الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب زكاة المعدن والركاز
قوله: روى أبو داود أنه- عليه الصلاة والسلام أقطع بلال بن الحارث المزني المعادن القبلية جلسيها وغوريها، وحيث يصلح للزرع من قدس.
اعلم أن بعض هذه الألفاظ قد تكلم عليه المصنف هنا، وبعضها يأتي الكلام عليه في باب الإحياء، ومما لم يضبطه:
الجلسي، وهو بجيم مفتوحة، ولام ساكنة، وسين مهملة، منسوب إلى ((جلس)) وهو نجد، يقال: جلس الرجل، إذا أتى نجدًا وسمى نجدًا، لارتفاعه. والغوري- بالغين المعجمة المفتوحة- نسبة إلى الغور وهو المنخفض، عكس النجدي، والمراد به هنا: تهامة.
وأما ((قدس)) - فبقاف مضمومة، ودال ساكنة وسين مهملتين- اسم لجبل عظيم بناحية نجد، قاله الجوهري.
وقد ذكر ألفاظًا، منها: عتيدة، أي: حاضرة، قال تعالى:{هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ} [ق:23].
قوله: وهذا القول- أي القائل باشتراط الحول في زكاة المعدن- قال المزني: إنه أخبره به من يثق به، وإنه مومئ إليه في ((مختصر)) البويطي. انتهى.
وهذا الكلام صريح في أن ناقل الإيماء هو البويطي أيضًا، لأنه عطفه على المقول، وليس كذلك، فإن البويطي لا ذكر له في ((المختصر))، وقد راجعت ((البويطي))، فوجدته قد ذكر الإيماء معبرًا عنه بقوله: قيل كذا وقيل كذا، ولم يتعرض لغير ذلك، والرافعي قد نقل جميع ذلك على وجه صحيح، ولا شك أن المصنف أخذه منه، فحصل في نقله تحريف.
قوله: وإنما اعتبرنا الحول في المعدن على قول، لأنه يحتاج في تحصيله وتمييزه إلى مدةٍ، بخلاف الركاز.
قلت: وهذا الفرق يقتضي التفرقة بين ما يجده بدرة أو في بطحاء كشفها الريح أو السيل، وبين ما يوقف على الطحن والتخليص، وجوابه: أن النظر إلى الأغلب. انتهى.
والبدرة- بباء موحدة مفتوحة، ودال مهملة-: عشرة آلاف درهم كما قاله الجوهري وغيره، وإذا علمت ذلك عرفت أن مدلوله لا يكاد ينتظم مع ما قاله المصنف.
قوله: ولو كانت قيمة العرض في آخر الحول تزيد زكي الجميع بحول الأصل. ثم قال: وقال الإمام: إن من يعتبر النصاب في جميع الحول كما في زكاة الأعيان قد لا يسلم وجوب الزكاة في الربح في آخر الحول، وقضية قياسه أن يقول: ظهور الربح في أثناء الحول بمثابة نضوضه. انتهى كلامه.
زاد الإمام على هذا فقال: لابد منه. ولما نقله الرافعي عنه ارتضاه وزاد عليه: أنه يقتضي إعلام ((الوجيز)) بالواو، وهذا الذي ذكره الإمام وتابعوه عليه عجيب، فإنه يبطل بالنتاج.
قوله: فإن كان نضوض الزيادة تحبس رأس المال بعد حولان الحول، ولم تزد قيمة العرض بعد الحول شيئا- فقد حكى الرافعي فيه وجهين:
أحدهما: أن الحكم كما لو كان النضوض في أثناء الحول حتى يزكى بحول الأصل.
وأظهرهما: أنه يستأنف للربح حولا. انتهى كلامه.
وما نقله عن الرافعي غلط عجيب، فإن الرافعي جزم بأنه يزكى بحول الأصل، ولم يحك خلافًا بالكلية، فضلًا عن تصحيح الاستئناف، بل زاد على ذلك فنقل عن الشيخ أبي علي أنه لا خلاف، وذكر مثله في ((الروضة)) - أيضًا- وسبب غلط المصنف: أنه أسقط نحو سطر من كلام الرافعي إما بانتقال نظره أو نظر الناسخ للأصل الذي وقف عليه، ويعرف ذلك بمراجعة الشرح.
