المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب صدقة المواشي - الهداية إلى أوهام الكفاية - جـ ٢٠

[الإسنوي]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب الطهارة

- ‌باب المياه

- ‌باب الآنية

- ‌باب السواك

- ‌باب صفة الوضوء

- ‌باب فرض الوضوء وسننه

- ‌باب المسح على الخفين

- ‌باب ما ينقض الوضوء

- ‌باب الاستطابة

- ‌باب ما يوجب الغسل

- ‌باب صفة الغسل

- ‌باب الغسل المسنون

- ‌باب التيمم

- ‌باب الحيض

- ‌باب إزالة النجاسة

- ‌كتاب الصلاة

- ‌باب مواقيت الصلاة

- ‌باب الأذان

- ‌باب ستر العورة

- ‌باب طهارة البدن والثوب وموضع الصلاة

- ‌باب صفة الصلاة

- ‌باب فروض الصلاة

- ‌باب صلاة التطوع

- ‌باب سجود التلاوة

- ‌باب ما يفسد الصلاة

- ‌باب سجود السهو

- ‌باب الساعات التي نهي عن الصلاة فيها

- ‌باب صلاة الجماعة

- ‌باب صفة الأئمة

- ‌باب موقف الإمام والمأموم

- ‌باب صلاة المسافر

- ‌باب ما يكره لبسه وما لا يكره

- ‌باب صلاة الجمعة

- ‌باب هيئة الجمعة

- ‌باب صلاة العيد

- ‌باب صلاة الكسوف

- ‌باب صلاة الاستسقاء

- ‌كتاب الجنائز

- ‌باب ما يفعل بالميت

- ‌باب غسل الميت

- ‌باب الكفن

- ‌باب الصلاة على الميت

- ‌باب حمل الجنازة والدفن

- ‌باب التعزية والبكاء على الميت

- ‌كتاب الزكاة

- ‌باب صدقة المواشي

- ‌باب زكاة النبات

- ‌باب زكاة الناض

- ‌باب زكاة المعدن والركاز

- ‌باب زكاة التجارة

- ‌باب زكاة الفطر

- ‌باب قسم الصدقات

- ‌باب صدقة التطوع

- ‌كتاب الصيام

- ‌باب صوم التطوع

- ‌باب الاعتكاف

- ‌كتاب الحج

- ‌باب المواقيت

- ‌باب الإحرام وما يحرم فيه

- ‌باب كفارة الإحرام

- ‌باب صفة الحج

- ‌باب صفة العمرة

- ‌باب فرض الحج والعمرة وسننها

- ‌باب الفوات والإحصار

- ‌باب الأضحية

- ‌باب العقيقة

- ‌باب الصيد والذبائح

- ‌باب الأطعمة

- ‌باب النذر

- ‌كتاب البيوع

- ‌باب ما يتم به البيع

- ‌باب ما يجوز بيعه وما لا يجوز

- ‌باب الربا

- ‌باب بيع الأصول والثمار

- ‌باب بيع المصراة والرد بالعيب

- ‌باب بيع المرابحة والنجش، والبيع على بيع أخيهوبيع الحاضر للبادي والتسعير والاحتكار

