المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل [فيما تجب فيه الحكومة وقدرها] - تحرير الفتاوي على التنبيه والمنهاج والحاوي - جـ ٣

[ابن العراقي]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب الجِنايات

- ‌فصل [في اشتراك اثنين في فعل مزهق]

- ‌فصل [في قتل من ظن كفره]

- ‌فصل [في تغير حال المجني عليه من وقت الجناية]

- ‌فصلٌ [شروط قود الأطراف والجراحات وما يتعلق بها]

- ‌بابُ كيفيّة القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه

- ‌فصلٌ [في الاختلاف]

- ‌فصلٌ [ثبوت حق القصاص للوارث]

- ‌فصلٌ [موجب العمدِ القودُ]

- ‌كتابُ الدّيات

- ‌فصلٌ [في الشجاج التي تجب فيها الحكومة]

- ‌فَرْعٌ [في دية المعاني]

- ‌فرعٌ [تداخل ديتين فأكثر]

- ‌فصلٌ [فيما تجب فيه الحكومة وقدرها]

- ‌باب ما تجب به الدّية من الجنايات

- ‌فصل [في الاصطدام]

- ‌باب العاقلة

- ‌فصلٌ [جناية العبد وتعلقها برقبته]

- ‌تَنْبِيهٌ [لو كان العبد المأمور بجناية مرهونًا مقبوضًا بالإذن]

- ‌بابُ ودية الجنين

- ‌بابُ كفّارة القتل

- ‌فَصْلٌ [ما يثبت به موجب القصاص]

- ‌كتابُ البُغاة

- ‌بابُ أدب السلطان

- ‌كتابُ الرِّدَّة

- ‌كتابُ الزِّنا

- ‌كتابُ حَدِّ القّذْف

- ‌كتابُ قطع السّرقة

- ‌فَصْلٌ [فيما يمنع القطع وما لا يمنعه]

- ‌فَصْلٌ [إقامة الحد على الذِّمِّيُّ والمعاهد]

- ‌فَصْلٌ [فيما تثبت به السرقة]

- ‌فَصْلٌ [في صفة القطع وما يتعلق بها]

- ‌كتابُ قاطع الطَّريق

- ‌فَصْلٌ [في اجتماع الحدود]

- ‌كتاب الأشربة

- ‌بابُ التَّعزير

- ‌كتابُ الصِّيال وضمان الولاة

- ‌فَصْلٌ [ضمان الولاة]

- ‌فَصْلٌ [ضمان الدواب والبهائم]

- ‌كتاب السير

- ‌فصل [في الاستعانة على الغزو]

- ‌فصل [حكم أسرى الكفار]

- ‌فصل [في الأمان]

- ‌فصل [في الجزية]

- ‌فصل [جملة من أحكام عقد الذمة]

- ‌باب الهدنة

- ‌كتابُ الصَّيُد والذّبائح

- ‌فصَلٌ [في بعض شروط الآلة والذبح والصيد]

- ‌فصَلٌ [فيما يملك به الصيد]

- ‌كتابُ الأضحية

- ‌بابُ العَقِيقة

- ‌كتابُ الأَطعِمة

- ‌كتاب المسابقة والمناضلة

- ‌تَنْبِيْهٌ [في بقية شروط المسابقة]

- ‌تَنْبِيْهٌ [لا تتعين صفات الرمي بالشرط]

- ‌كتابُ الأَيْمان

- ‌بابُ من يصح يمينه وما يصح به اليمين

- ‌كتابُ كفّارة اليمين

- ‌بابُ جامع الأيمان

- ‌فَصْلٌ [في أنواع من الحلف على الأكل وعدمه]

- ‌فَصْلٌ [في أنواع من الأيمان]

- ‌فَصْلٌ [فيما لو حلف على أمر فوكل غيره حتى فعله]

- ‌كتابُ النَّذْر

- ‌فصلٌ [في نذر المشي إلى مكة أو الحج والعمرة وما يتعلق به]

- ‌كتابُ القضاء

- ‌فصلٌ [فيما يقتضي انعزال القاضي أو عزله وما يذكر معه]

