الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب زكاة النبات
قوله: في الحديث عن عبد الله بن عمر-: ((فيما سقت السماء والأنهار والعيون أو كان بعلًا العشر، وفيما سقى بالسواني أو النضح نصف العشر)) رواه البخاري. وعن جابر- أيضًا-: ((فيما سقت الأنهار والعيون العشر، وفيما سقى بالسواني نصف العشر)) أخرجه مسلم. انتهى.
أما حديث البخاري فليس فيه لفظ ((الأنهار))، بل فيه عوضًا عنه لفظ ((العثري)) بعين مهملة مفتوحة، وثاء مثلثة مفتوحة- أيضًا- وقد تسكن، وصورته: أن تحفر حفيرة يجري فيها الماء من السيل إلى أصول الشجر، وتسمى الحفرة: عاثورًا، لأن المار يتعثر فيها إذا لم يشعر بها. وليس فيه أيضًا لفظ ((السواني)) بل ((النضح)) خاصة، وسيأتي ضبط هذه اللفظة.
وأما حديث مسلم فليس فيه لفظ ((العيون))، بل فيه عوضًا عنه لفظ ((الغيم)) - بغين معجمة، وبالميم في آخره- أي: السحاب.
قوله: وكان فتح خيبر في سنة من الهجرة. انتهى.
وما ذكره في تأريخ الفتح غلط، بل كان فتحها في السنة السابعة بلا خلاف، وقد ذكره هو على الصواب في باب قتال المشركين.
قوله: وقال في القديم: تجب الزكاة في الورس، لأن أبا بكر أمر أهل خفاش بذلك، وما ذكره الشيخ من جزم القديم بالوجوب ذكره البندنيجي- أيضًا- وقال غيرهما: إن الشافعي علق القول في القديم على صحة هذا الأثر، فقال: إن صح قلت به. وقد صح، فيكون له فيه على القديم قولان. انتهى.
وما ادعاه من صحة الأثر غلط، فقد نصت الحفاظ على ضعفه، ومنهم البيهقي. ونقله عن النووي في ((شرح المهذب)) وغيره، وما ذكره من مجيء قولين على القول بصحته غلط- أيضًا- بل إنما يأتيان على القول بضعفه، وهو الذي ذكره غيره- أيضًا- فتأمل ذلك.
قوله: والورس: نبت أصفر يكون باليمن يصبغ به الثياب والحبر وغيرهما. انتهى. والحبر- بحاء مهملة مكسورة، وباء موحدة مفتةحة- جمع ((حبرة)): نوع من الثياب، وإذا علمت ذلك علمت أن ذكره من بعدها لا فائدة له، بل موهم، والظاهر أنه رأى في كلام بعضهم التعبير بـ ((الثياب)) وفي بعضها بـ ((الحبر))، فجمع بينهما. نعم، قد يقع في القرآن الكريم عطف الخاص على العام، لمعنى لا يأتي هنا: كالاهتمام في قوله تعالى: {وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ} [البقرة:98].
قوله: وتضم ثمرة العام الواحد بعضه إلى بعض في إجمال النصاب، وفي الزرع أربعة أقوال.
ثم قال بعد نحو ورقة: والقول الرابع: أن الاعتبار بالحصد، فإن وقع الحصادان في سنة- أي اثني عشر شهرًا- ضم أحدهما إلى الآخر، وإلا فلا. قال الرافعي: وكلام الأكثرين مائل إلى ترجيح هذا القول. انتهى كلامه.
وهذا الذي قاله الرافعي من ترجيح الأكثرين لهذا القول، وعزو المصنف ذلك لو ساكتًا عليه متوهمًا صحته- كلام باطل، فقد أمعنت النظر وتتبعت كلامهم، فلم أقف على ترجيحه لأحد بالكلية فضلًا عن الأكثرين، ولا شك أنه انقلب على الرافعي، فإن كثيرًا من الأصحاب قد صححوا اعتبار الزراعة في السنة، منهم: البندنيجي، وابن الصباغ، وصحح الروياني اعتبار الحصاد، ولكن في فصل واحد لا في سنة واحدة.