- ‌باب اختلاف المتبايعين

- ‌باب السلم

- ‌باب القرض

- ‌باب الرهن

- ‌باب التفليس

- ‌باب الحجر

- ‌باب الصلح

- ‌باب الحوالة

- ‌باب الضمان

- ‌باب الشركة

- ‌باب الوكالة

- ‌باب الوديعة

- ‌باب العارية

- ‌باب الغصب

- ‌باب الشفعة

- ‌باب القراض

- ‌باب العبد المأذون

- ‌باب المساقاة

- ‌باب المزارعة

- ‌باب الإجارة

- ‌باب الجعالة

- ‌باب المسابقة

- ‌باب إحياء الموات

- ‌باب اللقطة

- ‌باب اللقيط

- ‌باب الوقف

- ‌باب الهبة

- ‌باب الوصية

- ‌باب العتق

- ‌باب التدبير

- ‌باب الكتابة

- ‌باب عتق أم الولد

- ‌باب الولاء

- ‌كتاب الفرائض

- ‌كتاب النكاح

- ‌باب ما يحرم من النكاح

- ‌باب الخيار في النكاح والرد بالعيب

- ‌باب نكاح المشرك

- ‌كتاب الصداق

- ‌باب الوليمة

- ‌باب عشرة النساء والقسم والنشوز

- ‌باب الخلع

- ‌كتاب الطلاق

- ‌باب عدد الطلاق والاستثناء فيه

- ‌باب الشرط في الطلاق

- ‌باب الشك في الطلاق وطلاق المريض

- ‌باب الرجعة

- ‌باب الإيلاء

- ‌باب الظهار

- ‌باب اللعان

- ‌باب ما يلحق من النسب وما لا يلحق

- ‌كتاب الأيمان

- ‌باب من يصح يمينه وما يصح به اليمين

- ‌باب جامع الأيمان

- ‌باب كفارة اليمين

- ‌باب العدد

- ‌باب الاستبراء

- ‌باب الرضاع

- ‌كتاب النفقات

- ‌باب نفقة الزوجات

- ‌باب نفقة الأقارب والرقيق والبهائم

- ‌باب الحضانة

- ‌كتاب الجنايات

- ‌باب من يجب عليه القصاص ومن لا يجب

- ‌باب ما يجب به القصاص من الجنايات

- ‌باب العفو والقصاص

- ‌باب ما تجب به الدية من الجنايات

- ‌باب الديات

- ‌باب العاقلة وما تحمله

- ‌باب قتال البغاة

- ‌باب قتال المشركين

- ‌باب قسم الفيء والغنيمة

- ‌باب عقد الذمة وضر بالجزية

- ‌كتاب الحدود

- ‌باب حد الزنى

- ‌باب حد القذف

- ‌باب حد قاطع الطريق

- ‌باب حد الشرب

- ‌باب التعزير

- ‌باب أدب السلطان

- ‌كتاب القضاء

- ‌باب ولاية القضاء وأدب القاضي

- ‌باب صفة القضاء

- ‌باب القسمة

الفصل: ‌باب صدقة المواشي

‌باب صدقة المواشي

قوله: لو علفت السائمة فيما دون الحول فهل يؤثر؟ فيه أوجه.

ثم قال بعد ذلك: قال الرافعي: والأوجه المذكورة هل هي مختصة بما إذا لم يقصد بالعلف قطع السوم وإن قصده ينقطع لا محالة، أو هي شاملة للحالين؟ في كلام الناقلين لبس في ذلك، ولعل الأقرب الأول، وكذا أورده صاحب ((العدة)) وغيره.

قلت: ويؤيد ذلك

إلى آخر ما قاله.

وما نقله- رحمه الله من تخصيص الخلاف بالحالة الأولى وأقره، ليس هو كذلك، فقد رأيت في ((الشافي)) للجرجاني التصريح بالخلاف فيما إذا علف على قصد القطع، فقال ما نصه: وإن علفها الحول أو بعضه، ولم ينو نقلها إلى العلف- فلا حكم له، وإن نواه انقطع حولها في أصح الوجهين. هذا لفظه.

قوله: فإذا حال الحول فهل تجب الزكاة، أم لابد من التمكن؟ فيه قولان، أصحهما: الأول، ويعبر عنهما بأن التمكن شرط في الضمان أو شرط في الوجوب، وفائدتهما تظهر فيما إذا نقص النصاب بعد الحول وقبل التمكن، مثل أن كل المال خمسًا من الإبل، فتلفت واحدة: فعلى الأول سقط عنه خمس شاة.

وعلى الثاني: لا شيء عليه.

ثم قال ما نصه: والقولان متفقان على أنه مهما حصل التلف بآفة سماوية قبل التمكن فلا ضمان، وعلى أنه إذا أتلف المال قبله وجب، وفي ((الجيلي)) حكاية وجه في المسألة الأخيرة: أن ذلك يمنع الوجوب إذا قلنا: إن التمكن شرط فيه. انتهى كلامه.

وهذا الكلام يقتضي الاتفاق في المسألتين، ويؤيده نقل خلاف في الثانية خاصة عن حكاية الجيلي وحده، وقد صرح النووي في ((شرح المهذب)) بذلك فقال: إنه لا خلاف فيهما، وكلامه في ((الروضة)) تبعًا للرافعي يوهمه- أيضًا- وليس كذلك، بل الخلاف ثابت في المسألتين، صرح به الإمام محمد بن يحيي في ((تعليقه)) في الخلاف بيننا وبين أبي حنيفة، فإنه ذكر استناد الحنفية إلى عدم الوجوب عند التلف، وإلى

ص: 209

إيجابه عند الإتلاف، ثم أجاب عن ذلك فقال: قلنا: من الأصحاب من منع المسألة وقال: يجب الضمان عند التلف، تفريعًا على قول الوجوب قبل التمكن، وقد منع الشيخ أبو علي والغزالي- رحمه الله مسألة الإتلاف، وقالا: لا ضمان فيها، تفريعًا على قولنا: إن الإمكان شرط الوجوب. هذا لفظه بحروفه، وهذا كله معرف لمقدار الجيلي واطلاعه.

