المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل [فيما لو حلف على أمر فوكل غيره حتى فعله] - تحرير الفتاوي على التنبيه والمنهاج والحاوي - جـ ٣

[ابن العراقي]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب الجِنايات

- ‌فصل [في اشتراك اثنين في فعل مزهق]

- ‌فصل [في قتل من ظن كفره]

- ‌فصل [في تغير حال المجني عليه من وقت الجناية]

- ‌فصلٌ [شروط قود الأطراف والجراحات وما يتعلق بها]

- ‌بابُ كيفيّة القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه

- ‌فصلٌ [في الاختلاف]

- ‌فصلٌ [ثبوت حق القصاص للوارث]

- ‌فصلٌ [موجب العمدِ القودُ]

- ‌كتابُ الدّيات

- ‌فصلٌ [في الشجاج التي تجب فيها الحكومة]

- ‌فَرْعٌ [في دية المعاني]

- ‌فرعٌ [تداخل ديتين فأكثر]

- ‌فصلٌ [فيما تجب فيه الحكومة وقدرها]

- ‌باب ما تجب به الدّية من الجنايات

- ‌فصل [في الاصطدام]

- ‌باب العاقلة

- ‌فصلٌ [جناية العبد وتعلقها برقبته]

- ‌تَنْبِيهٌ [لو كان العبد المأمور بجناية مرهونًا مقبوضًا بالإذن]

- ‌بابُ ودية الجنين

- ‌بابُ كفّارة القتل

- ‌فَصْلٌ [ما يثبت به موجب القصاص]

- ‌كتابُ البُغاة

- ‌بابُ أدب السلطان

- ‌كتابُ الرِّدَّة

- ‌كتابُ الزِّنا

- ‌كتابُ حَدِّ القّذْف

- ‌كتابُ قطع السّرقة

- ‌فَصْلٌ [فيما يمنع القطع وما لا يمنعه]

- ‌فَصْلٌ [إقامة الحد على الذِّمِّيُّ والمعاهد]

- ‌فَصْلٌ [فيما تثبت به السرقة]

- ‌فَصْلٌ [في صفة القطع وما يتعلق بها]

- ‌كتابُ قاطع الطَّريق

- ‌فَصْلٌ [في اجتماع الحدود]

- ‌كتاب الأشربة

- ‌بابُ التَّعزير

- ‌كتابُ الصِّيال وضمان الولاة

- ‌فَصْلٌ [ضمان الولاة]

- ‌فَصْلٌ [ضمان الدواب والبهائم]

- ‌كتاب السير

- ‌فصل [في الاستعانة على الغزو]

- ‌فصل [حكم أسرى الكفار]

- ‌فصل [في الأمان]

- ‌فصل [في الجزية]

- ‌فصل [جملة من أحكام عقد الذمة]

- ‌باب الهدنة

- ‌كتابُ الصَّيُد والذّبائح

- ‌فصَلٌ [في بعض شروط الآلة والذبح والصيد]

- ‌فصَلٌ [فيما يملك به الصيد]

- ‌كتابُ الأضحية

- ‌بابُ العَقِيقة

- ‌كتابُ الأَطعِمة

- ‌كتاب المسابقة والمناضلة

- ‌تَنْبِيْهٌ [في بقية شروط المسابقة]

- ‌تَنْبِيْهٌ [لا تتعين صفات الرمي بالشرط]

- ‌كتابُ الأَيْمان

- ‌بابُ من يصح يمينه وما يصح به اليمين

- ‌كتابُ كفّارة اليمين

- ‌بابُ جامع الأيمان

- ‌فَصْلٌ [في أنواع من الحلف على الأكل وعدمه]

- ‌فَصْلٌ [في أنواع من الأيمان]

- ‌فَصْلٌ [فيما لو حلف على أمر فوكل غيره حتى فعله]

- ‌كتابُ النَّذْر

- ‌فصلٌ [في نذر المشي إلى مكة أو الحج والعمرة وما يتعلق به]

