًا. وأصحاب مالك وافقوا في هذه التسمية، إلا أن عندهم أن الطلاق يقع بهذين اللفظين من غير نية؛ لأن الكنايات الظاهرة لا تفتقر إلى النية عندهم. وعند الْإِمَامِيَّة لا يقع الطلاق إلا بلفظ واحد وهو قوله: أنت طالق، ولا يقع بقوله فارقتك وسرحتك ولا سائر الكنايات. وعند الْإِمَامِيَّة أيضًا أن هذا اللفظ وهو قوله: أنت طالق لا يقع به الطلاق إلا بالنية، فإن لم ينو لم يقع. وعند داود لا يقع الطلاق بالصريح إلا بالنية، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر وكذا المؤيَّد عن الهادي. وعند الْإِمَامِيَّة من شرط وقوع الطلاق الإشهاد عليه فمتى فقد الإشهاد عليه لم يقع الطلاق وحاصل مذهب الزَّيْدِيَّة أن كل ما كان ملفوظًا بلفظ الطلاق فهو صريح، إلا أن النَّاصِر منهم يعتبر أن يقول لها طلقتك وأنت طالق أو أنت مطلقة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ الصريح في لفظ الطلاق ثلاثة: وهي قوله: طلقتك أو أنت طالق وقال أردت به طلاقًا من وثاق، أو قال فارقتك وقال أردت به إلى المسجد، أو قال سرحتك وقال أردت به إلى البيت أو إلى أهلك لم يقبل منه في الحكم ودين فيما بينه وبين الله تعالى. وعند مالك إن قال هذا في حال الرضى لم يقبل منه في الحكم ويقبل
فيما بينه وبين اللَّه تعالى، وإن قاله في حال الغضب لم يقبل في الحكم ولا فيما بينه وبين الله تعالى.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا قال لامرأته أنت طالق لولا أبوك أو لولا الله وقع الطلاق. وعند بعض أصحاب الشَّافِعِيّ لا يقع الطلاق.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ الكنايات لا يقع بها الطلاق من غير نية سواء كان ذلك في حال الرضى أو حال الغضب، وسواء سألت الطلاق أو لم تسأله. وعند أبي حَنِيفَةَ إن قال ذلك في حال مذاكرة الطلاق وقال لها أنت بائن وبتة وبتلة. وحرام وخلية وبرية والحقي بأهلك فلا يحتاج إلى نية، وإن قال لها حبلك على غاربك واعتدِّي واستبرئي رحمك وتقنعي فإنه يحتاج إلى النية، وإن قال ذلك في حال الغضب احتاج إلى النية إلا في ثلاثة ألفاظ فلا يحتاج إلى النية وهي اعتدِّي واختاري وأمرك بيدك. وعند مالك الكنايات الظاهرة لا تحتاج إلى نية كقوله أنت بائن وبتلة وبتة وحرام وخلية وبرية حتى إذا قال لم أنو بها الطلاق لم يصدق، والفراق والسراح عنده من الكنايات الظاهرة وأما الكنايات الباطنة فتفتقر إلى النية وهو قوله اعتدِّي واستبرئ رحمك وتقنعي واذهبي وحبلك على غاربك وما أشبه ذلك وعند أَحْمَد دلالة الحال في جميع الكنايات تقوم مقام النية.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال لزوجته أنت بتة فإن نوى به طلقة واحدة أو اثنتين أو ثلاثة وقع ما نواه، وإن لم ينو به الطلاق لم يقع شيء. وعند عمر - رضى الله عنه - أنه يقع طلقة نوى أو لم ينو. وعند علي رضي الله عنه أنه يقع بذلك الثلاث سواء نوى أو لم ينو وعند الثَّوْرِيّ وأهل الكوفة إن نوى بذلك واحدة فواحدة وإن نوى ثلاثًا فثلاث، وإن ثنتين لم يكن إلا واحدة، وعند مالك إن كان قد دخل بها وقع ثلاث طلقات.