الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب السلم
قوله: وادعى الرافعي أن اسم ((السلم)) يشمل القرض- أيضًا- لكن حد السلم الشرعي يخرجه، وهو: العقد على موصوف في الذمة ببدل يعطى عاجلًا. انتهى.
وما نقله عن الرافعي عن شمول اسم السلم للقرض نقله عنه في ((المطلب)) - أيضًا- وهو غلط على الرافعي، فإن الرافعي إنما ذكر ذلك في لفظ ((السلف)) - بالفاء- فقال: وجمع في هذا الكتاب- يعني الغزالي- بين السلم والقرض، لتقاربهما واشتراكهما لفظًا ومعنى: أما اللفظ، فلأن كل واحد منهما يسمى سلفا، وأما المعنى، فلأن كل واحد منهما إثبات مال في الذمة بمبذول في الحال. هذه عبارة الرافعي، وهو كلام صحيح صرح به غيره أيضًا.
قوله: ولا يلزم قبول الرأس والرجل من الطير، والرأس والذنب من السمكة، وكان بعض أصحابنا من البصريين يقول: ما كان من الطير صغيرًا لا يحتمل أن يباع مبعضًا، لزمه فيه أخذ الرأس والرجلين، وكذا ما كان من الحيتان صغيرًا، يلزم فيه أخذ الرأس والذنب، لأنه يؤكل معه ويطبخ. والمذهب: الأول. انتهى.
وهذا الذي جزم به من وجوب القبول في رأس الحوت، ولم يحك فيه خلافًا إلا وجهًا في الصغار- وهو الصواب كما أوضحته في ((المهمات)) فاعلمه، فإن الرافعي قد جزم بخلافه، فربما توهم الواقف عليهما أن المذكور هنا غلط.
قوله: ولا يحتاج في السمن إلى ذكر العتق والحداثة عند الشيخ أبي حامد، لأن العتيق لا يصح السلم فيه.
قال القاضي أبو الطيب: العتيق المتغير هو المعيب، لا كل عتيق، فيجب البيان. انتهى.
وما نقله عن القاضي من وجوب البيان مطلقًا قلد فيه الرافعي، وليس كذلك، فقد نقل صاحب ((الشامل)) عنه: أنه إن اختلف قيمته وجب، وإلا فلا، فقال ما نصه: قال القاضي: ويقول حديث أو عتيق، إن كان يختلف. وقال الشيخ أبو حامد: قال الشافعي: إطلاقه يقتضي الحديث، فإن العتيق معيب، وإنما يصلح للجراح. وقال
القاضي: العتيق الذي تغير لا يدخل فيه، لأنه معيب، وليس كل عتيق متغيرًا. هذا لفظه.
قوله: أما إذا لم يكن فيه- أي في المخيض- ماء بل مخض اللبن لا غير جاز السلم فيه إذا وصفه بالحموضة، قاله الرافعي.
وفي ((الحاوي)): أن السلم في اللبن الحامض لا يجوز. انتهى.
فيه أمران:
أحدهما: أن ظاهر كلامه يقتضي أن الرافعي يقول باشتراك وصفه بالحموضة، وليس كذلك، بل إنما ذكر أن وصف اللبن به لا يضر، فقال: وحينئذ فوصفه بالحموضة لا يضر، لأن الحموضة مقصورة فيه. هذا لفظه.
الثاني: ما نقله عن ((الحاوي)) يقتضي أنه في المسألة بحالها، وأنه وجه مخالف لما يقول الرافعي، وهو غلط، فإن ما قاله الماوردي في اللبن- من حيث قد صرح الرافعي قبل هذا بقليل- بموافقة ما قاله فيه، وجزم به فقال: بل لو أسلم في اللبن الحامض لم يجز، لأن الحموضة عيب. هذا لفظ الرافعي.
قوله: وعليه يدل نص الشافعي فيما إذا أصدقها ملء هذه الجرة، خلا أنه لا يجوز، لأنها قد تنكسر، والسلم الحال هل يلحق بالبيع أو بالسلم المؤجل؟ فيه وجهان، اختيار الشيخ أبي حامد منهما: أنه كالمؤجل. انتهى.
وهذا الكلام معكوس، والصواب: أن يقدم لفظ ((وعليه يدل)) على لفظ: ((كالمؤجل))، وهو المذكور في ((الرافعي)).
قوله: وفي ((الحاوي)): أنه لو أسلم إليه في جارية بصفة، فأتاه بها على تلك الصفة وهي زوجته- لم يلزمه قبولها، لأنه لو قبلها بطل نكاحه، وكذلك المرأة إذا أسلمت في عبد.
ثم قال: فإن قيل: ما ذكره من عدم وجوب قبول الزوج والزوجة، ليس لما يلحقه من الضرر بفسخ النكاح، بل لأن الزواج عيب، والمسلم فيه لا يجب قبوله معيبا.
قلت: لما كان القبض يرفع النكاح قدر عدمه وإن كان عيبًا
…
إلى آخره.
وهذا التكلف الذي قاله في تصوير المسألة لا حاجة إليه، بل يتصور بما إذا شرط أنه ذو زوجة، أو أنها ذات زوج، فإنه يصح السلم كما نقله الرافعي عن الصيمري، وأقره، غير أن ابن الرفعة لم يستحضر هذا الحكم، ولهذا لم يتعرض له في ((الكفاية)) بالكلية.
تنبيه: قال: إذا أسلم في الرطب لم يقبل منه مشدخا، قال الشافعي: ولا محلقنا وهو
ما ذهب بعضها بأكل أو غيره.
اعلم أن ((المشدخ)) - بالخاء والشين المعجمتين، بينهما دال مهملة- هو البسر يغمر حتى يتكسر، مأخوذ من ((الشدخ)) وهو كسر الشيء الذي له جوف كالرأس، وهذا النوع هو المسمى في مصر بالمعمول.
وأما قوله: ولا محلقنًا، فقال الجوهري: المحلقن- بالحاء المهملة- والقاف المكسورة، والنون- هو البسر إذا ترطب الثلثان منه، واحدة: محلقنة. قال: وكذلك: ((الحلقان)) و ((الحلقانة)) بالضم. إذا علمت ذلك فالتفسير المذكور في الكتاب لا يوافق هذه اللفظة.