الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب الديات
قوله: ودية المرأة على النصف من دية الرجل للحديث، قال: ويروى ذلك عن العبادلة: ابن مسعود وابن عمر وابن عباس. انتهى.
وما ذكره في تفسير العبادلة غلط، ومناقض لما قدمه في باب صفة الصلاة، وقد أوضحته هناك فراجعه.
قوله في الكلام على الغرة: وقال- يعني الرافعي-: إن الأئمة لم يتكلموا في التغليظ عند وجود الغرة، إلا أن الزيادي قال: ينبغي أن يقال: تجب غرة قيمتها نصف عشر الدية المغلظة وأن هذا حسن. انتهى كلامه.
واعلم أن تعيره بالزيادي تحريف سببه تقدم ذكره في أثناء كلام نقله عن القاضي الحسين قبل هذا بنحو ثلاثة أسطر، والصواب المذكور في الرافعي والروضة إنما هو الروياني وهو كذلك في كلام الروياني، فقد رأيته في البحر باللفظ الذي نقله عنه الرافعي وهو لفظ ينبغي قوله نقلًا عن الشيح: وتجب في هذه الخمسة الحكومة، يعني: الخارصة والدامية، والباضعة والمتلاحمة والسمحاق.
ثم قال: ووراءه أمران حكاهما الماوردي، وثالث عن غيره، فأحد الأمرين حكاه أبو إسحاق المروزي وأبو علي بن أبي هريرة عن الشافعي: أن الحكم كذلك إذا لم يمكن معرفة قدر الشجة في الموضحة، فإن أمكن ذلك اعتبر ما انتهت إليه في اللحم من مقدار ما بلغته الموضحة حتى وصلت إلى العظم، فإذا عرف مقداره من نصف أو ثلث أو ربع كان فيه بقدر ذلك من أرش الموضحة، فإن علم أنه النصف وشك في الزائد- اعتبر شكه بتقويم الحكومة، فإن زاد على النصف وبلغ الثلثين زال حكم الشك في الزيادة ثابتًا بها، وحكم بها ولزم ثلثا ودية الموضحة، وإن بلغت النصف زال حكم الشك في الزيادة بإسقاطها، وحكم بنصف دية الموضحة، وإن نقصت عن النصف بطل حكم النقصان والزيادة، وثبت حكم النصف، وهذا ما نسبه الرافعي إلى الأكثرين، وعليه اقتصر في المهذب.
قوله: وقال ابن الصباغ: إنه الذي قاله أصحابنا.
وحكى القاضي أبو الطيب قبل الكلام في دية اليهودي والنصراني أنا إذا عرفنا نسبة المجروح من الموضحة نوجب أكثر الأمرين مما اقتضاه التوزيع، أو حكومة لا تبلغ بها أرش الموضحة.
والفرق بين هذا وبين ما حكيناه عن أبي إسحاق وغيره أنا على هذا نوجب الحكومة إذا زاد قدرها على قدر ما اقتضاه التوزيع مع تحقق قدر النسبة، وعلى رأي أبي إسحاق إذا تحققنا نسبة الجرح من الموضحة من غير شك في زيادة عليه، لا نوجب إلا قدر النسبة. انتهى كلامه.
وهذا النقل عن الرافعي و ((المهذب)) و ((الشامل)) نقل غير مطابق، فأما الرافعي فإن حاصل ما ذكره إنما هو ما ذهب إليه القاضي أبو الطيب، فإنه قال ما نصه: وقال الأكثرون: إن لم يمكن معرفة قدرها من الموضحة، فكذلك ولا تبلغ حكومتها أرش موضحة، وإن أمكن أن يعرف قدرها بأن كان على رأسه موضحة إذا قيس بها الباضعة أو المتلاحقة عرف أن المقطوع نصف أو ثلث في عمق اللحم، فيجب قسطه من أرش الموضحة، فإن شككنا في قدرها من الموضحة- أوجبنا اليقين، قال الأصحاب: ويعتبر مع ذلك الحكومة، ويجب أكثر الأمرين من الحكومة وما يقتضيه التقسيط، لأنه وجد سبب واحد منهما، فيعتبر الأكبر كما سيأتي في قطع بعض اللسان وذهاب بعض الكلام هذا لفظه فتأمله.
فإنه لا نجده يعطي إلا ما قلناه لاسيما التعليل الذي ذكره، وكذلك أيضًا المقاس عليه.
