الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتاب الهبة
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك والثَّوْرِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَ وأكثر العلماء، ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر يستحب للواقفين أن يسويا بين أولادهما في الهبة، ذكَرهم وأُنثاهم فيها سواء. وعند بعض الزَّيْدِيَّة التسوية واجبة. وعند شريح وَأَحْمَد وإِسْحَاق ومُحَمَّد بن الحسن المستحب أن يجعل للذكر مثل حظ الأنثيين، وبه قال بعض
الشَّافِعِيَّة، وسائر الزَّيْدِيَّة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وأَبِي حَنِيفَةَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا وهب لبعض أولاده دون بعض، أو فاضل بينهم صحّ ولم يأثم، غير أنه فعل مكروهًا. وعند طاوس َوَأَحْمَد وإِسْحَاق لا تصح الهبة. وعند داود يصح، لكن يجب عليه أن يرجع عليه فيها.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا تصح هبة الدَّين من غير من هو عليه، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والمؤيَّد. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لو وهبه من الأجنبي ووكله بقبضه جاز، وبه قال من الزَّيْدِيَّة أبو طالب ويَحْيَى.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا وهب الدَّين ممن هو عليه صحّ، وكان إبراءً، فلا يحتاج إلى القبول، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند زفر يحتاج إلى القبول، وبه قال من الزَّيْدِيَّة المؤيَّد وبعض الشَّافِعِيَّة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والثَّوْرِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ. وصاحبيه وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ الهبة والصدقة والهدية لا تلزم إلا بالقبض، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والمؤيَّد. وعند الحسن وحماد هبة الزوج لزوجته لا تفتقر إلى القبض وعند أَحْمَد في أصح الروايتين إن كانت معينة فإنها تلزم من غير قبض. وعند مالك وابن أبي ليلى وأَبِي ثَورٍ الهبة تلزم بالإيجاب والقبول من غير قبض، وبه قال من الزَّيْدِيَّة يَحْيَى، فإن امتنع الواهب من الإقباض رفعه الموهوب له إلى الحاكم ليجبره على الإقباض، كما قال في الرهن، وقال أيضًا: إذا أعار رجلاً داره شهرًا فقد لزم المعير، وليس له أن يرجع في العَارَية قبل انقضاء الشهر.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ الهبة تفتقر إلى القبول على الفور. وعند ابن سريج من أصحابه يجوز على التراخي. وعند الحسن لا تفتقر الهبة إلى القبول كالعتق.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا قبض الموهوب له الموهوبَ بغير إذن الواهب لم يصح القبض، سواء كان في المجلس أو بعد القيام من المجلس. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن كان
قبل القيام من المجلس صح القبض بغير إذن الواهب، وإن كان بعد القيام من المجلس لم يصح القبض بغير إذنه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أهدى فمات المهدي أو المهدَى إليه قبل قبول الهدية كانت الهدية راجعة إلى المهدي أو إلى ورثته. وعند مالك والحارث العكلي وحماد إذا دفعها إلى إنسان وبعث بها فهي للمهدى له، فإن مات فهي لورثته. وعند الحكم وَأَحْمَد وإِسْحَاق إن كان بعث بها إلى المُهدَى إليه مع رسوله فمات المهدى إليه قبل وصولها إليه رجعت إلى المهدي، وإن كان بعثها مع رسول المُهدَى إليه، كانت للمهدَى إليه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال رجل لآخر: كسوتك هذا الثوب، ثم قال لم أهبه قُبِل قوله. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يقبل.
مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إذا قال: أطعمتك هذا الطعام فاقبضه، ثم قال: لم أرد الهبة فوجهان: أحدهما لا يقبل، وبه قال أبو حَنِيفَةَ. والثاني يقبل.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال لرجل: لك هذه الأرض فاقبضها لم يكن صريحًا في الهبة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يكون صحيحًا فيها.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال: منحتك هذه الدار أو هذا الثوب، فقال: قبلت وأقبضه كان ذلك هبة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يكون هبة إلا أن يريدها، وتكون عارية.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَمَالِك وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ هبة المشاع جائزة. وعند أبي حَنِيفَةَ لا يجوز فيما ينقسم، ويجوز فيما لا ينقسم. وإذا وهب ما ينقسم بين اثنين لم يصح عند أَبِي حَنِيفَةَ وزفر، ويصح عند أَبِي يُوسُفَ ومحمد. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إذا كان بين رجلين فوهباها لرجل صحت الهبة. وإجارة المشاع عند أَبِي حَنِيفَةَ لا تصح من الشريك ولا من غيره، ورهن المشاع عنده لا يصح بحال.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ هبة المجهول لا تصح. وعند مالك تصح.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا وهب لابنه البالغ هبة لم تصح حتى يقبل الابن الهبة، أو وكيله، فإن قبل الأب الهبة له لم يصح. وعند ابن أبي ليلى يصح إذا كان يعوله.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا وهب جارية حاملاً، واستثنى حملها لم تصح الهبة. وعند أَبِي ثَورٍ تصح. وعند أَبِي حَنِيفَةَ تصح الهبة، ويسقط الاستثناء، ويكون حملها للموهوب له.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والْأَوْزَاعِيّ وَأَحْمَد وإِسْحَاق يجوز للوالدين الرجوع فيما وهبا لولديهما حقيقة كان ولدهما أو مجازًا، كولد الولد، وسواء في ذلك ولد البنين أو ولد البنات. وعند الزَّيْدِيَّة إذا وهب من ابنه الصغير جاز له الرجوع عليه عند الحاجة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ والثَّوْرِيّ وَأَحْمَد في رِوَايَة إذا وهبا له وأقبضاه إياه فليس لهما الرجوع فيه. وعند أَحْمَد في رِوَايَة أيضًا إن كان الولد قد استحدث دينًا، أو كانت أنثى سقط حق الأب من الرجوع، وبه قال مالك. وعند مالك أيضًا وَأَحْمَد يجوز لهما الرجوع فيما وهبا لولديهما لصلتهما دون ولد الولد ما لم ينتفع به، فإن انتفع به بأن أمنه الناس فبايعوه، أو زوجوه، أو غير ذلك من الانتفاع لم يكن لهما الرجوع فيه. واختلفت الزَّيْدِيَّة فقال النَّاصِر: الهبة لا تقبل الرجوع بحال، إلا إذا وهبها من ابنه الصغير فإنها تقبل الرجوع عند الحاجة، وفي سائر المواضع لا تقبل الرجوع. وعند سائر الزَّيْدِيَّة تقبل الرجوع إلا في ثلاثة مواضع: أحدها إذا وهب للَّهِ تعالى، والثاني إذا وهب على عوض معلوم، والثالث لصلة الرحم.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ هبة الزوجين كل واحد منهما لصاحبه لازمة، وليس له الرجوع فيها. وعند شريح والشعبي والْأَوْزَاعِيّ يجوز للمرأة أن ترجع فيما وهبته للزوج، وليس للزوج أن يرجع فيما وهبه لها، وحكاه الزُّهْرِيّ عن القضاة. وعند اللَّيْث ترجع الزوجة فيما وهبت لزوجها، إلا أن يكون سألها أن تهب له ثم طلقها مكانه أو بعد ذلك بيوم أو نحوه. وعند الْأَوْزَاعِيّ لا يرجع فيما وَهَب لمولى، ولا لبائع له، ولا لذي رحم، ولا لامرأة، ولا السلطان لمن دونه، ويرجع فيما سوى ذلك، فإن كانت الهبة قد تمت وزادت عند صاحبها فقيمتها يوم وهبها. وعند الحسن بن حيي إذا لم يرد بالهبة ثواب الدنيا لم يرجع إذا قبض، ولا يرجع فيما وهب لذي رحم محرم، فإن وهب لغير ذي رحمٍ محرمٍ يريد بها ثواب الدنيا فله أن يرجع فيها.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجوز للمرأة الرشيدة أن تهب وتعطي العطايا بغير إذن زوجها، سواء ولدت أم لم تلد، أقامت حولاً في بيت زوجها أو أقل من ذلك. وعند شريح والشعبي وَأَحْمَد وعمر وإِسْحَاق ليس لها في مالها أمر حتى تلد ويحول عليها الحول في بيت زوجها. وعند النَّخَعِيّ إذا ولدت جاز لها أن تهب وتعطي. وعند الشعبي أيضًا إذا حال عليها الحول في بيتها جاز لها ما صنعت. وعند طاوس وأنس بن مالك ليس لها أن تعطى من مالها شيئًا إلا بإذن زوجها. وعند مالك البكر تعطي من مالها وهي في
