الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب قسم الفيء والغنيمة
قوله: في قول الشيخ: ((الغنيمة ما أخذ من الكفار بالقتال، وإيجاف الخيل والركاب)) أن الواو هنا بمعنى أو.
ثم قال: فإن قلت: يلزم من هذا أن يكون ما أخذ من الكفار عند انجلائهم بسبب حصول خيل المسلمين، أو ركابهم في دار الحرب، وضرب معسكرهم والبروز في مقابلتهم غنيمة، لأنه قد حصل بإيجاف خيل أو ركاب، وليس كذلك.
قلت: قد حكى الإمام عن رواية الشيخ أبي علي وصاحب التقريب في ذلك وجهين، فلعل الشيخ اختار جعله غنيمة، ومقابله- وهو الصحيح عند الإمام-: أنه لا يكون غنيمة، بل فيئًا. انتهى كلامه.
وما ذكره من أنه يحتمل أن يكون مختار الشيخ أنه غنيمة غريب جدًا، فقد صرح الشيخ بعد هذا بقليل بالمسالة وجزم بالمعروف، وهو أنه فيء فقال: وأما الفيء فهو اأخذ من الكفار بغير قتال، كالمال الذي تركوه فزعًا من المسلمين.
قوله: والكلب لا يدخل في الغنيمة عند العراقيين، ونص عليه الشافعي، بل يعطيه الإمام لمن شاء من الغانمين، لأنه ليس بمال، ونقل الإمام عن العراقيين ما ذكرناه، واعترض عليه الرافعي فقال: والذي يجده في كتبهم أنهم إذا تسامحوا فيها وأمكنت قسمتها عددًا قسمت، وإلا أقرع بينهم، وما ذكره الرافعي لم أقف عليه فيما وقفت عليه من كتبهم إلا احتمالًا لصاحب الشامل، بل النقل فيها كما قاله الإمام. انتهى ملخصًا.
وما ذكره الرافعي قد ذكره من العراقيين أبو نصر البندنيجي في كتابه المعتمد، وابن أبي عصرون في الانتصار.
قوله: ويرضخ للعبد، لما روى أبو داود عن عمير مولى آبي اللحم إلى آخره. اعلم أن آبي- بمد الهمزة اسم فاعل من أبي يأبى بمعنى امتنع- سمي بذلك، لأنه امتنع في الجاهلية من أكل ما ذبح للأصنام، واسمه خلف بن عبد الملك. قاله ابن معين في التنقيب.
قوله: والخرثي في الحديث متاع البيت- هو بضم الخاء المعجمة وراء مهملة ساكنة وثاء مثلثة مكسورة وياء مشددة. قوله: قال- يعني الشيخ-: ومن مات منهم، أي: من أجناد أهل الفيء، دفع إلى ورثته أي: من الأولاد الذين كانت تلزمه نفقتهم وزوجته- الكفاية: أي: من أربعة أخماس الفيء اعتبارًا بالمصلحة.
ثم قال: ووراء ما ذكره الشيخ أمران، أحدهما: حكى في المهذب وغيره من الكتب المشهورة قولًا جعله الرافعي الأظهر: أن الذرية والزوجة لا يعطون شيئًا، لأن ما استحق به العطاء، وهو إرصاد النفس للجهاد مفقود فيهم. انتهى كلامه.
وما نقله عن الرافعي أنه صحح عدم الإعطاء للزوجة والذرية- غلط، فإن الذي صححه هو النووي إنما هو الإعطاء.
قوله: ثم تقدم بعد بني عبد مناف بني قصي، وهم بنو عبد العزى وبنو عبد الدار، لأن عبد العزى وعبد الدار إخوة عبد مناف، وهم أولاد كلاب، لأن كلابًا ليس له عقب من غيرهم، ثم تقدم بنو مرة وهم بنو تيم وبنو مخزوم، لأن تيمًا ومخزومًا إخوة كلاب. انتهى كلامه.
وهذا الكلام الذي ذكره فيه غلط وإسقاط، وذلك لأنه يقدم بعد أولا قصى بنو زهرة بن كلاب، وهو أخو قصي ثم يقدم بعد أولاد كلاب ما ذكره المصنف، وهم أولاد مرة ابن كعب، فأسقط أولاد زهرة، ولزم من إسقاطهم الحكم على عبد مناف وعبد الدار وعبد العزى بأنهم أولاد كلاب مع أنهم أولاد قصي.
قوله في المسألة أيضًا: ((ثم يقدم بنو كعب وهم بنو عدي وبنو سهم وبنو جمح، لأنهم إخوة مرة)) انتهى كلامه.
وما ذكره من أن عديًا وسهمًا وجمحًا إخوة مرة غلط، بل عدي فقط أخو مرة، وأما سهم وجمح فإنهما ولدا أخي مرة، واسم أبيهما هصيص- بضم الهاء وفتح الصاد المهملة مصغرًا- فيكون عدي وهصيص ومرة إخوة، وقد ذكره الرافعي وغيره على الصواب وهو مشهور معروف.
قوله: ((أيضًا قال- يعني: الشيخ-: وإن كان في مال الفيء أراض، وقلنا: إنها- أي الأخماس الأربعة- للمصالح، صارت وقفًا تصرف غلتها فيها، وإن قلنا: إنها للمقاتلة، قسمت بينهم لأنها ملك لهم، فوجب قسمته بينهم كالمنقول، وهذا ما اختاره النووي وقيل: تصير وقفًا، وتقسم غلتها بينهم، لأن ملك الغلة في كل عام أمد وأنفع، وهذا أصح في الرافعي، وعلى هذا فهل تصير وقفًا بنفس حصولها للفيء أم لا
بد من أن يتلفظ الإمام؟ فيه وجهان، الذي صححه الرافعي والنووي هو الثاني، وقالا: إن رأى الإمام أن يبيعها، ويصرف ثمنها لهم فعل، وإن رأى وقفها فعل، وهذا وجه ثالث. انتهى ملخصًا.
وما ذكره من أن النووي قد اختار خلاف ما صححه الرافعي في هذه المسألة ليس كذلك، بل اتفقا على أن الصحيح التخيير بين الخصال الثلاث، وهي الوقف والقسمة، إما للعين أو للثمن بعد البيع، وكلامه أخيرًا صريح فيه.