قوله: في المسألة-: ونص في ((الكبير)) على قول خامس، فقال: إن وقع البذران في سنة، ووقع الحصادان في سنة- فأحدهما مضموم إلى الثاني، قال الرافعي: ذلك إن وقع زرع الثاني وحصد الأول في سنة. انتهى بحروفه.
وهو كلام عجيب، وأحسن أحواله أن يحمل على غلط وقع للنووي في ((الروضة)) عند حكايته لهذا القول، وهو اجتماع الزرعين والحصادين معًا في سنة واحدة، مع أن المذكور في ((الرافعي)): أنه يكفي أن يقع في السنة إما الزرعان وإما الحصادان، لا كلاهما معًا كما تحرف على النووي، وقد أوضحت المسألة في ((المهمات)).
قوله: ((والبعل)) في الحديث- بتسكين العين المهملة- قد تقدم شرحه، وهو ما يشرب بالعروق، وقيل: هو والعذق واحد، وهو ما سقت السماء، والمشهور
اختصاص هذا بالعذق، وأما البغل فهو ما تقدم. و ((السواني)) جمع ((سانية))، وهي الناقة التي يسقى عليها. انتهى كلامه.
وتعبيره بـ ((العذق)) - أعني بالقاف- تحريف، وإنما هو ((العذى)) بعين مهملة مكسورة ثم ذال معجمة ساكنة، ثم ياء بنقطتين من تحت، كذا قاله الجوهري وصاحب ((المحكم)) وغيرهما. أما ((العذق)) بالقاف فمفتوح العين: اسم للنخلة ونحوها، وبمكسورها: اسم للقنو، وهو المسمى بالإسباطة، والذال- أيضًا- معجمة فيهما.
والسانية: بسين مهملة ونون، بعدها ياء بنقطتين من تحت، وقد فسرها المصنف.
قوله: ويجب إخراج الواجب من التمر يابسًا.
ثم قال: فلو أخرج من الرطب قدرًا يكون إذا جف قدر الواجب لم يجزئه، لأنه بدل والبدل لا يجوز في الزكاة من غير ضرورة، فعلى هذا: إن كان باقيًا رده الساعي إليه، وإن كان تالفًا رد قيمته على المذهب في ((المهذب)) وغيره، وقيل: يرد المثل. وهذا الخلاف مبني على أن الرطب والعنب مثليان أو لا، وسيأتي الكلام فيه في الغصب. انتهى كلامه.
ومقتضاه: رجحان الذهاب إلى أنهما متقومان، وقد ناقض ذلك في باب الغصب، وصرح بأن الأظهر أنهما مثليان، وستعرف لفظه هناك، إن شاء الله تعالى.
قوله: وإذا قطع الثمرة، للخوف على النخيل من العطش- أخذنا منه عشر الرطب، فإن أتلفه فالواجب عليه عشر قيمته بلا خلاف كما قاله القاضي الحسين. انتهى كلامه.
وما ذكره من عشر القيمة قد ذكر بعد هذا بنحو ورقتين عكسه، فأوجب قيمة العشر، ثم إنه كرر ذلك مرات، ولا شك أن عشر القيمة أكثر من قيمة العشر لأجل التشقيص، وقد أوضحت ذلك في كتاب الصداق، وذكرته أبسط من ذلك في العتق من ((المهمات))، فراجعه.
قوله: فثبت من ذلك أن كون الخارص يدع النخل لرب المال وأهله قدر ما يأكلون، ولا يدخله في الخرص- وجه للأصحاب. انتهى كلامه.