سترها لم تتزوج، وإذا أرادت الرجوع كان لها ذلك، إلا أن يكون الشيء يسيرًا، فإن تزوجت، ثم أقامت على التسليم، ثم أرادت الرجوع فيما أعطت لم يكن لها ذلك.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا وهب لغير ولده، أو ولد ولده وإن سفل فليس له أن يرجع في هبته له بعد إقباضه، سواء كان ذا رحم محرم أو أجنبيًا، وبه قال أَحْمَد في الهبة المُطلّقة. وعند الْإِمَامِيَّة إذا وهب لغيره ولم يقصد به وجه الله تعالى جاز له الرجوع فيه، ولا فرق عندهم بين الأجنبي وذي الرحم. وعند داود له الرجوع سواء وهب لأجنبي أو قريب. وعند أَبِي حَنِيفَةَ والثَّوْرِيّ إذا وهب لذي رحم محرم بحيث لو كان أحدهما أنثى والآخر رجلاً لم يجز نكاحها، مثل أن يهب لابنه أو جده أو لعمه أو لخاله لم يجز له الرجوع عليه بعد الإقباض. وهكذا إذا وهب أحد الزوجين للآخر. وإن وهب لغير ذي رحم محرم، مثل أن يَهَبَ لابن عمّه، أو لابن خاله، أو لابنة عمه، أو كان أجنبيًا منه جاز له أن يرجع عليه في هبته لهُ بعد الإقباض ما لم يثب منها، أو يرتد على الشيء في نفسه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ أيضًا ويَحْيَى من الزَّيْدِيَّة إذا وهب من الأجنبي صح رجوعه إلا إذا تحقق المانع بأن يرتد في الموهوب أو يموت الموهوب له.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ ليس للوالد أن يأخذ من مال ولده إلا قدر حاجته عند نزولها. وعند أَحْمَد يجوز له أن يأخذ ما شاء عند الحاجة وغيرها.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يملك الابن مطالبة الأب بما ثبت له في ذمته بذلك.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا زاد الموهوب في يد الموهوب له زيادة لا تتميز، كالسمن والطول وتعلم الصنعة وغير ذلك لم يمنع من الرجوع فيه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يمنع من الرجوع فيه، إلا أن تكون الزيادة بتعليم القرآن أو إسلام أو قضاء دين عنه، وبه قال أَحْمَد في رِوَايَة. وعند مُحَمَّد بن الحسن يمنع ذلك الرجوع بكل حال، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة، وكذا عند مُحَمَّد لو كان كافرًا فأسلم، أو كان عليه دين فأدَّاه الموهوب له. وعند زفر إذا علمها الموهوب له القرآن أو الكتابة أو المشط فحذقت في ذلك فله أن يرجع فيها. وعند أَبِي يُوسُفَ لا يرجع. وعند عثمان البتي إذا أعطى الرجل عطية لآخر لا يتبين أنه مستغرر فعطيته جائزة، وليس له أن يرجع فيها. وعند مالك الأمر المجمع عليه أن الهبة إذا تغيرت عند الموهوب له بالثواب بزيادة أو نقصان فإن على الموهوب له أن يعطى الواهب قيمتها يوم قبضها. وعنده أيضًا في الواهب يكون لورثته مثل ما كان
له من الثواب إن تبعوه. وعند اللَّيْث إذا وهب للثواب رجع فيها مثل قول مالك.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن أبي ليلى وأَبِي يُوسُفَ يجوز الرجوع في الهبة من غير قضاء القاضي، فيقول: ارتجعته منك أو رجعت فيما وهبت لك، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وكذا المؤيَّد عن يَحْيَى. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه والثَّوْرِيّ لا يصح الرجوع إلا بقضاء القاضي، وبه قال من الزَّيْدِيَّة أبو طالب والمؤيَّد.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا وهب الأب لابنه الصغير وقبضه له لزمت الهبة، سواء كان عرضًا أو ذهبًا أو فضة. وعند مالك إن كان مما يتعين كالعروض جازت هبته له وقبضه، وإن كان مما لا يتعين كالدراهم والدنانير فلا يجوز إلا أن يضعها على يد غيره ويشهد عليها.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا وصب الأدنى من الأعلى كالفقير يهب للغني، وآحاد الرعيّة يهب للسلطان فقَوْلَانِ: أحدهما فهو القديم يقتضي الثواب، وبه قال مالك، ومن الزَّيْدِيَّة أبو طالب، والثاني هو الجديد لا يقتضي الثواب، وبه قال أبو حَنِيفَةَ وصاحباه َوَأَحْمَد، ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والمؤيَّد.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قلنا الهبة تقتضي الثواب ففي قدره ثلاثة أوجه: أحدها إلى أن يرضى، والثاني قدر قيمته، وبه قال مالك، والثالث ما يكون ثواب مثله في العادة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا شرط الثواب، فإن قلنا بالجديد وأن الهبة لا تقتضي الثواب فهل يبطل العقد؟ قَوْلَانِ. وعند أَحْمَد وأَبِي حَنِيفَةَ الشرط صحيح.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لو وهب هبة على العوض كان كالبيع في أحد القولين، فلا رجوع فيها وله المطالبة بالرجوع، وبه قال سائر الزَّيْدِيَّة، وهو الأصح عند النَّاصِر منهم. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وصاحبيه له الرجوع ما لم يقبض العوض، وبعد القبض لا رجوع له، وبه قال زيد بن علي، ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ العوض إذا كان مشروطًا في العقد كان عوضًا على الحقيقة، فإن كان ملحقًا في العقد بأن يهب منه هبة فيهب الموهوب منه هبة، وجعلها عوضًا عن الأولى ومكافأة فإنها لا تلحق بالعقد ولا توجبه الشفعة، ولا تقبل الرجوع، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وسائر الزَّيْدِيَّة يلحق بالعقد.
* * *