- ‌فصلٌ [في آداب القضاء وغيرها]

- ‌فصلٌ [في التسوية بين الخصمين وما يتبعها]

- ‌بابُ القضاء على الغائب

- ‌تَنْبِيْهٌ [لو أقام قيم الطفل بينة على قيم طفل آخر]

- ‌فصلٌ [في بيان الدعوى بعين غائبة]

- ‌فصلٌ [في بيان من يحكم عليه في غيبته وما يذكر معه]

- ‌بابُ القِسْمَة

- ‌كتابُ الشهادات

- ‌فصلٌ [فيما يحكم به بشهادة رجل واحد]

- ‌تَنْبِبيهٌ [أقسام المشهود به]

- ‌فَصْلٌ [في تحمل الشهادة في النكاح وغيره]

- ‌فَصْلٌ [في الشهادة على الشهادة]

- ‌فَصْلٌ [في الرجوع عن الشهادة]

- ‌كتابُ الدعوى والبيّنات

- ‌فَصْلٌ [فيما يترتب على سكوت المدعى عليه عن جواب الدعوى]

- ‌تنبيه [على وجوب اليمين وعدمه]

- ‌فصل [متى تغلظ يمين المدعي والمدعى عليه

- ‌فصل [في تعارض البينتين]

- ‌فصل [في اختلاف المتداعيين في العقود]

- ‌كتابُ إلحاق القائف

- ‌كتابُ العِتْق

- ‌فصَلٌ [في العتق بالبعضية]

- ‌فصَلٌ [في العتق في مرض الموت]

- ‌بابُ الولاء

- ‌كتابُ التَّدبير

- ‌كتابُ الكِتابة

- ‌فصل [فيما يلزم السيد بعد الكتابة]

- ‌فصل [في بيان لزوم الكتابة]

- ‌فصلٌ [في مشاركة الكتابة الفاسدةِ الصحيحةَ]

- ‌كتابُ أمّهات الأولاد

- ‌خاتمة النسخة

- ‌خاتمة النسخة (ج)

- ‌خاتمة النسخة (د)

- ‌أهم مصادر ومراجع التحقيق

الفصل: ‌فصل [فيما تجب فيه الحكومة وقدرها]

سريج وقول الإصطخري واختيار الإمام، وكذا في "الروضة" بعد أن حكاهما وجهين (1)، فحاصله أنه نص ومخرج، فكان ينبغي أن يقول في "المنهاج" و"الروضة":(على النص) والنص المذكور هو في "المختصر" في صفة قتل العمد (2)، وممن حكى الخلاف في ذلك قولين القفال في "شرح التلخيص".

4790 -

قوله: (فإن حز عمداً والجنايات خطأ أو عكسه .. فلا تداخل في الأصح)(3) يقتضي أن الخلاف وجهان، وقد حكاه قولين القاضي حسين والإمام والغزالي وغيرهم (4).

واعلم: أن مقتضى عبارة "المنهاج" وغيره: أنه لو مات بسقوط من سطح ونحوه .. وجوب الديات كلها؛ لأنه لم يسقط دية ما دون النفس إلا بالسراية، وحز الجاني قبل الاندمال. وهو الذي أفتى به شيخنا الإمام البلقيني، وفرق بينه وبين اعتبار التبرع في المرض المخوف من الثلث ولو مات بسقوط من سطح: بأن التبرع صدر عند الخوف من الموت .. فاستمر حكمه، قال: ولم أر من تعرض لذلك، وفي زيادة "الروضة" في الطلاق فيما لو طلق زوجته بائناً وهو مريض ثم قتله قاتل .. عن "المهذب": أنها لا ترث على القديم، وعن "الشامل" و"التتمة": أنها ترث (5).

‌فصلٌ [فيما تجب فيه الحكومة وقدرها]

4791 -

قول "المنهاج"[ص 488]: (تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه) فيه أمران:

أحدهما: أن المراد: الجناية الموجبة للمال؛ ليخرج عن ذلك ما يوجب التعزير المجرد؛ كقلع سن من ذهب، ولهذا قال "الحاوي" بعد ذكر هذه المسألة [ص 575]:(وفي غيرٍ الحكومةُ) أي: غير ما تقدم مما يوجب الضمان بمال مقدر أو التعزير المجرد.