- ‌كتابُ القضاء

- ‌فصلٌ [فيما يقتضي انعزال القاضي أو عزله وما يذكر معه]

- ‌فصلٌ [في آداب القضاء وغيرها]

- ‌فصلٌ [في التسوية بين الخصمين وما يتبعها]

- ‌بابُ القضاء على الغائب

- ‌تَنْبِيْهٌ [لو أقام قيم الطفل بينة على قيم طفل آخر]

- ‌فصلٌ [في بيان الدعوى بعين غائبة]

- ‌فصلٌ [في بيان من يحكم عليه في غيبته وما يذكر معه]

- ‌بابُ القِسْمَة

- ‌كتابُ الشهادات

- ‌فصلٌ [فيما يحكم به بشهادة رجل واحد]

- ‌تَنْبِبيهٌ [أقسام المشهود به]

- ‌فَصْلٌ [في تحمل الشهادة في النكاح وغيره]

- ‌فَصْلٌ [في الشهادة على الشهادة]

- ‌فَصْلٌ [في الرجوع عن الشهادة]

- ‌كتابُ الدعوى والبيّنات

- ‌فَصْلٌ [فيما يترتب على سكوت المدعى عليه عن جواب الدعوى]

- ‌تنبيه [على وجوب اليمين وعدمه]

- ‌فصل [متى تغلظ يمين المدعي والمدعى عليه

- ‌فصل [في تعارض البينتين]

- ‌فصل [في اختلاف المتداعيين في العقود]

- ‌كتابُ إلحاق القائف

- ‌كتابُ العِتْق

- ‌فصَلٌ [في العتق بالبعضية]

- ‌فصَلٌ [في العتق في مرض الموت]

- ‌بابُ الولاء

- ‌كتابُ التَّدبير

- ‌كتابُ الكِتابة

- ‌فصل [فيما يلزم السيد بعد الكتابة]

- ‌فصل [في بيان لزوم الكتابة]

- ‌فصلٌ [في مشاركة الكتابة الفاسدةِ الصحيحةَ]

- ‌كتابُ أمّهات الأولاد

- ‌خاتمة النسخة

- ‌خاتمة النسخة (ج)

- ‌خاتمة النسخة (د)

- ‌أهم مصادر ومراجع التحقيق

الفصل: ‌فصل [فيما لو حلف على أمر فوكل غيره حتى فعله]

قلت: وقد يقال: اليمين وإن انعقدت على فعل الحرام .. فمحله: ما إذا صرح به، فأما إذا أطلق الفعل .. فلا يحمل إلا على الحلال؛ لأنه الأغلب المستحضر في الذهن الذي يتبادر إليه الفهم، والله أعلم.

ثم محل الحنث: ما إذا لم يفارقه لمنع الحاكم له من ملازمته، فإن فارقه لذلك .. ففيه قولا المكره.

5799 -

قول "التنبيه"[ص 197]: (وإن قال: لا رأيت منكراً إلا رفعتُهُ إلى القاضي فلان، ولم ينو أنه يرفع إليه وهو قاض، فعزل ثم رفع إليه .. فقد قيل: يحنث، وقيل: لا يحنث) الأصح: الثاني، وعليه مشى "المنهاج" فقال [ص 551]:(وإن لم ينو .. بر بالرفع إليه بعد عزله)، و"الحاوي" فقال [ص 654]:(أو عُزل إن لم يرده وهو قاض).

5800 -

قول "المنهاج" في الصورة المذكورة [ص 551]: (فرآه ثم عُزل؛ فإن نوى ما دام قاضياً .. حنث إن أمكنه رفعه فتركه) تبع فيه "المحرر"(1)، والذي في "الروضة" وأصلها: إذا عزل .. لم يبر بالرفع إليه وهو معزول، فلا يحنث وإن كان تمكن؛ لأنه ربما ولي ثانياً، واليمين على التراخي، فإن مات أحدهما قبل أن يولي .. بأن الحنث، أما إذا لم يعزل ولم يرفع إليه حتى مات أحدهما بعد التمكن .. حنث. انتهى (2).

