الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب صلاة المسافر
قوله: والميل الهاشمي منسوب إلى ((هاشم)) بن عبد مناف جد النبي صلى الله عليه وسلم، فإنه الذي قدر أميال البادية وبردها. انتهى كلامه.
وما ذكره من نسبة ذلك إلى ((هاشم)) جد النبي صلى الله عليه وسلم غلط سبقه الرافعي إليه، بل هو منسوب إلي ((بني هاشم))، فإنه فعلوا ذلك حين أفضت إليهم الخلافة، وكان لبني أمية أميال هي أكبر من هذه، كل خمسة منها ستة من الهاشمية، ولهذا قدرها الشافعي في القديم بأربعين ميلًا، فخالفوهم قطعًا لآثارهم بالكلية. وقد نبه ابن الصلاح في ((مشكل الوسيط)) على ذلك فقال- مشيرًا إلى الرافعي-: وأخطأ بعض الشارحين لـ ((الوجيز))، فأفحش، فزعم أن ذلك نسبة إلى ((هاشم)) جد النبي صلى الله عليه وسلم، وكأنه لم يدر أن النسبة إلى ((بني هاشم)): هاشمي. هذا كلامه، وقد ذكره النووي في ((لغات التنبيه)) و ((شرح المهذب)) على الصواب، فليت أن المصنف قلده في ذلك على عادته في نقل اللغات!
قوله: واحترز بقوله: ((الظهر والعصر والعشاء))، عن المغرب والصبح، فإنه لا قصر فيهما بإجماع أهل العلم، كما قاله ابن المنذر
…
إلى آخره.
واعلم أن دعوى الإجماع ممنوعة، فقد ذهب ابن عباس إلى جواز قصر الصبح إلى ركعة، لكن بشرط الخف- أيضًا- وهو وجه عندنا قال به محمد بن نصر المروزي من متقدمي الأصحاب، كذا رايته في ((الطبقات)) للعبادي.
قوله: وقال المتولي: من سافر من بلد عليها سور فلابد أن يخرج من السور، وإن كان على بابها نهر فيعبر النهر، وإن كان حولها رباض ومنازل متفرقة فحتى يفارقها، ونسب الرافعي ذلك لبعض تعاليق المروروذيين. انتهى.
وما ذكره المصنف في اشتراط قطع المنازل المتفرقة من حكاية الرافعي ذلك عن بعض التعاليق، غلط، إنما حكاه عنه في المنازل المتلاصقة، فاعلمه.
والرباض: جمع ((ربض)) - بالضاد المعجمة- كجمل وجمال، وهو ما حوالي البلد من الأبنية.
قوله: فإن المحققين من علماء الشريعة لا يقيمون لمذهب أهل الظاهر وزنا، كذا قاله الإمام، وفيه نظر، فإن القاضي الحسين نقل عن الشافعي أنه قال في الكتابة: وإني لا أمتنع عن كتابة عبد جمع القوة والأمانة، وإنما أستحبه، للخروج من الخلاف، فإن داود يوجب كتابة من جمع القوة على الاكتساب والأمانة من العبيد. وداود من أهل الظاهر، فقد أقام الشافعي لخلافه وزنا، واستحب كتابة من ذكره لأجل خلافه. انتهى كلامه.
وما نقله- رحمه الله عن الشافعي من استحباب الخروج عن خلاف داود قد ذكره القاضي الحسين في هذا الباب، إلا أنه غلط فاحش، فإن للشافعي- رحمه الله مات في مصر آخر ليلة من رجب سنة أربع ومائتين، وأما داود فإنه ولد بالكوفة سنة اثنتين ومائتين. ونشأ ببغداد وتوفي بها سنة تسعين- بتاء ثم سين- وأخذ العلم عن أصحاب الشافعي، وصنف كتابين في فضائل الشافعي، كذا قاله جماعة منهم النووي في ((تهذيب الأسماء واللغات)).
قوله- نقلًا عن الشيخ-: فإذا بلغ سفره ثلاثة أيام كان القصر أفضل من الإتمام، ويستثنى من كلام الشيخ مسألتان: إحداهما: الملاح الذي أهله وماله معه، لأن أحمد يمنع من القصر الثاني من عادته السفر دائمًا. انتهى ملخصًا.