ثانيهما: كان ينبغي أن يضم لما فيه مقدر ما عرفت نسبته من مقدر؛ فإنه يؤخذ في هذا الثاني بنسبته من المقدر، ولا يرد ذلك على "الحاوي" أيضاً وإن كان قد ذكر من أمثلة ما فيه الحكومة المتلاحمة، وقد تعرف نسبتها من مقدر؛ بأن يكون بقربها موضحة، فيجب فيها أكثر الأمرين مما يقتضيه التقسيط ومن الحكومة؛ لقوله بعد ذلك:(وإن أمكن تقديره بما له مقدر .. فأكثر قسطه، والحكومة)(6).

(1) المحرر (ص 408)، فتح العزيز (10/ 411)، الروضة (9/ 307)، وانظر " نهاية المطلب"(16/ 72، 73).

(2)

مختصر المزني (ص 238).

(3)

انظر "المنهاج"(ص 488).

(4)

انظر "نهاية المطلب"(16/ 73)، و "الوجيز"(2/ 149).

(5)

الروضة (8/ 75)، وانظر "المهذب"(2/ 25).

(6)

الحاوي (ص 576).

ص: 95

فإن قلت: والإيجابُ بالنسبة لمقدر حكومةٌ أيضًا كما نص عليه الشافعي.

قلت: المراد: الحكومة التي يقدر الحر فيها رقيقاً، وهي التي فسرها بعده، وهذه ليست كذلك؛ ولهذا لما ذكر "المنهاج" هذا الحكم عند الكلام على الشجاج .. قال:(والشجاج التي قبل الموضحة إن عرفت نسبتها منها .. وجب قِسْطٌ من أرشها، وإلا .. فحكومة)(1) فلم يسم الإيجاب بالنسبة لمقدر حكومة، ويرد الأمران على قول "التنبيه" [ص 227]:(وفي الجراحات سوى ما ذكرناه الحكومة).

وقد يقال: لا يرد الأول؛ لأن مثل قلع سن من ذهب لا جراحة فيه، وقد يقال: بل فيه جراحة إذا نبت عليه اللحم.

ويرد عليه أيضاً: أنه تجب الدية أيضاً في إذهاب الصوت والمضغ والإمناء وقوة الإحبال والجلد على ما قدمته فيها، مع أنها قد تنشأ عن جراحه، وأنه تجب الحكومة في كسر العظام أو نقلها فيما عدا الرأس والوجه، وقد لا يكون فيها جراحة.

4792 -

قول "التنبيه"[ص 227]: (وفي الشعور كلها الحكومة) شرطه: فساد المنبت بحيث لا تعود أو تعود ناقصة؛ ولهذا قيد "الحاوي" ضمان لحية المرأة بفساد المنبت (2)، أما لو عادت كما كانت .. فلا تجب حكومة بلا خلاف، كما في "أصل الروضة"(3)، لكن في "البويطي":(وليس في الشعر أرش معلوم، وفيه حكومة إن نبت كما كان بقدر الألم والشين، وإن لم يعد كما كان .. ففيه حكومة أكثر من ذلك) حكاه شيخنا الإمام البلقيني، وقال: وبه يتأيد كلام "التنبيه"، وحكى القاضي حسين وجهاً ثالثاً: أنه إن حصل للمجني عليه ألم بالإزالة .. وجبت، وإلا .. فلا، وجمع في "الكفاية" الأوجه الثلاثة، وذلك يرد على تعبير شيخنا الإسنوي عنه بالصواب (4).

ثم هذا في الشعر الذي فيه جمال. أما ما لا جمال في بقائه، بل في ذهابه؛ كشعر الإبط .. ففيه وجهان، صحح الماوردي منهما: أنه لا حكومة فيه.