فينبغي حمل العزل في عبارة "المنهاج" على المتصل بالموت.

‌فَصْلٌ [فيما لو حلف على أمر فوكل غيره حتى فعله]

5801 -

قولهم - والعبارة لـ"التنبيه" -: (وإن حلف لا يبيع أو لا يضرب فوكل فيه غيره حتى فعله .. لم يحنث في أظهر القولين)(3) رجح الرافعي والنووي: القطع به، ونفي القول الآخر (4)، وقال في "المهمات": ذكر الرافعي في (الخلع) عن المتولي فرعاً مقيداً لما أطلقه هنا وأقره عليه، وهو: لو قال: (متى أعطيتني ألفاً .. فأنت طالق) فبعثته على يد وكيلها فقبضه الزوج .. لم تطلق؛ لأنها لم تعط هي، ولو حضرت وقالت لوكيلها الحافظ لمالها: سلم إليه، فسلم .. طلقت، وكان تمكينها الزوج من المال المقصود إعطاء (5).

(1) المحرر (ص 478).

(2)

فتح العزيز (12/ 336)، الروضة (11/ 72).

(3)

انظر "التنبيه"(ص 198)، و"الحاوي"(ص 650)، و "المنهاج"(ص 551).

(4)

انظر "فتح العزيز"(12/ 307)، و"الروضة"(11/ 47).

(5)

انظر "فتح العزيز"(8/ 438).

ص: 504

5802 -

قول "المنهاج" في هذه الصورة [ص 551]: (إلا أن يريد ألَاّ يفعل هو ولا غيره) قال الرافعي: كذا أطلقوه مع قولهم: إن اللفظ حقيقة لفعل نفسه، واستعماله في المعنى الآخر مجاز، وفى هذا استعمال اللفظ في الحقيقة والمجاز جميعاً، وهو بعيد عند أهل الأصول، والأولى أن يوجد معنى مشترك بين الحقيقة والمجاز، فيقال: إذا نوى ألَاّ يسعى في تحقيق ذلك الفعل .. حنث بمباشرته وبالأمر؛ لشمول المعنى وإرادة هذا المعنى إرادة المجاز فقط (1).

قال النووي: هذا حسن، والأول صحيح على مذهب الشافعي وجمهور أصحابنا المتقدمين في جواز إرادة الحقيقة والمجاز بلفظ واحد (2).

ولو حلف لا يبيع ولا يوكل، وكان وكّل قبل ذلك ببيع ماله، فباع الوكيل بعد يمينه بالوكالة السابقة .. ففي "فتاوى القاضي حسين": أنه لا يحنث؛ لأنه بعد اليمين لم يباشر ولم يوكل، وقياسه: أنه لو حلف على زوجته ألَاّ تخرج إلا بإذنه وكان إذن لها قبل ذلك في الخروج إلى موضع معين فخرجت إليه بعد اليمين .. لم يحنث، قال شيخنا الإمام البلقيني: وهو الظاهر.

5803 -

قول "التنبيه"[ص 197، 198]: (وإن حلف لا يتزوج أو لا يطلق فوكل فيه غيره حتى فعله .. لم يحنث) أقره عليه في "التصحيح"، لكن جزم في "المنهاج" و"الحاوي" تبعاً لـ" المحرر" بأنه إذا وكل غيره في التزويج حتى فعل .. حنث (3)، وجزم به الرافعي في (الفصل الخامس في التوكيل في النكاح)(4)، وأسقطه من "الروضة" هناك، وحكى هنا تبعا للرافعي وجهين عن "التهذيب": الحنث، وعن الصيدلاني والغزالي: عدمه (5).

