الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب ما يجب به القصاص من الجنايات
قوله: قال الشيخ: أو خنقه شديدًا. الخنق- بفتح الخاء وكسر النون- مصدر خنقه يخنقه- بضم النون- خنقًا، ويجوز إسكان النون مع فتح الخاء وكسرها.
وحكى عن صاحب المطالع فتح النون، وهو شاذ وغلط. انتهى.
واعلم أن هذا الكلام قد أخذه المصنف من التحرير للنووي على عادته، وما نقله عن المطالع من فتح النون هو فيه، أعني في المطالع، لكن الأمر فيه كما نقله في الكتاب من كونه وهمًا ولم يبين مستنده، وذلك لأن المذكور في الكتب المطولة فما هو دونها إنما هو الثلاث المذكورة، وكسر النون أشهرها على وزن الكذب، ويؤيد الغلط أن المطالع مختصر المشارق للقاضي عياض، والمشارق لم يذكره، بل ذكر السكون والكسر ورجح السكون على خلاف ما قاله الأكثرون.
قوله: وذهب قوم إلى نفي الكراهة في تعلم السحر، كما لا يكره تعلم مذاهب الكفر للرد عليهم، وبهذا قال بعض أصحابنا، كما حكاه الإمام أيضًا، وبه جزم القاضي الحسين والغزالي في الوسيط. انتهى كلامه.
وفيما نقله- رحمه الله عن وسيط الغزالي أمران:
أحدهما: أنه لم يتعرض للكراهة بالكلية حتى يقال: إنه نفاها، وإنما صرح بالجواز فقط، فإنه ذكر ذلك في كتاب دعوى الدم والقسامة، فقال: فإن قيل: تعلم السحر حرام أم لا؟ قلنا: إن كان فيه مباشرة محظور من ذكر سخف، أو ترك صلاة فذلك هو الحرام، فأما تعرف حقائق الأشياء على ما هي عليه فليس حرامًا، وإنما الحرام الإصرار بفعل السحر، لا تعلمه. هذا لفظه.
واعلم أن الغزالي أشار بقوله: ((فذلك)) إلى مباشرة المحظور، ولا يمكن عوده إلى السحر المشتمل عليه، لن تعلمه إياه ليس فيه مباشرة لذلك المحظور، وإنما المباشرة تكون بفعله، فدخل في قول الغزالي: تعلم حقائق الأشياء، فلا يحرم عنده.
الأمر الثاني: أن الغزالي قد جزم بتحريم تعلم السحر في كتاب الإجارة في الكلام على ركن المنفعة على خلاف ما جزم به هاهنا.
قوله: وإن جدعه أي: قطع المارن والقصبة أو بضعها اقتص في المارن.
ثم قال: والجدع- بكسر الجيم والدال المهملة- ما ذكرناه.
ويقال أيضًا لقطع الأذن والشفة واليد: جدعه يجدعه فهو أجدع وهي جدعاء انتهى كلامه. وما ذكره من كون الجدع- بكسر الجيم- غلط إنما هو بالفتح، وهذا الكلام كله نقله عن اللغات للنووي، إلا كونه بكسر الجيم فإنه لم يذكره.
قوله: قال يعني الشيخ: ويؤخذ اللسان باللسان للآية مع أن له حدًا ينتهي إليه، فأشبه الأنف.
وقال أبو إسحاق: لا قصاص فيه انتهى كلامه.
وأشار- رحمه الله بالآية إلى قوله- تعالى-: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ
…
} [المائدة:45] إلى آخرها، فإنه استدل بها أولًا ثم أحال عليها في العين والأنف وغيرهما والاستدلال المذكور سهو، فإن الآية الكريمة ليس فيها تعرض إلى اللسان، وهل يمكن أن يخالف فيه مخالف إذا كان مذكورًا فيها؟!
قوله: فرع: إذا قطع يد رجل ثم سرت إلى النفس، فقال ورثة المقطوع: مات من السراية، وقال الجاني: بل من سم شربه وهو موح، فمن القول قوله؟ وجهان في تعليق القاضي الحسين، وأصحهما: قبول قول الوارث. انتهى كلامه.
وما ذكره- رحمه الله في تصوير هذه المسألة فاسد، فإنه صورها بما إذا سرت إلى النفس، ومع هذا التصوير لا يبقى تردد أصلًا، بل الصواب أن يقول: ثم وجد ميتًا.
قوله: تنبيهان:
أحدهما: العضد من المرفق إلى الكتف، وفيها لغات أشهرها: عضد- بفتح العين وضم الضاد- وعضد- بضم العين- وعضد- بفتح العين وكسر الضاد- وعلى هذا لا يجوز كسر العين وإسكان الضاد. انتهى كلامه.
وما ذكره في آخر كلامه من أنه لا يجوز ذلك غلط، بل الصواب أن يقول: وعلى هذا يجوز بإسقاط ((لا)) وقد ذكره النووي في لغات التنبيه كذلك، وقال في آخره- أعني النووي: إنه يجمع بذلك خمس لغات، والخمس لا يأتي إلا بجواز الكسر، والمصنف نقل ذلك من كلام النووي باللفظ الذي ذكره على عادته، غير أنه أسقط الكلام الأخير.
تنبيه: وقع في الباب ألفاظ منها: الوترة- بتاء مثناة مفتوحة بعدها راء مهملة- وهي: الجلدة الحاجزة بين المنخرين، ومنها عمور الأسنان- بضم العين وبالراء المهملتين- جمع عمر- بفتح عمر- بفتح العين وإسكان الميم، وهو ما ين الأسنان من اللحم.