واعلم: أن ظاهر كلامهم أنه لا قصاص في نتف الشعر، وبه صرح الماوردي في أسنان إبل الخطأ وتقويمها؛ وعلله باختلاف الناس فيه كثافة وخفة وطولاً وقصراً، وفي جماله ذهاباً وبقاء (5)، لكنه قال في القصاص في الشجاج: فاما إن قلع شعره قلعاً لم يعد نباته؛ فإن أمكن فيه

(1) المنهاج (ص 484).

(2)

الحاوي (ص 576).

(3)

الروضة (9/ 309).

(4)

تذكرة النبيه (3/ 431).

(5)

انظر "الحاوي الكبير"(12/ 301).

ص: 96

القصاص حتى يذهب فلا يعود نباته .. اقتص منه (1).

4793 -

قول "الحاوي" في أمثلة ما تجب فيه الحكومة [ص 575]: (ولسان الأخرس) محله: ما إذا لم يذهب الذوق بقطع لسانه أو كان قد بطل ذوقه من قبل، فلو ذهب بقطعه الذوق .. وجبت الدية، وهذا معلوم مما سبق.

4794 -

قوله: (وسن صبي)(2) أي: لم يثغر ولم يفسد منبتها.

4795 -

قوله: (وتسويد سن)(3) كذا لو اخضرت أو اصفرت، لكن حكومة الاخضرار أقل من الاسوداد، والاصفرار أقل من الاخضرار، فلو عبر ب (تغير لونها) .. لكان أعم.

4796 -

قوله: (وقوة الإرضاع)(4) كذا لو لم ينقطع لكن انتقص .. فتؤخذ حكومة تليق به.

4797 -

قول "المنهاج"[ص 488]: (وهي جزءٌ نسبته إلى دية النفس - وقيل: إلى عضو الجناية - نسبة نقصها من قيمته لو كان رقيقاً بصفاته) فيه أمور:

أحدها: كان ينبغي أن يقول: (جزء من الدية) كما فعل "المحرر" و"الحاوي"(5)، وكذا قال في "التنبيه" [ص 227]:(وجب بقسطه من الدية) فذكر "المنهاج" الدية في النسبة لا في المأخوذ منه.

ثانيها: يستثنى من قوله: (وقيل: إلى عضو الجناية) الرأس، فلو كانت الجراحة فيه .. فليس له دية، وفيه شجاج عديدة، والمعتبر منها على هذا الوجه الموضحة، فتعتبر نسبتها منها كما حكاه الرافعي عن الشيخ أبي إسحاق (6)، وأسقطه في "الروضة" وأهمل الرافعي من كلام صاحب "المهذب" أنها إن كانت في الجسد .. اعتبر نسبتها من الجائفة (7).

ثالثها: يستثنى من كلام الثلاثة في اعتبار النسبة: ما إذا قطع أنملة لها طرفان .. فيجب فيها مع دية الأنملة حكومة لا تعتبر بالنسبة، بل يوجب فيها الحاكم ما يؤدي إليه اجتهاده، جزم به في "أصل الروضة"(8).

رابعها: مقتضى كلامهم: التقويم بالنقد، وعليه جرى الأصحاب، لكن نص الشافعي رحمه الله على التقويم بالإبل، فقال في إذهاب العذرة: فيقال: لو كانت أمة تسوى خمسين من

(1) انظر "الحاوي الكبير"(12/ 173).

(2)

انظر "الحاوي"(ص 575).

(3)

انظر "الحاوي"(ص 575).

(4)

انظر "الحاوي"(ص 575).

(5)

المحرر (ص 408)، الحاوي (ص 575).

(6)

انظر "فتح العزيز"(10/ 348).

(7)

المهذب (2/ 209).

(8)

الروضة (9/ 308).

ص: 97

الإبل .. كم يُنقصها ذهاب العذرة من القيمة؟ فإن قيل: العشر .. وجب خمس من الإبل، وإن قيل: أكثر أو أقل .. وجب (1)، حكاه شيخنا الإمام البلقيني، وقال: هو صحيح جار على أصله في الديات أن الإبل هي الأصل، فلا حاجة للتقويم بالنقد، وربما يتفاوت فيكون قيمته بالنقد معيبًا أقل من تقويمه بالإبل أو أكثر، قال: ولم أر من ذكر ذلك من الأصحاب.

