المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌بابُ القِسْمَة 6070 - قول " التنبيه " [ص 258]: (ويجوز - تحرير الفتاوي على التنبيه والمنهاج والحاوي - جـ ٣

[ابن العراقي]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب الجِنايات

- ‌فصل [في اشتراك اثنين في فعل مزهق]

- ‌فصل [في قتل من ظن كفره]

- ‌فصل [في تغير حال المجني عليه من وقت الجناية]

- ‌فصلٌ [شروط قود الأطراف والجراحات وما يتعلق بها]

- ‌بابُ كيفيّة القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه

- ‌فصلٌ [في الاختلاف]

- ‌فصلٌ [ثبوت حق القصاص للوارث]

- ‌فصلٌ [موجب العمدِ القودُ]

- ‌كتابُ الدّيات

- ‌فصلٌ [في الشجاج التي تجب فيها الحكومة]

- ‌فَرْعٌ [في دية المعاني]

- ‌فرعٌ [تداخل ديتين فأكثر]

- ‌فصلٌ [فيما تجب فيه الحكومة وقدرها]

- ‌باب ما تجب به الدّية من الجنايات

- ‌فصل [في الاصطدام]

- ‌باب العاقلة

- ‌فصلٌ [جناية العبد وتعلقها برقبته]

- ‌تَنْبِيهٌ [لو كان العبد المأمور بجناية مرهونًا مقبوضًا بالإذن]

- ‌بابُ ودية الجنين

- ‌بابُ كفّارة القتل

- ‌فَصْلٌ [ما يثبت به موجب القصاص]

- ‌كتابُ البُغاة

- ‌بابُ أدب السلطان

- ‌كتابُ الرِّدَّة

- ‌كتابُ الزِّنا

- ‌كتابُ حَدِّ القّذْف

- ‌كتابُ قطع السّرقة

- ‌فَصْلٌ [فيما يمنع القطع وما لا يمنعه]

- ‌فَصْلٌ [إقامة الحد على الذِّمِّيُّ والمعاهد]

- ‌فَصْلٌ [فيما تثبت به السرقة]

- ‌فَصْلٌ [في صفة القطع وما يتعلق بها]

- ‌كتابُ قاطع الطَّريق

- ‌فَصْلٌ [في اجتماع الحدود]

- ‌كتاب الأشربة

- ‌بابُ التَّعزير

- ‌كتابُ الصِّيال وضمان الولاة

- ‌فَصْلٌ [ضمان الولاة]

- ‌فَصْلٌ [ضمان الدواب والبهائم]

- ‌كتاب السير

- ‌فصل [في الاستعانة على الغزو]

- ‌فصل [حكم أسرى الكفار]

- ‌فصل [في الأمان]

- ‌فصل [في الجزية]

- ‌فصل [جملة من أحكام عقد الذمة]

- ‌باب الهدنة

- ‌كتابُ الصَّيُد والذّبائح

- ‌فصَلٌ [في بعض شروط الآلة والذبح والصيد]

- ‌فصَلٌ [فيما يملك به الصيد]

- ‌كتابُ الأضحية

- ‌بابُ العَقِيقة

- ‌كتابُ الأَطعِمة

- ‌كتاب المسابقة والمناضلة

- ‌تَنْبِيْهٌ [في بقية شروط المسابقة]

- ‌تَنْبِيْهٌ [لا تتعين صفات الرمي بالشرط]

- ‌كتابُ الأَيْمان

- ‌بابُ من يصح يمينه وما يصح به اليمين

- ‌كتابُ كفّارة اليمين

- ‌بابُ جامع الأيمان

- ‌فَصْلٌ [في أنواع من الحلف على الأكل وعدمه]

- ‌فَصْلٌ [في أنواع من الأيمان]

- ‌فَصْلٌ [فيما لو حلف على أمر فوكل غيره حتى فعله]

- ‌كتابُ النَّذْر

- ‌فصلٌ [في نذر المشي إلى مكة أو الحج والعمرة وما يتعلق به]

- ‌كتابُ القضاء

- ‌فصلٌ [فيما يقتضي انعزال القاضي أو عزله وما يذكر معه]

- ‌فصلٌ [في آداب القضاء وغيرها]

- ‌فصلٌ [في التسوية بين الخصمين وما يتبعها]

- ‌بابُ القضاء على الغائب

- ‌تَنْبِيْهٌ [لو أقام قيم الطفل بينة على قيم طفل آخر]

- ‌فصلٌ [في بيان الدعوى بعين غائبة]

- ‌فصلٌ [في بيان من يحكم عليه في غيبته وما يذكر معه]

- ‌بابُ القِسْمَة

- ‌كتابُ الشهادات

- ‌فصلٌ [فيما يحكم به بشهادة رجل واحد]

- ‌تَنْبِبيهٌ [أقسام المشهود به]

- ‌فَصْلٌ [في تحمل الشهادة في النكاح وغيره]

- ‌فَصْلٌ [في الشهادة على الشهادة]

- ‌فَصْلٌ [في الرجوع عن الشهادة]

- ‌كتابُ الدعوى والبيّنات

- ‌فَصْلٌ [فيما يترتب على سكوت المدعى عليه عن جواب الدعوى]

- ‌تنبيه [على وجوب اليمين وعدمه]

- ‌فصل [متى تغلظ يمين المدعي والمدعى عليه

- ‌فصل [في تعارض البينتين]

- ‌فصل [في اختلاف المتداعيين في العقود]

- ‌كتابُ إلحاق القائف

- ‌كتابُ العِتْق

- ‌فصَلٌ [في العتق بالبعضية]

- ‌فصَلٌ [في العتق في مرض الموت]

- ‌بابُ الولاء

- ‌كتابُ التَّدبير

- ‌كتابُ الكِتابة

- ‌فصل [فيما يلزم السيد بعد الكتابة]

- ‌فصل [في بيان لزوم الكتابة]

- ‌فصلٌ [في مشاركة الكتابة الفاسدةِ الصحيحةَ]

- ‌كتابُ أمّهات الأولاد

- ‌خاتمة النسخة

- ‌خاتمة النسخة (ج)

- ‌خاتمة النسخة (د)

- ‌أهم مصادر ومراجع التحقيق

الفصل: ‌ ‌بابُ القِسْمَة 6070 - قول " التنبيه " [ص 258]: (ويجوز

‌بابُ القِسْمَة

6070 -

قول " التنبيه "[ص 258]: (ويجوز أن يترافعوا إلى الحاكم لينصب من يقسم بينهم) أحسن من قول " المنهاج "[ص 566]: (أو منصوب الأمام) لأن الحاكم أعم منه، وادعى في " التوشيح " أن عبارة " التنبيه " تتناول قسم الإمام بنفسه؛ فهي أحسن؛ لشمولها الإمام ومنصوبه.

وفيه نظر؛ فهي غير متناولة للإمام، وهي في ذلك كعبارة " المنهاج ".

نعم؛ إذا جاز للحكام - وأعلاهم الإمام - نصب قاسم .. فتعاطيهم ذلك بأنفسهم آكد، والله أعلم.

6071 -

قول " التنبيه "[ص 258]: (ولا يجوز للحاكم أن ينصب للقسمة إلا حرًا، بالغًا، عاقلًا، عدلًا، عالمًا بالقسمة) أهمل اشتراط كونه ذكرًا، ولا بد منه، وقد ذكره " المنهاج "، لكنه لم يذكر البلوغ والعقل، وكأنه لاندراجهما عنده في العدالة (1)، وهما مذكوران في " المحرر " و" الروضة " وأصلها عبروا عنهما بالتكليف (2)، وهو دال على أن الصبي قد يوصف بالعدالة.

وذكر شيخنا في " تصحيح المنهاج ": أن الذي في " الروضة " أرجح، وقد يقال: فهم من تعبير " التنبيه " بقوله: (حرًا

إلى آخره) اعتبار الذكورة، والعلم بالقسمة يدخل تحته العلم بالمساحة والحساب، وقد صرح بهما " المنهاج "(3).

وقال شيخنا في " تصحيح المنهاج ": في " الأم " و" مختصر المزني " اعتبار الحساب من غير تعرض للمساحة (4)، وأراد به: الحساب الذي يحتاج إليه فيما هو بصدده، ولو اقتصر على المساحة .. لكان كافيًا؛ فإن العلم بالمساحة يستدعي معرفة الحساب المتعلق بها، وليس علم الحساب مقتضيًا لمعرفة المساحة؛ لما في المساحة من القدر الخاص المتعلق بها، وفي " الكافي " للروياني بعد ذكر معرفته بذلك: أو يكون إذا فهمه القاضي عرف، فإن كان فقيها .. جاز أن يوليه الأمر؛ لينفذه باجتهاده، وإن لم يكن فقيهًا. . فالقاضي يخبره أني حكمت بأن هذه الأرض بينهما على كذا سهمًا، فاقسمه بينهما هكذا، ثم يكون وكيلًا للقاضي، لا متوليًا لنفسه انتهى.

