الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأربعين النووية" و"الأرجوزة" المعروفة بالشقرونية في الطب.
1773 - ابن بَدْران *
النحوي، اللغوي، المفسر عبد القادر بن أحمد بن مصطفى بن عبد الرحيم بن محمد بن بدارن، ويعرف لقبًا بابن بدران.
ولد: سنة (1265 هـ) خمس وستين ومائتين وألف.
من مشايخه: الشيخ محمد الطنطاوي، والشيخ محمد بن عثمان بن الحنبلي المشهور بخطيب دومًا وغيرهما.
من تلاميذه: محمد أحمد دهمان، ومحمد سليم الجندي وغيرهما.
كلام العلماء فيه:
* منتخبات التواريخ لدمشق: "كان سلفي العقيدة يحب التقشف ويميل طبعه للانفراد عن الناس والانزواء والبعد عن الأمراء، سبق كثيرًا من إخوانه وأقرانه في الأدب واللغة وله اختصاص تام في علم الآثار والكتب القديمة ومعرفة أسماء الرجال ومؤلفاتهم من صدر الإسلام إلى اليوم مات عقيمًا سنة 1346 قال أحد أدباء دمشق عند كتابته عن وفاته في الصحف أنه كان خصمًا شديد الخصومة لرجال الحشويين الذين ملؤوا هذا الدين السهل خرافات وسخافات هو براء منها -حتى رموه بأنه زنديق أو أنه وهابي كما كانت الوهابية (إثمًا) زمن السلطان عبد الحميد يرمي بها كل من أتاه نصيبًا من الحكمة وبعد النظر، وأنه ليؤلمك كثيرًا أن تعلم أن هذا الفاضل الراحل قد توفي في مدرسة من مدارس الأوقاف في غرفة حقيرة وأن الألم ليزداد في نفسك إذ تعلم أن جنازة هذا العالم الشيخ بدران لم يمش وراءها أديب أو عالم أو لم يحس بها أحد على الأرجح تلك هي حالة هذا العالم الأديب عاش شريفًا فقيرًا ومات كما عاش انتهى كلامه.
أقول: ما ذهب إليه الكاتب الفاضل هو الصواب والراجح أن وفاته لم تبلغ الناس ليشيع جنازته العالم والتاجر والأديب والذي علمته أنه مات في مستشفى الغرباء" أ. هـ.
* تاريخ علماء دمشق: "كان ذا نزعة فلسفية، اطلع على أمهات الكتب في المذاهب الفقهية الأربعة وعلى مصنفات شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم" أ. هـ.
* أعيان دمشق: "عالم متطرف .. وفي الهامش بقلم محمد بهجت البيطار لا ندري ما الحامل للمؤلف على أن يصف هذا الشيخ الجليل بالتطرف مع أنه كان -كما تشهد بذلك مؤلفاته- من أفضل علماء عصره اقتفاء لطريقة السلف الصالح في التماس الحق والبحث عنه من غير تعصب لمذهب من المذاهب، ومن أشدهم تمسكًا بمنطوق الكتاب العزيز والسنة المطهرة
* الأعلام الشرقية (1/ 334)، أعيان دمشق (345)، منتخبات التواريخ (2/ 762)، الأعلام (4/ 37)، معجم المفسرين (1/ 293)، أعلام دمشق (186)، تاريخ علماء دمشق (1/ 422)، معجم المؤلفين (3/ 184)، مختصر طبقات الحنابلة (176)، كتاب "علامة الشام عبد القادر ابن الدمشقي حياته وآثاره، بقلم: محمّد بن ناصر العجمي- دار البشائر الإسلامية: (ص 17 - 25).
ومفهومهما، ومن أحرصهم على محاربة البدع المستنكرة والأفكار المنحرفة التي تحول دون تقدم المسلمين ونهوضهم" أ. هـ.
* أعلام دمشق: "فقيه أصولي حنبلي أثري، عارف بالأدب والتاريخ .. فيه نزعة فلسفية، سلفي العقيدة حسن المحاضرة، كان كارهًا للمظاهر قانعًا بالكفاف متقشفًا في مسكنه وملبسه ومعيشته" أ. هـ.
* الأعلام الشرقية: "وكان سلفي العقيدة يحب التقشف، ويميل بطبعه للانفراد عن الناس والانزواء والبعد عن الأفراد" أ. هـ.
* قلت: ومن كتاب "علّامة الشام عبد القادر بدران" ننقل ما نصه:
عاش العلّامة ابن بدران في بيئة كانت فيها الصوفية منتشرة، والجهل فيها متفش، وقد قرأ على بعض الشيوخ الذي كان مسلكهم صوفيًا وقد صَرّح بفضل الله عليه وأنه اتبع منهج السّلف الذي هو أحكم وأعلم، وهو طريقة القرون المفضلة، ومنهاج الأئمة المصلحين.