خامسها: لا يستقر التقويم إلا بحكم حاكم، فلو اجتهد فيه غيره .. لم يستقر، صرح به الماوردي (2)، وهو مقتضى كلام غيره، ولم يتعرض الثلاثة للتصريح بذلك، لكن قول "المنهاج" بعده [ص 488]:(نقص الحاكم شيئاً بالاجتهاد) يقتضيه.

4798 -

قول "المنهاج"[ص 488]- والعبارة له - و"الحاوي"[ص 576]: (فإن كانت لطرفٍ له مقدرٌ .. اشترط ألا تبلغ مُقَدَّره، فإن بلغته .. نقص القاضي شيئاً باجتهاده) أورد عليه شيخنا الإمام البلقيني: أن الرأس ليس له مقدر وفيه عدة شجاج، والمعتبر في حكومته ألا تبلغ أرش الموضحة. انتهى.

وقد يقال: لا يرد؛ لأن للرأس مقدرات الموضحة أقلها، فاعتبر بها أخذاً باليقين.

وأورد أيضًا: أنه لا بد من الاحتراز عن تساوي الجنايتين المتفاوتتين كالمتلاحمة والسمحاق إذا فرض النقص في كل منهما بنصف العشر .. فتنقص حكومتهما عن ذلك حتى لا يبلغا أرش الموضحة ويكون النقص في السمحاق أقل، قال: وهذا لا بد منه وإن لم يذكروه، وقد ذكروا في (الزكاة) قريباً منه. انتهى.

وقد يدخل في قوله: (شيئاً) أقل متمول، وصرح الإمام بأنه لا يكفي (3)، وقال الماوردي: أقله ما يجوز أن يكون ثمناً أو صداقاً (4).

4799 -

قول "المنهاج"[ص 488]: (أو لا تقدير فيه كفخذٍ .. بألَاّ تبلغ دية نفس) فيه أمور:

أحدها: أنه دخل فيما لا تقدير فيه ما هو تابع لمقدر والشرط فيه ألَاّ تبلغ دية ذلك المقدر، وقد ذكر ذلك "الحاوي" فقال [ص 575]:(ناقص عن دية المجروح اجتهاداً ومتبوعه) فحكومة جرح الكف لا تبلغ دية الأصابع الخمس؛ ويجوز أن تبلغ دية إصبع كما قال الرافعي: إنه الأشبه، والنووي: إنه الأصح (5) ، وصحح الإمام مقابله (6)، وتبعه في "الكفاية"، ونص عليه الشافعي

(1) انظر "الأم"(6/ 79).

(2)

انظر "الحاوي الكبير"(12/ 302).

(3)

انظر "نهاية المطلب"(16/ 418).

(4)

انظر "الحاوي الكبير"(12/ 303).

(5)

انظر "فتح العزيز"(10/ 349)، و"الروضة"(9/ 308).

(6)

انظر "نهاية المطلب"(16/ 432).

ص: 98

رضي الله عنه، فقال: ولا أبلغ بحكومة كفه دية إصبع (1)، حكاه عنه شيخنا الإمام البلقيني، وقال: إن له نصاً آخر بخلافه، لكنه محتمل، وهذا نص، وهو المعتمد.

ثانيها: تمثيله لما لا تقدير فيه بالفخذ مخالف لنص الشافعي؛ حيث قال: ولا يبلغ بحكومة الذراع أرش يد، وهذا هكذا في الفخذ والساق، وقال قبل ذلك: وهكذا إن كان في الذراع أو العضد أو الساق أو القدم .. لم يبلغ قدر يدٍ تامةٍ ولا رجلٍ تامةٍ (2)، حكاه عنه شيخنا الإمام البلقيني، وقال: لو مثل بالظهر والكتف .. كان أصوب.

