المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل [فيما يملك به الصيد] - تحرير الفتاوي على التنبيه والمنهاج والحاوي - جـ ٣

[ابن العراقي]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب الجِنايات

- ‌فصل [في اشتراك اثنين في فعل مزهق]

- ‌فصل [في قتل من ظن كفره]

- ‌فصل [في تغير حال المجني عليه من وقت الجناية]

- ‌فصلٌ [شروط قود الأطراف والجراحات وما يتعلق بها]

- ‌بابُ كيفيّة القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه

- ‌فصلٌ [في الاختلاف]

- ‌فصلٌ [ثبوت حق القصاص للوارث]

- ‌فصلٌ [موجب العمدِ القودُ]

- ‌كتابُ الدّيات

- ‌فصلٌ [في الشجاج التي تجب فيها الحكومة]

- ‌فَرْعٌ [في دية المعاني]

- ‌فرعٌ [تداخل ديتين فأكثر]

- ‌فصلٌ [فيما تجب فيه الحكومة وقدرها]

- ‌باب ما تجب به الدّية من الجنايات

- ‌فصل [في الاصطدام]

- ‌باب العاقلة

- ‌فصلٌ [جناية العبد وتعلقها برقبته]

- ‌تَنْبِيهٌ [لو كان العبد المأمور بجناية مرهونًا مقبوضًا بالإذن]

- ‌بابُ ودية الجنين

- ‌بابُ كفّارة القتل

- ‌فَصْلٌ [ما يثبت به موجب القصاص]

- ‌كتابُ البُغاة

- ‌بابُ أدب السلطان

- ‌كتابُ الرِّدَّة

- ‌كتابُ الزِّنا

- ‌كتابُ حَدِّ القّذْف

- ‌كتابُ قطع السّرقة

- ‌فَصْلٌ [فيما يمنع القطع وما لا يمنعه]

- ‌فَصْلٌ [إقامة الحد على الذِّمِّيُّ والمعاهد]

- ‌فَصْلٌ [فيما تثبت به السرقة]

- ‌فَصْلٌ [في صفة القطع وما يتعلق بها]

- ‌كتابُ قاطع الطَّريق

- ‌فَصْلٌ [في اجتماع الحدود]

- ‌كتاب الأشربة

- ‌بابُ التَّعزير

- ‌كتابُ الصِّيال وضمان الولاة

- ‌فَصْلٌ [ضمان الولاة]

- ‌فَصْلٌ [ضمان الدواب والبهائم]

- ‌كتاب السير

- ‌فصل [في الاستعانة على الغزو]

- ‌فصل [حكم أسرى الكفار]

- ‌فصل [في الأمان]

- ‌فصل [في الجزية]

- ‌فصل [جملة من أحكام عقد الذمة]

- ‌باب الهدنة

- ‌كتابُ الصَّيُد والذّبائح

- ‌فصَلٌ [في بعض شروط الآلة والذبح والصيد]

- ‌فصَلٌ [فيما يملك به الصيد]

- ‌كتابُ الأضحية

- ‌بابُ العَقِيقة

- ‌كتابُ الأَطعِمة

- ‌كتاب المسابقة والمناضلة

- ‌تَنْبِيْهٌ [في بقية شروط المسابقة]

- ‌تَنْبِيْهٌ [لا تتعين صفات الرمي بالشرط]

- ‌كتابُ الأَيْمان

- ‌بابُ من يصح يمينه وما يصح به اليمين

- ‌كتابُ كفّارة اليمين

- ‌بابُ جامع الأيمان

- ‌فَصْلٌ [في أنواع من الحلف على الأكل وعدمه]

- ‌فَصْلٌ [في أنواع من الأيمان]

- ‌فَصْلٌ [فيما لو حلف على أمر فوكل غيره حتى فعله]

- ‌كتابُ النَّذْر

- ‌فصلٌ [في نذر المشي إلى مكة أو الحج والعمرة وما يتعلق به]

- ‌كتابُ القضاء

- ‌فصلٌ [فيما يقتضي انعزال القاضي أو عزله وما يذكر معه]

- ‌فصلٌ [في آداب القضاء وغيرها]