وأهملا معًا شرطين آخرين:

أحدهما: كونه نزهًا من الطمع، صرح باشتراطه الماوردي والبغوي والخوارزمي (5)، وهو مقتضى قول الشافعي رضي الله عنه في " الأم ": (أقل ما يكون منه أن لا يكون غبيًا يخدع،

(1) المنهاج (ص 566).

(2)

المحرر (ص 493)، فتح العزيز (12/ 542)، الروضة (11/ 201).

(3)

المنهاج (ص 566).

(4)

الأم (6/ 210)، مختصر المزني (ص 300).

(5)

انظر " الحاوي الكبير "(16/ 199)، و" التهذيب "(8/ 207).

ص: 626

ولا ممن ينسب إلى الطمع) (1)، قال شيخنا في " تصحيح المنهاج ": ولا نسلم أن ذكر العدالة يغني عن ذلك.

ثانيهما: كونه عارفًا بالقيمة؛ ففي " أصل الروضة ": هل يشترط معرفة التقويم؟ وجهان؛ لأن في أنواع القسمة ما يحتاج إليه (2).

وقال شيخنا في " تصحيح المنهاج ": المعتمد عندنا الجزم بالاحتياج إلى ذلك في قسمة التعديل والرد، ولا يعتبر في قسمة الأجزاء.

وقال في " المهمات ": الراجح: عدم الاشتراط؛ فقد جزم باستحبابه البندنيجي والقاضي أبو الطيب وابن الصباغ وغيرهم، فإن لم يكن عارفًا .. سأل من عدلين عن قيمة ما يقسمه إذا احتاج إليه.

وقال شيخنا في " تصحيح المنهاج ": لو فتح هذا .. لقيل: لا يشترط معرفة المساحة ويسأل من عدلين، وهو مخالف لأصل الشافعي في اعتبار علم الحاكم، ومقتضى كلامهما: عدم اشتراط هذه الأوصاف في منصوبهم، ولا يخفى اشتراط التكليف فيه، وأنه لا يشترط فيه الذكورة ولا العدالة، والمنقول: أنه لا يشترط فيه الحرية أيضًا؛ لأنه وكيل.

وقال الرافعي: كذا أطلقوه، وينبغي أن يكون في توكيله في القسمة الخلاف في توكيله في البيع والشراء (3).

واعترضه في " المهمات ": بأن ذاك الخلاف محله: فيما إذا كان التوكيل بغير إذن السيد، فليس الخلاف في اشتراط الحرية، بل في الافتقار إلى إذن السيد، وكذا في " التوشيح ".

قال شيخنا في " تصحيح المنهاج ": وهذا الاعتراض مردود؛ فإن الخلاف موجود فيما إذا أذن السيد أيضًا، قال: والذي يقال في رد هذا البحث أن القسمة إذا قلنا: إنها بيع .. فالقاسم ليس بائعًا قطعًا، وإنما التبايع بين الشريكين اللذين وقعت القسمة بينهما؛ فلذلك صح دخول العبد في ذلك قطعًا.

ثم قال في " المهمات ": علل الرافعي هناك عدم الجواز بتعلق العهدة بالعبد، والظاهر أن ذلك المعنى لا يأتي هنا.

قال شيخنا في " تصحيح المنهاج ": وينبغي أن يشترط في منصوبهم الرشد، فلا يصح صدور القسمة من المحجور عليه بالسفه. انتهى.

(1) الأم (6/ 210).

(2)

الروضة (11/ 201).

(3)

انظر " فتح العزيز "(12/ 542).

ص: 627

وكل هذا في الوكيل، فلو حكموا رجلًا فيها .. ففيه الخلاف في التحكيم، فإن جوزناه .. فهو كمنصوب القاضي، جزم به في " أصل الروضة "(1)، ويفهم منه البطلان إذا لم نجوز التحكيم، وليس كذلك، بل يصح ويكون وكيلًا حتى لا تشترط فيها العدالة، قاله في " الشرح الصغير " ولعل سقوطه في " الكبير " من ناسخ.

6072 -

قولهم: (فإن كان فيها تقويم .. وجب قاسمان)(2) محله: ما إذا لم يكن حاكمًا في التقويم بمعرفته، فإن حكم .. فهو كقضائه بعلمه، والأصح: جوازه، وقيل: لا يجوز هنا أن يقضي بعلمه قطعًا؛ لأنه تخمين مجرد، وسنعيد هذا.

6073 -

قول " التنبيه "[ص 258]: (فإن لم يكن في القسمة تقويم .. جاز قاسم واحد) وكذا قال في " المنهاج "[ص 566]: (وإلا .. فقاسم، وفي قول: اثنان) فمشى على طريقة القولين في ذلك، وكذا في " المحرر "(3)، ورجح في " أصل الروضة " القطع، فقال: كفى قاسم على المذهب، وقيل: قولان، ثانيهما: اثنان (4)، وعبارة الرافعي: قولان، أصحهما: يكفي واحد، ولم يجب المعظم إلا به، وقطع به قاطعون (5)، وعبارة " الشرح الصغير ": وبه قطع بعضهم.

وقال شيخنا في " تصحيح المنهاج ": نص في " الأم " على أنه لا بد من اثنين، ولم نجد له نصًا صريحًا يخالفه، فهو الأصح، وقال القاضي حسين: إن القول بجواز واحد مخرج، قال شيخنا: والذين أجابوا بجواز واحد لم يقفوا على النص، ومحل ذلك: في منصوب الإمام، فأما منصوب الشركاء .. فيجوز أن يكون واحدًا قطعًا كما في " أصل الروضة "(6).

6074 -

قول " التنبيه "[ص 258]: (وإن كان فيها خرص .. ففيه قولان، أحدهما: يجوز واحد، والثاني: لا يجوز إلا اثنان) الأصح: جواز واحد، وهو مقتضى كلام " المنهاج " و" الحاوي "(7)، وهو نظير ما صححه الرافعي في الزكاة.

6075 -

قول " المنهاج "[ص 566]: (وللإمام جعل القاسم حاكمًا في التقويم فيعمل فيه بعدلين، ويقسم) يقتضي أنه لا يعمل فيه بعلمه، وبه قال بعضهم، والأصح: أن فيه خلاف القضاء بالعلم كما تقدم.

(1) الروضة (11/ 201).

(2)

انظر " التنبيه "(258)، و " الحاوي "(ص 694)، و" المنهاج "(ص 566).

(3)

المحرر (ص 493).

(4)

الروضة (11/ 201).

(5)

انظر " فتح العزيز "(12/ 542).

(6)

الروضة (11/ 201).

(7)

الحاوي (ص 694)، المنهاج (ص 566).

ص: 628

6076 -

قول " التنبيه "[ص 258]: (وأجرة القاسم في بيت المال) محله: فيما إذا نصبه الحاكم، فأما الذي نصبه الشركاء .. فأجرته عليهم؛ ولهذا قال " المنهاج " [ص 566]:(ويجعل الإمام رزق منصوبه من بيت المال) وقول " الحاوي "[ص 694]: (وأجره بالحصَصِ) محمول على غير منصوب الإمام، أو على ما إذا لم يكن في بيت المال لذلك شيء، وإذا لم يكن في بيت المال رزق لذلك .. فلا ينصب الإمام قاسمًا معينًا، بل يدع الناس يستأجرون من شاؤا، لئلا يغالي المعين في الأجرة، أو يواطئه بعضهم فيحيف، كذا في " أصل الروضة "(1).

فيحتمل أنه حرام، وبه صرح القاضي حسين، وأنه مكروه، وبه قال الفوراني.

واستثنى شيخنا في " تصحيح المنهاج " من قولهم: (إن الأجرة على الشركاء عند عدم بيت المال) مسألتين لا أجرة فيهما:

إحداهما: إذا طلب من منصوب القاضي القسمة، فقسم من غير تسمية أجرة .. فلا أجرة له في الأصح، كما عرف ذلك في الإجارة في دفع ثوب إلى قصار ونحوه، وذكر الماوردي في " الحاوي " فيما إذا لم يجر للأجرة ذكر، إن أمر بها الحاكم .. وجب للقاسم أجرة مثله، وإلا .. ففيه الخلاف في مسألة القضاء (2)، وقال شيخنا: والأرجح عندنا: أنه لا أجرة له في هذه الحالة خلافًا للماوردي، وقد أطلق الروياني في " الكافي " الخلاف من غير تقييد بما ذكره الماوردي، قال شيخنا: ولو جرى ذكر الأجرة من بعضهم دون بعض .. لزم الذاكر ما خصه، ويخرج في حق غيره على الخلاف، ولم أر من تعرض لذلك.