وقال شيخنا في "تصحيح المنهاج": إن تصحيح الحنث مخالف لمقتضى نصوص الشافعي: أن من حلف على شي ألَاّ يفعله فأمر غيره بفعله .. لم يحنث، ولقاعدته، وهي: أن النظر في ذلك إلى الحقيقة، وللدليل، وهو: أن النظر في ذلك إلى الإسناد اللغوي وهو الفاعل، ألا ترى أنه يصح منه وإن كان موكله نائماً، ولما عليه الأكثرون؛ فقد جزم بعدم الحنث أيضاً: القفال والماوردي وابن الصباغ وصاحب "البيان"(6)، وحكاه في "النهاية" عن قطع الأصحاب في الطرق (7)، قال: ولم أر أحداً اعتمد مقابله إلا البغوي، وقال الخوارزمي في "الكافي": إنه

(1) انظر "فتح العزيز"(12/ 309).

(2)

انظر "الروضة"(11/ 48).

(3)

المحرر (ص 478)، الحاوي (ص 650)، المنهاج (ص 551).

(4)

انظر "فتح العزيز"(7/ 569).

(5)

فتح العزيز (12/ 308)، الروضة (11/ 48)، وانظر "التهذيب"(8/ 142).

(6)

نهاية المطلب (18/ 374).

(7)

البيان (10/ 561).

ص: 505

المنقول في طريقنا؛ يعني: طريق المراوزة، وهو ممنوع؛ لما تقدم عن القفال والصيدلاني والإمام والغزالي، وأن الإمام قال: إن الأصحاب قطعوا به في الطرق (1).

قال شيخنا: ولو حلفت المرأة ألَاّ تتزوج، فعقد عليها وليها؛ فإن كانت مجبرة .. فعلى قولي المكره، وإن كانت غير مجبرة وأذنت في التزويج فزوجها الولي .. حنثت في يمينها، ولم أر من تعرض للمرأة إلا الدارمي في " الاستذكار "، ولم يتحرر لي كلامه؛ لعدم وثوقي بما في النسخة؛ فإن فيها ما يقتضى أنها لا تحنث، وليس كذلك في حالة اعتبار إذنها، ولو حلف لا يراجع مطلقته، فوكل في رجعتها .. فأفتى شيخنا الإمام البلقيني: بأنه لا يحنث، وقال: إن قلنا بالحنث في التوكيل في التزويج .. فهنا أولى؛ فإنه استمرار نكاح، فالسفارة فيه أظهر، وإن قلنا هناك: لا يحنث .. فهنا تردد، والمعتمد: أنه لا يحنث.

5804 -

قول "المنهاج"[ص 552]- والعبارة له - " والحاوي"[ص 650]: (لا بقبوله هو لغيره) أي: بناءً على ما جزما به في عكسه، فإن قلنا بمقابله .. حنث، كذا في "الروضة" تبعاً لأصلها تخريجاً، فقال: مقتضى الوجه الأول: الحنث، ومقتضى الثاني: المنع (2).

ورده شيخنا في "المهمات" وشيخنا في "تصحيح المنهاج": بأن الإمام والغزالي جزما بعدم الحنث في هذه الصورة مع جزمهما في الأولى أيضاً بعدم الحنث (3)، قال في "المهمات": فوجب اعتماده؛ للنقل والدليل، وقال في "تصحيح المنهاج": فظهر أنه لا يحنث على الوجهين معاً.

5805 -

قول "المنهاج"[ص 552]: (أو لا يبيع مال زيد فباعه بإذنه .. حنث، وإلا .. فلا) كذا لو باع بإذن الحاكم لحجر أو امتناع، ذكره في "أصل الروضة"(4).

قال شيخنا ابن النقيب: ويظهر أن إذن الولي كذلك (5).

وذكره شيخنا في "تصحيح المنهاج" مجزوماً به، قال: وكذا لو باعه لكونه ظافراً بغير جنس حقه تفريعاً على أنه يستقل ببيعه وهو الأصح، ولم أر من تعرض له، قال: فلو قال: (فباعه بيعاً صحيحاً) .. لكان مختصراً شاملاً.

وصور في " أصل الروضة" المسألة بقوله: لا يبيع لزيد مالاً (6)، فنازعه شيخنا في "تصحيح

(1) انظر "نهاية المطلب"(18/ 374).

(2)

فتح العزيز (12/ 308)، الروضة (11/ 48).