وما ادعاه من إثبات وجه مع إظهار العناية والتكلف عجيب، فقد نص عليه
الشافعي في ((البويطي))، وهو من أجل الكتب الجديدة، فقال: ويترك لرب الحائط قدر ما يأكل هو وأهله، لا يخرص عليه، هذا لفظه بحروفه، ومن ((البويطي)) نقلت.
قوله: وإن ادعى أن الثمرة، هلكت وأسند الهلاك إلى سبب ظاهر- كالنهب، والجراد، ونزول العسكر، والبرد- نظر: إن عرف وقوع ذلك وعموم أثره صدقه، ولا حاجة إلى اليمين، فإن اتهم في هلاك ثماره بذلك السبب حلف، وإن لم يعرف وقوعه فوجهان، أظهرهما- وعليه المعظم-: أنه يطالب بالبينة. انتهى.
هذا الكلام ذكره الرافعي، فتبعه عليه المصنف، وفيه أمران:
أحدهما: أنه أهمل قسمًا متوسطًا ثالثًا، وهو ما إذا عرف وقوعه ولم يعرف عمومه، وقد ذكره الرافعي في آخر الوديعة، وقال: إنه يصدق بيمينه. وذكره- أيضًا- المصنف.
الثاني: أن التحليف عند التهمة- لاحتمال عدم التلف به- كيف يستقيم مع فرض المسألة في عموم أثره؟! وقد ذكر هو وغيره في نظير هذا الموضع أنه إذا عرف العموم فلا تحليف، فينبغي حمل العموم هنا على الكثرة، لا كل نخلة من كل بستان.
قوله: في المسألة-: وإن اقتصر على دعوى الهلاك ولم يذكر السبب، فالمفهوم من كلام الأصحاب: قبوله مع اليمين. انتهى.
وهذا التعبير ذكره- أيضًا- الرافعي، وهو يشعر بعدم الوقوف على نقل صريح في ذلك، وهو عجيب، فقد جزم كثيرون بذلك، ومنهم الرافعي في آخر الوديعة.
قوله: وإن ادعى أن الخارص غلط عليه، وبين المقدار: فإن كان قدرًا يحتمل مثله الغلط كخمسة أوسق في مائة، فهل يقبل؟ وجهان:
أحدهما: لا، لاحتمال أن النقصان وقع في الكيل، ولعله يفي إذا كيل ثانيًا، وصار كما لو اشترى حنطة مكايلة وباعها مكايلة، فانتقص بقدر ما يقع بين الكيلين- لا يرجع على الأول.
وأصحهما: نعم، لأن الكيل يقين والخرص تخمين، فالإحالة عليه أولى.
وإن كان ما ادعاه فاحشًا لا يجوز لأهل النظر الغلط بمثله فلا يحط عنه. انتهى. وما ذكره- رحمه الله من حكاية الخلاف في الخمسة من المائة ونحو ذلك
غلط، بل يقبل بلا خلاف، كما جزم به الأصحاب، والوجهان محلهما فيما دون هذا المقدار مما يمكن وقوعه بين الكيلين، وسبب غلط المصنف: أنه نقل هذه المسائل من كلام الرافعي، فأسقط بعضه: إما غلطًا منه، أو من الأصل المنقول منه، فإنه قال- أعنى الرافعي-: وإن ادعى بعد الكيل أنه غلط، وبين القدر: فإن كان يحتمل الغلط في مثله كخمسة أوسق في مائة قبل هذا إذا كان المدعى فوق ما يقع بين الكيلين، فإن كان يسيرًا بقدر ما يقع بينهما فهل يحط عنه؟ فيه وجهان:
أحدهما: لا، لاحتمال أن النقص وقع في الكيل، ولو كيل ثانيًا وفي.
الثاني: يحط، لأن الكيل يقين والخرص تخمين، فالإحالة عليه أولى.
