الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب القراض
قوله: ولا يصح القراض إلا على الدراهم والدنانير.
ثم قال: وقيل: يجوز القراض على ذوات الأمثال، حكاه في ((الإبانة)). وفي ((البيان)) عن المسعودي انتهى كلامه.
ومقتضاه أن المنقول عنه أولًا هو صاحب ((الإبانة)) غير المنقول عنه ثانيًا وهو المسعودي، وليس كذلك بل هما متحدان هنا، وذلك أن الفوراني صاحب ((الإبانة)) والمسعودي لا شك أنهما متغايران، وهما معًا من تلامذة القفال المروزي إلا أن ((الإبانة)) لما وصلت إلي اليمن ظنها العمراني وغيره من اليمنيين أنها للمسعودي فصاروا ينقلون عن المسعودي، ومرادهم بأنه الفوراني، فيحث وقع في البيان المسعودي فمراده به الفوراني، كذا قاله ابن الصلاح وغيره، وتفطن في ((المطلب)) للصواب، فقال: وحكاهما في البيان عن المسعودي لظنه أن ((الإبانة)) حين وردت عليهم اليمن أنها له، هذا كلامه هنا، وليس مطردًا كما ستعرفه في ((باب الرجعة)).
قوله: قال: وإن عقده إلى شهر على ألا يشتري بعده، أي وجعل له البيع صح، لأنه لو عقد مطلقًا ملك رب المال منعه من الشراء، أي وقت شاء، فلم يكن فيما شرطه منافاة لمقتضى العقد.
وفي ((المهذب)) وغيره وجه أنه لا يصح. انتهى.
وتقييده بقوله: أي وجعل له البيع مقتضاه أنه لابد في جريان الوجهين من هذا الشرط حتى لو نهاه عن الشراء، ولم يصرح بجواز البيع لا يكون على الوجهين بل يجزم بالبطلان، وقد خالف ذلك في ((المطلب)) فقال: والخلاف في المسألة يظهر جريانه فيما إذا قال: قارضتك إلى شهر على ألا يشتري بعده، وسكت عن البيع نفيًا وإثباتًا، وكلام الشيخ في ((التنبيه)) يدل عليه، هذا كلامه، ولم يذكر ما يخالفه، واعلم أن الغزالي في ((الوسيط)) و ((الوجيز)) صور المسألة بما إذا صرح أيضًا بجواز البيع كما في ((الكفاية))، فتبعه الرافعي في الشرحين والنووي في ((الروضة)) عليه، وصور المسألة في ((المحرر)) بما صورها في التنبيه، وتبعه عليه في ((المنهاج)).
قوله: وإذا سافر العامل بالإذن نفقته في ماله في أصح القولين.
والثاني في مال المضاربة، ثم قال وأي قدر يكون في مال المضاربة؟
قيل: الزائد على نفقة الحضر، أي: كالركوب وزيادة ملبوس ومأكول وزيادة سعر في الماء والطعام، كما حكاه البندنيجي وثمن الخف والإدارة والسطحية والسفرة والمحارة، ونحو ذلك كما حكاه الرافعي، لأن ذلك هو الملتزم لأجل السفر، وهذا هو الأصح في الرافعي وغيره.
وقيل: الجميع أي ذلك، والطعام والإدام، والكسوة وأجرة المنزل، كما صرح به البندنيجي والرافعي. انتهى كلامه.
واعلم أن الرافعي لم يتعرض لوجوب السطيحة والسفرة والمحارة، ولم يتعرض لما ذكره ثانيًا من أجرة المنزل فاعلمه.
قوله: وإذا عاد وجب عليه رد ما معه في أظهر الوجهين.
ثم قال: وفي ((البحر)) أن القاضي الطبري قال: رأيت في كتاب ((التهذيب)) لابن القفال في رد الكسوة وجهين. انتهى.
تعبيره بالتهذيب تحريف بل هو ((التقريب)) بالقاف والراء، وقد تقدم في آخر الباب قبل إيضاحه.
قوله: ليس للعامل التصرف في الخمر شراء وبيعًا وإن كان ذميًا، فلو خالف واشترى خمرًا، أو خنزيرًا، أو أم ولد ودفع ثمن ذلك عن علم فهو ضامن، وإن كان جاهلًا فكذلك على الأشهر.
وقال القفال: يضمن في الخمر دون أم الولد إذ ليس عليها أمارة يعرفها.
وفي ((التهذيب)) عن بعضهم: التسوية بين الخمر وبينها في عدم الضمان.
قال الرافعي: وأبعد منه وجه نقله في ((الشامل)) أنه لا يضمن حالة العلم أيضًا. انتهى.
وهذا الوجه الأخير نقله الرافعي كذلك، إلا أنه ليس مطابقًا لما في ((الشامل))، فإنه إنما حكى الوجه في الخمر خاصة، ومع ذلك فلم يصرح بكونه في حال العلم، ثم إن الوجه المذكور في شراء الخمر عالمًا أنه لا يصح هو في الذمي دون المسلم، لأنه يعتقده مالًا، قاله في ((البيان)).
قوله: ولو قال: خذ هذه الدراهم قراضًا وصارف بها مع الصيارفة، ففي صحته وجهان. انتهى كلامه.
وما ذكره من حكاية الوجهين في صحة العقد غلط، فإن العقد صحيح وتصح مصارفته مع الصيارفة، لوجود الإذن، وإنما الوجهان في صحة مصارفته مع غيرهم، وقد أوضحه الرافعي فقال: ولو قال خذ هذه الدراهم قراضًا وصارف بها مع الصيارفة، ففي صحة مصارفته، مع غيرهم وجهان.
وجه الصحة: أن المقصود من مثله أن يكون تصرفه تصرفًا لا مع قوم بأعيانهم. هذا كلامه.
وذكر في ((الروضة)) نحوه أيضًا، ولا شك أن المصنف إنما أخذ المسألة من كلام الرافعي فإن الرافعي قال في آخر الباب، وهذه فروع مبددة نختم بها الباب، ثم ذكر هذا الفرع، وقد فعل المصنف ذلك بعينه، فدل على ما قلناه، وصرح بذلك في ((المطلب)) فقال: ففي صحة معارضته وجهان في الرافعي، هذا لفظه وكيف تخيل- رحمه الله منع المصارفة مع الصارف في حالة تصريح المالك بالإذن فيه.