(3)

انظر "نهاية المطلب"(18/ 374)، و"الوجيز"(2/ 228).

(4)

الروضة (11/ 49).

(5)

انظر "السراج على نكت المنهاج"(8/ 165).

(6)

الروضة (11/ 49).

ص: 506

المنهاج" في الحنث فيما إذا باع بإذن الحاكم: بأنه لم يبع لزيد، إنما باع للحاكم، فهو نائب الحاكم لا الممتنع، قال: والدليل على ذلك أن الحاكم إنما يقيم في ذلك من يصلح للنيابة عنه، فالتبس عليه صورة: لا يبيع مال زيد، بصورة: لا يبيع لزيد مالاً، فتنبه له؛ فإنه من الدقائق.

قلت: قد يقال: صدق أنه باع لزيد مالاً وإن كان الآذن في ذلك هو الحاكم، ويكون قوله:(لزيد) نعتاً في المعنى لقوله: (مالاً) وإن كان إعرابه حالاً؛ لتقدمه على قوله: (مالاً)، فلا فرق بين التصويرين، والله أعلم.

5806 -

قول "التنبيه"[ص 197]: (وإن وهب له فلم يقبل .. لم يحنث، وإن قبل ولم يقبضه .. لم يحنث، وقيل: يحنث)، و"المنهاج" [ص 552]:(أو لا يهب له فأوجب له فلم يقبل .. لم يحنث، وكذا إذا قبل ولم يقبض في الأصح) يقتضي عدم الخلاف في الصورة الأولى، وليس كذلك؛ فقد خالف فيه ابن سريج، لكنه ضعيف، وما رجحاه في الثانية حكاه الرافعي عن البغوي (1)، وصححه في "الروضة" من زيادته (2)، ويخالفه في "أصل الروضة" في تعليق الطلاق فيما إذا قال:(إن بعته .. فهو حر) فباعه .. عتق في الحال سواء قلنا الملك للبائع أو للمشتري أو موقوف، فأوقعوا العتق بمجرد البيع وإن لم يحصل الملك، ونص عليه في "الأم".

قال في "المهمات": وهو أصوب؛ ويؤيده أيضاً قولهم في (الإقرار): إن الإقرار بالهبة ليس إقراراً بالقبض على المشهور، وفي أواخر (الرهن) في الاختلاف في قبض المرهون مثله.

وقال شيخنا في "تصحيح المنهاج": إيراد أكثر العراقيين يدل على الحنث من غير قبض، وصرح به البندنيجي فقال قولاً واحداً: يحنث بمجرد العقد، وحكاه في "النهاية" عن العراقيين (3)، قال شيخنا: ولم نجد ما يخالفه إلا في "التنبيه"، وليس في "المهذب"، قال: والأرجح من جهة النظر: أنه يحنث؛ لأن اسم الهبة إنما هو للعقد، وإنما يعتبر القبض في حصول الملك على الجديد، قال: وأما الهبة التقديرية؛ كقوله: أعتق عبدك عني مجاناً، فأعتقه مجاناً .. فإنه هبة مقبوضة، والقياس: الحنث بذلك، ولم أر من تعرض له.

5807 -

قولهم - والعبارة لـ"التنبيه" -: (وإن حلف لا يهب له فتصدق عليه .. حنث)(4) محله في صدقة التطوع، أما الزكاة وصدقة الفطر .. فلا يحنث بهما، وتردد فيهما القفال.

5808 -

قول "المنهاج"[ص 552] و"الحاوي"[ص 652]: (لا الوقف) قال شيخنا في

(1) فتح العزيز (12/ 312)، وانظر "التهذيب"(8/ 148).

(2)

الروضة (11/ 51).

(3)

نهاية المطلب (18/ 408).

(4)

انظر "التنبيه"(ص 197)، و"الحاوي"(ص 652)، و "المنهاج"(ص 552).