انتهى موضع الحاجة من كلامه، وإذا تأملته علمت أنه أسقط فيه جواب مسألة وصدر أخرى، وكان حقه أن يقول- مثلًا-: كخمسة أوسق في مائة، فإنه يقبل هذا إذا كان
…
ثم يذكر ما ذكره الرافعي.
قوله: وهل الواجب في الأربعين- مثلًا- جزء من كل حيوان أو حيوان مبهم؟ فيه وجهان، ويتفرع عليهما ما إذا باع الجميع: فإن قلنا بالأول فيتخرج على تفريق الصفقة، وإن قلنا بالثاني فقال الصيدلاني: يبطل في الجميع قطعًا، لأن الواجب غير متعين. قلت: والوجه: أن يقال: إن كان النصاب مختلفًا، كما إذا اشتمل على كبار وصغار- فالحكم: كما قال، وإن كان غير مختلف، للتساوي في الأسنان وتقارب الصفات-: فيكون في صحة البيع فيما عدا قدر الزكاة وجهان، فإن الماوردي قد ذكر هذا التفصيل بعينه في نظيره، وهو ما إذا قال: بعتك هذه الشياه إلا شاة. انتهى ملخصًا.
وما ذكره المصنف من موافقة الصيدلاني على الجزم بالبطلان عند الاختلاف ليس كذلك، فقد ذكر هو في كتاب البيع: أنه لو اختلط عبيده بعيد لغيره، فقال: بعتك عبدي من هؤلاء، والمشتري يراهم ولا يعرف عبده- قال في ((التتمة)): له حكم بيع الغائب. وقال البغوي: عندي أنه باطل. انتهى، فثبت الخلاف من غير تفصيل بين الاختلاف والتساوي.
تنبيه: وقع في الباب ألفاظ:
منها: الفث، وهو بفاء مفتوحة، بعدها ثاء مثلثة مشددة، وقد فسره الرافعي.
ومنها: الثمام- بثاء مثلثة مضمومة، بعدها ميم مفتوحة-: نبت ضعيف له خوص أو شبيه بالخوص، الواحدة: ثمامة، وبه سمى الرجل المعروف.
ومنها: الثفاء- بثاء مثلثة مضمومة، ثم فاء مشددة، بعدها ألف ممدودة-: اسم لحب الرشاد، واحده: ثفاءة.
ومنها: الجاورس- بالجيم، وبعد الألف واو، ثم راء وسين مهملتين-: هو الدخن، كما قاله الجوهري في الكلام على لفظ ((الدخن))، فاعلمه، ولما ذكره المصنف عبر عنه بـ ((الجاروس)) أي تقديم الراء على الواو، وصوابه ما ذكرناه، فتفطن له.
ومنها: بنو خفاش، هو بخاء معجمة مضمومة، وفاء مشددة، وشين معجمة، وضبطه بعضهم بكسر الخاء وتخفيف الفاء، وهو غلط، كما قاله النووي.
ومنها- في حديث أبي داود-: ((والوسق ستون مختومًا))، هو بخاء معجمة، ثم تاء مثناة من فوق، وفي آخره ميم، من ((الختم)) وهو استيفاء الشيء، أي: الكامل من الصيعان.
ومنها: الغرب للدلو الكبير، هو بغين معجمة مفتوحة، ثم راء مهملة ساكنة، ثم باء موحدة.
ومنها: الهلياث اسم لنوع من التمر، هو بهاء مكسورة، بعدها لام ساكنة، ثم ياء مثناة من تحت، وفي آخره ثاء مثلثة، ووقع في كلام المصنف بالعين عوضًا عن الهاء، وهو غلط، بل الصواب- وهو المذكور في شرح ((شرح المهذب)) وغيره- ما سبق ضبطه.
ومنها: سهل بن أبي حثمة، هو بحاء مهملة مفتوحة، ثم ثاء مثلثة ساكنة: اسم لامرأة، قال الجوهري: والحثمة: الأكمة الحمراء، قال: وبها سميت المرأة: حثمة.