الثانية: إذا طلب شريك الطفل القسمة حيث لا غبطة للطفل فيها، وأجيب إليها، وفرعنا على عدم اختصاص الأجرة بالطالب .. فالأصح في " أصل الروضة ": إخراج حصة الطفل من ماله (3)، وعليه مشى " الحاوي " فقال [ص 694]:(ولا ينفرد شريك، حتى الطفل بلا غبطةٍ إن طولب).

ونازع فيه شيخنا في " تصحيح المنهاج "، وقال: إن الشافعي توقف في ذلك، فقال في " الأم ":(وإن في نفسي من الجُعْل على الصغير وإن قل شيئًا، إلا أن يكون ما يستدرك له بالقسم أغبط له مما يخرج من الجعل، فإن لم يكن كذلك .. كان في نفسي من أن أجعل عليه شيئًا وهو مما لا رضا له شيء)(4)، وصحح الفوراني: أن الأجرة في هذه الصورة على الشريك؛ لأنه هو الذي حمل القيم على القسمة من غير غبطة، وجزم به في " العدة ".

(1) الروضة (11/ 201).

(2)

الحاوي الكبير (16/ 247، 248).

(3)

الروضة (11/ 203).

(4)

الأم (6/ 212، 213).

ص: 629

وقال الروياني في " البحر ": إنه اختيار أكثر أصحابنا بخراسان، قال شيخنا: والمعتمد عندنا الوقف على إيجاب الأجرة في مال الصبي في هذه الحالة، قال: والمحجور عليه بسفه كالصغير، وأما الغائب .. فيجعل الأجرة المختصة بنصيبه في ماله وإن لم يكن له فيه غبطة، قال: ويحتمل أن يقول للطالب: إن قصت بالأجرة .. قسمت لك، وإلا .. فلا.

قلت: ويقسم القاضي على الغائب في قسمة الإجبار، صرح به في " أصل الروضة " في الشفعة.

قال شيخنا: ولو كان الشريك في ذلك بيت المال .. قسم وجعل الأجرة المختصة بنصيبه على بيت المال، قال: وأما قسمة الوقف عن الطلق حيث أجبرنا عليها وكان على الوقف ضرر في ذلك .. فالأرجح: أنه لا يعطي القاسم من الوقف شيئًا كما في الصغير والمجنون، قال: ولم أر من تعرض لذلك.

6077 -

قول " المنهاج "[ص 566]: (فإن استأجروه وسمى كل قدرًا .. لزمه) و" الحاوي "[ص 694]: (وإن استؤجر مسمى كل) محله: ما إذا استأجروه جميعًا؛ بأن قالوا: استأجرناك لتقسم بيننا كذا بدينار على فلان ودينارين على فلان مثلًا، أو وكلوا وكيلًا عقد لهم كذلك، أما لو استأجروا في عقود مترتبة .. فعقد واحد لإفراز نصيبه، ثم الثاني كذلك، ثم الثالث، فجوزه القاضي حسين، وأنكره الإمام، وقال: لا سبيل إلى استقلال بعضهم بالاستئجار لإفراز نصيبه؛ لأن فيه تصرفًا في نصيب غيره بالتردد والتقدير، قال: فإن انفرد بعضهم برضاهم .. كان أصلًا ووكيلًا، ولا حاجة حينئذ إلى عقد الباقين، فإن فصل ما على كل واحد بالتراضي .. فذاك، وإلا .. جاء الخلاف في كيفية التوزيع (1).

ومشى " الحاوي " على كلام الإمام فقال [ص 694]: (ولا ينفرد شريك).

وفي " المهمات ": أن المعروف ما قاله القاضي، وحكاه في " الكفاية " عن الماوردي والبندنيجي وابن الصباغ وغيرهم، وأنهم نفوا الخلاف فيه عندنا، قال: وعليه نص الشافعي.

قال في " المهمات ": ومحل المنع عند الإمام في غير صورة الإجبار كما صرح به في " النهاية ".

وقال شيخنا في " تصحيح المنهاج ": الأرجح عندنا: ما ذكره الإمام، وقد ذكر القاضي أبو الطيب ما صوره الإمام، قال: ولا يخالفه ما في " المطلب " عن الماوردي والبندنيجي وابن الصباغ وغيرهم من إطلاق الجواز؛ فإنه محمول على ما إذا استاجروه دفعة واحدة، أو انفرد واحد

(1) انظر " نهاية المطلب "(18/ 542، 543)، و" فتح العزيز "(12/ 544، 545)، و" الروضة "(11/ 202).

ص: 630

بالاستئجار في حصة نفسه بإذن الباقين، أو على صورة الإجبار، قال: وفي " البحر ": لو قال: أجرت نفسي منك لأفرز نصيبك وهو النصف من هذه الدار على كذا .. صح إن رضي الباقون بالقسمة، أو كانت بحيث لا يحتاج إلى رضاهم، فأما حيث يحتاج إلى الرضا ولم يرضوا بعد .. فعقده فاسد.

6078 -

قولهم - والعبارة لـ " المنهاج " -: (وإلا .. فالأجرة موزعة على الحصص)(1) يستثنى منه: قسمة التعديل .. فالأصح في " أصل الروضة ": أنها لا توزع فيها على قدر الحصص في الأصل، بل بحسب المأخوذ قلة وكثرة (2)، فإذا كانت الشركة في أرض نصفين وعدل ثلثها بثلثيها .. فالصائر إليه الثلثان يعطى من أجرة القسام ثلثيها، والآخر يعطى ثلثها، لكن رجح شيخنا في " تصحيح المنهاج ": أن كلًا منهما يعطى النصف.

6079 -

قول " المنهاج "[ص 566]: (وفي قول: على الرؤوس) تبع " المحرر " في المشي على طريقة القولين (3)، لكن رجح في " أصل الروضة " طريقة القطع، فقال: المذهب: بقدر الحصص، وقيل: قولان (4)، ثانيهما: على عدد الرؤوس، ولم يرجح في " الشرحين " واحدة من الطريقين.

وذكر شيخنا في " تصحيح المنهاج ": أن الأمر كما في " الروضة " فإن الشافعي لم يرفض القول بالتوزيع على عدد الرؤوس؛ ولهذا اقتصر المزني في " المختصر " على ذكر التوزيع على قدر الحصص، وعلى ذلك جرى العراقيون والماوردي، وفي " الكفاية ": أن الأصح باتفاق الأصحاب: طريقة القطع، وهو متعقب؛ فإن مقتضى كلام المراوزة ترجيح طريقة القولين.

6080 -

قول " التنبيه "[ص 258]: (وإن كان عليهما ضرر؛ كالجواهر والثياب المرتفعة والرحا والبئر والحمام الصغير .. لم يجبر الممتنع) يقتضي اعتبار مطلق الضرر، وعبارة " المنهاج " [ص 566]:(ما عظم الضرر في قسمته) وهي تقتضي اعتبار زيادة على مطلق الضرر، وكذا عبر به في " الروضة " وأصلها (5).

وقول " التنبيه "[ص 258]: (كالجواهر) أحسن من قول " المنهاج "[ص 566]: (كجوهرة وثوب نفيسين) لاقتضائه تخصيص المنع من قسمة الجوهرة بما إذا كانت نفيسة، وليس كذلك، فلو كانت جوهرة غير نفيسة من بلور أو زجاج .. لم يجبر القاضي على قسمتها.

(1) انظر " التنبيه "(ص 258)، و " الحاوي "(ص 694)، و" المنهاج "(ص 566).

(2)

الروضة (11/ 210، 211).

(3)

المحرر (ص 493).

(4)

الروضة (11/ 202).

(5)

فتح العزيز (12/ 546)، الروضة (11/ 203).

ص: 631

قال شيخنا في " تصحيح المنهاج ": ومن صرح بالزجاج الفوراني في العمد، وهو ظاهر؛ لحصول الضرر من الجانبين.

وقول " المنهاج "[ص 566]: (وزوجي خف) نازع فيه شيخنا في " تصحيح المنهاج "، وقال: ينتفع بفرد الخف؛ بأن يكون عنده فرد آخر أو يستعمل له فردًا آخر، أو يكون أقطع الرجل الواحدة .. فينتفع بما صار إليه في الباقية، قال: ولم أجد للرافعي شاهدًا من نص الشافعي ولا سالفًا في ذلك في الطريقين، ونص " الأم " و" المختصر " شاهد لما قلناه؛ فإنه قال:(فإن كان ما تداعوا إليه يحتمل القسم حتى ينتفع واحد منهم بما يصير إليه مقسومًا .. أجبرتهم على القسمة)(1) وجزم في " أصل الروضة " بصحة بيع أحد زوجي الخف وإن نقصت قيمتهما بتفريقهما، قال شيخنا: ويتخرج في الثوب النفيس مثل ذلك إذا كانت العادة مستمرة بقطعه على وجه يحصل لكل واحد منهما بما صار إليه منفعة، فأجبر على قسمته، وإن لم يصح بيعه للضرر الحاصل للشريك، بخلاف البيع؛ فإنه يمكن صاحبه بيع كله، ثم قال: فإن قيل: لا يجد من يشتري كله، ويحتاج لثمن بعضه لنفقته، أو نفقة من تلزمه نفقته .. قلنا: إذا وصل الحال إلى هذا .. قضيت بصحة البيع. انتهى.