ص: 507

"تصحيح المنهاج": هو مقيد بألَّا يكون في الموقوف عين يملكها الموقوف عليه؛ كصوف البهيمة ووبرها ولبنها الكائن فيها عند الوقف، وكذا الثمرة غير المؤبرة على أحد القولين المحكيين في " الاستذكار " للدارمي، وكذا الحمل الكائن عند الوقف على رأي، فإن كان ذلك موجودأ عند الوقف .. حنث الواقف؛ لأنه ملك الموقوف عليه أعياناً بغير عوض، وهذا معنى الهبة؛ فحنث بذلك قال: ولم أر من تعرض له.

5809 -

قول "المنهاج"[ص 552]: (أو لا يأكل طعاماً اشتراه زيد .. لم يحنث بما اشتراه مع غيره، وكذا لو قال: "من طعام اشتراه زيد" في الأصح) فيه أمور:

أحدها: أن جزمه في الصورة الأولى وحكاية الخلاف في الثانية طريقة البغوي (1)، لكن طريقة الجمهور كما في "أصل الروضة" طرد الخلاف فيهما (2)، ونازع في ذلك شيخنا في "تصحيح المنهاج"، وقال: لم يطرد الخلاف في الأولى إلا الفوراني، وأنكره الإمام (3)، وحكى الروياني في "الكافي" الحنث في الأولى عن اختيار القاضي أبي الطيب، قال شيخنا: ولا ذكر له في طريقة العراقيين.

ثانيها: عبر في "الروضة" بالصحيح (4)، ونص عليه في "الأم" كما حكاه شيخنا في "تصحيح المنهاج"(5)، فكان ينبغي التعبير عنه بالنص.

ثالثها: المراد بشرائه مع غيره: أنهما اشترياه مشاعاً، وليس المراد بذلك: وقوعه في حالة واحدة، وقال شيخنا في "تصحيح المنهاج": ذكر المعية يفهم أنها قيد في عدم الحنث، وليس كذلك، بل لو اشترى زيد نصفه مشاعاً ثم عمرو نصفه مشاعاً .. فلا حنث، فلو قال:(وغيره) .. لكان أخصر وأحسن.

5810 -

قول "المنهاج"[ص 552]- والعبارة له - "والحاوي"[ص 651]: (ويحنث بما اشتراه سلماً) قال في "المهمات": هو مناقض لما صححه في بابه من عدم انعقاده بلفظ البيع، وقلد فيه الرافعي والنووي المتولي؛ فإنه ذكره هنا كذلك، لكنه خرجه في البيع والسلم على أن الاعتبار بصيغ العقود أو بمعانيها، ولم يرجح شيئاً.

وأجاب عنه شيخنا في "تصحيح المنهاج": بأن الصيغ هناك اشتهرت في عقد، فلا ينتقل إلى غيره وإن كان صنفاً منه، ألا ترى أن التولية والإشراك بيع لكن بلفظهما، وكذا السلم بيع لكن

(1) انظر "التهذيب"(8/ 133).

(2)

الروضة (11/ 46).

(3)

انظر "نهاية المطلب"(18/ 346).

(4)

الروضة (11/ 46).

(5)

الأم (7/ 72).

ص: 508

بلفظه؛ ويدل على أنه بيع إثبات خيار المجلس فيه من قوله عليه الصلاة والسلام: "البيعان بالخيار ما لم يتفرقا"(1)، قال: ولم ينفرد المتولي بذلك؛ فقد صرح به جمع كبير من الأصحاب، وحكاه في "البيان" عن الطبري (2)، وجزم به في "النهاية"، وقال: السلم: صنف من البيوع، ولم يغلب لقب السلم عليه غلبة تمنع اندراجه تحت مطلق الشراء (3).

5811 -

قول "التنبيه"[ص 198]: (وإن اشترى كل واحد منهما شيئاً فخلطاه فأكل منه .. فقيل: لا يحنث حتى يأكل أكثر من النصف، وقيل: إن أكل حبة وعشرين حبة .. لم يحنث، وإن أكل كفاً .. حنث) الأصح في "أصل الروضة": الثاني (4)، وهو مراد "الحاوي" بقوله [ص 652]:(وممكن الخلوص من المخلوط) أي: لا يحنث بما يمكن خلوصه مما اشتراه المحلوف عليه، وعبر عنه "المنهاج" بقوله [ص 552]:(لم يحنث حتى يتيقن أكله من ماله).

