الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب الشرط في الطلاق
قوله: وإن قال: إن حضت حيضة فأنت طالق، لم تطلق حتى تحيض وتطهر، لأنه علقه بتمام الحيض، وهكذا علله الرافعي، وزاد عليه، فقال: وحينئذ فيقع سنيًا، فإن صح ما وقفت عليه من النسخ هكذا، ففيه نظر، لأن الطلاق إنما يقع بعد وجود الشرط أو معه، والشرط هنا وجود الحيضة بكمالها.
فلو وقع بطريق التبين لوقع قبل وجود شرطه، فلعل هذا من الناسخ، ومما يؤيد ذلك أنه قال من بعد: لو قال: كلما حضت حيضة فأنت طالق، طلقت ثلاثًا في انتهاء ثلاث حيض مستقبلة، وتكون الطلقات سنية، فلو كان الطلاق يقع بطريق التبين، لم تكن الطلقات سنية. انتهى كلامه.
واعلم أن الذي ذكره الرافعي وتبعه عليه في الروضة فيقع سنيًا بسين مضمومة، أي: لا بدعيًا، وشكلها كشكل من عبر بقوله تبنيًا بلا فرق، فغفل المصنف عن هذا المعنى، وانصب ذهنه إلى المعنى الآخر ثم استشكله. نهاية ما فيه أن يكون بعض النساخ قد نقطها بنقط التبين، ويالله العجب هل تعتبر نقط آحاد النساخ، وهذا الموضع لو وقع لآحاد المبتدئين لم يعذر، ومن الغريب أن المصنف قد كرر هذا المعنى بما نقله عن الرافعي بعد ذلك، وغفل عن أن يكون هو المراد أيضًا من تلك اللفظة، وأغرب منه أنه طال اعتقاده له حتى كتب حاشية بخطه قرر فليها هذا المعنى، وأجاب بجواب لا حاصل له، بل مردود الحكم، فإنه قال ما نصه: جوابه: أنه أراد أنا نتبين أنها طلقت في أول الطهر أو معه، لا أنها طلقت من وقت اللفظ، هذا لفظه، وما قاله من انتفاء إرادة اللفظ فهو المراد بلا شك، ثم إنه يقتضي أن كل شرط يقع مشروطه بطريق التبين، فليته أجاب بتقدير ثبوت المعنى الذي زعمه بأنها إذا طعنت في الطهر تبنيا وقوع الطلاق في الزمن الذي قبله، وهو آخر الحيض على خلاف ما قرره هو في الجواب، لأن المعلق عليه هو الحيضة، واشتراط الطعن في الطهر إنما هو لتحقق انقضاء الحيضة.
قوله: قال:- يعني: الشيخ- وإن كان له عبيد ونساء فقال: كلما طلقت امرأة فعبد حر، وإن طلقت امرأتين فعبدان حران، وإن طلقت ثلاثًا فثلاثة أعبد أحرار، وإن
طلقت أربعًا فأربعة أعبد أحرار، فطلق أربعة نسوة، عتق خمسة عشر عبدًا على ظاهر المذهب.
وقيل: عشرة.
وقيل: سبعة عشر، ثم قال: وما قاله- رحمه الله إنما يجيء إذا كان المأتي به صيغة ((كلما)) في كل مرة، فإنها تقتضي التكرار وليس لغيرها هذا الوصف
…
إلى آخره.
وما قاله من توقف هذا الحكم على الإتيان بـ ((كلما)) في كل مرة قد قاله أيضًا غيره وليس كذلك، بل إنما يشترط الإتيان بها في المرة الأولى والثانية فقط، ولا يشترط في الثالثة ولا في الرابعة، لعدم التكرار فيها وهذا واضح، وإذا اختبرته بالعمل اتضح لك.
قوله: ولو قال: أنت طالق في سلخ رمضان، ففيه أربعة أوجه:
أحدها: أنه يقع في آخر جزء من الشهر، وهذا ما أجاب به الشيخ أبو حامد، وهو المذكور في المهذب، والشامل
…
إلى آخره.
وما نقله عن المهذب هنا غلط، فإن هذه المسألة التي حكى فيها الأوجه الأربعة، وهي مسألة الشيخ ليس لها ذكر فيه بالكلية، والتي فيه ما إذا قال في آخر الشهر، وقد جزم فيها بالوقوع في آخر جزء، وهذه المسألة أعني مسألة الآخر ليس فيها إلا ثلاثة أوجه: أصحها هذا.
والثاني يقع بأول النصف الأخير.
والثالث: بأول اليوم الأخير، وفي مسألة السلخ هذه الثلاثة، ووجه رابع كما ذكره المصنف: أنه يقع في أول الشهر، لأنه إذا مضى جزء فقد أخذ الشهر في الانسلاخ، ولا يصح أن يكون المراد التهذيب فتحرف بالمهذب، لأن المذكور في التهذيب في المسألتين هو الوقوع بأول اليوم الأخير.
قوله: وإن قال: كلما خرجت إلا بإذني فأنت طالق، فأي مرة خرجت بغير الإذن طلقت لأن ((كلما)) تقيد التكرار، فإذا أراد الخلاص من اليمين فليقل لها: أذنت لك أن تخرجي متى شئت. انتهى كلامه.
وتعبيره في طريق الخلاص بقوله: متى سهو، وتوريط له لا تخليص، بل طريقه: أن يأتي بـ ((كلما))، لأنها للتكرار بخلاف ((متى)) و ((متى ما)) و ((أي وقت)) ونحوها، كذا ذكره الرافعي في كتاب الأيمان، وذكر نحوه أيضًا هاهنا ووافق عليه أيضًا المصنف، وقالوا: إن معناه التراخي.