الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب الكفن
قوله: وتجب مؤنة التجهيز في ماله، مقدمةً على الدين والوصية، وهذا إذا لم يكن ماله مرتهنًا بدينه، ولا جانيًا، قال في ((الروضة)): ولا مبيعًا ثبت لبائعه حق الرجوع فيه، فإن كان فإنه يقدم كما ذكرناه في الفرائض. انتهى.
وهذا الكلام يقتضي حصر الاستثناء فيما ذكره، وليس الأمر على هذا الحصر، بل قال الأصحاب: إن كل حق تعلق بعين فإنه يقدم، وحينئذ فيدخل فيه مسائل أخرى.
إحداها: إذا مات رب المال قبل قسمة مال القراض، فإنه يقدم حق العامل على الكفن، لأن الرافعي في كتاب القراض قد صرح بأن حقه يتعلق بالعين.
الثانية: المعتدة عن الوفاة بالحمل سكناها مقدمٌ على التجهيز، لأن الرافعي قد نص في كتاب العد على امتناع بيعها، للجهل بمقدار زمن العدة.
الثالثة: نفقة الأمة المزوجة وإن كانت ملكًا للسيد، قال الرافعي: إلا أن حقها يتعلق بها، قال: كما أن كسب العبد ملك للسيد، وتتعلق به نفقة زوجته.
الرابعة: كسب العبد بالنسبة إلى نفقة زوجته كما ذكرناه.
الخامسة: إذا قبض السيد نجوم الكتابة، ثم مات قبل الإيتاء- ومال الكتابة باق- ففي ((الرافعي)) و ((الروضة)): أن حق العبد يتعلق بعينه، وحينئذٍ فيقدم.
السادسة: إذا أعطى الغاصب قيمة المغصوب، للحيلولة، ثم قدر عليه- فإنه يرده، ويرجع بما أعطاه، فإن كان المعطى تالفًا تعلق حقه بالمغصوب، ويقدم به كما نص عليه في ((الأم)) في كتاب الإقرار بالحكم الظاهر، فقال: وإذا أحضر الغاصب العبد الذي غصبه إلى سيده جبرت سيده على قبضه منه ورد الثمن عليه، فإن لم يكن عند سيده ثمنه قلت له: بعه إياه بيعًا جديدًا إن رضيتما حتى يحل له ملكه، فإن لم يفعل بعت العبد على سيده، وأعطيت الغاصب مثل ما أخذ منه، وإن كان لسيده غرماء لم أشركهم في ثمن العبد، لأنه عبد قد أعطى الغاصب قيمته. هذا لفظ الشافعي، ونقله في ((المطلب)) عنه.
واعلم أن تقييد ابن الرفعة للمرهون بقوله: بدينه، ليس بجيد، بل لو كان مرهونًا
بدين غيره كان الحكم- أيضًا- كلك.
قوله: ففي ((الصحيحين)) عن عائشة- رضي الله عنها قالت: كفن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثلاثة أثواب بيض سحولية من كرسف، ليس فيها قميص ولا عمامة. قال ابن الصباغ: وسحول- بفتح السين-: مدينة بناحية اليمن يعمل فيها ثياب يقال لها: السحولية، والسحول- بضم السين-: الثياب البيض من القطن وهو الكرسف، قال القاضي الحسين: والخبر بالضم على الصحيح. قلت: وفي مسلم ما يرد عليه، لأنه روى عن عائشة أنها قالت أدرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في حلة يمانية كانت لعبد الله بن أبي بكر، ثم نزعت عنه، وكفن في ثلاثة أثواب بيض سحولية يمانية، ليس فيها عمامة ولا قميص. انتهى كلام ابن الرفعة.
وهذا الرد لا أدري ما وجهه، فإن أقرب شيء يعود عليه- كلام القاضي، وليس فيه ما يدفع كلامه، غايته أن فيه قيدًا آخر وهو كونها من اليمن، فتأمله.
تنبيه: ذكر ألفاظًا منها:
المعمل، هو بميم مضمومة، وعين مهملة ساكنة، وميم مكسورة، بعدها لام- هو المكتسب المحترف.
ومنها: الساج: اسم للطيلسان، هو بسين مهملة وجيم.
قوله: وكأن الفرق بين القريب وبيت المال: أن التكفين من بيت المال أوسع، ولهذا لو نبش الميت، وأخذ كفنه- لا يجب على القريب تكفينه ثانيًا، ولو كان قد كفن من بيت المال كفن ثانيًا وثالثًا ما قاله المتولي، لأن العلة في الكرة الأولى: الحاجة، والحاجة موجودة. انتهى كلامه.
وما نقله عن المتولي صحيح في التكفين من بيت المال، وأما في التكفين من مال القريب فلا، بل جزم بأنه يجب تكفينه ثانيًا فقط، فقال: الخامسة عشرة: إذا نبش القبر، وأخذ الكفن: فإن كان قد كفن من ماله يكفن ثانيًا، وإن كان قد كفنه من يلزمه نفقته فكذلك، وإن كفن من بيت المال يكفن ثانيًا وثالثًا، لأن العلة في الكرة الأولى: الحاجة، والحاجة موجودة. هذا كلام المتولي بحروفه، ونقله عنه النووي- أيضًا- في ((شرح المهذب)) على الصواب.
قوله: وصنيفة الثوب: طرته.
هو بصاد مهملة مفتوحة، ثم نون مكسورة، ثم ياء، بعدها فاء مفتوحة، ثم تاء التأنيث، كذا قاله الجوهري، وقد ضبطه المصنف ضبطًا فاسدًا ناقصًا.