قوله: روي أن ساعيًا لعمر وهو سعد بن رستم قال له: إن هؤلاء يزعمون أنا نظلمهم فنعد عليهم السخلة ولا نأخذها منهم، فقال: اعتد عليهم بالسخلة يروح بها الراعي على يديه ولا تأخذها. انتهى.

ذكر الماوردي أن هذا الساعي اسمه سفيان بن عبد الله الثقفي، وكان قد استعمله على الطائف.

قوله: وفي ((الحاوي)) أنه- عليه الصلاة والسلام قال لراعيه: ((عد عليهم صغيرها وكبيرها)). انتهى.

في ((الحاوي)): لساعيه- بالسين- وهو الصواب.

قوله- نقلًا عن الشيخ: والجذع من الضأن: ما لها ستة أشهر، والثنية من المعز: ما لها سنة.

ثم قال: وما ذكره الشيخ في بيان الجذعة هو الذي اختاره الروياني في ((الحلية)) كما قال الرافعي، وقد حكي عن ابن الأعرابي أنه قال: المتولد بين شاتين يجذع لستة أشهر إلى سبعة، وبين هرمين يجذع لثمانية، وقيل: هو ما أتى عليه ثمانية أشهر، وهو اختيار الروياني في ((الحلية)). انتهى كلامه.

وما ذكره من نقل الرافعي عن ((حلية)) الروياني غلط من المصنف على الرافعي وعلى ((الحلية))، فقد رأيت في ((الحلية)) المذكورة اختيار ثمانية أشهر كما نقله عنه المصنف في آخر كلامه، وهو الذي نقله- أيضًا- الرافعي عنها. نعم، ما اختاره الشيخ نقله الرافعي عنه- أي عن ((التنبيه)) - ثم إن الظاهر أنه ذهل عما نقله عنه قبله، وإلا كان من حقه أن ينبه على غلط الأول إن كان غلطًا. نعم، وقع للنووي في ((شرح المهذب)) هذا الغلط بعينه، فكأنه سبب غلط المصنف، وهو الظاهر.

قوله: وفي خمس وعشرين بنت مخاض، وهي التي لها سنة ودخلت في الثانية، وسميت بذلك، لأن أمها قد آن لها أن تكون ماخضًا.

ثم قال: والماخض: اسم جنس لا واحد له من لفظه، والواحدة: خلفة. انتهى.

ص: 210

وتعبيره بقوله: والماخض، تحريف، فصوابه: المخاض- بالخاء قبل الألف- فإن أهل اللغة قد نصوا على أنه كما يكون مصدرًا- وهو ألم الولادة- يطلق أيضً على الجمع وهي الحوامل المسماة بالخلفات، واحدها: خلفة، بخاء معجمة مفتوحة، ولام مكسورة.

قوله: والمولود من الإبل قبل انتهائه إلى السنة تختلف أسماؤه: فالذي قاله الماوردي: أنه يقال لولد الناقة إذا وضعته لدون وقته ناقص الخلق: خديج، وإن وضعته لوقته ناقص الخلق: مخدوج، وإن وضعته لوقته كامل الخلق قيل له هبع وربع، ثم فيصل، ثم سليل، ثم حاسر، فإذا تمت سنة قيل فيه ما ذكرناه، أي: ابن مخاض، وبنت مخاض. انتهى كلامه.

اعلم أنه ينبغي الكلام على هذه الألفاظ أولًا فنقول:

أما ((خديج)) و ((مخدج)) كذا فبالخاء المعجمة، ثم الدال المهملة، ثم الجيم، مأخوذ من ((الخداج)) وهو النقصان، ومنه سميت: خديجة- رضي الله عنها فإنها لم تستكمل مدة الحمل، بل وضعت لستة أشهر.