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وسائر الزَّيْدِيَّة أن قوله أمرك بيدك أو اعتدِّي أو اختاري أو أنت خلية أو برية أو ما شاكل كل ذلك كله من كنايات الطلاق، وعند النَّاصِر منهم أن الثلاثة الألفاظ الأول كناية وما عداها فلا يقع به الطلاق، وبه قال غير واحد من العلماء. وعند عثمان وزيد بن ثابت رضي الله عنهما وَمَالِك وَأَحْمَد القضاء ما قضت وعند ابن عمر إذا جعل أمرها بيدها فطلقت نفسها ثلاثًا وأنكر الزوج وقال لم أجعل بيدها إلا في واحدة استحلف الزوج، وكان قوله مع يمينه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد إذا قال لامرأته لست لي بامرأة ونوى به الطلاق كان طلاقًا، وعند أَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد لا يقع.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال لها اعتدِّي ولم ينو به الطلاق لا يقع بها شيء. وعند عَطَاء والنَّخَعِيّ والْأَوْزَاعِيّ وَمَالِك تقع واحدة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال كلي واشربي ونوى بها الطلاق وقع. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يقع به الطلاق، وبه قال أبو إِسْحَاق من الشَّافِعِيَّة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال لامرأته أنت حرة ونوى به الطلاق كان طلاقًا وإن قال لأمته أنت طالق ونوى به العتق كان عتقًا. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد يقع بذلك الطلاق ولا يقع به العتق.
مسألة: أصح الوجهين في مذهب الشَّافِعِيّ إذا قال لزوجته أنت بطالق أو أنت طلاق أنه كناية فلا يقع به الطلاق إلا بالنية، وبه قال من الزَّيْدِيَّة المؤيَّد، والثاني أنه صريح، وبه قال مالك وأبو حَنِيفَةَ، ومن الزَّيْدِيَّة أبو طالب.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعمر وابن عَبَّاسٍ وابن مسعود وعائشة في إحدى الروايتين عن علي وزيد بن ثابت وبه قال أكثر الفقهاء أنه إذا قال لزوجته اختاري فاختارت زوجها لم يقع عليها طلاق. وعند أَحْمَد والحسن البصري ورَبِيعَة إذا اختارت زوجها وقع عليها طلقة رجعية، وهي الرِوَايَة الثانية عن علي وزيد بن ثابت.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن عَبَّاسٍ وعمر وابن مسعود وَأَحْمَد إذا قال لها اختاري فاختارت نفسها بأن قالت: اخترت نفسي فهو كناية، فإن نويا الطلاق وقع وإن نوى أحدهما دون الآخر لم يقع، وإن نوى الزوج دون الزوجة لم يقع، وإن نويا واتفقا على العدد وقع ما نوياه من العدد، وإن اختلفا فنوى أحدهما أقل وقع الأقل، وإن نويا واحدة كانت رجعية، وعند أَبِي حَنِيفَةَ وابن عمر لا يفتقر إلى نية الزوجة، فإن نوى الزوج وقعت واحدة بائنة، وإن نوى ثلاثًا لم يقع إلا واحدة. وعند مالك إن نويا الثلاث فهي ثلاث إن كانت مدخولًا بها، فإن لم يكن مدخولًا بها قبل منها أنها أرادت واحدة أو اثنتين. وعند الحسن واللَّيْث وزيد بن ثابت يكون ثلاثًا. وعند الزَّيْدِيَّة إذا قال لها اختاري. فقالت: اخترت نفسي صح ذلك. ولو قال طلقي نفسك فقالت أطلق نفسي لم يقع به الطلاق. وعند مالك أنه صريح فإذا اختارت نفسها وقع الطلاق سواء
نويا أو لم ينويا. ونقل الترمذي عن عمر وابن مسعود رضي الله عنهما أنها إذا اختارت نفسها فواحدة بائنة. وروى عنهما أنها واحدة رجعية، وبقولهما قال الثَّوْرِيّ وأهل الكوفة وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ من الصحابة وغيرهم، وعند علي وَأَحْمَد إن اختارت نفسها فواحدة بائنة. وعند زيد بن ثابت إن اختارت نفسها فثلاث طلقات.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال لامرأته اختاري كان لها الخيار ما دامت في المجلس ولا خيار لها بعده وله الرجوع عن ذلك قبل خيارها ما دامت في المجلس، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر وآخرون. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا رجوع له، وبه قال من الزَّيْدِيَّة يَحْيَى.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا كرر لفظ الاختيار ثلاثًا فنوى به واحدة كانت واحدة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِك والنَّخَعِيّ والشعبي إذا قبلت طلقت ثلاثًا.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد إذا قال لها اختاري من ثلاث طلقات ما شئت فلها أن تختار ما دون الثلاث. وعند أَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد لها أن تختار الثلاث.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال لزوجته أنت عليَّ حرام فإن نوى الطلاق كان طلاقًا، وإن نوى الظهار كان ظهارًا، وإن نوى تحريم عينها أو تحريم وطئها أو فرجها كان عليه كفارة يمين وإن لم ينو يمينًا، وإن لم ينو شيئًا فقَوْلَانِ: أحدهما عليه كفارة يمين، والثاني لا يلزمه شيء، وبمذهب الشَّافِعِيّ قال القاسم من الزَّيْدِيَّة. وإن قال ذلك لأمته، فإن نوى عتقها وقع، وإن نوى الطلاق أو الظهار لم يلزمه شيء، وإن نوى تحريم عينها لزمه كفارة يمين، وإن أطلق ولم ينو شيئًا فعلى القولين. ومن أصحابنا من قال: يجب الكفارة في الأمة قولاً واحدًا، وروى ذلك في الزوجة عن ابن مسعود، وهو إحدى الروايتين عن ابن عباس. وعند الْأَوْزَاعِيّ هي يمين في الزوجة ويجب فيها كفارة يمين، وروى ذلك عن أبي بكر وعائشة. وعند الزُّهْرِيّ هي طلقة رجعية، وروى ذلك عن عمر. وعن سعيد بن جبير وأبي قلابة وَأَحْمَد هو ظهار، وبه قال عثمان وابن عباس. وعند مالك وابن أبي ليلى وزيد بن علي هو طلاق ثلاثًا، وروى ذلك عن زيد بن ثابت وأبي هريرة. وعند أبي سلمة بن عبد الرحمن ومَسْرُوق والشعبي لا يكون شيئًا، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند حماد هي طلقة بائنة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن نوى به الطلاق كان طلاقًا، وإن نوى به الظهار كان ظهارًا، وإن لم تكن له نية كان يمينًا ويكون مؤليًا. وإن قال ذلك لأمته كان حالفًا من أصابها فإن أصابها كفَّر، وإن لم يصبها فلا شيء عليه. وعند جماعة من الزَّيْدِيَّة منهم يَحْيَى والسيد والمؤيَّد إن نوى به الطلاق كان
طلاقًا، وإن لم ينو فهو هزل.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال مالي عليَّ حرام لم يحرم عليه ولا يجب عليه شيء. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد يجب عليه كفارة يمين.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِك إذا كتب الطلاق ولم يلفظ به ولم ينو لم يقع به الطلاق وعند أَحْمَد يقع الطلاق، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كتب الطلاق ونواه ففي وقوع الطلاق قَوْلَانِ: أحدهما لا يقع، والثاني يقع، وهو الصحيح، وبه قال أبو حَنِيفَةَ وَمَالِك وعند أَحْمَد يقع نوى أو لم ينو. وعند النَّخَعِيّ والشعبي والزُّهْرِيّ والحكم إذا كتب الطلاق بيده فقد وجب. وعند عَطَاء وقتاده وَمَالِك في رِوَايَة. والْأَوْزَاعِيّ والحسن إن نفذ الكتاب إليها نفذ طلاقه، وإن لم ينفذ إليها لم ينفذ الطلاق. وعند حماد وأبي عبيد إذا قال أتاك كتابي فإن لم يأتها فليس بطلاق، وإذا كتب أما بعد فأنت طالق فهي طالق.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا لم يكن للأخرس إشارة مفهومة ولا كتابة لم يصح طلاقه. وعند قتادة يطلق عنه الولي.
* * *