- ‌فصلٌ [في التسوية بين الخصمين وما يتبعها]

- ‌بابُ القضاء على الغائب

- ‌تَنْبِيْهٌ [لو أقام قيم الطفل بينة على قيم طفل آخر]

- ‌فصلٌ [في بيان الدعوى بعين غائبة]

- ‌فصلٌ [في بيان من يحكم عليه في غيبته وما يذكر معه]

- ‌بابُ القِسْمَة

- ‌كتابُ الشهادات

- ‌فصلٌ [فيما يحكم به بشهادة رجل واحد]

- ‌تَنْبِبيهٌ [أقسام المشهود به]

- ‌فَصْلٌ [في تحمل الشهادة في النكاح وغيره]

- ‌فَصْلٌ [في الشهادة على الشهادة]

- ‌فَصْلٌ [في الرجوع عن الشهادة]

- ‌كتابُ الدعوى والبيّنات

- ‌فَصْلٌ [فيما يترتب على سكوت المدعى عليه عن جواب الدعوى]

- ‌تنبيه [على وجوب اليمين وعدمه]

- ‌فصل [متى تغلظ يمين المدعي والمدعى عليه

- ‌فصل [في تعارض البينتين]

- ‌فصل [في اختلاف المتداعيين في العقود]

- ‌كتابُ إلحاق القائف

- ‌كتابُ العِتْق

- ‌فصَلٌ [في العتق بالبعضية]

- ‌فصَلٌ [في العتق في مرض الموت]

- ‌بابُ الولاء

- ‌كتابُ التَّدبير

- ‌كتابُ الكِتابة

- ‌فصل [فيما يلزم السيد بعد الكتابة]

- ‌فصل [في بيان لزوم الكتابة]

- ‌فصلٌ [في مشاركة الكتابة الفاسدةِ الصحيحةَ]

- ‌كتابُ أمّهات الأولاد

- ‌خاتمة النسخة

- ‌خاتمة النسخة (ج)

- ‌خاتمة النسخة (د)

- ‌أهم مصادر ومراجع التحقيق

الفصل: ‌فصل [فيما يملك به الصيد]

الموت على السبب الظاهر، وهو جرح السهم، ويوافق الحل تصديق الولي في قد الملفوف والتنجيس في وجود الماء متغيراً بعد بول ظبية فيه؛ للإحالة على السبب الظاهر فيهما.

واعلم: أن محل الخلاف ما إذا لم يكن قد أنهاه بالجرح إلى حركة مذبوح، فإن كان كذلك .. حل قطعاً، وعليه يدل قول "التنبيه" [ص 83]:(فجرحه جرحاً لم يقتله) ومحل الخلاف أيضاً ما إذا لم يجد فيه غير جرحه، فإن وجده في ماء أو بجراحة أخرى .. حرم قطعاً.

‌فصَلٌ [فيما يملك به الصيد]

5514 -

قول "التنبيه"[ص 83]: (وإن أخذ صيداً أو أزال امتناعه .. ملكه) اقتصر "الحاوي" على الثاني؛ لفهم الأول منه بطريق الأولى، فقال:(والصيد يملك بإبطال منعتِهِ)(1)، وفصله "المنهاج" بقوله [ص 535]:(يملك الصيد بضبطه بيده، وبجرح مذففٍ، وبإزمانٍ وكسر جناحٍ، وبوقوعه في شبكة نصبها، وبإلجائه إلى مضيق لا يفلت منه) وبقي عليه من الصور: أن يرسل كلباً على صيد فيثبته فيملكه، جزم به في "الروضة"(2)، وهنا أمور:

أحدها: أن محل هذا إذا لم يكن عليه أثر ملك؛ كوشم وقص جناح وقرط ونحوها، فإن كان كذلك .. لم يملكه.

ثانيها: لا يخفى أن محل هذا في غير صيد الحرمين، وفي غير المحرم.