وأما ((هبع)) و ((ربع)) فبضم أولهما، والثاني منهما باء مفتوحة، بعدها عين مهملة، وقد فسر اللغويون هاتين اللفظتين- ومنهم الأزهري والجوهري- فقالوا: الربع: هو الذي ينتج في أول زمان النتاج وهو زمان الربيع، وجمعه: رباع- بكسر الراء- وأرباع، والهبع: هو الذي ينتج في آخر النتاج في زمان الصيف، وسمي بذلك- كما قاله الجوهري- من قولهم: هبع، إذا استعان بعنقه في مشيه، وذلك أن الربع أقوى منه، لكونه ولد قبله، فإذا سار الهبع معه احتاج- أي الهبع- إلى الاستعانة بعنقه، حتى لا ينقطع عنه. قال: وهو في جميع السنة يسمى حوارًا، أي: بضم الحاء والراء المهملتين. هذا كلامه.

وأما الفصيل فسمي بذلك، لأنه فصل من أمه

وأما الفصيل فسمي بذلك، لأنه فصل من أمه.

وأما ((سليل)) - بسين مهملة مفتوحة ولامين بينهما ياء مثناة من تحت- فهو ولد الناقة حالة وضعه قبل أن يعلم أذكر هو أم أنثى. والحوار يطلق عليه إلى انفصاله عن أمه.

إذا علمت ذلك فاعلم أن ما نقله عن الماوردي من اشتراط نقصان الوقت والخلقة معًا في مسمى ((الخديج)) ليس كذلك، بل شرطه نقصان الوقت فقط، ولم يتعرض للذي اجتمع فيه النقصانان.

ص: 211

قوله: وقال القاضي الحسين: تسمى الأنثى من ولد الناقة حين وضعه: ربعة وهبعة، والذكر: ربعًا وهبعًا، إذا كان ربيعيًا.

ثم قال بعد ذلك: يسمى حوارًا، وقبل تمام السنة يسمى فصيلًا. انتهى كلامه.

وهو يقتضي أن التقييد بالربيعى راجع إلى الاسمين وهما ربع وهبع، أو إلى الأخير خاصة وهو هبع، ويقتضي- أيضًا- أن الاسمين يطلقان على كل مولود للناقة، وذلك كله غلط، ووجه الغلط يعلم مما سبق، وهذا الغلط متوجه على القاضي، وأما نقل المصنف عنه فإنه صحيح شاهدته في ((تعليقته)).

قوله: وقال البندنيجي: الفصيل اسمه من حين يفصل عن أمه إلى انتهاء سنة من عمره، ويقال له حوار. انتهى كلامه.

ومراده بقوله: ويقال

إلى آخره، وهو الذي رأيته في ((تعليق)) البندنيجي- أن الحوار يطلق على الفصيل- أيضًا- ولهذا عبر المصنف بقوله: ويقال- أعني بالواو- فاعلمه، فإنه يقع في بعض النسخ بالفاء الدالة على أن الحوار لا يطلق إلا بعد انقضاء السنة. نعم، كلامه مشعر بأن اسم ((الحوار)) لا يطلق عليه قبل الفطام، وقد سبق خلافه.

قوله: وفي خمس وعشرين بنت مخاض، فإن لم تكن عنده أخرج ابن لبون، للحديث، وإذا أجزأ ابن اللبون أجزأ الحق والجذع عنها بطريق الأولى، وهو ما جزم به الأصحاب عند فقد ابن اللبون من ماله، وكذا معظمهم مع وجوده. وحكى الماوردي- وتبعه الروياني- وجهًا ضعيفًا: أنه لا يجزئ، لأنه لا مدخل له في الزكاة. انتهى كلامه.

وقد تلخص منه أن الماوردي والروياني وسائر الأصحاب جازمون بإجزاء الحق عند فقد ابن اللبون، وأن الوجه الضعيف إنما حكياه عند وجوده، والذي ذكره غلط، فإنه ليس في كلام الماوردي ما يشعر بذلك بالكلية، بل ولا ما يوهمه، بل مقتضاه التعميم، وكذلك في كلام غيرهما ممن حكى هذا الوده. ثم إن التعليل الذي حكاه مرشد إليه- أيضًا- فلو تأمله لم يذكر ما ذكره، ولولا خشية الإطالة لذكرت لفظهما والموجب لغلط المصنف.

