الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب ما يحرم من النكاح
قوله: ويزول الإشكال باختيار الخنثى الذكورة أو الأنوثة عند فقد العلامات على المشهور.
وفي الحاوي في باب الحضانة: أنه لو أخبر عن اختياره بأنه رجل أو امرأة، عمل على قوله في سقوط الحضانة، وهل يعمل على قول في استحقاقها؟ فيه وجهان، ووجه عدم القبول التهمة.
قلت: ومقتضى هذا أن يجري هذا الوجه في جميع ما يترتب له على اختيار الذكورة أو الأنوثة. انتهى كلامه.
وهو يقتضي أن الأصحاب لم يطردوا الوجه المذكور في جميع ماله، وهو غريب. فقد صرح إمام الحرمين والماوردي والروياني وخلائق بطرده في كل ما يترتب له حتى الرافعي، فإنه صرح في الجنايات باطراده فيما إذا ادعى الذكورية، وطلب دية الذكر أو القصاص فيه، وصرح في الفرائض باطراده فيما إذا ادعى أنه ذكر، وطلب إرث الذكور، وكان أزيد من إرث الإناث، وفي غير ذلك من الصور، وقد صرح النووي في التحقيق وغيره بجريان الخلاف في كل ما يتهم فيه، وجعلها قاعدة عامة.
قوله: ولو لم ترض الحرة التي وجدها إلا بأكثر من مهر المثل، وهو يجده.
قال في الإبانة حكاية عن القفال، وفي الزوائد حكاية عن الطبري، وفي الرافعي عن البغوي: أنه لا ينكح الأمة، وطردوا ذلك عنهم فيما لو وجد الرقبة في الكفارة بثمن غال، فإنه لا يجوز له أن يكفر بالصوم.
وقال في التتمة: له أن ينكح الأمة كما في التيمم إذا لم يجد الماء إلا بأكثر من ثمن المثل، فإنه يجوز له أن يتيمم.
وتوسط الإمام والغزالي فقالا: إن كانت المغالاة بقدر كبير يعد بذله إسرافًا، فله نكاح الأمة، وإلا فلا.
والفرق بينه وبين التيمم: أن الحاجة على الماء تتكرر، فيحصل الضرر بخلاف النكاح، ولأن النكاح يتعلق به أغراض كلية، فلا يعد باذل المال في مثلها مغبونًا.
قال في البسيط: وهذا منشؤه أمر، وهو أن نقصان الولي من مهر المثل في حق الطفلة، والزيادة في حق الطفل مهما كان إلى حد يقدر غرض في المواصلة، ويجعله الولي وسيلة إليها، فهو محتمل، وما انتهى إلى حد الإسراف فهو ممنوع.
واعلم أن ما ذكره عن صاحب التهذيب لم أر كلامه في التهذيب مصرحًا به ولا مشيرًا إليه، لأنه فرض المسألة فيما إذا كان في بلد، وصداق الحرائر ببلد آخر أرخص، وهو واجد لذلك، فقال فإن لم تلحقه مشقة في الخروج إليها، لا يجوز له نكاح الأمة، وكذلك رقبة الكفارة إذا بيعت بثمن غال، وهو واجد لا ينتقل إلى الصوم، فيحمل أيضًا على ما إذا كان ببلد آخر أرخص، لسياق ما تقدم من كلامه.
وإذا كانت الصورة كذلك، فليست الزيادة على بلد آخر زيادة على مهر المثل وقيمة المثل، فإن العبرة في المتقومات ببلد التقويم لا غير.
ثم كلام الرافعي يدل على أنه نقل ذلك عن التهذيب في هذا الموضع، لأنه قال: قال هاهنا: لا يقبل. وقال في الكفارات: يعدل.
وذكر ما أورده هنا، ذكر من ينقل وجهًا بعيدًا أو تخريجًا غريبًا، وأفهم أن بين الكلامين تناقضًا، ولا تناقض بينهما. انتهى كلامه بحروفه.
والذي ذكره- رحمه الله في تغليظه الرافعي فيما نقله عن التهذيب في تصوير المسألة، وحكمها، غلط، وكذلك في تأويله هو بمسألة الرقبة بما إذا كان الغلو ببلد آخر، وهكذا تغليظه للرافعي في نسبة ظاهر كلام البغوي إلى التناقض غلط أيضًا، والذي ذكره الرافعي جميعه صحيح، وسبب غلط ابن الرفعة غلط النسخة التي نقل عنها من التهذيب، أو انتقال نظره هو من مسألة إلى مسألة حال النقل، فإن البغوي قد قال هنا ما نصه: وإن كان معه طول حرة، وتلك الحرة غائبة أو كان صداق الحرائر ببلد أرخص، وهو واجد لذلك، فإن لم تلحقه مشقة في الخروج إليها، لا يجوز له نكاح الأمة، وإلا فيجوز، ولو لم يكن في البلد إلا حرة واحدة، وهي تغالي في المهر، وهو واجد له، لا يجوز له نكاح الأمة، وكذلك رقبة الكفارة إذا بيعت بثمن غال، وهو واجد له لا ينتقل إلى الصوم بخلاف التيمم، يجوز إذا بيع الماء بثمن غال، لأنه متكرر.