ثالثها: ومحله أيضاً في غير المرتد؛ فصيد المرتد موقوف بناء على الأصح أن ملكه موقوف، فإن عاد إلى الإسلام .. تبين أنه ملكه من حين الأخذ، وإلا .. فهو باق على الإباحة، قاله المتولي، وقال شيخنا في "تصحيح المنهاج": المعتمد: أنه لأهل الفيء وإن فرعنا على زوال ملكه، وهو الذي قال الرافعي: إنه أشبه الأقوال (3)، فقال المتولي: هو على الإباحة، وقال الإمام: ظاهر القياس: أنه لأهل الفيء.

رابعها: تعبير "المنهاج" بالبناء للمفعول أحسن من تعبير "التنبيه" و"الحاوي" لأنه يدخل فيه المالك في صيد العبد غير المكاتب، والموكل في صيد الوكيل بناء على صحة التوكيل في الاصطياد، وهو الأصح، بخلاف تعبيرهما؛ فإن مقتضاه: ملك العبد والوكيل، ولو كان الآخذ غير مميز .. أمره غيره بالأخذ، ففيمن له الملك؟ وجهان في "تعليق القاضي حسين"، والمذكور

(1) الحاوي (ص 626).

(2)

الروضة (3/ 254).

(3)

انظر "فتح العزيز"(13/ 416).

ص: 392

في "التهذيب" و"البحر": أنه للآخذ، ذكره في "الكفاية".

خامسها: أطلق "المنهاج" كسر الجناح، ومحله: فيما إذا عجز عن الطيران والعدو جميعاً، ويكفي للملك إبطال شدة العدو وصيرورته بحيث يسهل لحاقه.

سادسها: وأطلق أيضاً وقوعه في شبكة نصبها، ولا بد أن يكون نصبها للصيد، وكذا هو في "المحرر" و"الروضة" وأصلها (1)، وألَاّ يقدر على الخلاص منها، فلو تخلص بقطعه الشبكة .. عاد للإباحة، فيملكه من اصطاده، وإلا .. لم يزل ملكه عنه، ذكره الماوردي (2)، وقال في "الوسيط": لو أفلت من الشبكة .. لا يزول ملكه عنه على الصحيح (3).

5515 -

قول "المنهاج"[ص 535]: (ولو وقع صيد في ملكه وصار مقدوراً عليه بتوحل وغيره .. لم يملكه في الأصح) فيه أمران:

أحدهما: لا يتقيد ذلك بأن تكون الأرض ملكه، بل لو كانت مستأجرة أو مستعارة أو مغصوبة وهي تحت يد الغاصب .. كان الحكم كذلك، ذكره شيخنا في "تصحيح المنهاج"، وقد يتوقف في الغاصب إلا أن يكون له في الأرض المغصوبة مزرعة وتوحل فيها، وقد عبر في "أصل الروضة" بقوله:(لو توحل صيد بمزرعته)(4) وهو يقتضي ما ذكرناه، فلو غصب أرضاً ولم يزرع بها شيئاً فجاءت الأمطار فصيرتها ذات توحل .. فكيف يجري وجه بأن الصيد المتوحل للغاصب؟ !

ثانيهما: قال الإمام: محل الخلاف: ما إذا لم [يكن](5) سقي الأرض بما يقصد به توحل الصيود، وإلا .. فهو كنصب الشبكة، وكلام الروياني يقتضيه، كذا في "أصل الروضة" هنا (6)، لكنه حكى في (إحياء الموات) عن الإمام عكسه (7)، كذا في "المهمات".

وقال شيخنا في "تصحيح المنهاج": لا تناقض بينهما؛ فالمذكور في الإحياء قصد التملك، والمذكور هنا أن يكون التوحل مما يقصد به في العادة الاصطياد، ويوافق الأول قول "الحاوي" [ص 626]:(كأن عشش في بنائه بقصده).

5516 -

قوله: (ودونه - أي: دون القصد - وإلى واسع كالتحجر)(8) يقتضي أولوية صاحب

(1) المحرر (ص 464)، فتح العزيز (12/ 37)، الروضة (3/ 2504).

(2)

انظر "الحاوي الكبير"(15/ 40).

(3)

الوسيط (5/ 281).

(4)

الروضة (3/ 255).

(5)

في (ب)، (ج):(يمكن).

(6)

الروضة (3/ 255)، وانظر "نهاية المطلب"(18/ 151).

(7)

الروضة (5/ 291).