وقد تفهم عبارة " التنبيه " الجواز عند الرضا، وهو كذلك إذا قسموا بأنفسهم، ولم تبطل منفعته بالكلية، وإنما نقصت، وقد ذكره " المنهاج " فقال [ص 566]:(ولا يمنعهم إن قسموا بأنفسهم إن لم تبطل منفعته كسيف يكسر) قال في " المهمات ": وهو مشكل؛ لأنه إن لم يكن حرامًا .. لم يمتنع على القاضي ذلك، وإن كان حرامًا .. فليس له التمكين منه، قال: ويتفرع على ما ذكره فرعان فيهما نظر:

أحدهما: لو كان القاضي أحد الشريكين.

والثاني: لو فوضا القسمة إلى ثالث .. فهل يكون كالقاضي أم لا؟ .

6081 -

قول " المنهاج "[ص 566]: (فإن أمكن جعله حمامين .. أجيب) أي: وإن احتيج إلى إحداث بئر ومستوقد في الأصح، كما صححه في " أصل الروضة "(2).

وقال شيخنا في " تصحيح المنهاج ": الأصح عندي: أنه لا إجبار؛ لحصول الضرر الذي يحتاج إلى إحداث بئر ومستوقد إذا كان هو المطلوب، فإن كان هو الطالب للقسمة .. أجبرت الممتنع، فإن تردد الحال بين أن يحصل ذاك للطالب أو المطلوب .. لم أجبر على القسمة؛ لأنه ربما وقع الضرر، فلا أجيب إلى ما يوصل إليه، فلو أمكن جعل نصيب منه وهو الأكثر حمامًا دون

(1) الأم (6/ 213)، مختصر المزني (ص 301).

(2)

الروضة (11/ 203).

ص: 632

الآخر؛ فإن طلب صاحب الأكثر القسمة .. أجيب، أو صاحب الأقل .. فلا؛ قال: ولم أر من تعرض لذلك، وما ذكروه في عشر دار لا يصلح للسكنى شاهد له. انتهى.

وقد يقال: إن عبارة " المنهاج " تقتضي الامتناع عند الاحتياج إلى إحداث بئر ومستوقد؛ لتوفقه على شيءآخر، وهو الذي ذكره شيخنا في " تصحيح المنهاج ".

6082 -

قول " المنهاج "[ص 566]: (ولو كان له عشر دار لا يصلح للسكنى والباقي لآخر .. فالأصح: إجبار صاحب العشر بطلب صاحبه دون عكسه) هو مثال لقول " التنبيه "[ص 258]: (وإن كان على أحدهما ضرر، فإن كان على الطالب .. لم يجبر الممتنع؛ وإن كان على الممتنع .. فقد قيل: لا يجبر، وقيل: يجبر وهو الأصح) ومقتضى كلامهما: أن الخلاف وجهان، وليس كذلك، بل المصحح منصوص في " الأم " و" المختصر "(1)، ومحل عدم الإجبار في عكسه: ما إذا لم يكن لصاحب العشر مكان يضمه إلى عشرة، فإن كان بحيث يصلح المجموع للسكنى .. أجيب إلى القسمة؛ لانتفاء التعنت في طلبه، ذكره البغوي في " التهذيب "(2)، على أن شيخنا في " تصحيح المنهاج " نازع في عدم الإجبار في عكسه، وقال: إنه مخالف لمقتضى إطلاق نص " الأم " و" المختصر "، ولفظه:(فإن كان ما تداعوا إليه يحتمل القسم حتى ينتفع واحد منهم بما يصير إليه مقسومًا .. أجبرتهم على القسمة)(3).

قال شيخنا: وعلة ذلك أن له مقصدًا في تميز ملكه وإراحته من شريكه، وهذا مقصد حسن، فينبغي أن يجاب إليه.

6583 -

قول " المنهاج "[ص 567]: (ثم يخرج من لم يحضرها) كذا هو في النسخ بضمير الإفراد، وفي " الروضة ": من لم يحضر الكتابة والإدراج (4)، فكان ينبغي أن يقول هنا:(من لم يحضرهما) وعبارة " المحرر ": (من لم يحضر هنالك)(5)، وعبارة " التنبيه " [ص 259]:(لم يحضر ذلك) وعبارة " الحاوي "[ص 696]: (ويخرج غائب) ثم قال: (وطفل أولى).

6084 -

قول " المنهاج "[ص 567]: (فإن اختلفت الأنصباء؛ كنصف وثلث وسدس .. جُزِّئت الأرض على أقل السهام وقُسِّمت كما سبق) يقتضي التخيير بين كتابة أسماء الشركاء وكتابة الأجزاء، ولكن المصحح كتابة أسمائهم دون كتابة الأجزاء؛ ولهذا قال " التنبيه " [ص 259]:(ولا يخرج السهام على الأسماء في هذا القسم) و" الحاوي "[ص 695، 696]: (كُتِبَتْ أو الشركاء والعبيد

(1) الأم (6/ 213)، مختصر المزني (ص 301).

(2)

التهذيب (8/ 208).

(3)

الأم (6/ 213)، مختصر المزني (ص 301).

(4)

الروضة (11/ 204).

(5)

المحرر (ص 494).

ص: 633

والشركاء إن اختلفت الأنصباء) لكن الأصح: أن ذلك ليس على الوجوب، بل الأولوية؛ لأنه لو كتب الأجزاء وأخرجها على السهام .. فربما خرج لصاحب السدس الجزء الثاني أو الخامس، فيفرق ملك من له النصف أو الثلث.

فيحتمل أن " المنهاج " احترز عن هذا بقوله [ص 567]: (ويحترز عن تفريق حصة واحد) فأراد بذلك: تعين كتابة الأسماء لا الأجزاء، ويحتمل خلافه؛ لأن الاحتراز عن التفريق طريقًا آخر ذكره القائل بجواز كتابة الأجزاء، وهو أن لا يخرج اسم صاحب السدس أولًا؛ فإن التفريق إنما جاء من قبله.

وقال شيخنا في " تصحيح المنهاج ": الذي عندنا أن الخلاف في الجواز لإفضاء ذلك إلى النزاع ثم بسط ذلك، ثم قال: وظهر من ذلك أن المتعين في هذا الباب القطع بكتابه أسماء الشركاء، وأنه لا يجوز العدول إلى كتابة الأجزاء.

6085 -

قول " التنبيه "[ص 259]: (وإن كانت الأنصباء مختلفة؛ مثل أن يكون لواحد السدس وللثاني الثلث وللثالث النصف .. قسمها على أقل الأجزاء، وهي ستة أسهم، وكتب أسماء الشركاء في ست رقاع؛ لصاحب السدس رقعة، ولصاحب الثلث رقعتان، ولصاحب النصف ثلاث رقاع) ثم قال: (وقيل: يقتصر على ثلاث رقاع)، قال في " أصل الروضة " بعد حكاية الوجهين: الوجه تجويز كل واحد منهما. انتهى (1).

وقد يفهم الوجه الثاني من قول " المنهاج "[ص 567]: (كما سبق) فإن الذي سبق: أنه يكتب في كل رقعة اسم شريك.

وقال شيخنا في " تصحيح المنهاج ": عندنا أن كتابة الأسماء في ست رقاع لا يجوز؛ لأن اسم زيد يكون أسرع خروجًا، فيؤدى إلى عدم التساوي في القرعة، وقول الرافعي والنووي:(إن سرعة الخروج لا توجب حيفًا؛ لأن السهام متساوية)(2) يقال عليه، فلم يكن حينئذ حاجة إلى القرعة، بل يقول القاسم: هذه الثلاثة لزيد وهذان لعمرو وهذا لبكر؛ لأن السهام متساوية، فلما عدل إلى القرعة للتسوية وطيب النفوس بها .. وجبت التسوية ما أمكن. انتهى.

واعلم: أن إخراج الرقاع على الوجه المذكور لا يختص بقسمة المتشابهات، بل يأتي في قسمة التعديل إذا عدلت الأجزاء بالقيمة، وكلام " التنبيه " يدل على ذلك فقال [ص 259]:(ومتى أراد القاسم .. أن يقسم عدل السهام؛ إما بالقيمة إن كانت مختلفة، أو بالأجزاء إن كانت غير مختلفة، أو بالرد إن كانت القسمة تقتضي الرد) ثم ذكر كيفية القرعة، وكذا " الحاوي " فقال [ص 694، 695]:

(1) الروضة (11/ 206).