قوله: فإن كانت عنده وهي معيبة فكالعدم، وإن كانت كريمة فقيل: يجوز له الانتقال إلى ابن اللبون، وهو ما صدر به في ((الوسيط)) كلامه، ثم قال بعده- أي في ((الوسيط)) -: وقال القفال: يلزمه شراء بنت مخاض. انتهى ملخصًا.

ص: 212

وحاصله: أن الغزالي في ((الوسيط)) قبل نقل عن القفال جواز إخراج ابن اللبون، وهو غلط، فإن الغزالي لم يذكر قبله شيئًا من الوجهين بالكلية، فضلًا عن الجواز، فإنه قال ما نصه: وإن كان في مال بنت مخاض كريمة فلا يطالب بها.

قال القفال: يلزمه شراء بنت مخاض، لأنها موجودة في ماله، وإنما تركت نظرًا له. وقال غيره: يؤخذ ابن اللبون. انتهى كلامه، ولا شك أنه يوهم أن الضمير في ((لا يطالب بها)) راجع إلى ((بنت المخاض))، وهو راجع إلى ((الكريمة)).

قوله: وإن اجتمع فرضان في نصاب كالمائتين من الإبل فيها أربع حقاقٍ أو خمس بنات لبون، لأنها أربع خمسينات وخمس أربعينات، فيجب إخراج الأغبط، فإن أخذ الساعي غيره أجزأ إن لم يكن بتقصير منه ولا من المالك، ولكن يجب التفاوت لا يجوز إخراجه من نقد البلد، وقيل: يجب أن يشتري به شقصًا إن أمكن.

ثم قال ما نصه: وإذا قلنا: يشتري الشقص، فهل يكون من جنس الأعلى أو الأدنى الذي أخرجه؟ فيه وجهان عند المراوزة، قال الإمام: والذي مال إليه الكافة هو الثاني. هذا لفظه. ثم حكى وجهًا ثالثًا: أنه مخير بينهما.

إذا علمت ذلك فالذي نقله عن الإمام من ترجيح الكافة للثاني- وهو الأدنى- غلط فاحش وذهول عجيب، فإن الإمام قد قال ما نصه: وقد اختلف أئمتنا، فقال بعضهم: ينبغي أن يكون ذلك الشقص من نوع المأخوذ حتى يتحد قبيله، ومنهم من قال: يتعين تحصيله من النوع المتروك، فإنه المأمور به، وظاهر ما ذكره الأصحاب في الوجهين: أنه يتعين نوع عند الكافة، والخلاف فيما يتعين، ولا يبعد عن القياس تخيير المالك بين الأمرين، وقد أشار إليه بعض المصنفين، وهو متجه، فتحصل إذن ثلاثة أوجه. هذا كلام الإمام، وحاصله: أن المنقول عن الكافة نفي التخيير وانحصار الشراء في أحد النوعين، وأما تعيين أحدهما فلم ينقله عنهم، والذي أوهم المصنف ذكر عقب الوجه القائل بالأدنى.

قوله: فرع: لو كانت إبله أربعمائة فقد اجتمع فيها ثمان حقاق وعشر بنات لبون، فإن أخذ أربع حقاق وخمس بنات لبون جاز، وقال الإصطخري: لا يجوز إلا من نوع واحد وهو الحقاق أو بنات اللبون، فإن قيل: قد ذكرتم أن الساعي لا يأخذ إلا الأغبط على المذهب، ويلزم من ذلك أن يكون كل من الصنفين أغبط إذا جوزتم الأخذ من النوعين معًا وذلك لا يمكن، قال ابن الصباغ: يجوز أن يكون لهم حظ ومصلحة من اجتماع النوعين، قال الرافعي: وهذا يفيد معرفة شيء آخر، وهو: أن الغبطة غير

ص: 213

منحصرة في زيادة القيمة، لكن إذا كان التفاوت لا من جهة القيمة يتعذر إخراج الفضل وقدر التفاوت. انتهى كلامه.