وقال شيخنا في "تصحيح المنهاج": لم يبين بماذا يحصل التيقن، وكأنه تركه اتكالاً على حال الأكل، ولكنه قد شك وإن أكل كثيراً، وهو يشمل المصحح، ووجه الإصطخري: أنه لا يحنث إلا بأكثر من النصف عند استواء القدرين، بل هو إليه أقرب، فاتجه الإيراد عليه، قال: وعندي أن الكف إنما يحصل به غلبة الظن لا اليقين، فإن اكتفي بغلبة الظن .. فلا يعبر باليقين.

5812 -

قول "المنهاج"[ص 552]- والعبارة له - و"الحاوي"[ص 651]: (أو لا يدخل داراً اشتراها زيد .. لم يحنث بدار أخذها بشفعة) تصويره مشكل؛ لأن أخذ كل الدار بالشفعة لا يمكن على مذهبنا، وعبارة "أصل الروضة": لم يحنث بدار ملك بعضها بالشفعة (5)، أي: وباقيها بالشراء كما صرح به في "البيان"، وصورها في "التتمة" بأن يأخذ دار جاره بالشفعة، ومحله بعد الحكم له بصحة الأخذ، وإلا .. فهو باطل، فلا أثر له.

ورحج شيخنا في "تصحيح المنهاج": الحنث في دار ملك بعضها بشراء وبعضها بشفعة، وقال: الشفعة مثل التولية والإشراك، ولا أثر لكون الشريك يأخذ الشقص قهراً من المشتري؛ لأنه بيع شرعي (6).

5813 -

قول "التنبيه"[ص 197]: (وإن حلف على رداء أنه لا يلبسه ولم يذكر الرداء في يمينه، فقطعه قميصاً ولبسه .. حنث، وقيل: لا يحنث) صورته كما في "المهذب" وغيره: أن يقول:

(1) أخرجه البخاري (1973) ومسلم (1532).

(2)

البيان (5/ 395، 396).

(3)

نهاية المطلب (18/ 345).

(4)

الروضة (11/ 46).

(5)

الروضة (11/ 46).

(6)

في حاشية (ج): (كلام البلقيني ضعيف).

ص: 509

لا ألبس هذا الثوب (1)، وصوره ابن يونس بأن يقتصر على قوله: لا ألبس هذا، لكن ذكر الماوردي الاتفاق على الحنث في هذه الصورة، أما لو ذكر الرداء في يمينه؛ بأن قال: هذا الرداء .. فالأصح: عدم الحنث، ولو قال: لا ألبسه وهو رداء فقطعه قميصاً .. لم يحنث قطعاً (2).

5814 -

قول "الحاوي"[ص 653]: (لا إن فرش أو رقد أو تدثر به، أو فتق) صورته: أن يحلف أنه لا يلبس هذا القميص، فإن حلف لا يلبس هذا الثوب ففتقه أو ارتدى به .. حنث.

5815 -

قول "التنبيه"[ص 197]: (وإن حلف لا يلبس حلياً فلبس خاتماً أو مخنقة لؤلؤ .. حنث) فيه أمور:

أحدها: المراد: خاتم ذهب أو فضة، ولا يحنث بخاتم حديد ونحاس.

ثانيها: تناول إطلاقه ما لو لبسه الرجل في غير خنصره، وفي "أصل الروضة" فيما لو حلف لا يلبس خاتماً فجعله في غير الخنصر، عن المزني والبغوي: أنه لا يحنث كما لو حلف لا يلبس القلنسوة فجعلها في رجله، وعن الروياني عن الأصحاب: أنه يحنث (3)، وكلام الرافعي في (الوديعة) يقتضي رجحان عدم الحنث (4).