ثالثها: قال شيخنا الإمام البلقيني: اشتراط ألَاّ يبلغ دية نفس محال؛ فكيف يصل جزء الشيء إلى تمامه ولا يتصور ذلك إلا إذا لم تصر له قيمة بالكلية؛ وهذا محال. فما من حي إلا وله قيمة، وبتقدير فرض أنه لا قيمة .. يبقى قوله:(جزءٌ) غير معتبر، وكان يقال: وعند انتفاء الجزء .. لا بد من النقص عن الدية، قال: ولم أر من تعرض لذلك، قال: وإنما يتجه هذا لو كانت الحكومة مجرد اجتهاد من غير تقويم.

رابعها: أورد عليه شيخنا أيضاً: أن مقتضاه: أن جرح البطن يجوز أن تبلغ حكومته إلى ما ينقص عن دية النفس، وجزم في "الروضة" وأصلها بأنه لا تبلغ أرش جائفة (3).

قلت: كيف يرد ذلك وفي البطن ما له أرش مقدر وهو الجائفة؟ فهو داخل في كلامه الأول، والله أعلم.

4800 -

قول "الحاوي"[ص 576]: (وإن لم ينقص - أي: بعد الاندمال - .. تقدر دامية) محله: ما إذا لم يظهر نقصان إلا في حال سيلان الدم، فإن ظهر نقصان في غيره .. اعتبر أقرب الأحوال إلى الاندمال؛ ولهذا قال "المنهاج" [ص 488]:(اعتبر أقرب نقص إلى الاندمال)، وعبارة "التنبيه" [ص 227]:(وإن كانت الجناية مما لا ينقص بها شيء بعد الاندمال ويخاف منه التلف حال الجناية؛ كالإصبع الزائدة وذكر العبد .. قوم حال الجناية؛ فما نقص .. وجب) وليس فيه إفصاح عن اعتبار أقرب نقص إلى الاندمال. بل هو كـ"الحاوي" في اعتبارها دامية؛ لأنها حال الجناية، ويزداد بالتمثيل بذَكَرِ العبد؛ فإنه على الجديد في أن جراح العبد من قيمته كجراح الحر في ديته تجب فيه القيمة، فلا حكومة؛ فإما أن يكون مفرعاً على القديم أن الواجب فيه ما نقص، أو يريد: ما إذا كان أشل، ومقتض اقتصار "المنهاج" على اعتبار أقرب نقص إلى الاندمال؛ لأنه لو لم يكن هناك نقص؛ كالسن الزائدة ولحية المرأة .. لم يجب شيء، وليس

(1) انظر "الأم"(6/ 53).

(2)

انظر "الأم"(6/ 84).

(3)

فتح العزيز (10/ 349)، الروضة (9/ 308).

ص: 99

كذلك، بل يقوم في السن وله سن زائدة ثابتة فوق الأسنان وليس خلفها أصلية، ثم يقوم مقلوع الزائدة ويظهر التفاوت؛ لأن الزائدة تسد الفرجة ويحصل بها نوع جمال.

وفي لحية المرأة تقدر لحية عبد كبير يتزين باللحية، وقد ذكر "التنبيه" و"الحاوي" حكم لحية المرأة (1)، وفي "التهذيب": إنه يعتبر سنه في التقويم، وألَاّ ينقص قدر حكومة لحية المرأة عن الرجل (2)، وكلام غيره ينازع فيه.

فلو كانت الجراحة خفيفة لا تؤثر في حال سيلان الدم .. ففي "الوسيط": أنا نلحقها باللطم والضرب؛ للضرورة، وفي "التتمة": أن الحاكم يوجب شيئاً بالاجتهاد، ورجحه شيخنا الإمام البلقيني، فترد هذه الصورة عليهم على مقتضى هذا الترجيح.

4801 -

قول "المنهاج"[ص 488]: (والجرح المقدر كموضحة يتبعه الشين حواليه) هو معنى قول "الحاوي"[ص 576]: (والمقدر للشين) أي: الحكومة جزء ناقص عن المقدر للشين حوالي ما ليس له أرش مقدر، وخرج بقولنا: ما ليس له أرش مقدر: الشين حول الموضحة ونحوها، ويرد عليهما أمران:

أحدهما: لا بد أن يكون في محله، فلو تعدى شين الموضحة إلى القفا .. ففي استتباعه وجهان بلا ترجيح في "الروضة" وأصلها (3)، ورجح شيخنا الإمام البلقيني أنه لا يستتبعه.