قال الشيخ: وعندي فيه نظر، هذا لفظ التهذيب بحروفه، فسقط من نسخة ابن
الرفعة من قوله: ((يجوز إلى قوله: ((يجوز))، أو انتقل نظره إليه، كما يقع كثيرًا للنساخ، والمبادرة إلى تغليظ الأئمة- خصوصًا مثل الرافعي- اعتمادًا على ما يجده الشخص في نسخة واحدة عجيب، والذي ذكره البغوي في الكفارات، وأشار الرافعي إلى مخالفته للمذكور هنا صحيح، فإنه قال هناك: وإن وجد الرقبة بثمن غال، لا يجب الشراء كما لا يجب شراء الماء إذا بيع بثمن غال، بل يتيمم.
قال الشيخ: ورأيت أنه يجب أن تشترى بالثمن الغالي، إذا كان واجدًا له. هذه عبارته.
والجواب عن كلام البغوي سهل، وهو أنا علمنا بقوله في النكاح، وفيه نظر أنه يميل إلى عدم الوجوب على خلاف المنقول، ثم إنه في الكفارات أجاب أولا بما يعتقده هو، ثم نقل بعد ذلك ما رآه لغيره ووقف عليه منقولًا، فقال: ورأيت، أي: وقفت لغيري.
قوله: وإن جمع الحربين حرة وأمة في عقد واحد، وهو ممن يحل له نكاح الأمة، بأن وجد حرة تسمح بمهر مؤجل أو بما دون مهر المثل وغيره، وقلنا: إن ذلك لا يمنع نكاح الأمة، فلا يصح نكاح الأمة، لأن الأمة لا تقارن بالحرة، كما لا يدخل عليها، وأما الحرة:
فقيل: يبطل نكاحها جزمًا.
وقيل: على قولين، ثم قال ما نصه: وجزم الجرجاني في المعاياة بصحة نكاح الحرة والأمة، ولم أره في غيره. انتهى كلامه.
وهذا الذي أشعر به كلامه من إنكار هذه المقالة قد سبق إليه النووي في الروضة على وجه أشد من المذكور هنا، فإن ادعى أنه لا خلاف في المسألة، ولم يطلع على مقالة الجرجاني بالكلية، والذي قالاه غريب. فقد جزم القاضي أبو الطيب في المجرد بصحة نكاحهما، وعلله بأن المانع من نكاح الأمة معدوم. هذا كلامه. ونقله- أيضًا- عنه الروياني في البحر، نعم جزم في تعليقته بالبطلان فيهما، وقد أنكر ابن الصلاح- أيضًا- مقالة الجرجاني، وقال إنها لا تعرف في شيء من كتب المذهب.
قوله: ولو وجدت شروط نكاح الأمة إلا أنها مملوكة لكافر، جاز نكاحها في الأصح.
وقيل: لا حتى لا يسترق الكافر ولدها المسلم.
ثم قال: وقد أبدى القاضي مجلي في صورة المسألة نظيرًا، فإن الكافر لا يجوز إقرار يده على المسلمة، فكيف يتصور تزويجها من مسلم.
ثم لو قدرنا التزويج، فإنا نبيعها بعد ذلك من مسلم، فلا يسترق ولدها كافر. انتهى كلامه.
وهذا الذي نقله عن محلي وأقره عجيب، فإن ذلك يتصور بما إذا وقف جارية على كافر فأسلمت، فإن أولادها الحادثين يمكلهم الكافر الموقوف عليه على الصحيح، فإذا تزوجت من المسلم جاءت الأولاد ملكًا للكافر.
قوله: وإن تزوج بشرط ألا ينفق عليها أو لا يبيت عندها، أو لا يقسم لها، أو لا يتسرى عليها، أو لا يسافر بها بطل الشرط والمسمى، وصح العقد، ثم قال: وحكى الجيلي قولًا أو وجهًا أنه يبطل. انتهى.
وهذا الخلاف بهذا التردد بين القول والوجه، قد حكاه الرافعي عن ابن خيران.