يقول ابن بدران ذاكرًا فضل الله عليه في السّير على هذا النهج السّوي والطريق الأثري: "
…
إنني لَمَّا منّ اللهُ عليَّ بطلب العلم، هجرت له الوطنَ والوَسَن، وكنتُ أبكر فيه بكورَ الغراب، وأطوف المعاهد لتحصيله، وأذهب فيه كلَّ مذهب، وأتَّبع فيه كلَّ شعب ولو كان عسرًا، أشْرِفُ على كلَّ يفاع، وآتي كلَّ غوْر، فتارة أطوِّحُ بنفسي فيما سلكه ابن سينا في "الشفا" و "الإشارات" وتارة أتلقف ما سبكه أبو نصر الفارابي من صناعة المنطق وتلك العبارات، وتارة أجول في مواقف "المقاصد" و "المواقف"، وأحيانًا أطلبُ "الهداية" ظنًّا مني أنها تهدي إلى رشد، فاضُمُّ إليها ما سلكه ابنُ رشد، ثم أردِّدُ في الطبيعي والإلهي نظرًا، وفي تشريح الأفلاك أتطلب خُبْرًا أو خَبَرًا، ثم أجولُ في ميادين العلوم مدةً كعدد السبع البقرات العجاف، فارتد إلى الطرفُ خاسئًا وهو حسير، ولم أحصل من معرفة الله جل جلاله إلا على أوهام وخطرات، ووساوس وإشكال، نشأ من البحث والتدقيق، فأدفعه بما أقنع نفسي بنفسي، فلما همتُ في تلك البيداء التي هي على حد قول أبي الطيِّب:
يَتَلَوّنُ الخِرِّيتُ من خوف التوى
…
فِيها كَمَا تَتلَوّن الحِرْباءُ
ناداني منادي الهدى الحقيقي: هلُمَّ إلى الشَّرف والكمال، ودع نجاة ابن سينا الموهومة إلى النجاة الحقيقية، وما ذلك إلا بأن تكون على ما كان عليه السلف الكرام من الصحابة والتابعين لهم بإحسان، فإن الأمر ليس على ما تتوهم، وحقيقة الرَّبِّ لا يمكن أن يدركها المربوب، وما السلامة إلا بالتسليم، وكتاب الله حق، وليس بعد الحق إلا الضلال.
فهنالك هدأ روْعي، وجعلت عقيدتي كتاب الله، كل علم صفاته إليه بلا تجسيم ولا تأويل ولا تشبيه ولا تعطيل، وانجلى ما كان على قلبي من رين أورثته قواعد أرسطو طاليس، وقلتُ: ما كان إلا من النظر في تلك الوساوس والبدع والدسائس، فمن أين لعباد الكواكب يرشدوننا إلى الصراط المستقيم وما كانوا مهتدين؟ ومن أين لأصحاب المقالات أن يعلموا حقيقة قيوم
الأرض والسماوات؟ ولو كانت حقيقة صفات الله تعالى تدرك بالعقول، لوصل أصحاب رسائل "إخوان الصفا" إلى الصفا، ولوصل صاحب "النجاة" و "الشفا" إلى النجاة وغليل لبه شفا، ولكن {وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيءٍ مِنْ عِلْمِهِ إلا بِمَا شَاءَ} [البقرة: 255]، {وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إلا قَلِيلًا} [الإسراء: 85]، وأين هم من قوله صلى الله عليه وسلم:"عليكم بسُنَّتي وسُنَّة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، عضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة"؟ لكن من اتبع هواه هامَ في كل واد، ولم يبال بأي شعب سلك، ولا بأي طريق هلك".
هذا نقل من كتاب ابن بدران يبين لنا حقيقة معتقده السليم، وما كان عيه من قبل، وقد قرر عقيدته في أكثر من موضع من كتبه، فمن ذلك أيضًا: ما قاله في معرض كلام له حول شرط واقف المدرسة الرواحية بدمشق حيث قال: "قال الحافظ الذَّهبي: إن واقف الرواحية اشترط على من يقيم بها من الفقهاء والمدرسين شروطًا صعبة، لا يمكن القيام ببعضها، ولم يبين الذهبي تلك الشروط، ثم قال: وشرط أن لا يدخل مدرسته يهودي، ولا نصراني، ولا حَنْبلي حشوي، انتهى.
فاشتراطه عدم دخول اليهود والنصارى إلى مدرسته علة مفهومة وأما اشتراطه عدم دخول حنبلي حشوي، فليس بمفهوم، لأن الحنابلة لا يتصفون بهذه الصفة، وهذا من التعصب الناشئ عن الجهل، والسعي في تفريق اجتماع هذه الأمة المحمدية، ويمكن أن يكون أراد بالحشوية الذين يقرؤون آيات الصفات، ويقولون: نمرها كما جاءت، ونكل تفسيرها إلى الله تعالى من غير تأويل ولا تشبيه ولا تعطيل، فالاستواء في قوله تعالى:{الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه: 5] استواء يليق بذاته تعالى لا نعلم حقيقته، لأنا إذا فسرناه بقولنا: استولى، نكون أخطأنا، لأن من استولى على شيء، لا بد وأن يكون خارجًا عن يده قبل استيلاته عيه، كما يشير قول الشاعر:
قد استوى بشْرٌ على العراق
…
من غير سيف أو دم مهراق
ومعناه أن بشرًا استولى على العراق، واستخلصها من يد غيره بدون سل سيف، أو إراقة دم، وتعالى الله عن أن يكون استولى على ملكله بهذه الصفة، ومثله يقال في السميع والبصير وأشباههما: إن الله أثبت لنفسه صفة السمع والبصر والكلام، وأخبرنا في كتابه العزيز بأنه متصف بذلك، ولكننا لا نعلم حقيقة تلك الصفات، وليس يجب علينا إلا أن نؤمن بها، ونترك علمها إلى المتصف بها
…
".