ويستثنى- مع ما ذكره- صور أخرى:
إحداها: إذا وجد من نفسه كراهة القصر، فالقصر له أفضل، بل يكره له الإتمام إلى أن تزول تلك الكراهة. وكذلك القول في جميع الرخص، كذا ذكره الرافعي، وقد ذكر المصنف هذه المسألة قبل ذلك، ويوهم كلامه أنها من محل الخلاف، وهو باطل، فاجتنب ذلك.
ومنها: كل موضع جرى فيه خلاف في جواز القصر، وهو كثير، وتعليلهم يرشد إليه، فاقتصاره على هذا الفرد عجيب، وذكر المحب الطبري شارح ((التنبيه)) نوعًا ثالثًا، وهو خطأ أوضحته في ((شرح المنهاج)).
قوله- فيما إذا قام في بلد لقضاء حاجة، ولم ينو الإقامة-: إنك إذا جمعت ما قيل من الخلاف واختصرت قلت: في ذلك ثمانية عشرة قولًا ووجهًا، أحدها
…
كذا إلى أن قال: والثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر والسادس عشر والسابع عشر: من حاجته غير قتال يقصر أربعة أيام، ومن حاجته قتال يقصر سبعة عشر يومًا، أو ثمانية عشر يومًا، أو تسعة عشر يومًا، أو عشرين يومًا، أو أبدًا، والثامن عشر: يقصر
…
إلى آخره.
وهذا الكلام فيه نقص، وصوابه أن يقول: والسابع عشر، بعد قوله: والسادس، فإنه حكى في الكلام الذي بعده خمسة أوجه لا أربعة، ويدل عليه أنه افتتح بعد هذا بالثامن عشر لا بالسابع عشر.
قوله: فرع: إذا صلى الظهر، ثم العصر، وتذكر أنه ترك سجدة من الظهر- بطل هو والعصر كما تقدم، ولو تذكر أنها من العصر بطل الجمع، وأعاد العصر في وقتها، ولو جهل أنها من الظهر أو العصر أعاد كل صلاة في وقتها، أخذًا بالاحتياط، وهذا فيما إذا طال الفصل، فلو قرب أعاد الصلاتين جمعًا، قاله الرافعي. انتهى.
وما نقله هنا عن الرافعي وهم، ليس في ((الرافعي)) ولا يصح- أيضًا- بل يعيد الجاهل المذكور كل صلاة في الوقت، سواء طال الفصل أم لا، وهو واضح. نعم، ذكر الرافعي ذلك فيما إذا تيقن أن المتروك من الثانية، فنقله المصنف إلى هذه المسألة سهوًا.
قوله: وإن أراد الجمع في وقت الثانية فيشترط أن ينوي في وقت الأولى كون التأخير لأجل الجمع.
ثم قال: وحكى الإمام عن شيخه وعن الصيدلاني في آخر الباب: أنه لو لم ينو عصى بالتأخير.
قال الإمام: وفيه شيء، فإنا إذا لم نشترط نية الجمع عند إقامة الصلاة فلا يبعد أن يقال: نفس الشرع يسوغ التأخير، ويصير الوقت مشتركًا. انتهى كلامه.
وتعبيره في آخر كلامه بقوله: نفس الشرع، لا معنى له، والصواب- وهو المذكور في ((النهاية)) - التعبير بالسفر عوضًا عن الشرع، وحينئذ فيكون ((نفس)) ساكن الفاء لا مفتوحها، فاعلمه.
قوله: وهل يجوز الجمع بعذر الثلج إذا لم يبل الثوب؟ فيه وجهان.
ثم قال: وأبداهما القاضي الحسين في ((تعليقه)) احتمالين لنفسه فيما إذا كان يبل الثواب، ووجه المنع بأن السنة وردت في المطر. انتهى كلامه.
وحكاية الوجهين في حالة ابتلال الثوب غلط لم يذكره القاضي الحسين، بل ولا غيره- أيضًا- على خلاف ما وقع في ((الرافعي)) كما أوضحته في ((المهمات)). نعم، أطلق القاضي الوجهين وتعليله بهذا، دفعا لمن اعتبر مطلق المشقة، وقد علل بذلك من صرح بأن محل الوجهين فيما إذا لم يذب كما أوضحته هناك.
