الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب الولاء
قوله: قال الشيخ: ومن عتق عليه مملوك بملك، أو بإعتاق
…
إلى آخره.
ثم قال: وقول الشيخ: بملك، يقال:(بكسر الميم وفتحها)، قال أهل اللغة: ملكت الشيء أملكه ملكًا بكسر الميم، وهو ملك يميني بفتح الميم وكسرها، والفتح أفصح كما قاله ابن قتيبة والجوهري وغيرهما. انتهى كلامه.
واعلم أن هذا الكلام ذكره النووي في لغات التنبيه، فأخذه منه المصنف، والنقل الذي نقله عن الجوهري وغيره، وهو أن الملك المطلق- بكسر الميم-، والمقيد باليمين، فيه وجهان: أفصحهما الفتح نقل صحيح، لكن الملك في كلام الشيخ ليس مقيدًا باليمين، حتى يقول فيه ما قال.
قوله: ثم الأحكام الثابتة بسبب الولاء كما قاله الروياني وغيره- ثلاثة: الميراث، والولاية في النكاح، والصلاة على الميت والعقل. انتهى كلامه.
ويرد على هذا الحصر التقديم في غسل الميت، وفي دفنه أيضًا، وإما عبر بثلاث مع كونه قد ذكر أربعًا، لأنه جعل النكاح والصلاة نوعًا واحدًا، وهو الولاية.
قوله في آخر الباب: قال- يعني: القاضي حسين-: نص الشافعي على أن المرأة إذا أعتقت أمةً، زوجها أبوها بسبب عصوبة الولاء، ونص فيما إذا أعتق رجل أمته، فمات المعتق وخلف ابنًا صغيرًا، وللابن الصغير جد، أنه ليس للجد أن يزوج الأمة المعتقة، قال: وفرق القفال بينهما أن في مسألة المعتقة قد وقع الإياس عن ثبوت الولاية لها، فجعلت كالمعدومة، فانتقلت الولاية إلى أبيها، وفي تلك المسألة لم يقع الإياس بثبوت الولاية للابن الصغير. انتهى كلامه.
واعلم أنا قبل الخوض في المقصود ننقل كلام القاضي المشار إليه، وقد ذكره قبل كتاب التدبير بنحو ورقة، فقال فيما إذا أعتق الكافر عبدًا مسلمًا ما نصه: ولو مات العتيق والمعتق حي، وهو كافر، وله ابن مسلم، فإن ميراثه لبيت المال، ولا يكون لابنه المسلم، وكذلك لو أن المعتق قتل العتيق، وللمعتق ابن مسلم لا يرثه المعتق، لأنه قاتل، ولا يرثه ابنه بخلاف النسب، لو قتل رجل ولده، وللقائل ولد، فإن القاتل لا
يرث المقتول، ولكن يرثه ابنه وهو أخو القتيل، والفرق بينهما: أن في باب النسب الأخوة ثابتة بين الأخ والمقتول، فلهذا قلنا بأنه يرثه، وأما في باب الولاء، فيستفيد الولاء بموت الأب، فما دام الأب حيًا، لا يثبت له الولاء، وهكذا لو استرق المعتق، وله ابن مسلم، ثم مات عتيقه، فإن ميراثه لبيت المال، ولا يكون لابنه، وهكذا نقول في التزويج لو أن كافرًا أعتق أمة مسلمة، وللمعتق أب مسلم أو أخ أو ابن، فإن ولاية التزويج إلى الحاكم، لا إلى أب المعتقة، والفرق بينهما ما ذكرناه فالزم.
مسألة: فقالوا لو أن امرأة أعتقت أمة، وللمعتقة أب، فإن أباها يزوج المعتقة. هكذا نص الشافعي- رحمه الله فنقل الولاية إلى ابنها بسبب عصوبة الولاء.
ولو أن رجلًا أعتق أمة، فمات المعتق، وخلف ابنًا صغيرًا، وللابن الصغير جد، قال: ليس للجد أن يزوج الأمة العتيقة. فقيل له: ما الفرق بين هذه المسألة وبين الأولى حيث قال: ليس للجد أن يزوج الأمة العتيقة. فقيل له: ما الفرق بين هذه المسألة وبين الأولى حيث قال الشافعي: لأبي المعتقة أن يزوج عتيقها؟ قال: الفرق بينهما أن في مسألة المعتقة قد وقع الإياس عن ثبوت الولاية لها بالولاء، فجعلت كالمعدومة، فانتقلت الولاية إلى أبيها. وفي تلك المسألة لم يقع الإياس بثبوت الولاية للابن الصغير بالولاء عند البلوغ، فلهذا افترقا. هذا كلام القاضي حسين بحروفه.
وقد تحرر منه أن المانع في النسب نقل الإرث وولاية النكاح إلى الأبعد، وهو واضح، وأنه لا ينقلها في الولاء، بل يثبتان معًا للمسلمين على / 206 أما ذكره القاضي، ولم ينص الرافعي على مسألة النكاح بالنسبة إلى الولاء، ولكن إطلاقه يقتضي الانتقال إلى الأبعد كما في النسب، وأما مسألة الإرث، فصرح بها، وجزم بانتقال المال إلى الأبعد كما في الإرث بالنسب. ذكر ذلك قبيل ((باب الرجوع عن الوصية)) بنحو ورقتين، فقال فيما إذا قتل السيد عتيقه ما نصه: ولا يرث السيد من ديته، لأنه قاتل، بل إن كان له وارث أقرب من سيده، فهي له، وإلا فلأقرب عصبات السيد، هذا كلامه.
وقد نقله أيضًا المصنف عنه، فعلم به القول بذلك في التزويج أيضًا، لأنهما متلازمان كما سبق.
وأما قول المصنف: إن الفرق للقفال، فليس للقفال ذكر في هذا الكلام الذي نقله ولا في الكلام الذي قبله أيضًا، فقد تأملت الفصل جميعه، فعلم أنه للقاضي، وأن المعبر بهذه اللفظة هو المعلق عنه هذه التعليقة.
وأما قوله: إن مسألة التزويج قد نقلها القاضي عن النص، فليس كذلك، بل
المنقول عن النص: إنما هي المسألة الأولى، وهي التزويج في حياة المعتقة، وهي واضحة لا شك فيها.
وأما الأخرى التي هي محل النظر، فلم يصرح بنقلها عن الشافعي، وإنما وقع التعبير بلفظ قال، وهو أيضًا عائد إلى القاضي، وحاصله أن المعلق أعاد مسألة نظير النص وأفردها بالذكر، لأن القاضي قائل بها، وسائر نظائرها، ويدل عليه أنه وقع في الكلام الذي نقلناه عن القاضي التعبير بقوله: فألزم مسألة
…
إلى آخره، فدل على أنهم استغربوا كلامه، وتوقفوا فيه، ولو كان النقل في تلك عن الشافعي، لكان الإلزام إنما هو عن الشافعي، وليس كذلك.
ويؤيده أنه لم ينقله قبل ذلك عند ذكره لهذه المسائل. والتفرقة بينها وبين نظيرها من الميراث، ومن تأمل، قطع بما ذكرناه. والحاصل أن القاضي قائل بذلك، والرافعي جازم بخلافه فاعلمه.
وهذا الذي ذكره المصنف في هذا الباب قد ذكر مثله في باب العاقلة.
نعم، نقل الرافعي في باب العاقلة عن الأئمة كلامًا حاصله: الجزم بأنه لا يزوج وهو الصواب. وسوف أذكر المسالة هناك مبسوطة.