الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب الرجعة
قوله: وله أن يطلقها ويظاهر منها، ويولي منها، قبل: أن يراجعها، لأن الزوجية باقية.
وفي الجيلي حكاية وجه أنه لا تلحقها الطلقة الثانية، وعزاه إلى البسيط.
ووجه آخر: أنه لا يصح الظهار والإيلاء، وبناه على عدم وقوع الطلقة الثانية والثالثة، وعزاه إلى تعليق أسعد، وأن في البسيط إشارة إليه، وقد تتبعت مظانه فيه فلم أجده ولا الأول. والله أعلم. انتهى كلامه.
فيه أمران:
أحدهما: أن هذا النقل عن الجيلي قد حصل فيه إسقاط، فإن الجيلي حكى وجهًا: أن الرجعية لا تلحقها الطلقة الثانية ولا الثالثة.
ثم قال: وقال الشيخ أبو علي: تقع الثالثة دون الثانية، لأن الثانية لا تفيد في حقها شيئًا بخلاف الطلقة الثالثة، فإنها تفيد البينونة الكبرى، ذكره في البسيط هذه عبارته.
الأمر الثاني: أن هذا الخلاف الذي أنكره المصنف قد ذكر الشافعي في ((الأم)) ما يوافقه، فقال عقب الكلام فيما شهدوا لزوج بين الطلاق ما نصه: ولم أعلم مخالفًا في أن أحكام الله- عز وجل في الطلاق والظهار والإيلاء لا تقع إلا على زوجة ثابتة النكاح، يحل للزوج جماعها، وما يحل للزوج من امرأته، إلا أنه يحرم الجماع في الإحرام والحيض، وما أشبه ذلك حتى ينقضي، هذا لفظه بحروفه، وقد صرح صاحب البيان بحكاية الخلاف في الإيلاء بخصوصه، فقال في باب الإيلاء: وقال المسعودي: هل يصح إيلاؤه من الرجعية؟ فيه وجهان.
هذه عبارته، وقد نبه ابن الصلاح وغيره كما تقدم إيضاحه في باب القراض على أن صاحب البيان متى نقل عن المسعودي، فمراده به الفوراني، وقد راجعت نسختين من الإبانة، فوجدت فيهما الجزم بصحة الإيلاء من الرجعية، وهو يبطل ما ادعوه إلا أن يكون الغلط قد وقع في بعض أجزائه الإبانة دون البعض، فيستقيم، وأما الظهار منها فقد حكى صاحب البحر في أثناء الباب وجهًا عن بعض الأصحاب: أن الظهار
من الرجعية لا يصح إلا بعد الرجعة، وهو قريب مما حكاه الجيلي.
واعلم أن القول ببطلان الإيلاء قوي، لأن الزوجة محرمة عليه، وإيلاؤه إلى البينونة، والأصل عدم وجود المقتضي لحلها وهو الرجعة، ومناط صحة الإيلاء وهو إيذاء الزوجة بحلفه على الامتناع منتف هنا، فتعين بطلانه بالكلية، أو يقف على الرجعة، وهكذا القول في الظهار أيضًا.
والمراد بأسعد المتقدم ذكره هو: أبو الفتح أسعد بن أبي نصر الميهني- بميم مكسورة بعدها ياء بنقطتين من تحت، ثم هاء مفتوحة، ثم نون- وقد أوضحت حاله في كتاب الطبقات إيضاحًا تامًا لم أسبق إليه، ولله الحمد.
قوله: وفي الذخائر: أن الشاشي حكى عن ابن أبي العباس، أي: ابن سريج وجهًا: أن الرجعة تحصل بالوطء والمباشرة بشهوة والقبلة، سواء نوى بذلك الرجعة أو لم ينو. انتهى.
وقد راجعت كتاب الشاشي الذي ينقل عنه المصنفون وهو الحلية، فلم أر ذلك فيه بالكلية، ثم راجعت كتابه الأكبر، وهو المعتمد، فلم أره فيه أيضًا.
قوله: وفصل القفال فيما إذا سبق الرجل بدعوى الرجعة، فقال: إن كان قول المرأة: قد انقضت عدتي متراخيًا عن قول الرجل، فالحكم كما تقدم، وإن كان متصلًا به فهي المصدقة بيمينها، لأنا نجعل إقراره بالمراجعة في زمن العدة، كإنشاء الرجعة في الحال إلى آخره.
ثم قال: قلت: وما قاله القفال من أن الإقرار بالرجعة كالإنشاء قد يمنع منه، كما سيأتي انتهى.
وما نقله عن القفال خاصة في تنزيله منزلة الإنشاء، واقتضى كلامه إنكاره، قد نص عليه الشافعي في ((الأم)) في باب التحالف عند الكلام على التحالف في القراض، فقال: إن دعوى الرجعة في زمن العدة رجعة.