ثانيهما: يستثنى منه: ما لو أوضح جبينه وأزال حاجبه .. فعليه الأكثر من أرش موضحة وحكومة للشين وإزالة الحاجب، حكاه في "أصل الروضة" عن المتولي، وحكاه شيخنا الإمام البلقيني عن نص الشافعي في رواية البويطي، وأن البويطي قال: ليس له إلا أرش موضحة.

4802 -

قول "المنهاج"[ص 488]: (وما لا يتقدر يُفرد بحكومة في الأصح) أي: الشين الذي حوله، قال شيخنا ابن النقيب: وفي تصويره عسر؛ فإنا نحتاج تقويمه سليماً ثم جريحًا بلا شين، فيجب التفاوت، هذه حكومة الجرح، ثم يقوم جريحاً بشين فيجب التفاوت بين قيمته جريحاً بشين وجريحاً بلا شين، وهذه حكومة الشين، وينبغي أن يقوم سليماً ثم جريحاً بشين، ويجب ما بينهما؛ ولعله لا يختلف مع ما تقدم، فلا فائدة إذاً في قولنا .. يفرد بحكومة.

نعم؛ تظهر فائدته لو عفى عن إحدى الحكومتين .. فيجب الأخرى، هذا ما ظهر لي بحثاً. انتهى (4).

(1) التنبيه (ص 227)، الحاوي (ص 576).

(2)

التهذيب (7/ 168).

(3)

فتح العزيز (10/ 354)، الروضة (9/ 311).

(4)

انظر "السراج على نكت المنهاج"(7/ 248).

ص: 100

وقال شيخنا الإمام البلقيني: الأقيس عندنا: إيجاب حكومة واحدة جامعة لهما، وفي نظير ذلك من العيوب في البيع نظر، وتظهر فائدة حكومتين وحكومة واحدة فيما لو زاد على المقدر، فعلى إيجاب حكومتين لا يحتاج إلى نقص إذا نقصت كل واحدة منهما عن المقدر، وعلى إيجاب حكومة واحدة لا بد من النقص، وأورد شيخنا المذكور على عبارة "المنهاج": المتلاحمة؛ فإنها ليست بمقدرة شرعاً دائماً، وهي كالموضحة في استتباع الشين إذا قدرنا أرشها بالنسبة إلى الموضحة على الأصح في "أصل الروضة" هنا (1)، لكن نص في "الأم" على أنه ينظر إلى الشين أيضًا (2).

ثم قال شيخنا: فإن قيل: أراد ما قدر ولو بالنسبة إلى جرح غيره .. فلا يرد عليه هذا على طريقته .. قلنا: قوله: كموضحة ينفي هذا، ولو سكت عن التشبيه .. كان الجواب قريباً.

قلت: هذا تمثيل، فيلحق به ما في معناه، فالجواب قريب مقبول ولا إيراد.

قال شيخنا: ومثل ذلك الجراحات على البدن إذا أمكن تقديرها بجائفة بقربها، وقلنا: إنها تتقدر بالنسبة، وأوجبنا ما يقتضيه التقسيط .. فالشين تابع لا يفرد بحكومة، وإن كانت الحكومة أكثر .. فقد وفينا حق الشين.

4803 -

قوله: (وفي نفس الرقيق قيمته، وفي غيرها ما نقص إن لم يتقدر من الحر، وإلا .. فنسبته من قيمته، وفي قول: ما نقص)(3) فيه أمور:

أحدها: تقدم ذلك في (الغصب) بعبارة هي أوضح مما هنا، وكلامه هناك فيما إذا سبق الإتلاف يد عادية؛ ولهذا فصل في المقدر بين أن تتلف هي أو يتلفها متلف، وأما هنا .. ففي الإتلاف بلا يد عادية.