قوله: وإن باع الأثمان بعضها ببعض للتجارة فقد قيل: ينقطع الحول.
ثم قال: وقيل: لا ينقطع، كما لو بادل عرضا للتجارة بعرض للتجارة، وهذا ما نسبه البندنيجي إلى الإصطخري، والماوردي إلى أبي العباس، والقاضي الحسين إلى
القديم، وصححه النووي. انتهى كلامه.
وهذا النقل عن النووي سهو، فإن الذي صححه في ((الروضة)) و ((شرح المهذب)) و ((تصحيح التنبيه)): أنه ينقطع. ولم يخالف ذلك في غيرها من كتبه، وأما النقل عن الباقين فصحيح.
قوله: ولو أذن السيد للعبد أن يستخرج من المعدن على أن ما يخرجه يكون ملكًا له، وفرعنا على أن العبد يملك بتمليك السيد- كان النيل للعبد كما حكاه ابن الصباغ وأبو الطيب، ولا زكاة عليه، وقد ادعى الإمام في أثناء قسم الصدقات أنا إذا حكمنا بأن العبد يملك بتمليك السيد، فقال له: ملكتك ما تحتطبه وتصطاده، أو: ما تتهبه، فوجد سبب من هذه الأسباب- لم يحصل الملك للعبد، فإن التمليك لا يحصل غلا من جهة السيد في ملك حاصل، وتمليك الأسباب لا يملك العبد ما يحصل بها. انتهى كلامه.
وسياقه يشعر بأن كلام الإمام مخالف لما سبق، وليس كذلك، بل هما مسألتان، الثانية منهما: فيهما تنجيز للملك قبل وجود العين المملكة، وهو باطل بلا شك، والأولى بخلاف ذلك.
قوله: والماء العد.
هو بعين مهملة مكسورة، بعدها دال مهملة مشددة، قال الجوهري: هو الذي له مادة لا تنقطع كماء البئر والعين.
قوله: في الحديث: ((وفي الركاز الخمس))، قالوا: يا رسول الله، وما الركاز؟ قال:((المال المخلوق في الأرض يوم خلق الله السموات والأرض))، ثم قال: وهذا التفسير روايه متروك الحديث، كما نقله عبد الحق عن أبي حاتم القزويني. انتهى.
والصواب- وهو الذي نقله عبد الحق في ((أحكامه)) - إنما هو ابن أبي حاتم الرازي صاحب ((الجرح والتعديل))، وهو كذلك في كتابه، وأما أبو حاتم القزويني فإنه أحد الفقهاء الشافعية.
قوله: ثم دفين الجاهلية يعرف- كما قاله الأصحاب- بأن يوجد عليه اسم ملك من ملوك الشرك. أو صليب، ونحو ذلك. وفيما قالوه نظر، لأن المسلم قد يدفنه بعد
أن ملكه بهذه الصفة. انتهى كلامه.
وهذا البحث ذكره الرافعي، فقلده فيه المصنف، وهو ضعيف، لأنه متوقف على استيلاء ثم دفنٍ آخر، وهو مدفوع بالظاهر والأصل. نعم، فيما نقله من الاستدلال بالصليب إشكال لم يتفطن له، وهو أنه معهودٌ الآن من ملوك النصرانية، فيصير الموجود كالأواني ونحوها، والصحيح فيه: أنه لقطة، ويتعين أن يكون هاهنا كذلك.
قوله: ولو احتمل أن يكون الموجود من دفين الجاهلية أو من دفين الإسلام كالأواني والسبائك والنقار. انتهى.
النقار- بكسر النون، وبالقاف، والراء المهملة- جمع ((نقرة)) بضم النون، وهي السبيكة كما قاله الجوهري وغيره. وإذا علمت ذلك علمت أن جميع المصنف بينهما سهو، وكأنه رأى كل لفظة في تصنيفٍ، فتوهم المغايرة فجمع بينهما.