(8)

انظر "الحاوي"(ص 627).

ص: 393

الدار، وأن غيره لو أخذه .. ملكه كما في "البحر"، وهو مقتضى كلام "أصل الروضة" هنا (1)، وصححه من زيادته في أوائل (إحياء الموات)(2)، لكنه صحح خلافه في أواخر (الوليمة)(3)، وفي "الوسائل" لأبي الخير بن جماعة: أنه لو استأجر سفينة فدخل فيها سمك .. فهل هو للمستأجر؛ ليده وملكه منفعتها، أو للمالك؛ لأن هذه ليست من المنافع التي تقع الإجارة عليها؟ وجهان.

5517 -

قول "التنبيه"[ص 83]: (ومن ملك صيداً ثم أرسله .. لم يزل ملكه عنه في أصح الوجهين) و"المنهاج"[ص 535]: (وكذا بإرسال المالك له في الأصح) زاد في "الروضة" أنه المنصوص (4)، وهو وهم؛ فإن المنصوص: زواله إن قصد إخراجه عن ملكه، ذكر الروياني في "التجربة" أن الشافعي نص عليه في "المبسوط" ولذلك حكاه الرافعي (5)، فكيف يفتى بخلاف النص؟ ! وهذا وارد على قول "الحاوي" أيضاً [ص 627]:(وإن أفلت) وذكر النشائي أن لفظ "التنبيه": (في أصح القولين) ثم قال: المشهور وجهان كما في "المهذب". انتهى (6).

وذكر بعضهم أنهما قولان مخرجان للأصحاب، ثم محل الخلاف في مالك مطلق التصرف، فأما الصبي أو المجنون أو المحجور عليه بسفه أو فلس أو المكاتب الذي لم يأذن له سيده .. فإنه لا يزول ملكه قطعاً، فلو قال مطلق التصرف عند إرساله: أبحته لمن يأخذه .. فلمن أخذه أكله بلا ضمان، لكن لا ينفذ تصرفه فيه.

5518 -

قول "الحاوي"[ص 627]: (كان أعرض عن كسرَةٍ) أي: فإنه لا يزول ملكه عنها، تبع فيه الرافعي (7)، وقال النووي: الأرجح: أنه - أي: الآخذ - يملك الكسرة والسنابل ونحوها، ويصح تصرفه فيها بالبيع وغيره، وهذا ظاهر أحوال السلف (8).

5519 -

قوله: (لا جلد ميتة)(9) أي: لو أعرض عن جلد ميتة فأخذه غيره ودبغه .. مَلَكَه، كذا صححه في "الروضة" وغيرها (10)، والرافعي إنما قال: إنها أولى بثبوت الملك للآخذ من

(1) الروضة (3/ 255).

(2)

الروضة (5/ 288).

(3)

الروضة (7/ 343).

(4)

الروضة (3/ 256).

(5)

انظر "فتح العزيز"(12/ 41).

(6)

نكت البيه على أحكام التنبيه (ق 77)، وانظر "المهذب"(1/ 257).

(7)

انظر "فتح العزيز"(12/ 42).

(8)

انظر "الروضة"(3/ 257).

(9)

انظر "الحاوي"(ص 627).

(10)

الروضة (3/ 257).

ص: 394

مسألة الكسرة ونحوها؛ لأنه لم يكن ملكاً للأول، وإنما كان له نوع اختصاص، والاختصاص المجرد يضعف بالإعراض (1).

5520 -

قول "المنهاج"[ص 535]: (ولو تحول حمامه إلى برج غيره .. لزمه رده) أي: لزم ذلك الغير رده، لا بد من تقييد؛ بأن يأخذه ذلك الغير، كما هو في عبارة الشافعي رضي الله عنه في "المختصر"(2) فإنه إذا لم يأخذه .. لم يدخل تحت يده وبتقدير دخوله تحت يده .. فهو كتطيير الريح ثوباً إلى داره، فهو أمانة شرعية لا يلزم ردها بحيث يباشر ذلك ويتحمل مؤنته، وإنما عليه إعلام المالك بذلك، وتمكينه من أخذه كالوديعة الاختيارية.