(2)

انظر " فتح العزيز "(12/ 548)، و " الروضة "(11/ 206).

ص: 634

(بأجزاء متساوية الصفة، ثم القيم) ثم ذكر كيفية القرعة.

6086 -

قول " المنهاج "[ص 567]: (الثاني: بالتعديل كأرض تختلف قيمة أجزائها بحسب قوة إنبات وقرب ماءٍ) قد يفهم أن اختلاف الجنس كبستان بعضه نخل وبعضه عنب ليس كذلك، فكان التمثيل بهذا أولى من المثال الذي ذكره؛ لكونه يفهم منه بطريق الأولى.

6087 -

قوله: (ويجبر عليها في الأظهر)(1) كذا في " الشرح الصغير "، وعبارة " المحرر ":(رجح منهما الإجبار)(2) وعبارة " الروضة " وأصلها: أظهرهما عند العراقيين وغيرهم: نعم (3)، وهو مقتضى إطلاق " التنبيه " الإجبار حيث لا يكون على واحد منهما ضرر (4)، وعليه مشى " الحاوي " فقال [ص 694، 695]: (ويجبر إن قسم بأجزاء متساوية الصفة، ثم القيم) ورجح شيخنا في " تصحيح المنهاج ": القطع بذلك تبعًا للشيخ أبي حامد وغيره، واستثنى في " حواشي الروضة ": ما إذا كانت الشركة في أشجار نابتة في أرض مستأجرة بين الشريكين، أو محتكرة وهما في المنفعة على نسبة حقهما في الملك، وكانت الأشجار لا تقسم إلا بالتعديل، قال: فأفتيت بأنه لا إجبار حينئذ؛ لأنه قد يؤدي إلى أن تقع أشجار أحد الشريكين في الأرض التي بينه وبين الآخر، وذلك محذور. انتهى.

قال الرافعي: ويشبه أن يخص الخلاف بما إذا لم يمكن قسمة الجيد وحده والرديء وحده، فإن أمكن .. لم يجبر على قسمة التعديل؛ كأرضين يمكن قسمة كل منهما بالأجزاء لا يجري الإجبار فيهما بالتعديل (5)، وقال في " المهمات ": ما بحثه جزم به جماعة كثيرة، منهم الماوردي والروياني وصاحبا " المهذب " و" البيان ".

6088 -

قول " التنبيه "[ص 258]: (وإن كان بينهما دور ودكاكين وأراض في بعضها شجر وبعضها بياض، وطلب أحدهما أن يقسم أعيانًا بالقيمة، وطلب الآخر قسمة كل عين .. قسمت كل عين) و" المنهاج "[ص 567]: (ولو استوت قيمة دارين أو حانوتين فطلب جَعْلَ كلٍّ لواحدٍ .. فلا إجبار) و" الحاوي "[ص 696]: (في عقار) فإنه يشعر بتنكيره با لإفراد، وأن الإجبار إنما يكون في عقار واحد لا في عقارين.

قال شيخنا في " تصحيح المنهاج ": يستثنى من الدارين: ما إذا كانت الداران لهما بملك القرية المشتملة عليهما، وشركتهما بالنصف، وملكا قسمة القرية، واقتضت القسمة نصفين جعل كل دار

(1) انظر " المنهاج "(ص 567).

(2)

المحرر (ص 494).

(3)

فتح العزيز (12/ 553)، الروضة (11/ 210).

(4)

التنبيه (ص 258).

(5)

انظر " فتح العزيز "(12/ 553).

ص: 635

نصيبًا .. فإنه يجبر على ذلك، وهذا خارج من كلام الماوردي في صورة القرية، ومن الحانوتين مسألة العضائد المذكورة بعده.

6089 -

قول " التنبيه "[ص 258]: (وإن كان بينهما عضائد صغار متلاصقة، وطلب أحدهما قسمتها أعيانًا وامتنع الآخر .. فقد قيل: يجبر، وقيل: لا يجبر) الأصح: الإجبار، ذكره في " أصل الروضة "، وقال: صور الجمهور المسألة بأن لا يحتمل كل منهما القسمة، وهو الصواب، وصورها صاحب " المهذب " بما إذا احتمل كل منهما القسمة (1).

قال الجيلي: ومحلهما إذا لم تنقض القسمة، وإلا .. لم يجبر جزمًا.

6090 -

قوله: (وإن كان بينهما عبيد أو ماشية أو ثياب أو أخشاب وطلب أحدهما قسمتها أعيانًا وامتنع الآخر .. فالمذهب: أنه يجبر الممتنع)(2) محله: ما إذا كان ذلك من نوع، فإن كان من نوعين .. فلا إجبار؛ ولهذا قال " المنهاج " [ص 567]:(أو عبيدٍ أو ثيابٍ من نوعٍ .. أجبر) و" الحاوي "[ص 696]: (ومنقولات نوع).

قال شيخنا في " تصحيح المنهاج ": جزمه هنا مع حكاية الخلاف في الأرض المختلفة يقتضي القطع، وليس كذلك، بل الخلاف في الأرض المختلفة جار هنا بطريق الأولى، ولكن الحكم الذي في الدارين من عدم الإجبار لا يأتي هنا؛ لشدة اختلاف الأغراض في الدارين، بخلاف العبيد والثياب، واعتقد في " الروضة " أن مسألة العبيد والثياب المذهب فيها من الأصل: القطع بالإجبار (3)، وليس كذلك، بل هو مفرع على الإجبار في الأرض المختلفة وعدم الإجبار في الدارين. انتهى.

ويستثنى من صورتي العبيد والثياب وما معهما: ما تباينت فيها القيم بحيث لا يمكن تعديل إلا ببقية تبقي الشركة فيها؛ كعبدين بين اثنين قيمة أحدهما نصف الآخر، فطلب أحدهما القسمة؛ ليختص من خرجت له قرعة الخسيس به ويبقى له ربع الآخر .. فإنه لا إجبار في ذلك على المذهب، وتناول كلامهما ما إذا لم تمكن التسوية عددًا، كثلاثة أعبد بين اثنين سواء، قيمةُ أحدهم كالآخرين، وهو مقتضى كلام الرافعي والنووي (4)، لكن في " الكفاية " عن الأكثرين: المنع.

6091 -

قوله: (أو نوعين .. فلا)(5) أي: فأكثر، فلو قال:(أو أكثر) .. لكان أشمل،

(1) الروضة (11/ 211)، وانظر " المهذب "(2/ 307).

(2)

انظر " التنبيه "(ص 258، 259).

(3)

الروضة (11/ 212).

(4)

انظر " فتح العزيز "(12/ 554)، و " الروضة "(11/ 212).

(5)

انظر " المنهاج "(ص 567).

ص: 636

وإذا امتنع ذلك في نوعين؛ كتركي وهندي .. ففي الجنسين كالعبد والثوب أولى، وصرح بهما في " المحرر "(1).

وقال شيخنا في " تصحيح المنهاج ": يتناول كلامه إذا كانت العبيد أو الثياب من نوعين ومنها من كل نوع متعدد أو من نوع متعدد، وهذه الصورة يجبر فيها على قسمة المتعدد من النوع بالتعديل الذي لا يبقى معه بقية شركة.

6092 -

قوله: (الثالث: بالرد؛ بأن يكون في أحد الجانبين بئر أو شجر لا يمكن قسمته، فيرد من يأخذه قسط قيمته)(2) أحسن من قول " المحرر " و" الروضة " وأصلها: تلك القيمة (3)، فإنه لا يردها كلها، وإنما يرد قسط الزيادة، فعبارة " المحرر " خطأ إن لم تؤول.

6093 -

قولهم: (إن قسمة الرد بيع)(4) قال شيخنا في " تصحيح المنهاج ": يستثنى منه: القدر الذي لم يحصل في مقابله رد؛ فإن الذي له منه بطريق الإشاعة لم يقع عليه بيع؛ فإنه لو كان مبيعًا .. لكان كل واحد منهما بائعًا ملكه وملك غيره بملكه وملك غيره، فيكون من تفريق الصفقة، ولم يقله أحد، وقد ذكر ذلك في " أصل الروضة " في قسمة الأجزاء تفريعًا على أنها بيع (5).

6094 -

قول " التنبيه "[ص 257]: (وإن لم يكن فيها رد .. ففيه قولان) الأظهر: أن قسمة التعديل بيع، وقسمة الأجزاء إفراز، وعليه مشى " المنهاج " فقال [ص 567]:(وكذا التعديل على المذهب، وقسمة الأجزاء إفراز في الأظهر) و" الحاوي " فقال [ص 698]: (وغير الأول بيع) وعبارة " المحرر " في ترجيح أن قسمة الأجزاء إفراز: ذكر أن الفتوى عليه (6)، وأشار بذلك إلى قول صاحب " العدة " إن الفتوى عليه، ونقل الرافعي تصحيحه في " الشرحين " عن الغزالي في كتاب الرهن، قال الرافعي: ويوافقه جواب الأصحاب في مسائل متفرقة تتفرع على القولين (7).

