الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب بيع المرابحة والنجش، والبيع على بيع أخيه
وبيع الحاضر للبادي والتسعير والاحتكار
قوله: وإذا اشترى سلعة جاز له بيعها من بائعها قبل إعطاء ثمنها له، وإن باعه بأقل، وكان الثمنان من نوع يجري فيه الربا.
ثم قال: وهذه المسألة تعرف بمسألة العينة، أخذا من العين وهو النقد الحاضر، نبه عليه ابن الصباع في مداينة العبيد. انتهى كلامه.
وهذا النقل عن ابن الصباغ صحيح، لكنه بعيد في المعنى، ومخالف لكلام أهل هذا الشأن، فقد قال الجوهري: العينة- بالكسر- السلف، واعتان الرجل إذا اشترى بالنسيئة. هذا كلام الجوهري، وذكر غيره مثله.
قوله: وما يزاد في الثمن ويحط منه في مدة الخيار يلحق برأس المال.
ثم قال: وفي الحاوي في باب بيع الطعام: أن النقصان إذا كان قبل التفرق كان فسخًا للبيع الأول، واستئناف بيع بعده بما بقي من الثمن الأول، حتى لو كان ذلك بعد تلف المبيع أو عتقه لم ينفذ النقص، ويبقى الثمن الأول بحاله، ولو كان قبل قبض المبيع ثم حط عنه شيئًا من الثمن، ثم تلف قبل إحداث عقد ثان- بطل العقد، وهذا الحكم في الزيادة.
ثم قال ما نصه: وأبطل في هذا الباب: أن يكون النقصان أو الزيادة فسخًا للعقد، وقال في أواخر باب الربا
…
إلى آخر ما قاله.
وهذا الذي ذكره- رحمه الله يقتضي اختلاف كلام الماوردي، فإن الكلام فيما إذا حصل ذلك في زمن الخيار، وليس الأمر كما قال المصنف، بل الذي قاله الماوردي في هذا الباب- أعني باب المرابحة- إنما محله بعد اللزوم، وقصد بذلك الرد على أبي حنيفة، فإنه قال بلحوق الحط بعد اللزوم، ويقدر فسخًا، وأجازه بما بقي فقال- أعني الماوردي-: فإن الزيادة والنقصان لا تلحق العقد بعد استقراره، وجوز ذلك أبو حنيفة، وجعل الزيادة والنقصان فسخًا للعقد الأول واستئناف عقدٍ ثانٍ، وهذا
فاسد من وجوه ثلاثة. هذا كلام الماوردي.
قوله: روى الشافعي ومسلم بسندهما عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا بيع حاضر لباد، دعوا الناس في غفلاتهم يرزق الله بعضهم من بعض)). انتهى.
واعلم أن قوله: ((في غفلاتهم)) ليست في رواية الشافعي ولا رواية مسلم، وروى الحديث- أيضًا- أبو داود والترمذي بدونها.
قوله: وإن قال: اشتريته بمائة، وباعه مرابحة، ثم قال: بل بتسعين- فالبيع صحيح، وفي ثبوت الخيار قولان.
ثم قال ما نصه: وقد بناهما الماوردي على أن إخباره بالتسعين كذب أم لا؟ وفيه خلاف، فمن لم يجعله كذبًا، ووجهه بأن التسعين تدخل في المائة- قال: لا يثبت للمشتري خيار.
قال: ومن جعله كذبًا، لأن التسعين بعض المائة، وهي مقابلة بعض المبيع، فلم يجز أن يخبر بأنها جميع الثمن ومقابلة بجميع المبيع- أثبت للمشتري الخيار. انتهى كلامه.
وهذا الذي نقله عن الماوردي غلط فاحش، فإن كلام المصنف فيما إذا كذب وقت البيع بزيادة، والبناء المذكور إنما يتصور في العكس، وهو ما إذا اشتراه بمائة ثم أخبر وقت المرابحة بأنه اشتراه بتسعين، وقد صرح الماوردي بهذا فقال: فصل: ولو اشترى ثوبًا بمائة درهم، فأخبر في بيع المرابحة أنه اشتراه بتسعين درهمًا- فقد اختلف أصحابنا: هل يكون كاذبًا في إخباره؟ على وجهين:
أحدهما: ليس بكاذب، لدخول التسعين في المائة، فعلى هذا الوجه: لا خيار للمشتري إذا علم بذلك.
والوجه الثاني: أنه كاذب، لأن التسعين بعض المائة، وفي مقابلة بعض المبيع، فلم يجز أن يخبر بأنها جميع الثمن وفي مقابلة جميع المبيع، فعلى هذا الوجه: للمشتري الخيار في الفسخ إذا علم بذلك. هذه عبارة الماوردي.