5520/ 1 - قوله: (فإن اختلط وعسر التمييز .. لم يصح بيع أحدهما وهبته شيئاً منه لثالث)(3) فيه أمران:

أحدهما: قال شيخنا في "تصحيح المنهاج": إنه كلام فيه نقص؛ لأن الصورة: تحول حمامه إلى برج غيره، فلا يصح بيع صاحب البرج الذي وقع فيه الاختلاط، وتمام التصوير: فإن انتقل من حمام كل واحد منهما إلى برج صاحبه واختلط وعسر التمييز.

قلت: لا نقص في تصوير "المنهاج" فقد حصل الاختلاط في هذا البرج، فلا يختص الحكم بصاحب البرج لوجود حمام للآخر فيه، ولا يحتاج في تمام التصوير إلى حصول اختلاط في برجين، والله أعلم.

ثانيهما: قال شيخنا أيضاً: محله: ما إذا باع أو وهب شيئاً معيناً بالشخص، ثم لم يظهر أنه ملكه؛ ولهذا وَجّهُوا إبطال ذلك بأنه لا يتحقق الملك فيما باعه، فأما إذا باع شيئاً معيناً بالجزء؛ كنصف ما يملكه، أو باع جميع ما يملكه والثمن فيهما معلوم .. صح؛ لأنه يتحقق الملك فيما باعه، وحل المشتري هنا محل البائع، كما لو باعا من ثالث مع جهل الأعداد .. فإنه يصح كما سيأتي إذا كان الثمن معلوماً، ويحتمل الجهل في المبيع للضرورة.

قلت: الفرق بينهما أن جملة المبيع للمشتري معلومة، وما يلزمه لكل منهما من الثمن معلوم، وإن لم يعلم قدر ما اشتراه من كل منهما، فاغتفر الجهل بذلك للضرورة، مع أنه لا يترتب على الجهل به مفسدة، فلا يلزم من اغتفار الجهل به اغتفار الجهل بجملة ما اشتراه المشتري، والله أعلم.

أما لو باع أو وهب شيئاً معيناً بالشخص الثالث ثم ظهر أنه ملكه .. فإنه يصح، وهو أولى بالصحة مما لو باع مال أبيه على ظن حياته فبان موته.

(1) انظر "فتح العزيز"(12/ 42).

(2)

مختصر المزني (ص 282).

(3)

انظر "المنهاج"(ص 535).

ص: 395

5521 -

قول "المنهاج"[ص 535]- والعبارة له - و"الحاوي"[ص 628]: (ويجوز لصاحبه في الأصح) نازع فيه شيخنا في "تصحيح المنهاج"، وقال: إنه ليس بصحيح.

5522 -

قول "المنهاج"[ص 535]: (فإن باعاهما والعدد معلوم والقيمة سواء .. صح، وإلا .. فلا) فيه أمور:

أحدها: ما ذكره من البطلان عند الجهل بعدد ما لكل منهما جزم به الرافعي والنووي في كتبهما (1)، وحكاه ابن الرفعة عن الإمام فقط، فقال: والوجه عندي: عدم الصحة، قال: فالطريق أن يقول كل منهما: بعتك الحمام الذي لي في هذا البرج بكذا، فيكون الثمن معلوماً، ويحتمل جهل المبيع للضرورة، كذا في "النهاية":(الحمام الذي لي)(2)، وليس في "الروضة" و"الشرحين" لفظة:(لي)(3)، ولا بد منها؛ ولهذا التصوير قال "الحاوي" [ص 628]:(أو باع بعلم القيمة) فهذا يتناول ما إذا علم كل منهما عدد ما له، وما إذا لم يعلم لكنه باعه بثمن معين، وهذه واردة على "المنهاج"، وهي مشكلة؛ لأن مقتضى كلامهم: أنه إذا ابتدأ بذلك أحدهما .. كانت صحته موقوفة على الآخر، وهو خلاف القواعد.