قال النووي: فالمختار ترجيحه (8)، ونقل الرافعي هنا تصحيح مقابله عن البغوي وآخرين (9)، وصححه في باب الربا والزكاة، وتبعه النووي فيهما (10)، قال شيخنا في " تصحيح المنهاج ":

(1) المحرر (ص 494).

(2)

انظر " المنهاج "(ص 567).

(3)

المحرر (ص 494)، فتح العزيز (12/ 556)، الروضة (11/ 214).

(4)

انظر " التنبيه "(ص 257)، و" الحاوي "(ص 698)، و" المنهاج "(ص 567).

(5)

الروضة (11/ 209).

(6)

المحرر (ص 494).

(7)

فتح العزيز (12/ 557، 558).

(8)

انظر " الروضة "(11/ 214).

(9)

فتح العزيز (12/ 557).

(10)

انظر " فتح العزيز "(3/ 64)، (4/ 82)، و " الروضة "(2/ 239)، (3/ 383).

ص: 637

[والأرجح](1): أنها إفراز، قال: ومحله إذا جرت إجبارًا، فإن جرت بالتراضي .. فبيع قطعًا.

6095 -

قول " المنهاج "[ص 567]: (ويشترط في الرد الرضا بعد خروج القرعة) يفهم أنه لا خلاف فيه؛ لجزمه به مع حكاية الخلاف في الصورة التي بعده، وليس كذلك، وقد حكى " التنبيه " الخلاف فيه فقال [ص 258]:(وقيل: لا يعتبر التراضي بعد خروج القرعة).

6096 -

قوله: (وإن لم يكن فيها رد؛ فإن تقاسموا بأنفسهم .. لزم ذلك بإخراج القرعة)(2) اعترضه شيخنا الإسنوي في " تصحيحه " فقال: الأصح: اشتراط التراضي بعد خروج القرعة إذا تقاسموا بأنفسهم قسمة لا رد فيها، على عكس ما في " التنبيه "(3).

وقال في " التنقيح ": إنه مخالف لما في كتب الرافعي والنووي كلها؛ فإن الأصح في " الشرح " و" المحرر " و" الروضة " و" المنهاج ": أنه لا بد من التراضي (4).

وقال في " الكفاية ": لم أره هكذا في غير " التنبيه "، وفي " تعليق البندنيجي ": اعتبار التراضي بعدها قولًا واحدًا، وأطلق في موضع حكاية وجهين، والمنع في " النهاية " احتمال (5).

قال النشائي في " نكته ": وحاصل ما ذكره أن نقل " التنبيه " وجه مرجوح، والذي في الرافعي اعتباره منسوبًا إلى ما ذكره الشيخ أبو حامد، وجعل في " الكفاية " هذه الحكاية فيما إذا نصبوا من يقسم بينهم بالتحكيم، وليس كذلك. انتهى (6).

6097 -

قوله: (وإن نصبوا من يقسم بينهم .. اعتبر التراضي بعد خروج القرعة على المنصوص، وقيل: فيه قول مخرج من التحكيم أنه لا يعتبر التراضي)(7) بمقتضى ترجيح القطع بالأول، وكذا في " الكفاية " عن المراوزة، لكن جزم الرافعي والنووي بإثبات هذا القول (8).

وقال شيخنا في " تصحيح المنهاج ": إن وقعت القسمة إجبارًا من المحكم الذي فيه صفات الحاكم .. لم يعتبر الرضا بعده على أصح القولين المعروفين في المحكم، وإن لم يحكم في الإجبار ولكن حكم في القسمة .. فالأصح: أنه لا بد من الرضا بعد خروج القرعة سواء كانت مما يجبر عليه أم لا، وما لا إجبار فيه أولى باعتبار الرضا وإن لم يحكم أصلًا، وإنما أقيم وكيلًا، فأولى باعتبار

(1) في (د): (والأصح).

(2)

انظر " التنبيه "(ص 258).

(3)

تذكرة النبيه (3/ 504).

(4)

فتح العزيز (12/ 560)، المحرر (ص 494، 495)، الروضة (11/ 217)، المنهاج (ص 567).

(5)

نهاية المطلب (18/ 564).

(6)

نكت النبيه على أحكام التنبيه (ق 192).

(7)

انظر " التنبيه "(ص 258).

(8)

انظر " فتح العزيز "(12/ 560)، و" الروضة "(11/ 217).

ص: 638

الرضا، وذكر في " الكفاية " في الوكيل: أنه لا بد من الرضا بعد القرعة جزمًا.

6098 -

قول " المنهاج "[ص 567]: (ولو تراضيا بقسمة ما لا إجبار فيه .. اشترط الرضا بعد القرعة في الأصح) فيه أمران:

أحدهما: أن الذي لا إجبار فيه هو قسمة الرد، فهذا عين قوله المتقدم:(ويشترط في الرد الرضا بعد خروج القرعة)(1) فذكره أولًا جزمًا، ثم ذكره ثانيًا بخلاف، ولا فائدة في هذا التكرير، ثم تعبيره فيه بالأصح يخالف تعبير " الروضة " فيه بالصحيح (2).

قال في " المهمات ": والذي في " الروضة " هو الصواب؛ فإن مقابله عن الاصطخري فقط.

قلت: وقال المحاملي: إنه غلط.

ثانيهما: أن كلامه هذا عكس ما في " المحرر " فإن عبارته: (والقسمة التي يجبر عليها إذا جرت بالتراضي .. هل يعتبر تكرر الرضا بعد خروج القرعة؟ فيه وجهان، رجح منهما: التكرير)(3) ففرض المسألة فيما يجبر عليه، وسلم من التكرير المتقدم، وكذا في " الروضة " و" الشرحين ": أن قسمة الإجبار لا يعتبر فيها التراضي، لا عند خروج القرعة ولا بعدها، وإذا تراضيا بقاسم يقسم بينهما .. فهل يشترط الرضا بعد خروج القرعة أم يكفي الرضا الأول؟ قولان، أظهرهما: الاشتراط، وإليه مال المعتبرون، وذكروا أنه المنصوص، كذا في " الروضة "(4)، وعبارة الرافعي: وذُكر أنه المنصوص (5)، وبينهما تفاوت، وهذا مخالف " للمحرر " في جعل الخلاف وجهين.

وقال شيخنا في " تصحيح المنهاج ": الذي في " المنهاج " من ذكر الخلاف في التي لا إجبار فيها وإن لم يكن في " المحرر " في نفسه صحيح، ولكن فيه الخلل من جهة الجزم في قسمة الرد، وذكر الخلاف فيما لا إجبار فيه في غيرها.

وقال في " التوشيح ": الذي يظهر أنه في " المنهاج " أراد أن يكتب: (ما فيه إجبار)، فكتب:(ما لا إجبار فيه) وأنا أرجو أن تكون عبارته: (ما الإجبار فيه) بالألف واللام في الإجبار، ثم تصحفت؛ فينبغي قراءتها كذلك.

6099 -

قول " التنبيه "[ص 258]: (وإن ترافعوا إلى حاكم فنصب من يقسم بينهم .. لزم ذلك بإخراج القرعة) المراد: ما إذا كانت القسمة قسمة إجبار، وقد دل على ذلك فول "الحاوي " [ص 697]:

(1) المنهاج (ص 567).

(2)

الروضة (11/ 217).

(3)

المحرر (ص 495).

(4)

الروضة (11/ 216، 217).

(5)

فتح العزيز (12/ 560).

ص: 639

(وبتكرير تراض في غير) أي: في غير قسمة بالإجبار، وهي عبارة حسنة شاملة، وهو مفهوم من قول " المنهاج " [ص 567]:(ولو تراضيا بقسمة ما لا إجبار فيه) فإن صوابه الموافق " للمحرر ": (ما فيه إجبار)(1) كما تقدم، فدل على أنه لو وقع ذلك بغير تراض، بل بالإجبار .. لم يشترط الرضا بعد القرعة، وهو المجزوم به في " الروضة " وأصلها كما تقدم (2).

6100 -

قول " المنهاج "[ص 567]: (كقولهما: " رضينا بهذه القسمة "، أو " بما أخرجته القرعة ") فيه أمران:

أحدهما: ظاهره الاكتفاء بذلك بعد خروج القرعة وإن لم يعلم كل واحد ما صار إليه، والمنصوص في " الأم " أنه لا بد من سبق علم ذلك على الرضا.

ثانيهما: ظاهره أنه لا يكتفى بقولهما: (رضينا بهذا) وهو وجه أنه لا بد من التصريح بلفظ القسمة، والأصح: خلافه.