ثالثها: عبر ابن يونس في "النبيه": بالجوهر بدل اللؤلؤ؛ لأنه أعم.

5816 -

قوله: (وإن حلف لا صليت فأحرم بها .. حنث)(5) يستثنى منه: صلاة الجنازة، فلا يحنث بها، كما قاله القفال في "فتاويه"، وعلله بأنها غير معهودة.

5817 -

قوله: (وإن حلف لا تسريت .. فقد قيل: لا يحنث حتى يحصن الجارية - أي: يسترها - ويطاها وينزل)(6) هو الأصح في "أصل الروضة"، قال: ويحكى عن نصه في "الأم"، وعبر الرافعي بسترها عن أعين الناس، والنووي بمنعها من الخروج (7)، فمن تتردد في بيته للضيفان خارجة عن العبارة الأولى وداخلة في الثانية.

5818 -

قول "الحاوي"[ص 652]: (وغير الزكوي) أي: مال، فمن حلف لا مال له .. حنث بكل مال ولو كان غير زكوي، إلا أن ينوي شيئاً مخصوصاً .. فيحمل عليه؛ لأن العام قد يخصص بالنية.

(1) المهذب (2/ 136).

(2)

انظر "الحاوي الكبير"(15/ 359، 360).

(3)

الروضة (11/ 60)، وانظر "التهذيب"(8/ 123).

(4)

انظر "فتح العزيز"(7/ 312).

(5)

انظر "التنبيه"(ص 197).

(6)

انظر "التنبيه"(ص 197).

(7)

فتح العزيز (12/ 349)، الروضة (11/ 85)، وعبر النووي بسترها عن أعين الناس مثل الرافعي.

ص: 510

5819 -

قوله: (لا منفعة المستأجر)(1) كذا منفعة الموصى به، كذا صححه في "أصل الروضة" هنا (2)، لكنه مخالف لقوله في (الوصية): إن الأموال تنقسم إلى أعيان ومنافع (3).

5820 -

قوله: (كدار العبد إن عتق)(4) مقتضاه الحنث فيما إذا قال: لا أدخل دار هذا العبد فعتق، لكن قال الرافعي: يشبه أن يكون على الخلاف فيما لو حلف لا يكلم هذا العبد فكلم بعد العتق، والأصح في تلك الصورة: أنه لا يحنث (5).

5821 -

قوله: (وثوب من غزلها عام، لا فيما سُداه وخيطه منه)(6) كذا ما لحمته منه.

5822 -

قوله: (وأفضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم: اللهم؛ صلِّ على محمد وعلى آل محمد؛ كلما ذكره الذاكرون، وكلما سهى عنه الغافلون)(7) كذا نقله الرافعي عن إبراهيم المروذي (8)، قال النووي: ويستأنس له بأن الشافعي رضي الله عنه كان يستعمل هذه العبارة؛ ولعله أول من استعملها، ولكن الصواب والذي ينبغي أن يجزم به: أن أفضله ما يقال عقيب التشهد كما ثبت في الصحيح (9).

5823 -

قوله: (والأشياء - بالواو - بلا إعادة النفي كالشيء)(10) يقتضي أنه إذا حلف لا يأكل هذا الرغيف وهذا الرغيف أنه يمين واحدة، وحكى الرافعي عن المتولي أنهما يمينان، ثم قال: وفيه توقف، ولو أوجب حرف العطف كونهما يمينين في الإثبات .. لأوجب كونهما يمينين في النفي (11).

* * *

(1) انظر "الحاوي"(ص 652).

(2)

الروضة (11/ 52).

(3)

الروضة (5/ 12).

(4)

انظر "الحاوي"(ص 652).

(5)

انظر "فتح العزيز"(12/ 318).

(6)

انظر "الحاوي"(ص 653).

(7)

انظر "الحاوي"(ص 654).

(8)

انظر "فتح العزيز"(12/ 330).

(9)

انظر "الروضة"(11/ 66).

(10)

انظر "الحاوي"(ص 650).

(11)

انظر "فتح العزيز"(12/ 293).

ص: 511