ثانيها: مقتضى كلامه: أنه إذا عُلم العدد ولم تستو القيم .. لم يصح، وقد أكَّدَه بقوله:(وإلا .. فلا) فإنه صريح في البطلان عند فقد أحد الأمرين، وهو مقتضى كلام "الروضة" أولاً؛ فإنه اعتبر الوصفين، لكنه لم يتكلم بعد ذلك إلا على جهل العدد، وقال شيخنا ابن النقيب: إن ما اقتضته عبارة "المنهاج" في ذلك ظاهر (4)، لكن قال في "المهمات": إن اشتراط تساوي القيمة لا معنى له مع اشتراط توزيع الثمن على أعدادها.

قلت: ولا يرد ذلك على "المنهاج" لأنه لم يذكر توزيع الثمن على أعدادها.

ثالثها: قوله: (باعاهما) أي: حماميهما، قال في "أصل الروضة": أو باعا بعضه (5)، والرافعي ذكره في آخر المسألة استداركا على "الوجيز"(6)، قال في "المهمات": التفسير الذي ذكره لا يأتي في البعض سواء كان معيناً بالجزئية كالنصف لزيادة الجهل؛ فإنه كان مجهولاً بين اثنين فيصير بين ثلاثة، أو بإفراد شيء منه كعشرة مثلاً؛ لأن كل واحد لا يدري ما له من ملك العشرة فيكون الجهل باقيا أيضاً.

(1) انظر "فتح العزيز"(12/ 44).

(2)

نهاية المطلب (18/ 156)، وفيه:(بعتك الحمام التي).

(3)

لفظة: (لي) موجودة في "الروضة".

فتح العزيز (12/ 44)، الروضة (3/ 259).

(4)

انظر "السراج على نكت المنهاج"(8/ 80).

(5)

الروضة (3/ 259).

(6)

انظر "فتح العزيز"(12/ 45).

ص: 396

قال شيخنا في "تصحيح المنهاج": وجوابه: أن المراد: بعض معين بالجزئية، ولا جهل حينئذ، وكونه كان مجهولاً بين اثنين فصار ثلاثة، لا يقتضي إبطال العقد، وقد سبق أنه يجوز أن يبيع أحدهما من ثالث نصف ملكه فيه، فكذلك يجوز أن يبيع كل واحد منهما من ثالث نصف ملكه، ولا تضر كثرة الشركاء، وليس ذلك مقتضياً للإبطال.

5523 -

قول "الحاوي"[ص 628]: (أو التقارّ) أي: بأن يقر كل منهما لصاحبه بعدد فيتصالحان على ذلك؛ ليمكن توزيع الثمن، وهذا معنى قول "الوسيط": إنهما لو تصالحا على شيء .. صح البيع، واحتمل الجهل بقدر المبيع (1).

5524 -

قول "المنهاج" فيما لو جرح الصيدَ اثنان متعاقبان [ص 535، 536]: (وإن أزمن - أي: الأول - .. فله، ثم إن ذَفَّفَ الثاني بقطع حلقوم ومريء .. فهو حلال، وعليه للأول ما نقص بالذبح) أي: وهو ما بين قيمته زمناً ومذبوحاً، قال الإمام: وإنما يظهر التفاوت إذا كان فيه حياة مستقرة، فإن كان متألماً بحيث لو لم يذبح لهلك .. فما عندي أنه ينقص منه بالذبح شيء (2).

وتعقبه شيخنا في "تصحيح المنهاج": بأن الكلام في إزمان الأول، وفرض الإمام في تذفيفه، فلا يجيء بعده تذفيف.

قلت: وجوابه: أنه لا يلزم من كون جراحة الأول مزمنة فقط ألَاّ ينتهي بها الإزمان إلى ألَاّ يصير فيه حياة مستقرة، فلا يلزم من وجود هذه الحالة أن يكون جراحة الأول مذففة، ثم تعقبه شيخنا أيضاً: بأن الجلد ينقص بالقطع، فيجب على الثاني نقصه، وإن وصل إلى حالة التذفيف، وعلى هذا: فلا يتعين في ضمان النقص أنه ما بين قيمته زمناً ومذبوحاً.