6101 -

قول " الحاوي "[ص 697]: (ونقضت بالإجبار بالحجة) أحسن من قول " المنهاج "[ص 567]: (ولو ثبت ببينة غلطٌ أو حيفٌ في قسمة إجبار .. نقضت) لتناوله ما إذا ثبت ذلك بإقرار الخصم أو باليمين المردودة أو بعلم الحاكم، فكل ذلك حجة وليس ببينة، وأما ثبوته بشاهد ويمين .. فيحتمل دخوله في قول " المنهاج ":(ببينة) وعدم دخوله، وهو داخل في تعبير " الحاوي " بالحجة قطعًا، ولو حذف " المنهاج " لفظ (البينة) .. لكان أحسن، فثبوت ذلك بأي طريق كان كاف، ولو أقر القاسم بذلك .. لم يلتفت إليه مع إنكار الخصم، ذكره الرافعي عن البغوي (3)، وخالف فيه القاضي حسين.

قال شيخنا في " تصحيح المنهاج ": والأرجح الجاري على القواعد: ما ذكره البغوي، ولكن يرد الأجرة وعليه الغرم.

6102 -

قول " التنبيه "[ص 259]: (وإذا تقاسموا ثم ادعى بعضهم على بعض غلطا، فإن كان فيما تقاسموا بأنفسهم .. لم تقبل دعواه) و" الحاوي "[ص 697]: (ولا ينفع دعوى الغلط) محله فيما إذا قلنا: القسمة بيع، فإن قلنا: إفراز .. سمعت؛ ولهذا قال " المنهاج "[ص 567]: (ولو ادعاه في قسمة تراض وقلنا: هي بيع .. فالأصح: أنه لا أثر للغلط، ولا فائدة لهذه الدعوى .. قلت: وإن قلنا: إفراز

نقضت إن ثبت، وإلا .. فيحلف شريكه) وذكر شيخنا في " تصحيح المنهاج " أن هذا التفريع لا يوجد في كلام غير الغزالي في " الوجيز " أخذه من كلام

(1) المحرر (ص 495).

(2)

فتح العزيز (12/ 560)، الروضة (11/ 217).

(3)

فتح العزيز (12/ 551)، وانظر " التهذيب "(8/ 215).

ص: 640

الإمام (1)، والذي أطلقه الشافعي والعراقيون وأكثر المراوزة عدم الفرق، وقال الماوردي فيما إذا كانت القسمة بالتراضي لكنها فيما يجبر فيه: تسمع البينة بالغلط، ويحكم بإبطال القسمة (2)، وخالف فيه البندنيجي وغيره، قال شيخنا: والأرجح ما قاله الماوردي؛ لأنها لا يتمحض الرضا فيها؛ لأنه يخاف من إجبار يقع فيها، وحمل شراح " الحاوي " كلامه على ما إذا ادعى ذلك على قسام القاضي، وهنا أمور:

أحدها: محل قولنا: لا أثر للغلط إذا قلنا: بيع ما إذا جرى لفظ البيع أو ما يقوم مقامه، وإلا .. فالحكم كما لو قلنا: إفراز، قاله في " الوسيط "(3)، ولم يتعرض له في " البسيط "، قال شيخنا في " تصحيح المنهاج ": والتفصيل هو المعتمد.

ثانيها: ومحله أيضًا: ما لم يذكر تأويلًا، فإن قال: إنما رضيت لاعتقادي أن ما خرجت القسمة به هو الذي لي، وقد ظهر لي أنه أكثر منه، وسبب غلطي مجي كتاب وكيلي بقدر فخرج بخلافه، أو كانت لي شركة في مكان آخر فغلطت منه إلى هذا، ونحو ذلك .. فتسمع دعواه وبينته؛ كنظيره من المرابحة فيما إذا قال: اشتريت بمائة، ثم قال بل بمائة وعشرة، قاله شيخنا في " تصحيح المنهاج ".

ثالثها: قال شيخنا أيضًا: مقتضاه: أن الشركاء لو اعترفوا بما ادعاه .. لا تنقض القسمة، وهذا خرق عظيم، وليس هذا كالغبن؛ فإنه لما رضي هنا بعد القرعة .. لم يكن نصيبه مكشوفًا له، ولم أجد أحدًا صرح بعدم النقض مع اعتراف الغريم، لكن في " الكفاية ": أن مقتضى التوجيه بأنه ينزل منزلة الغبن في البيع: أن الغرماء ولو اعترفوا بالغلط .. لم يفده اعترافهم شيئًا، وبه صرح في " الوسيط " عن العراقيين، ولم يصرح في " البسيط "(4) بذلك، وإنما قال العراقيون: لا تنقض؛ لأنه رضي به، فصار كما إذا اشترى بغبن، وهذا يتجه على قولنا: إنها بيع (5).

فإن قيل: يلزم من تشبيهه بالغبن هذا .. قلنا: الكلام في التصريح بذلك، ثم لا يلزم من تشبيهه بالغبن هذا؛ لأن في الغبن لم يستند إلا إلى مجرد تخمين، وهنا استند إلى قسمة بقرعة ظن أنها على العدل، فلا يكون رضاه مع الإسناد المذكور ناقلًا للزيادة عن ملكه إذا لم يعلمها. انتهى (6).

(1) الوجيز (2/ 246)، وانظر " نهاية المطلب "(18/ 563).

(2)

انظر " الحاوي الكبير "(16/ 261).

(3)

الوسيط (7/ 338).

(4)

في النسخ: (الوسيط)، ولعل ما أثبت هو الصواب، والله أعلم.

(5)

الوسيط (7/ 338).

(6)

انظر " حاشية الرملي "(4/ 334).

ص: 641

رابعها: أورد شيخنا أيضًا على قوله: (وإن قلنا: إفراز .. نقضت إن ثبت)(1) أن محله: إذا لم يعلم الزائد، أو علمه ولم يرض بمصيره لشريكه، أو رضي به ولم يحصل من الشريك رضا لو رضي به، ولم يحصل أمر يلزم به التمليك المذكور، فاما إذا علم به ورضي بمصيره لشريكه ورضي الشريك بذلك وحصل الأمر الملزم وهو القبض بالإذن .. فإنه لا تنقض القسمة ولو ثبت ذلك، وقد نقل الإمام عن الأصحاب فيما إذا اقتسم الشريكان المستويان في النصيب على تفاوت مع العلم بالتفاوت .. أنه يصح ذلك ويلزم، وبحث فيه الإمام (2)، ونازعناه فيه. انتهى.

6103 -

قول " التنبيه "[ص 260]: (وإن استحق من الجميع جزء مشاع .. بطلت القسمة، وقيل: تبطل في المستحق، وفي الباقي قولان) صحح الرافعي والنووي الطريق الثاني، ونقلاها عن الأكثرين (3)، وعليها مشى " المنهاج " فقال [ص 567]:(ولو استحق بعض المقسوم شائعًا .. بطلت فيه، وفي الباقي خلاف تفريق الصفقة) ومقتضاه: تصحيح الصحة في الباقي، وهو مفهوم قول " الحاوي "[ص 697، 698]: (وإن استحق معين .. بطلت) ولا يقال: مقتضى عموم المفهوم الصحة حتى في الجزء المستحق؛ لأن البطلان في المستحق واضح، ولكن حكى الشيخ أبو حامد - الطريق الأول - وهو البطلان مطلقًا - عن عامة الأصحاب، والماوردي عن جمهورهم، وأوضح في " المهمات " كون الأكثرين عليه، وبسطه، وهو ظاهر إطلاق نص " الأم " و" المختصر " في صورة الاستحقاق على انتقاض القسمة من غير فرق بين المعين والمشاع، واختار شيخنا في " تصحيح المنهاج ": أنه إن كان في الأراضي والدور .. قطع فيه بإبطال القسمة كلها، وإن كان في غيرها من عبيد وثياب .. قطع فيه بتفريق الصفقة، ثم ذكر شيخنا: أن تفريق الصفقة المعهود إنما هو في المبيع خاصة، فأما وقوعه في المبيع والثمن؛ بأن باع عبده وعبد غيره بعبد المشتري وعبد غيره .. فلم يذكره أحد من المصنفين، والحال فيه مركب من خلافين:

أحدهما: خلاف تفريق الصفقة.

والثاني: خلاف الحصر والإشاعة، وذلك أنه إذا بطل البيع في عبد غير البائع وفي عبد غير المشتري .. يبقى عبد البائع وعبد المشتري، فإذا قلنا بالانحصار وبتفريق الصفقة وكانت قيم الأعبد الأربعة مستوية .. فانه يصح البيع في عبد البائع بعبد المشترى وإن قلنا بالإشاعة، وهو الأصح في البيع والصداق والخلع وجميع الأبواب، إلا بَابَيْ الفلس الوصية .. فإنما يصح البيع عند استواء قيم الأربعة في نصف عبد البائع بنصف عبد المشتري، ففي القسمة في عبدين متساويي القيمة

(1) المنهاج (ص 567).

(2)

انظر " نهاية المطلب "(18/ 564).