هذا جانب من عقيدته، وهناك جانب آخر لا يقل عنه أهمية، وهو نبذ الخرافة والبدع المنكرة من الصوفية التي تختلق الكرامات وتنقلها عن أقطابها.
فمنه قوله -رحمه الله تعالى-: "أقول: إن نقل الكرامات أصبح أمرًا عسيرا لأن أصحاب الرجل يستعملون الغلو دائمًا، والأخبار تحتمل الصدق والكذب.
وكثيرًا ما أرى كرامة لرجل قد نسبها له المتأخرون، ثم أراها بعينها في ترجمة من قبله ومن قبله.
وتارة ينقل المترجم الكرامة ولا يتفطن لمناقضتها الشرع والعقل، وأنا أضرب لك مثالًا لأوضح به المرام، وهو ما حكاه ابن خلكان وصاحب "شذرات الذهب" عن الشيخ يونس، ذلك أن ابن خلكان قال: سألت رجلًا من أصحابه عنه، فقال: كنا مسافرين والشيخ يونس معنا، فنزلنا في الطريق بين سنجار وعانة وهي مخوفة، فلم يقدر واحد منا أن ينام من شدة الخوف، ونام الشيخ يونس، فلما انتبه قلنا: كيف قدرت تنام؟ فقال: والله ما نمت حتى جاء إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام وتدارك القفل، ودخلنا سالمين ببركة الشيخ يونس.
فانظر أولًا إلى المتكلم، ولو حملناه على محمل حسن وقلنا: إنه صادق، فهل يليق به أن يجعل سيدنا إسماعيل أو والده الخليل -عليهما الصلاة والسلام- حارسين عنده لينام نومًا هنيئًا وهما ساهران كالأجير الذي يأخذ أجرته، ويدافع عن مال سيده؟ ! وهب أن الأمر صحيح، فكيف جاز له الاتكال على غير الله سبحانه وتعالى؟ ! نعم! لو قال: إني قبل نومي دعوت الله تعالى، وفوضت أمري وأمر القافلة إليه، لكان كلامه مقبولًا! ثم ليت شعري هل ذلك الراوي صادق فيما نقله، أو هو عدل مرضي الشهادة أم لا؟ ، مع أن رواة الحديث لا نصدقهم حتى تتحقق لنا عدالتهم، ونعلم صدقهم! فكيف نجيز قبول خبر واحد مجهول الحال؟ ! تالله ما هذا إلا هذيان، وعدم تمكن من العلم الصحيح!
وقال محمد تقي الدين الحصني: "وكان سلفي العقيدة" ثم قال: "قال أحد الأدباء عند كتابته عن وفاته في الصحف إنه كان خصمًا شديد الخصومة لرجال الحشويين الذين ملؤوا هذا. الدين السفل خرافات وسخافات هو براء منها، حتى رموه بأنه زنديق أو أنه وهابي، كما كانت الوهابية إثمًا زمن السلطان عبد الحميد، يرمى بها كل من آتاه الله نصيبًا من الحكمة وبعد النظر".
وقال المؤرخ خير الدين الزركلي: "كان سلفي العقيدة" أ. هـ.
وحدثني الأديب الكبير الشيخ علي الطنطاوي -أجزل الله له الأجر والمثوبة- حينما سألته عن العلامة ابن بدران فقال: "كانت الوهابية تعد تهمة خطيرة مخيفة، وكانوا يحذروننا من الاجتماع بهم، فوقفت مرة في حلقة ابن بدران العالم الحنبلي المعروف، وكان هناك طلاب يمرون في الأسواق فرأوني في حلقة ابن بدران وقدموا لن تقريرًا إلى المشايخ فضربت (فلقة) في رجلي".
قلت: وسبب هذا الأمر أن ابن بدران كان على منهج السلف رحمه الله وكتب له الأجر والمثوبة.
وقد كان رحمه الله تعالى أحد محبي شيخ الإسلام ابن تيمية وعارفي قدره وفضله، فإنه حينما سئل عنه قال: "أما الإمام أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن تيمية فرجل قرع باب الصفا ففتح له، فرأى هناك ما أنساه الدنيا ولذتها، فكان شديد الوله والإنابة واتقى الله، فأطلعه على أسرار الشريعة وأمده بفهم الكتاب والسُّنة، فأخذ يبني الأحكام على حكمتها، ويبين للناس ما أنزل إليهم من ربهم على منهاج ما كان عليه الصحابة والتابعون بإحسان، ويناهض حصون العادات السيئة والبدع فيدكها، ولا يخشى في الله لومة لائم، فهب قوم قصروا عن مداه، ولم يصلوا إلى