وهذا الاعتراض الذي أجاب عنه ابن الصباغ، وتوهم المصنف صحته- باطل من أصله لا يحتاج معه إلى الحمل المذكور، وإن كان الفقه الذي تضمنه صحيحًا، فقد يكون عنده أربع حقاق مما يؤمر بإخراجها هو خير من كل خمس يخرجها مما عنده من بنات اللبون، ويكون في بنات اللبون خمس هي خير من أكل أربع يخرجها مما بقي عنده من الحقاق، وذلك للتعدد الحاصل في أفراد الواجب، والعجب من توهم المصنف- والرافعي والنووي من قبله- صحة هذا الاعتراض، على أن اللفظ الذي نقله المصنف عن ((الشامل)) قد تبع عليه الرافعي، وهو لا ينافي الجواب الذي ذكرناه، إلا أنني راجعت الشامل فوجدت فيه زيادة تأبى ذلك، ويقتضي ما فهمه هو وغيره من عدم إرادته، ولو ذكروا تلك الزيادة لكان أصوب.

قوله: وجمع المسنة- كما قال البندنيجي-: مسنان ومسنات. انتهى.

والذي ذكرته هو صورة ما ذكره المصنف وضبطه- أيضًا- وما ذكره في اللفظ الثاني صحيح، وحاصله: أنه جمع ((المسنة)) جمع سلامة بألف وتاء، وأما اللفظ الأول فتحريف، وصوابه: مسان- بفتح الميم وتشديد النون- على أنه جمع تكسير، ووزنه: مفاعل، ولكن أدغمت النون، وقد ذكر الجوهري هذا الجمع في موضعين من ((الصحاح)) في فصل الفاء من باب المعتل، وفي آخر فصل السين من باب النون.

قوله: وقال- أي البندنيجي-: يقال لما تلده البقرة حين يولد: عجل وعجول، فإذا استكمل سنة ودخل في الثانية قيل له: جذع، وللأنثى: جذعة، فإذا استكمل سنتين ودخل في الثالثة فهو: ثني، وثنية، فإذا استكمل أربعا ودخل في الخامسة فهو: سديس، والأنثى: سديسة، فإذا استكمل خمسًا ودخل في السادسة فهو: ضالع، وليس له اسم بعد ذلك إلا ضالع عام وضالع عامين. انتهى كلامه.

وقد سقط في هذا الكلام تسمية ما استكمل ثلاثًا ودخل في الرابعة، ويقال للذكر منه: رباع، ويقال: رباعي- بضم الراء وتخفيف الياء- وللأنثى: رباعية، ذكره الجوهري وغيره، ومن الفقاء صاحب ((البحر)) وجماعة، والمصنف له عندنا في هذا الموضع وفي الذي قبله، فقد راجعت ((تعليق)) البندنيجي من النسخة التي كانت للمصنف، فوجدت الأمرين فيها على هذا الخلل لغلط الكاتب، إلا أن مثل المصنف من العلماء لا ينتهي في التقليد إلى هذا الحد، وقد أصلحت النسخة على الصواب،

ص: 214

لئلا يقع أحد- أيضًا- في هذا الغلط، وقد ذكر اللغويون أسماء مستوعبة للعشر سنين.

قوله: روى أبو القاسم البغوي في ((معجم الصحابة)) عن عبد الله بن معاوية الغاضري من غاضرة قيس- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ثلاث من فعلهن فقد طعم طعم الإيمان: من عبد الله وحده وأنه لا إله إلا هو، وأعطى زكاة ماله طيبةً بها نفسه رافدة عليه كل عام، ولا يعطى الهرمة ولا الدرنة ولا المريضة ولا الشرط اللئيمة)). انتهى.

الغاضري- بالغين والضاد المعجمتين، والراء المهملة- مأخوذ من ((الغضارة)) وهي الرفاهية، وقيدوه بـ ((غاضرة قيس))، لأن ذلك يوجد في قبائل من العرب، قاله الرشاطي في ((الأنساب))، وذكر الجوهري- أيضًا- نحوه.

وأما الهرمة: فهي العاجزة من كبر السن، وأما الدرنة: فبدال مهملة مفتوحة ثم راء مكسورة مهملتين، بعدهما نون مفتوحة، هي الجرباء، وأصل الدرن: الوسخ.

وأما الشرط: فبشين معجمة مفتوحة، ثم راء مهملة مفتوحة- أيضًا- ثم طاء مهملة، فهو رذالة المال، أي الردئ منه.