5525 -

قوله: (وإن ذفف لا بقطعهما، أو لم يذفف ومات بالجرحين .. فحرام، ويضمنه الثاني للأول)(3) أي: يضمن جميع قيمته، وهذا صحيح فيما إذا ذفف الثاني، فأما إذا لم يذفف .. فلا يضمن الجميع في الأصح، وقد ذكره "الحاوي" فقال [ص 627]:(وإن لم يذفف ومات بهما فكعبد يعاد من عشرة إلى تسعة فجرح .. ضَمِنَ عشرةً من تسعةَ عشرَ جزءاً من عشرة، والآخر تسعة منها) وصورة المسألة المبني عليها: أن يجني جان على عبد قيمته عشرة دنانير فعادت بالجناية إلى تسعة، ثم جرحه جانٍ آخر جناية أرشها دينار أيضاً ومات بالجرحين .. يجمع بين قيمتي يوم الجنايتين، فيكون تسعة عشر، ويقسم على هذا العدد ما فوتته الجنايتان، وهو عشرة دنانير، فعلى الأول عشرة أجزاء من تسعة عشرة جزءاً من عشرة دنانير، وعلى الثاني تسعة أجزاء من تسعة

(1) الوسيط (7/ 121).

(2)

انظر "نهاية المطلب"(18/ 133، 134)، وفيه:(أنه لا ينقص منه شيء).

(3)

انظر "المنهاج"(ص 536).

ص: 397

عشر جزءاً من عشرة، وهذا أحد أوجه ستة محكية في "أصل الروضة" تصريح بلا ترجيح، لكنه حكى إطباق العراقيين على ترجيحه (1)، فإذا ظهر هذا .. ففي مسألة الصيد أيضاً يجمع بين القيمتين، لكن الجارح الأول فيها مالك .. فلا ضمان عليه؛ لسقوط حصته، بل على الثاني، ثم محل ذلك: ما إذا تمكن من ذبحه فلم يذبحه، فلو لم يتمكن الأول من ذبحه .. لزم الثاني تمام قيمته زمناً.

ومقتضى كلامهم: أنه لو ساوى سالماً عشرة وزمناً تسعة .. وجوب تسعة، وقال صاحب "التقريب": إذا ساوى سليماً عشرة وزمناً تسعة ومذبوحاً ثمانية .. ينبغي أن يجب ثمانية ونصف، وصححه الرافعي (2)، قال الإمام: وفيه نظر (3)، وإن تمكن من ذبحه .. لزم الثاني أرش جرحه إن نقص.

5526 -

قول "الحاوي"[ص 627، 628]: (فإن أزمنا .. فللثاني، وإن جرح الأول ثانياً .. ضمن الربع) محله: ما إذا لم تكن هذه الجراحة الثانية مذففة، وتمكن الثاني من ذبحه، فإن كانت مذففة؛ فإن أصاب المذبح .. حل، وعليه للثاني ما نقص من قيمته بالذبح، وإلا .. حرم، وعليه قيمته مجروحاً بجراحته الأولى وجراحة الثاني، وكذا إن لم يذفف ولم يتمكن الثاني من ذبحه.

5527 -

قول "المنهاج"[ص 536]: (وإن جرحا معاً وذففا أو أزمنا .. فلهما) كذلك إذا أزمن أحدهما وذفف الآخر، وقد تناوله قول "الحاوي" [ص 628]:(كأن تساويا) فإن المراد: تساوي الجرحين في سبب الملك، والإزمان مملك كما أن التذفيف بمذفف مملك، وكذلك لو احتمل أن يكون الإزمان بهما أو بأحدهما، وقد ذكره "الحاوي" فقال [ص 628]:(وإن احتمل ملكاً واستحلا) أي: يستحب أن يستحل كل واحد الآخر تورعاً.

5528 -

قول "المنهاج"[ص 536]: (وإن ذفف واحدٌ وأزمن آخر وجُهل السابق .. حرم على المذهب) محله: ما إذا كان في غير المذبح، فإن كان في المذبح .. فهو حلال جزماً، وقد يتناوله قول "الحاوي" أولاً [ص 627]:(لا في المذبح) لكن كلامه إنما هو عند معرفة السابق؛ بدليل قوله بعده: (وضمن الثاني قيمته)(4).

(1) الروضة (3/ 263).

(2)

انظر "فتح العزيز"(12/ 52).

(3)

انظر "نهاية المطلب"(18/ 143).

(4)

الحاوي (ص 627).

ص: 398