ثانيها: أن قوله: (وإلا .. فنسبته من قيمته) عبارة ملتبسة، وعبارة "المحرر":(جزء من القيمة نسبته إليها نسبة الواجب في الحر إلى الدية)(4) ففي يديه قيمته، وفي إحداهما نصفها، وفي جفنه ربعها، وفي إصبعه عشرها، وفي موضحته نصف عشرها، وفي أنملته ثلث عشرها، وعبارة "التنبيه" [ص 227]:(وما ضمن من الحر بالدية ضمن من العبد والأمة بالقيمة).

ثالثها: أورد شيخنا الإمام البلقيني على قوله: (ما نقص إن لم يتقدر من الحر) أن مقتضاه: إيجاب ما نقص فيما إذا لم يتقدر، لكنه تابع لمقدر كجراحة في كفه، لكن مقتضى ما صححه الرافعي والنووي في حكومة الكف في الحر: أنه لا يبلغ بها دية الأصابع (5): أنه يجب النقص هنا

(1) الروضة (9/ 311).

(2)

الأم (6/ 84).

(3)

انظر "المنهاج"(ص 488).

(4)

المحرر (ص 409).

(5)

فتح العزيز (10/ 349)، الروضة (9/ 308).

ص: 101

عن النصف، ومقتضى ما حكاه شيخنا عن النص: أنه لا يبلغ دية إصبع (1): أنه [يجب](2) النقص هنا عن العشر.

رابعها: وأورد عليه أيضًا: الجرح في رأس العبد أو وجهه أو بطنه إن قلنا: يجب في الحر الحكومة التقويمية .. فيعتبر ألَاّ تبلغ أرش موضحة، وإن قلنا: الواجب النسبة إن عرف قدر ذلك من موضحه أو جائفة .. فكذلك تجب النسبة في العبد، ولا يطلق فيه ضمان ما نقص.

خامسها: أورد أيضاً على قوله: (وإلا .. فنسبته من قيمته) أن محله: في جناية واحدة أو جنايتين بعد اندمال الأولى، فإن لم تندمل الأولى؛ كما لو قطع يد عبد قيمته ألف درهم فصار يساوي ثمان مئة درهم .. فإنا نغرمه على الأظهر خمس مئة؛ لأنها نصف القيمة، فإذا قطع آخر يده قبل الاندمال .. لا نغرمه أربع مئة، بل نصف ما أوجبنا على الأول، وهو مئتان وخمسون؛ لأن الجناية الأولى لم تستقر وقد أوجبنا نصف القيمة، فكأنه انتقص نصف القيمة كما جزم به في "أصل الروضة"، وحكاه الرافعي عن "التهذيب" وغيره (3)، لكن قال شيخنا: إنه لا يظهر وجهه، وأن مقتضى إطلاق القاضي حسين والإمام: أنه يجب على الثاني نصف قيمته حال جنايته، وارتضاه؛ فلا إيراد (4).

4804 -

قوله: (ولو قُطع ذكره وأنثياه .. ففي الأظهر: قيمتان)(5) مقابله ذكر في (الغصب) أنه قديم، وأنكره بعضهم، وجعله بعضهم مخرجاً؛ فلا يحسن التعبير بالأشهر، بل ينبغي أن يقول:(المذهب أو النص أو الجديد)، والله أعلم.

4805 -

قول "التنبيه"[ص 227]: (وإن قطع يد عبد ثم أعتق ثم مات .. وجب فيه دية حر، للمولى منه أقل الأمرين من نصف الدية أو نصف القيمة) الأصح: أن له الأقل من نصف القيمة وكمال الدية؛ لأنا إن اعتبرنا وقت الجناية .. فنصف القيمة، أو الموت .. فكل الدية؛ فأقلهما هو المتيقن، والمراد: موته بالسراية، أما لو اندمل القطع ومات بسبب آخر .. فللسيد على الجاني نصف القيمة.

* * *

(1) انظر "الأم"(6/ 53).

(2)

في (د): (لا يجب).

(3)

التهذيب (7/ 172، 173)، فتح العزيز (10/ 414)، الروضة (9/ 312، 313).

(4)

انظر "نهاية المطلب"(16/ 443).

(5)

انظر "المنهاج"(ص 488).

ص: 102