قوله: سؤال شرط الجمع: أن تقع الصلاتان في وقت إحداهما بلا خلاف،
والجديد: أن وقت المغرب بمقدار ما يتوضأ ويستر العورة ويؤذن ويصلي خمس ركعات، وقضية هذا: أن يكون للشافعي قول أنه لا يجوز الجمع بين المغرب والعشاء في وقت المغرب في الحضر بعذر المطر، لأنه لا يقع منها في وقت المغرب إلا ركعتان، مع أن الأصحاب مطبقون على جوازه، وتكلف بعضهم جوابًا، ويظهر أن يقال في جوابه: إن الثانية كالجزء من الأولى، بدليل وجوب المولاة، وله أن يستديم المغرب إلى مغيب الشفق، فلذلك جاز الجمع، وإن كان وقت الأولى يخرج في أثناء الصلاة الثانية. انتهى كلامه.
والسؤال المذكور قد أورده في باب مواقيت الصلاة على جمعها- أيضًا- بالسفر، وتقدم أن جوابه واضح جدًا، وأن الجواب الذي ارتضاه باطل، فراجعه.
ثم إن دعوى عدم الخلاف في اشتراط وقوع الصلاتين في وقت إحداهما ليس كذلك، فقد سبق هناك عن القاضي الحسين: أنه خالف، وارتضى المصنف مقالته، وأيضًا: فدعوى الاتفاق على جواز هذا الجمع باطل، فقد حكى الماوردي والفوراني أنه لا يجوز الجمع تقديمًا به، أي: بالمطر كما ذكرته في ((المهمات)). ثم إنه أهمل الإقامة، وهي معتفرة بالاتفاق.
قوله: وإذا نوى الجمع، ثم نوى تركه في أثناء الأولى، ثم نوى الجمع ثانيًا- قال في ((الروضة)) حكاية عن الدراكي: إن فيه قولين: انتهى كلامه.
فيه أمران:
أحدهما: أن التعبير بالدراكي- أعني بالكاف- وقع هكذا بخط المصنف وفي باقي النسخ، وصوابه: الدرامي- بالميم- فإنه المذكور في ((الروضة))، وكذلك رأيته في ((الاستذكار)) له، أعني للدرامي.
الثاني: أن الدرامي قد عبر بقوله: ففيه القولان- أعني بـ ((أل)) وأشار إلى القولين في الاكتفاء بالنية في أثناء الصلاة، والصحيح منهما: الاكتفاء، وكذا عبر النووي في ((الروضة))، ولا يؤخذ ذلك من تعبير المصنف.
قوله: اعلم أنه قد وقع في الباب ألفاظ:
منها: ليلة الهرير إحدى ليالي صفين:
أما ((الهرير)): فبهاء مفتوحة، وراءين مهملتين، الأولى مكسورة، وبينها ياء بنقطتين من تحت، تقول العرب: هر فلان الحرب هريرًا، أي: كرهها. كذا قاله الجوهري، فكانت سميت بذلك، لكراهتم الحرب في تلك الليلة لكثرة ما وقع فيها من القتل،
وقال النووي في ((تهذيب الأسماء واللغات)): كان بعضهم يهر على بعض، فلذلك سميت. قال: وهي حرب وقعت بينه وبين الخوارج، وقيل: بينه وبين معاوية في صفين. انتهى.
وأما ((صفين)): فبصاد مهملة مكسورة وفاء مشددة، وهو موضع بقرب الفرات معروف بين الرقة وبالس. ذكره الجوهري في باب ((صفين))، وهو يدل على أن نونه عنده أصلية، لكن إعرابه بإعراب جمع المذكر السالم- على لغة- يدل على أن عينه ولامه فاءان، ونونه زائدة.
ومنها: صالح بن خوات، وسهل بن أبي حثمة:
أما ((خوات)) فبحاء معجمة، وواو مشددة، وتاء مثناة، وهو في اللغة: الرجل الجرئ.
وأما ((حثمة)): فبحاء مهملة، وثاء مثلثة ساكنة، والحثمة: هي الأكمة الحمراء، وبها سميت المرأة: حثمة. قاله الجوهري، قال: وتقول: حثمت، بمعنى ((أعطى)) وبمعنى ((دلك)).
ومنها: ضربه بالسيف حتى برد، هو بالباء الموحدة، والراء والدال المهملتين، ومعناه: مات.