الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتاب الصداق
قوله: فأما ما ورد به الكتاب، أي: من الأسماء، فأربعة: الصداق، والنحلة، والفريضة، والأجر، والذي وردت به السنة ثلاثة: المهر، والعقد، والعليقة. انتهى كلامه.
واعلم أن تعبيره بالعليقة ذكره النووي في لغات التنبيه، فتابعه عليه المصنف. والذي قاله القاضي عياض، والهروي في الغريبين أن العلاقة بالألف.
قوله: فرع: فسخ النكاح بسبب إعسار الزوج بالصداق، هل يشطر الصداق.
قال في الجيلي في كتاب ((النفقات)) إن قلنا: إنه فسخ، سقط جميعه.
وقال في التتمة في ضمن فرع: وهو إذا كانت الزوجة صغيرة فأعسر زوجها بصداقها لا يفسخ الولي، لأنه إن كان قبل الدخول يشطر المهر، وإن كان بعده، فهو باق في ذمته، فلا فائدة في الفسخ.
وهذا يشعر بأن الفسخ بالإعسار يشطر المهر، فإن فسخ الولي يتنزل منزلة فسخ المولى عليه بدليل ما تقدم.
ويمكن أن يقال في هذه الصورة: يتشطر إذ لا تضييع من جهتها، بخلاف ما إذا فسخت هي، ويمن أن يكون بناء على أنه طلاق. انتهى كلامه.
وحاصله أنه لم يقف على نقل في المسألة ممن يعتبر وهو عجيب، فقد صرح خلائق بأن ذلك فرقة من جهة المرأة حتى يسقط الجميع، منهم الرافعي في كتاب المتعة.
واعلم أن تعاطي الفسخ من المرأة ليس بطلاق، بلا خلاف، بل القائل بأنه طلاق، معناه أن الزوج يؤمر بالطلاق كالمولي، وكلام المصنف بعيد عنه.
قوله: وإن طلق قبل الدخول، وكان الصداق ناقصًا نقصان صفة، فالزوج بالخيار بين أن يرجع فيه ناقصًا من غير أرش، وبين أن يأخذ نصف قيمته. انتهى كلامه.
ومحله: إذا كان متقومًا، فإن كان مثليًا، فإنه يرجع إلى نصف مثله، كذا نبه عليه المصنف في المطلب، وهو صحيح.
قوله: قال الإمام: فإن قال قائل: يرجع الزوج بنصف قيمة الكل أو بقيمة نصف الكل، وبينهما تفاوت.
قلنا: يرجع بقيمة نصف الكل، فإنه لم يفته إلا ذلك.
قلت: ومما يؤيد ذلك أن من أعتق نصف عبد يملكه وهو موسر، وسرى على نصف شريكه، يجب عليه قيمة نصفه لا نصف قيمته.
وقد صرح بذلك- أيضًا- الشيخ في المهذب. انتهى كلامه.
واستشهاده واستدلاله بمسألة العتق يقتضي الاتفاق عليها، وهو عجيب، فإن كلام الأصحاب مختلف فيها- أيضًا- حتى اختلف فيه كلام الرافعي، كما أوضحته في كتاب العتق من المهمات، فراجعه.
قوله: وإن حصلت الفرقة والصداق لم يقبض. فعفي الأب أو الجد عن حق المرأة، صح على القديم بشروطه، ولو تقدم عفو الولي على الفراق، لم يصح.
وقيل: يصح.
ثم قال: وعلى الأول لو وقع العفو مع الفراق، كما إذا اختلعا به فوجهان، الذي أجاب به وفي التتمة والتهذيب منهما الجواز.
وفي الوسيط: أن أظهرهما المنع، وهو ما يدل عليه كلام ابن الصباغ. انتهى كلامه.
وهذا النقل عن الوسيط غلط، سبقه إليه الرافعي فقلده فيه المصنف، وذلك لأن الغزالي لما عدد الشرائط قال ما نصه: وأن تكون بعد الطلاق لا قبله، فإن كان معه بأن اختلعها بالمهر، ففيه تردد. والأظهر أنه كالمتأخر، هذا لفظ الوسيط، وهو بالعكس مما نقله المصنف عنه.
قوله في المفوضة: وإن مات أحدهما قبل الفرض، ففيه قولان:
أحدهما: يجب المهر، لما روى معقل بن يسار، وقيل ابن سنان الأشجعي أن بروع بنت واشق نكحت بغير مهر، فمات، فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بمهر نسائها.
والثاني: لا يجب، والحديث قد رجه علي، وقال: كيف نقبل في ديننا قول أعرابي بوال على عقبيه؟ انتهى كلامه وما ذكره عن علي- رضي الله عنه لم أر له ذكرًا في شيء من كتب الحديث، وسألت عنه صاحبنا الشيخ زين الدين العراقي حافظ العصر، فقال: لا أعلم له أصلًا في كتبهم، وأما بروع فبباء موحدة مكسورة، وراء مهملة ساكنة، وواو مفتوحة وعين مهملة.
قوله: وإن أعتق أمةً بشرط أن يتزوجها، ويكون عتقها صداقها، فقبلت، عتقت، ولا
يلزمها أن تتزوج به.
ثم قال: فأما نفوذ العتق فلأنه أعتقها على شرط باطل، فلغا الشرط وثبت العتق، كما لو قال لعبده: إن ضمنت لي خمرًا فأنت حر، فضمنه، كذا علله الأصحاب. قلت: وفي المسألة المقيس عليها نظر، فإن ذلك يشابه ما لو حلف لا يبيع الخمر، فإنه لا يحنث إذا وجد منه صورة البيع على المذهب، والضمان كذلك. انتهى كلامه.
وما نقله عن الأصحاب من تصوير المسألة المقيس عليها بقوله: إن ضمنت لي، ليس كما نقله عنهم، فقد تصفحت في ذلك كلام جماعة كبيرة، منهم: الفوراني والمتولي، وابن الصباغ، والغزالي، والرافعي، والنووي وغيرهم، فلم أر أحدًا منهم ذكر هذا التعليل، بل عبروا بقولهم: كما إذا أعتقها على خمر أو خنزير، ومنهم من يعبر بقريب منه، والتعبير به واضح.
وقد ذكروا- أيضًا- وقوع الطلاق المعلق على الخمر ونحوه، وعلة وقوعهما معروفة هناك.
قوله: ولا يمكن بناء قولين على وجهين. انتهى كلامه.
ذكر مثله في غير هذا الموضع، وقد خالفه في باب زكاة الفطر في الكلام على ما إذا زوج أمته بعبد أو حر معسر، فقال: والبناء المذكور ممكن، لأن الوجهين مخرجان من أصول الشافعي، وحينئذ فلا يمتنع بناء قولين على أصلين، هذه عبارته.
قوله: الثاني لو وقع الاختلاف في قدر المهر، أو صفته بين ولي الصغيرة، أو المجنونة، وبين الزوج، فوجهان.
أظهرهما، وبه قال ابن سريج وأبو إسحاق: أنهما لا يتحالفان، ولكن توقف إلى البلوغ أو الإفاقة.
والثاني: أنهما يتحالفان، وهو الأصح في المهذب. انتهى كلامه.
وهذا النقل عن ابن سريج، وأبي إسحاق سهو، فإن الذي ذهبا إليه هو الثاني، وهو القول بالتحالف، كما هو مشهور معروف في كتب الأصحاب، حتى إن الرافعي صرح بنقله عنهما أيضًا.