قوله: ولو كان ماله ثلاثين من الإبل نصفها صحاح ونصفها مراض، وقيمة كل صحيحة أربعة دنانير، وكل مريضة ديناران- قال في ((التهذيب)) وغيره: يجب عليه صحيحه قيمتها ثلاثة دنانير، نظرًا إلى نصف قيمة الصحيح ونصف قيمة المريض، قال الرافعي: ولك أن تقول: هلا كان هذا ملتفتًا إلى أن الزكاة هل تتقسط على الوقص أم لا؟ فإن انبسطت عليه فذاك، وإلا قسط المأخوذ على الخمس والعشرين. قلت: لو خرج على هذا فما الذي يجعل الوقص منه؟ إن جعلناه من الصحاح أضررنا برب المال، وإن جعلناه من المراض أضررنا بالفقراء، فتعين أن يجعل منهما، وحينئذ لا تختلف النسبة على أن جعله منهما، وحينئذ لا تختلف النسبة على أن جعله منهما على السوية متعذر، لأن الخمس لا تنقسم. انتهى كلامه.

والذي ذكره في تقرير الجواب الأول معكوس، بل الصواب أن جعله من الصحاح مضر بالفقراء، لأنا حينئذ نقوم الرديء ونعطيهم من نسبته، وجعله من المراض مضر بالمالك نافع للفقراء، لما ذكرناه، وهو واضح. وأما الجواب الثاني- وهو التعذر- فعجيب، فإن تقويم المال جميعه ممكن مشروع، إلا أنه غير لازم على الخمسة، والخمسة سدس الثلاثين، فيعتبر نصف السدس من قيمة المراض ونصف السدس من

ص: 215

قيمة الصحاح، بل تقويم النصف من ذلك صحيح لا مانع منه ولا استحالة فيه- كما زعم- وكأنه سرى ذهنه إلى إخراجه فمنعه، لأن التشقيص في الواجب ممتنع.

قوله: وإن كان غنمه صغارًا أخذ منها صغيرة، لقول أبي بكر في حق مانعي الزكاة:((والله لو منعوني عناقًا كانوا يؤدونه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلهم على منعه)) كما أخرجه البخاري ومسلم. وجه الدلالة منه: أه أخبر عنهم أنهم كانوا يؤدون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم العناق، والعناق: الأنثى الصغيرة من أولاد الغنم. انتهى كلامه.

وما ذكره نقلًا واستدلالًا باطل:

أما الأول: فلأن البخاري لم يرو موضع الحاجة- وهو العناق- وإنما لفظ روايته: ((لو منعوني عقالًا)). نعم، رواه مسلم بلفظ ((العناق)).

وأما الثاني- وهو دعواه الإخبار بأداء العناق- فعجيب جدًا، فإنه لم يخبر عنهم بأدائه، وإنما ذكر المقابلة على تقدير الأداء، وأتى بلفظ ((لو)) المستعملة في المستحيل وامتناع الشيء لأجل امتناع غيره، فقال: لو كان كذا لكان كذا، ولا يدل ذلك على أدائه، بل ولا على جواز الأداء، كقوله تعالى:{لَوْ كَانَ فِيهِمَا آَلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا} [الأنبياء:21] ونحو ذلك.

قوله: وروى أبو داود عن مسلم بن ثفنة عن شيخ يقال له سعر

إلى آخره.

ثفنة: بثاء مثلثة مفتوحة، ثم فاء مكسورة بعدها نون، ثم تاء التأنيث. وما ذكره أبو داود من كون مسلم هو ابن ثفنة قد تبع فيه وكيعا، والصواب: أنه مسلم بن شعبه، كذا ذكره جماعات منهم الإمام أحمد والنسائي والدارقطني، ووهموا وكيعا فيما ذكره، وأما سعر- فبسين مكسورة ثم عين ساكنة مهملتين بعدها راء، وهو سعر بن سوادة- ويقال: ابن ديسم- العامري، قال الدارقطني: له صحبة.

قوله: وروى أبو داود عن مسلم بن ثفنة عن شيخ يقال له سعر

إلى آخره.

ثفنة: بثاء مثلثة مفتوحة، ثم فاء مكسورة بعدها نون، ثم تاء التأنيث. وما ذكره أبو داود من كون مسلم هو ابن ثفنة قد تبع فيه وكيعا، والصواب: أنه مسلم بن شعبة، كذا ذكره جماعات منهم الإمام أحمد والنسائي والدارقطني، ووهموا وكيعا فيما ذكره، وأما سعر- فبسين مكسورة ثم عين ساكنة مهملتين بعدها راء، وهو سعر بن سوادة- ويقال: ابن ديسم- العامري، قال الدارقطني: له صحبة.