(3)

انظر " فتح العزيز "(12/ 552)، و " الروضة "(11/ 210).

ص: 642

مشتركين في الظاهر بين اثنين، فاقتسماهما لهذا عبد ولهذا عبد، ثم ظهر لثالث الاستحقاق بالثلث في العبدين، فتبطل القسمة في المستحق ويبقى لكل واحد ثلثا عبد، وقد كان يملك ثلثه قبل القسمة، وازداد بالقسمة من نصيب شريكه القاسم معه الثلث، فإذا قلنا بالحصر .. فلكل واحد من المتقاسمين ثلثا العبد الذي صار إليه، وإن قلنا بالإشاعة .. فقد بطلت القسمة في نصف نصيب كل شريك، وصحت في نصف، فلكل منهما نصف العبد الذي صار إليه بمقتضى الملك الأصلي وما صحت فيه القسمة، وبقية الثلثين من جهة إبطال القسمة بمقتضى الإشاعة، فيعود إلى الملك الأصلي، ثم ذكر شيخنا أيضًا: أنه تتعين هنا الإجارة بالقسط، ولا يأتي فيه إثبات الخيار لواحد من المتقاسمين على التعيين؛ لأن كلًا منهما يدلي بما يدلي به الآخر، وفي " أصل الروضة ": ثبوت الخيار هنا من غير تعيين من يثبت له الخيار (1).

6104 -

قولهم - والعبارة لـ " التنبيه " -: (وإن تقاسموا ثم استحق من حصة أحدهم شيء معين لم يستحق مثله من حصة الآخر .. بطلت القسمة)(2) قال في " المهمات ": يستثنى منه: ما إذا وقع في القيمة عين لمسلم استولى عليها الكفار ولم يظهر أمرها إلا بعد القسمة .. فإنها ترد على صاحبها، ويعوض من وقعت في نصيبه من خمس الخمس، ولا تنقض القسمة.

وقال شيخنا في " تصحيح المنهاج ": لا يستثنى ذلك؛ لأن تلك القسمة لا تجري على حسب القسمة في المشتركات الشركة الحقيقية، بل التصرف فيها للإمام كما هو مقرر في بابه.

نعم؛ يستثنى منه: ما إذا كانت القسمة بيعًا برد ونحوه .. فلا تبطل القسمة، بل يبطل البيع في ملك المستحق، وفي صحته في ملك الشريك المردود عليه عوض الزائد قولا تفريق الصفقة.

6105 -

قول " التنبيه "[ص 258]: (فإن ترافعوا إليه في قسمة ملك من غير بينة .. ففيه قولان: أحدهما: لا يقسم بينهم، والثاني: يقسم إلا أنه يكتب أنه قسم بينهم بدعواهم)، قال الرافعي: أظهرهما عند الإمام وابن الصباغ والغزالي: الثاني، وعن الشيخ أبي حامد وطبقته: الأول؛ ويدل عليه أن الشافعي رحمه الله لما ذكر القول الثاني .. قال: لا يعجبني هذا القول (3)، وقال النووي: المذهب: أنه لا يجيبهم، ومشى عليه في " تصحيحه "(4).

وقال شيخنا الإمام البلقيني: يخرج من هذا أن القاضي لا يحكم بالموجب بمجرد اعتراف المتعاقدين بالبيع، ولا بمجرد قيام البينة عليهما بما صدر منهما؛ لأن المعنى الذي قيل هناك يأتي هنا. انتهى.

(1) الروضة (11/ 210).

(2)

انظر " التنبيه "(ص 260)، و" الحاوي "(ص 697، 698)، و " المنهاج "(ص 567).

(3)

فتح العزيز (12/ 562، 563)، وانظر " نهاية المطلب "(18/ 565، 566)، و" الوجيز "(2/ 247).

(4)

الروضة (11/ 219)، تصحيح التنبيه (2/ 270).

ص: 643

ومشى " الحاوي " على الثاني على عادته في متابعة الغزالي فقال: (ويجيب طالبيها، وكتب أنه قسم بقولهم)(1).

ومحل الخلاف: ما إذا لم يكن لهم منازع، فإن كان .. لم يجبهم قطعًا، صرح به الماوردي والروياني وابن الرفعة وغيرهم.

قال في " المهمات ": وهذه المسألة مخرجة على أن تصرفات الحاكم حكم أم لا. انتهى.

والمراد: البينة على الملك، فلو أقاموا بينة على أنه بأيديهم .. فهل يقسم تفريعًا على المنع عند مجرد اليد؟ فيه احتمالان لشيخنا الإمام البلقيني، قال: والمنع أصح؛ لأن البينة لم تفد القاضي شيئًا غير الذي عرفه.

6106 -

قول " التنبيه " فيما إذا كان بين ملكيهما عرصة حائط، وهي الأس [ص 259]:(وإن أراد أن يقسمها عرضًا، فيجعل لكل واحد منهما نصف العرض في كمال الطول وامتنع الآخر .. فقد قيل: يجبر، وقيل: لا يجبر) الأصح: الأول، وهو الإجبار.

6107 -

قوله فيما إذا كان بينهما حائط: (وإن طلب أحدهما أن يقسم طولًا في كمال العرض وامتنع الآخر .. [فقد قيل: لا يجبر، وقيل: يجبر وهو الأصح])(2)(3) الأصح عند الرافعي والنووي: الأول (4)، وعليه مشى " الحاوي " فقال مثالًا لما لا يجبر على قسمته [ص 697]:(كالجدار طولًا بقرعة) ثم قال: (وعرضًا خُصَّ كل وجه بصاحبه)(5) أي: لو طلب أحدهما قسمة الجدار عرضًا .. أجيب الطالب وخص كل واحد مما يليه، وهذا قد حكاه الرافعي وجهًا عن صاحب " التقريب " بعد أن قال: إن ظاهر المذهب: أنه لا يجاب إليه، ذكره في الصلح (6)، وعليه مشى " التنبيه " فقال [ص 259]:(وإن كان بينهما حائط وطلب أحدهما أن يقسم عرضًا في كمال الطول وامتنع الآخر .. لم يجبر).

والجواب عن " الحاوي ": أنه لم يرد الإجبار على ذلك؛ لأنه ذكره في حيز ما يعتبر فيه تكرير التراضي، وصورة المسألة: أن تكون العرصة لهما أيضًا، فإن كانت محتكرة .. فقال الماوردي: إنه لا إجبار؛ لأن البناء لا يعلم ما فيه؛ ليتساويا في الاقتسام إلا بعد هدمه، وفي هدمه ضرر؛ فلم يدخله إجبار، فإن اصطلحا عليه .. جاز (7).

(1) الحاوي (ص 698).

(2)

في (ج): (فقد قيل: يجبر، وقيل: لا يجبر وهو الأصح).

(3)

انظر " التنبيه "(ص 259).

(4)

انظر " فتح العزيز "(5/ 107)، و " الروضة "(4/ 215).

(5)

الحاوي (ص 697).

(6)

انظر " فتح العزيز "(5/ 107).

(7)

انظر " الحاوي الكبير"(6/ 396).

ص: 644

6108 -

فول " الحاوي "[ص 698]: (ويهايؤ إن امتنعت) أي: القسمة، والمراد: جواز المهاياة، لا الإجبار عليها؛ ويدل له قوله بعده:(وللنزاع يؤجر)(1)، وقد أفصح بذلك " التنبيه " فقال [ص 259]:(وإن كان بين رجلين منافع فأرادا قسمتها بالمهاياة .. جاز، وإن أراد أحدهما ذلك وامتنع الآخر .. لم يجبر الممتنع).

وقال شيخنا الإمام البلقيني: هذا في المنافع المملوكة بإجارة أو وصية؛ فإنه يجبر على قسمتها وإن كانت العين قابلة للقسمة أو غير قابلة؛ إذ لا حق للشركة في العين، قال: ويدل على الإجبار في ذلك ما ذكر في كراء العقب، وفي " أصل الروضة ": لو استأجر اثنان أرضًا وطلب أحدهما المهايأة وامتنع الآخر .. فينبغي أن يعود الخلاف في الإجبار، وإن أراد قسمتها .. ففي " فتاوى القاضي حسين ": أنها جائزة على قول ابن سريج (2)، أي: في الإجبار على المهايأة، لكن الأصح خلاف ذلك.

6109 -

قول " الحاوي "[ص 698]: (ورجع ما لم يستوف نوبته) يقتضي أنه لا رجوع له بعد استيفائها، وليس كذلك؛ فالأصح: أن له الرجوع أيضًا؛ ويدل لذلك قوله عقبه: (فإن رجع واحد قبل تمام النوبتين .. غرم المستوفي نصف أجر مثل ما استوفى للآخر)(3).

(1) الحاوي (ص 698).

(2)

الروضة (11/ 218).

(3)

الحاوي (ص 698).

ص: 645