الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب الاستطابة
قوله: ورفع الثوب قبل الدنو من الأرض على وجه الندب، وفيه نظر، لأن الصحيح: أن كشف العورة في الخلوة لا يجوز من غير حاجة، وقيل: دنوه من الأرض لا حاجة به إلى الكشف. انتهى كلامه.
والذي قاله ضعيف جدًا، فقد أطبقوا على جواز الاغتسال عاريًا في الخلوة مع إمكان الستر، وذلك لما فيه من المشقة، والمراعاة لرفع الثوب شيئًا فشيئًا أشد في الحرج، فجاز لأجل ذلك، والممتنع إنما هو الكشف لا لمعنى بالكلية، على أن النووي في ((نكت التنبيه)) خرج إيجاب ذلك على الخلاف المذكور، ولم يسبقه أحد إليه.
قوله: ولا يتكلم، لما روى ابن مسعود قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((لا يخرجان الرجلان يضربان الغائط كاشفي عن عورتهما يتحدثان، فإن الله يمقت على ذلك)) رواه أبو داود. ومعنى ((يضربان)): يطلبان. انتهى.
وتعبيره بـ ((ابن مسعود)) تحريف، وإنما هو: أبو سعيد، كذا هو في ((أبي داود)) وغيره.
قوله: نقلًا عن علي، رضي الله عنه: إنما كنا نبعر، وأنت تثلطون ثلطا. انتهى. يقال: ثلط البعير- بثاء مثلثة مفتوحة، ولام مفتوحة أيضًا، وطاء مهملة- يثلط، بكسر اللام: إذا ألقى روثه رقيقًا.
قوله: وقد أفهم كلام الشيخ: أنه لا يجزئه الاستنجاء بالحجر الواحد إذا لم يكن له غير حف، وإن غسله من أول دفعة ونشفه، ثم استنجى به، ثم غسله ونشفه واستنجى به، وهو وجه حكاه الرافعي مقيسًا على عدم جواز التيمم بالتراب المتيمم به، والحجر الواحد في الحمار، وتكرير شهادة الشاهد الواحد
…
إلى آخر ما ذكر.
وما ذكره من حكاية الخلاف فيما إذا غسله سهو، ونسبته إلى الرافعي سهو- أيضًا- فقد صرح الرافعي وغيره بأنه لا خلاف في المسألة، والذي وقع للمصنف سببه
الغلط من مسألة إلى مسألة كما يعرف بمراجعة الشرحين.
قوله: فرعان: إذا لم تزل العين بالثلاث وجبت الزيادة عليها، ويستحب أن يكون وترًا إن حصل الإنقاء بالشفع، لقوله- عليه الصلاة والسلام:((من استجمر فليوتر))، وعن ابن خيران: أنه يجب ذلك، لظاهر الخبر. انتهى كلامه.
وهذا النقل عن ابن خيران نقله النووي في ((شرح المهذب)) عن ((البيان))، فقلده فيه المصنف، وهو غلط، فإن ابن خيران أوجب استيفاء ثلاثة أخرى لأجل النجاسة الباقية، كذا نقله عنه في ((البيان)) فقال: وإن لم ينق بالثلاث لزمه أن يزيد رابعًا، فإن أنقى بالرابع أجزأه، ولا يلزمه استيفاء ستة أحجار، وحكى في ((الفروع)) أن ابن خيران قال: يلزمه ذلك. وليس بشيء، لأن المقصود قد حصل. هذا كلام ((البيان))، وعلى هذا: لو استعمل الخامس لم يكف، ولو استعمل الخامس لم يكف، ولو استعمل فلم ينق المحل بها لم يكفه استعمال سابع، بل لابد من ثامن وتاسع، وذكر- أعني العمراني- في ((الزوائد)) نحوه فقال: مسألة: وذكر صاحب ((الفروع)) في فروعه: إذا استنجى بحجر واحد وأنقى فهل يلزمه إتمام الثلاث؟ وجهان، والصحيح: يلزمه، ولو لم ينق لزمه أن ينقي، ولم يلزمه استعمال ثلاثة أحجار أخرى، وعن ابن خيران: يلزمه. هذه عبارته، وذكر المحب الطبري في ((شرحه للتنبيه)) مثله أيضًا.
قوله: والمسربة: بضم الميم، وكذا الراء، وفتحها، قال النووي وغيره: مجرى الغائط. انتهى كلامه.
وما ذكره من ضم الميم غلط لا أصل له، فإن المذكور في كتب اللغة- كـ ((العباب)) للصغاني و ((المحكم)) لابن سيده و ((جامع)) القزاز وغيرها من الأصول المبسوطة في هذا الفن- إنما هو ضبطه بالفتح. واعلم أن تجويز الوجهين في الراء قد ذكره في ((لغات التنبيه)) تبعًا لابن الأثير في ((النهاية))، فإنه قال: المسربة- بضم الراء-: ما دق من شعر الصدر سائلًا إلى الجوف، والمسربة- أيضًا، بفتح الراء وضمها-: مجرى الحدث من الدبر، كأنها من ((السرب)) وهو المسلك. انتهى ملخصًا. ولكن المعروف في مجرى الغائط إنما هو الفتح لا غير، والوجهان إنما ملحهما إذا أريد بها الشعر، كذا صرح به الصغاني في ((العباب))، حتى ابن سيده في ((المحكم)) والقزاز في ((جامعه)) والجوهري في ((صحاحه)) لم يطلقوا المسربة على مجرى الغائط بالكلية، ووقع للنووي في ((شرح المهذب)) أغرب من ذلك، فإنه ضعف الفتح فقال: المسربة: مجرى الغائط، وهي بضم الراء، وقيل: يجوز فتحها. هذه عبارته، وهو
مخالف لما ذكره في ((لغات التنبيه))، وكأنه وجده في كلام بعض المصنفين الذين التبس عليهم ذلك، فقلده.
قوله: فإن ابن الصباغ قال: لا يجوز الاستنجاء بأوراق الأشجار، لأنها تعلف للدواب، وقال الماوردي: لا يحرم الاستنجاء بعلف الدواب، وهل يحرم بما نأكله نحن وهي؟ ينظر: إن كان أكلنا له أكثر حرم، وإن كان أكلها له أكثر فلا، فإن استويا فوجهان. انتهى.
وما نقله- رحمه الله عن ابن الصباغ غلط، فإنه لم يتعرض للأوراق بالكلية، ولا لعلف الدواب، بل كلامه يقتضي الجواز، فإنه نص على أن مطعوم الآدميين والجن لا يجوز الاستنجاء به، فدل على أنه يجوز بعلف الدواب، وقد نص الشافعي- رحمه الله على نفس المسألة وهي الأوراق، وصرح بالجواز من غير كراهة، ذكر ذلك في ((البويطي)).