وأما المهذب فلم يذكر فيه إلا وجوب القسط من أرش الموضحة عند إمكان معرفته، وأما مسائل الشك فلم يتعرض لشيء منها بالكلية، وأما الشامل فإنه ذكر جميع ما عزاه المصنف إليه، لكن الذي عزاه إلى الأصحاب إنما هو وجوب القسط خاصة، وأما مسائل الشك فعزى جميعها على أبي إسحاق فقط.
قوله: فرع: يجري القصاص في حلمة الرجل بحلمة الرجل، سواء أوجبنا في حلمة الرجل الدية، فإن لم نوجبها قطعت حلمة الرجل بالمرأة إن رضيت دو العكس، وتقطع حلمة المرأة بالمرأة.
وفي التتمة وجه: إن لم يتدل الثدي لا يجب القاص، لاتصالهما بحلم الصدر وتعذر التمييز.
ولا يجب القصاص في الثدي كما قاله في التهذيب، لأنه لا يمكن رعاية المماثلة فيه، ولكن للمجني عليه أن يقطع الحلمة ويأخذ حكومة الثدي. انتهى كلامه.
فيه أمران:
أحدهما: أنا ما ذكره عن التتمة من حكاية خلاف في الحلمة غلط، وقع للرافعي فتبعه عليه النووي والمصنف، بل صرح بعدم الخلاف، وإنما حكى هذا الوجه في الثدي نفسه، ثم ضعفه، وقال: إن المذهب المشهور وجوبه، ذكر ذلك في الباب الخامس في الجنايات على ما دون النفس في المسألة التاسعة من الفصل الثالث، وقد ذكر من لفظه في المهمات فراجعه.
الأمر الثاني: وليس هو من شروط كتابنا، وإنما وقع استطرادًا أن ما نقله عن البغوي من عدم القصاص في الثدي مقالة ضعيفة، وأن المذهب المشهور له كما استفدنا من التتمة وجوبه، وقد وقع هذا الموضع للرافعي أيضًا.
قوله: في الكلام على الحكومة قال- يعني: الشيخ-: وإن كانت الحناية مما لا ينقص بها شيء بعد الاندمال، ويخاف منها التلف حين الجناية كالأصبع الزائد، وذكر العبد أي إذا كان أشل، أو فرعنا على القديم في أن الواجب فيه ما نقص من القيمة، كما سنذكره قوم حال الجناية، فما نقص من ذلك وجب، لأنه لما تعذر تقويمه في حال الاندمال لانتفاء النقص قوم في الحالة التي يظهر فيها وهي حالة الجناية.
ثم قال: وقد ذهب ابن سريج إلى أن الجناية إذا لم تنقص شيئًا بعد الاندمال لا يجب فيه شيء، وبه جزم بعضهم في ذكر العبد، ورجحه الرافعي وقال: إن الإمام قال: إن قول ابن سريج هو ظاهر القياس على آخره.
ثم قال: أما إذا قطع ذكر العبد، وفرعنا على الجديد في أن جراح العبد من قيمته كجراح الحر من ديته، فالواجب القيمة وإن زادت بسبب ذلك. انتهى كلامه.
واعلم أن هذا الكلام الذي نقله عن الرافعي في الذكر بعد تصويره إيجاب الحكومة فيه بما إذا كان أشل، أو فرعنا على القديم، يقتضى أن الرافعي خالف في المسألين، فلم يوجب شيئًا وليس كذلك، فإن الرافعي لم يذكر ذلك إلا في الذكر السليم تفريعًا على القديم، ولم يتعرض فيه للذكر الأشل أصلًا، ولا لما في معناه وهو الزائد، بل قد ذكر قبل ذلك بنحو ورقة في الحكومات أن الحر إذا جرح، واندملت جراحته ولم يبق نقص أن الأصح وجوب شيء باجتهاد الحاكم، فيكون العبد كذلك لاسيما أنهم قد قالوا: إن العبد أصل الحر في الحكومات: نعم، نسأل عن الفرق بين
ذلك بين عدم الوجوب إذا فرعنا على القديم، لأن الواجب في الموضعين ما نقص، وإلا يلزمهم الفرق بين الحر والعبد، فإن كلا منهما قد جرح لم تنقصه شيئًا.
قوله: فرع: لو كانت الأمة حال القتل زوجة، قال الرافعي في أول فصل مذكور في نكاح الغرور: إن الواجب قيمتها خلية عن الزوج، وإن كان تقدير ذلك فيها ممكن لو بقيت، ولكنا نعتبر الصفة التي كانت الجارية عليها في حال الإتلاف. انتهى كلامه.
وهذا الذي نقله- رحمه الله عن كلام الرافعي هناك لم أر له ذكرًا فيه.