قوله: والبخاتي- بتشديد الياء وتخفيفها- والعراب نوعان للإبل، كما أن المهرية والأرحبية والمجيدية والعقيلية والقرملية أنواع لها. انتهى.

ص: 216

اعلم أن البخاتي: إبل الترك وهي التي لها سنامان، وما عداها إبل العرب وهي المسماة بالعراب، وأنواعها- كما ذكره المصنف:

المهرية، بميم مفتوحة، وجمعها: مهاري منسوبة إلى مهرة بن حيدان، أبي قبيلة، قاله الجوهري.

والأرحبية: منسوبة إلى ((أرحب)) - بالحاء المهملة والباء الموحدة- قبيلة من همدان.

والمجيدية: إبل دون المهرية، منسوبة إلى ((مجيد)) - بضم الميم، وفتح الجيم- وهو اسم فحل.

والعقيلية- بعين مفتوحة وقاف- منسوبة إلى ((العقيلة))، وهي كريمة الإبل.

والقرملية: منسوبة إلى ((القرمل)) - بقاف مكسورة وراء ساكنة وميم مكسورة ثم لام- هو البختي السابق ذكره كما قاله الجوهري- وجمعه: قرامل.

إذا تقرر ذلك علمت أن البخاتي هي القرملية على خلاف ما اقتضاه كلام المصنف من المغايرة، وأن الأربعة الباقية نوعان للعراب، على خلاف ما دل عليه تعبيره- أيضًا- وكأنه رأي بعضهم عبر ببعضها، والبعض بالبعض الآخر، فتوهم التغاير فجمع بينهما.

قوله: ولا تؤخذ الربي ولا الماخض ولا فحل الغنم ولا الأكولة ولا حزرات المال، إلا أن يختار رب المال.

ثم قال: وما ذكره الشيخ من الأخذ في جميع الصور عند اختيار رب المال هو المشهور، إلا في فحل الغنم، فإن فيه إذا أخرجه ما تقدم في أخذ الذكر. انتهى كلامه.

وحاصل كلامه: أن هذه الصورة التي قالها الشيخ لا تأتي على المذهب، وإنما تأتي على وجه ضعيف، لأن الصحيح منع أخذ الذكر عن الأنثى، وليس كما قاله، بل يتصور ذلك على المذهب في خمس من الإبل، فإن الشاة الواجبة فيها يجوز أن تكون ذكرا مع وجود الإناث كما هو المشهور، وحينئذ فإذا تبرع بإعطاء فحل غنمه جاز قبوله.

قوله: وفي ((الإبانة)): أن صاحب ((التقريب)) قال: إذا أعطى كريمة لا تجزئ، لظاهر خبر معاذ. وفي ((النهاية)): أن صاحب ((التقريب)) حكاه عن غيره، وقال: إنه مزيف لا أصل له. انتهى كلامه.

وهو كالصريح في أن المزيف لهذا القول هو الحاكي له وهو صاحب ((التقريب)

ص: 217

وليس كذلك، بل المزيف له إنما هو الإمام، كذا هو في ((النهاية)) فاعلمه.

وقوله: وفي بعض الشروح: أن بعض الخراسانيين قال: إن اشتراط الاشتراك في الفحل مخصوص بما إذا اتحد النوع، وإن اختلف كالضأن والمعز فلا يضر اختلاف الفحل، للضرورة. قلت: وحقيقة ذلك ترجع إلى أنا على الأول لا نثبت حكم الخلطة عند اختلاف نوع المال، إذ لا اشتراك في الفحل ولكن نثبتها عند اتحاده، وعلى الثاني نجوزها في الحالين، وهذا لم أره لغيره. انتهى كلامه.

والذي أنكره- رحمه الله لابد منه، وقد جزم به النووي في ((شرح المهذب)). وزاد فقال: إنه لا خلاف فيه، للتعذر، فأشبه ما لو خلط أربعين من الذكور بأربعين من الإناث.

قوله: ولأجل ذلك قال الرافعي: إن اتحاد موضع الحلب لابد منه، أي: في الخلطة، وأفهم كلام النووي خلافًا فيه، لأنه قال:- أي: في ((اللغات)) -: والأصح اشتراط موضع الحلب. انتهى كلامه.

وهو يقتضي أنه لم يقف في المسألة على خلاف، وقد صرح الروياني بذلك في ((البحر)) فحكى فيه وجهين كما أفهمه كلام النووي، فاعلمه.

ص: 218